في مشهدٍ استثنائيٍ يعكس عمق الوعي الإيماني والاصطفاف المبدئي، خرج اليمنيون بالملايين من ميدان السبعين بالعاصمة صنعاء، ومن ساحات المحافظات الحرة كافة، في نفيرٍ شعبيٍ هادرٍ جعل من المصحف الشريف رايةً مرفوعة فوق الرؤوس، ومن نصرة القرآن عبادةً وشرفًا، ومن فلسطين بُوصلةً لا تحيد.
لم تكن هذه المليونية مُجَـرّد تظاهرة عابرة، بل كانت إعلان موقفٍ واضحٍ وصريحٍ تجاه حملات الإساءة الأمريكية الصهيونية المتكرّرة على كتاب الله؛ تلك الحملات التي تستهدف هُــوية الأُمَّــة ومصدر هدايتها وعزتها.
فالمشهد اليمني، وهو يرفع المصحف عاليًا، إنما يبعث برسالةٍ مدويةٍ للعالم: القرآن خطٌ أحمر، ومكانته في وجدان هذه الأُمَّــة ليست محل مساومة أَو صمت.
تحت شعار «نفير واستنفار.. نصرة للقرآن وفلسطين» جسّد اليمنيون مضمون حراكهم؛ حَيثُ تلازم الدفاع عن المقدسات مع الثبات في صدارة نصرة فلسطين.
فالغضب الذي امتلأت به الساحات لم يكن غضبًا فوضويًّا، بل غضب واع، مؤطر بالقيم القرآنية، ومشحون بروح المسؤولية تجاه قضايا الأُمَّــة الكبرى، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية التي تتعرض لأبشع صور العدوان الصهيوني بدعمٍ أمريكيٍ مكشوف.
إن الهتافات التي صدحت بها الحناجر، والمصاحف التي ارتفعت فوق الرؤوس، عكست وحدة الموقف الشعبي واتساقه مع معركة الوعي، في مواجهة حربٍ ناعمة وصُلبة تستهدف المقدسات وتعمل على تفريغ الأُمَّــة من ثوابتها.
وقد بدا واضحًا أن اليمن، رغم الحصار والعدوان، لا يزال حاضرًا في قلب المعركة الكبرى؛ معركة الهُــوية والكرامة.
ومن أكبر ميادين العاصمة صنعاء إلى الساحات الممتدة في مختلف المحافظات، تكرس المشهد ذاته: حشود مليونية، وغضب إسلامي مشروع، وثباتٌ لا يتزحزح.
مشهدٌ زلزل الميادين، وأعاد التأكيد أن الشعوب الحية قادرة على تحويل الألم إلى موقف، والاستهداف إلى وعي، والعدوان إلى مزيدٍ من التمسك بالمقدسات.
لقد أثبت اليمنيون، مرةً أُخرى، أن معركة القرآن ليست شعارًا، بل التزام عملي، وأن نصرة فلسطين ليست قضية موسمية، بل موقف راسخ لا تحكمه الحسابات الضيقة ولا ترهبه الضغوط.
وهكذا، من «السبعين» إلى كُـلّ الساحات الحرة، كتب اليمن صفحةً جديدةً في سجل المواقف المشرفة، مؤكّـدًا أن القرآن سيبقى راية الأُمَّــة، وأن فلسطين ستظل قضيتها المركَزية مهما اشتدت المؤامرات.
Prev Post
Next Post
