عن الاحتفال بيوم المولد النبوي الشريف

نجيب باشا

 

• المتابع للاحتفال الملاييني، الذي أقامه اليمنيون في كل المحافظات اليمنية المحررة، بمقدوره القول: إن هذه الجماهير التي تدفقت كأمواج البحار، يحدوها الشوق للاحتفاء

والاحتفال بذكرى ميلاد نبيها وحبيبها وقائدها وسيدها المصطفى محمد صلوات الله عليه وآله، هي جماهير مؤمنة بعظمة هذا الرسول الكريم، الذي جاء نوراً ًيضيءُ داجنات العصور المظلمة، من جاهلية جهلاء، ومن خبط عشواء، في ليال ٍ ظلماء، والتي سبقت الرسالة المحمدية الغراء، وكان لهذا النبي المُرسل والقائد الأممي الأمثل الفضلُ الأكبرُ – بعد الله تعالى- في إخراج كافة الناس من مدلهمات طغيان العقائد الباطلة الشركية، إلى فضاء التحرر من عبادة العباد إلى واحدية رب العباد، ومن تعدد السُبل المُهلِكة للإنسانية، إلى الطريق الواحد الأقوم والمنهج السوي الأسلم والأكرم، لتستقيم حياة البشرية وتسعد، بخروجها عن تعرجات البؤس والشقاء الذي لف ّ مصيرها، وطوى مقصدها، وانحرف بها عن الهدف الذي من أجله خُلقت، وفي الوصول اليه كدحت .. لترقى بإنسانيتها شرفاً ًوعزة وتعففا ًعن دنايا الدنيا التي أهلكت الأمم من قبل.
• وكل ذلك لترتبط البشرية بحقيقة التعبد لله الواحد الأحد الفرد الصمد، وهو الذي من أجله خُلقت الخلائق لتعبده في كل حركاتها وسكناتها، وكان كل ذلك بفضل هذا الرسول الأكمل والنموذج الأمثل، صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
• ومقابل هذا الفضل الأكبر والنعيم الأعم الأجمل، لم يسألنا عليه أجرا ًإلا مودة قرباه، لمعرفته بما استودعهم وأورثهم من خيري الدنيا والآخرة، لتتم مسيرة هذه الأمة على النحو الذي أراده، وبما أفرغ فيهم من علوم ٍ وهداية وتقوى؛ لكي ترتبط أمته بالحبل الوثيق القوي، وتستقيم على المنهج الإلهي السوي، فتنأى بنفسها عن مواطن الهلاك، المؤدية لطاعة الشيطان والدنيا والهوى، التي تقود الأمة للإيمان بالطاغوت وأوليائه، الذين يسعون جاهدين ليردونا عن ديننا إن استطاعوا، وعندئذٍ يملأون نفوسنا خبالاً، ويشعلون بيننا البغضاء والشحناء، فنتحول إلى أدوات ٍطيعة لتولي الطغاة، ومقاتلة أولياء الله، الذين تجشموا وتكهلوا المكاره، في سبيل إنتشالنا من وحل التيه والضياع والعصيان، وإيصالنا إلى عفة الطهر والأمان والفوز بما وعدنا به الرحمن.
• ولمّا كان ذلك النعيم الأبدي هو منة من الله على يد رسوله الأمين ومصطفاه الرؤوف الرحيم، كان لابد للأمة الإسلامية في اليمن أن تتسابق شكراً وامتناناً واحتفالاً بهذه الرحمة العظمى والنعمة المسداة الأسمى، صلى الله عليه وعلى آله وسلم؛ لتحيي وتوقظ وتؤصِّل أواصر الصلة والإتصال بمنهج النبي والآل، في زمن موت الفضيلة في النفوس، وخبال المسلمين بفعل المتربصين الكفار.. فإذا بالعالم يقرأ رسائل كتبها الله على أيدينا، وأراها على النحو التالي:
1) الأمة الإسلامية انبعثت من جديد عندما ارتبطت بمنهج نبيها، وامتثلت لما أفرغه في جوف وليها.. وَوَرَثتهُما تمثلوا في علوم ٍ ومفهوم وسلوك مرتبطة بحقائق القرآن الكريم، الذي كان وما يزال هو اللب والمحيط الشامل لخيرية الدنيا والآخرة.
2)هذه الملايين المؤمنة المجاهدة ترتبط بقيادتها وتلبي نداءها، وتؤمن بمصداقيتها.
3) تتجلى حقيقة أن السواد الأعظم من الشعب اليمني يسير إيماناً ًوتصديقاً للنهج الذي تؤمن به قيادته، على الرغم من التعدد المذهبي، أو تنوع التوجهات السياسية.
4) إن اقتضاض المحافظات بالمحتفلين وفيضان الجبهات بالمجاهدين وامتلاء الأرض اليمنية وسمواتها بالشهداء المستبشرين، يفتح الآفاق لانتصار اليمنيين، بنصر من الله مبين، إلى حيث أراد ربهم. 5)إن خصوم هؤلاء ممن يسمون أنفسهم بالشرعية، لا يمثلون رقماً، فلا يمكن الركون إليهم أو التعامل معهم، أو الاعتماد عليهم.
6) إن إدارة وتنظيم الملايين دون وقوع أي خلل أو إخلال في عموم المحافظات المحتفلة، ناهيك عن أمكنة الاحتفال، يقدم دلالات واضحة ترتقي إلى مستوى البراهين أن الإدارة والتنظيم تقوم به دولة هي بمصاف الدول الأكثر تقدماً ًوقدرةً واحترافاً مهنياً.
7) إن التفاهم مع دولة بهذا المستوى الراقي من النظام، والأمن الذي يعكس مستوىً أرقى في الوعي، يُعطي ضوءاً أخضرَ لحتمية النتائج الإيجابية التي ستتحق، في حال أي تفاهمات وحوارات واعية ومنصفة.
8) إن المجتمع الدولي أمام دولة تدير الحرب بنجاح، في الوقت الذي تتعايش مع السلم والسلام، وتديره بمنهجٍ واحترافٍ ومهنية.
9) أن المؤتمر الذي عُقد بين رؤساء الدول العربية المطبعة مع اليهود في أمريكا، والذي حُدد بعناية بتاريخ 18 أكتوبر 2021م، الموافق لذكرى ميلاد نبي المسلمين 12 ربيع أول 1443 هجرية، أصيب في مقتل عندما قرأوا حقيقة أن الرؤساء الماثلين أمامهم لا يمثلون شعوبهم، وأن الشعب المحتفل بنبيه في اليمن والرافض للتطبيع يفوق سكان دول الإقليم المطبع ، عدداً وإرادة وثورةً وعزماً، يستحيل معه المُضي في التطبيع، ناهيك عن الاستمرار والديمومة.
10) إن اليمنيين الذين ناصروا كل الأديان السماوية، وكانوا أنصاراً للنبي محمد ودينه ورسالته السماوية، حتى استقام الإسلام وبلغ آفاق الأرض، هاهم يُبعثون من جديد، ويُحيون ما أماته اليهود وأولياؤهم عبر عقود من الزمن. كل تلك الرسائل التي كُتبت وقرأها العالم لم تكن إلا بفضل الله تعالى، ورحمته صلى الله عليه وآله، عندما اتبعنا المنهج وعملنا به، على أيدي أئمة الهدى وخيرة الأوصياء، ممن أمرنا الله بتوليهم.. (أولئك عليهم صلوات ٌمن ربهم ورحمة).

قد يعجبك ايضا