حين يتحكم قانون الغاب بمصير الشعوب

يكتبها اليوم / طه العامري

 

ماذا لو كان مجلس الأمن عام 1945م كُلف « هتلر» بتولي شئون اليهود؟ كما حدث مع « الصهاينة» اليوم في فلسطين وغزة؟ طبعا لم يحدث لأن «هتلر» هزم..!

«نتنياهو» أيضا هزم، وفشل في تحقيق بنك أهدافه المعلنة عند بداية الحرب، ولم يستعد أسراه بالقوة، بل بالحوار، وطالما حاور المقاومة بعد كل هذا الجنون الذي دام لأكثر من عامين مدعوما بكل دول العالم الاستعماري واضطر مع ذلك لحوار المقاومة، إذاً كيف يريد أن يطهر فلسطين من أهلها أو نزع سلاح المقاومة، لا بل يريد محو ثقافة الانتماء للأرض، ومحو ثقافة المقاومة. حسب قوله يريد أن يحدث في فلسطين لأهلها، كما حدث مع « الألمان واليابان» وهو المجرم وكيانه.. فبأي قانون يحدث هذا؟ والمفترض أن يحدث العكس، وهو محاكمة « مجرمي الحرب الصهاينة» ومرتكبي حرب الإبادة الجماعية، التي ذهب ضحيتها أكثر من مائة ألف فلسطيني

كيف لهذا العالم أن يتبنى قراراً دولياً في «شرم الشيخ» و يوقع عليه زعماء ورؤساء دول وملوك، في قمة كانت إنقاذ للكيان، ثم يمنج كيان المجرمين حرية تطبيق القرار.؟

كيف يقف العالم على قدم واحدة بحثا عن «خمسين جثماناً لصهاينة» محتلين ومستمرين وآخر المحتلين في القرن الواحد والعشرين، ويتجاهل « آلاف الجثامين» للشعب الفلسطيني مدفونين تحت انقاض غزة؟.

أي قانون إنساني هذا؟ واي نظام دولي هذا الذي يتحمس لنصرة المجرمين ويتجاهل الضحايا..؟!

العالم ينحدر نحو قانون الغاب، ويسود فيه قانون القوة، ولا أثر لقوة القانون، إذ سقطت في فلسطين و غزة، ولبنان، وسوريا، واليمن، وليبيا، كل القوانين والتشريعات الدولية، وسقطت الأمم المتحدة، ومؤسساتها، والجامعة العربية وأدواتها، ومنظمة المؤتمر الإسلامي، ونظامها، وحركة عدم الانحياز وأهدافها، بل سقطت في هذه النطاقات الجغرافية، القيم والأخلاقيات الإنسانية، وبدى العالم محكوما بقانون الغاب، قانون القوة، ثم يأتي من يتحدث عن « محاربة الإرهاب» .

أن الإرهاب الحقيقي الذي يمارس في فلسطين وسوريا ولبنان وليبيا واليمن والسودان.. الإرهاب الحقيقي الذي يمارسه الكيان المحتل، وتمارسه أمريكا، ودول الاستعمار الغربي، وأن المقاومة وداعميها ليسوا إرهابيين بل الإرهابيون الحقيقيون هم الصهاينة وأمريكا والغرب. إن الإرهاب أصبح إرهاب دول وإمبراطوريات إمبريالية استعمارية ضد دول وشعوب العالم، التي من حقها الدفاع عن وجودها، عن ثرواتها، عن سيادتها، عن كرامتها الوطنية، وحقوقها المشروعة، وبكل الوسائل المتاحة وهذا الحق مكفول بكل القوانين والأعراف الدولية والإنسانية، لقد خاضت أمريكا حربا أهلية طاحنة دامت لسنوات دفاعا عن وحدتها وسيادتها، وحاربت بريطانيا ثوار إيرلندا لثلاثة قرون، وحاربت فرنسا الاحتلال النازي ولم يقل عن «ديجول إرهابي» وحاربت كل أوروبا «النازية» الألمانية، والفاشية الإيطالية واليابانية، ولم يقل عنهم إرهابيون، بل اعتبرت أعمالهم بطولية ودفاعا عن أوطانهم وسيادتهم، فلماذا عند العرب والمسلمين الدفاع عن الذات جريمة، والدفاع عن الأوطان إرهاب..؟!

إن قانون الغاب السائد يعطي كل شعوب الأرض الحق في أن تدافع عن وجودها، وإن اتهمت بـ» الإرهاب» فهذه التهمة، تهمة شرف لا تنتقص من حاملها طالما هو يدافع عن حقه وعن وجوده وسيادته وكرامته، في ظل غياب القانون الدولي المنظم للعلاقات الإنسانية بين الشعوب.

قد يعجبك ايضا