العدو التاريخي

حمدي دوبلة

 

 

كل يوم يمضي وكل ساعة تنقضي تحمل معها مزيدا من التأكيدات حول الحقيقة التاريخية التي يحاول بعض اليمنيين اليوم تجاهلها مع إيمانه العميق بمصداقيتها، وهي أن النظام السعودي يبقى العدو الأزلي الأول لليمن وشعبه وأن لا شغل لحكام أسرة سعود، منذ وصولها إلى عرش المملكة قبل أكثر من مائة عام – إلا التنكيل باليمن وإفساد حياة اليمنيين وكتم أنفاسهم ووضع كل العراقيل والعقبات أمام أي تطور أو نهوض يضمن لهم الحد الأدنى من الحياة الكريمة والآمنة.
-يعلم كل يمني – مهما كانت توجهاته ومواقفه السياسية وانتماءاته الحزبية – هذه الحقيقة ومع ذلك يحاول البعض من تجار الدماء والأوطان إقناع نفسه بخلافها تحت مسميات المصالح المشتركة وواحدية الهدف ومواجهة خطر مشترك، إلى آخر هذه الترهات التي يرددها متمنيا أن تكون صادقة أو هكذا يمارس الكذب والتدليس على نفسه قبل الآخرين.. ونجد هذه الفئة تنبري – وحتى قبل السعوديين أنفسهم – لتدافع وتندد بأي عملية رد من قبل اليمن في عمق الأراضي السعودية على غرار ما سمعناه البارحة إثر عملية الردع السابعة وكل عمليات الرد والردع السابقة التي شفت صدور اليمنيين بعد سنين طويلة من القهر والصبر والاحتمال.
-المغتربون اليمنيون في مملكة الشر والأحقاد الدفينة، ليسوا كأمثالهم من اليمنيين المنتشرين في كل أصقاع الأرض، فهم من شيد حضارة مملكة آل سعود وهم دون غيرهم من حمل مسؤولية بناء السعودية بكل ضمير وإخلاص بشهادة كل المنصفين من أبناء منطقة نجد والحجاز، لكن النظام يتجاهل ويتعامى عمدا عن رؤية هذه الحقائق ولم يكن ممتنا يوما لجهود أبناء اليمن في هذا المضمار ولطالما مارس الإجراءات التعسفية بحقهم سرا وعلانية طوال العقود الماضية، غير أن هذه الانتهاكات المتنافية مع أبسط مبادئ حقوق الإنسان المتعارف عليها دوليا أخذت منحى تصاعديا خطيرا في الآونة الأخيرة وباتت تستهدف المغتربين بشكل عام وبقرارات وفرمانات ملكية وتوجهات رسمية.
-النظام السعودي الذي يشن حربا وحشية غير مسبوقة على اليمن، بهمجيتها في التاريخ الإنساني منذ سبع سنوات لم يشف غليله ولم يشبع نهمه في قتل وسفك دماء اليمنيين أطفالا ونساء وشيوخا، فراح يتمادى في إجراءاته الإجرامية بطرد مئات الآلاف من اليمنيين من أراضيه ومصادرة حقوقهم وممتلكاتهم العقارية والتجارية ورؤوس أموالهم المسجلة بأسماء سعوديين طبقا لنظام الكفيل الذي ابتكره منذ أكثر من عقدين من الزمن وكأنه كان يضع الترتيبات المناسبة لتنفيذ جرائمه الحالية منذ وقت مبكر جدا.
– إجراءات الترحيل التعسفية التي اتخذتها حكومة ابن سلمان تمهل مالكي المراكز التجارية والمؤسّسات والشركات أربعة أشهر فقط لترحيل اليمنيين من مناطق الجنوب اليمنية المحتلة أو الانتقال إلى مناطقَ أُخرى كمحطة مؤقتة قبل الطرد النهائي أَو استبدالها بعمالة من جنسيات أُخرى، ضاربا بكل المعاهدات والمواثيق وبروتوكولات حقوق الإنسان، ومضامين الاتّفاقيات السابقة – التي تم توقيعها بين اليمن والسعوديّة بشأن العمال وحقوقهم – عرض الحائط.
– تعددت التحليلات والتأويلات حول دوافع وأهداف تمادي النظام السعودي في انتهاك حقوق المغتربين اليمنيين، فمنهم من رأى فيها تنفيسا وانتقاما لهزائمه وإخفاقاته العسكرية والسياسية في عدوانه على اليمن ومنهم من رأى في ذلك انعكاساً لما وصل اليه من انهيار نفسي وتخبط وارتباك فمضى يعبر عن ذلك بإجراءات انفعالية تعكس عجزه وهشاشته ومنهم من أعاد الأمر إلى المرتزقة المنبطحين في فنادق الرياض ومواقفهم السلبية إزاء ما يتعرض له اليمني هنا وهناك، غير أن الدافع الأبرز – من وجهة نظري إضافة إلى كل تلك الأسباب مجتمعة – هو الحقد الدفين المكنون في صدور آل سعود إزاء كل ما هو يمني بصرف النظر عن موقعه الجغرافي وانتماءاته وتوجهاته السياسية والفكرية.

قد يعجبك ايضا