ستبقى إدارة اللوبي الصهيوني وعبر أدواتها الأمريكيين، ومن على شاكلتهم من بريطانيين وفرنسيين وألمان إلى – آخر القائمة – تركز على ابتداع أساليب الاستهداف للمسلمين في دينهم ومعتقداتهم.
والكيان الصهيوني الذي ثبت بأنه ليس أكثر من كذبة وتضخيم إعلامي، والذي تجرع مرارة الانكشاف خلال عامين من العدوان على مدنيين عُزّل بلا سلاح وبلا طعام، ومحاصرين منذ ما يقارب العشرين عاماً في غزة، تتجدد وتتأكد لديه القناعة بأنه لا سبيل إلى الانتصار على المسلمين إلا باستهداف الإسلام، بتشويهه وإظهاره كخطر على العالم، بالتزامن مع ترسيخ حالة الانهزام التي يعيشها المسلمون كنتيجة لعقود من الاستسلام لمخططات الأعداء.
وعليه فإنه في كل حين وآخر يظهر صهيوني أو متصهين “نَكِرَة”، للقيام بدور مدفوع، أو حتى بمبادرة ذاتية تقربا من الكيان، فيلجأ للإساءة إلى الرسول الأكرم صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله، برسوم وقحة أو سرديات حاقدة، أو يلجأ للإساءة إلى كتاب الله القرآن الكريم إما بإحراقه أو تمزيقه أو الدوس عليه.. إلى آخره.
وفي الجريمة الأخيرة التي نفذها صهيوني أمريكي الأسبوع الماضي شكل آخر من الإساءة إلى المصحف الشريف. الموضوعيون حول العالم قرأوا في الفعل سقوطاً أخلاقياً مخزياً، فاللجوء إلى أساليب رخيصة مثل هذا لا تنم إلا عن رخص من يقوم بها ومن يتبناها ويدافع عنها، وتعكس خوفاً شديداً من الحقائق التي يكشف عنها القرآن الكريم.
الفعل بالنسبة للمسلمين يبقى مساساً سافراً برمز مقدس غير مسموح به، وتعَرُّضاً يحاول ترويض نفسية المسلم لتقبله، خصوصا مع تكراره بشكل عدائي منذ العام 2003. البعض اعتبر أن الحدث اختبار متعمد أراد من خلاله الصهاينة قياس مدى ما وصلت إليه عملية الترويض.
من غير المعقول تقبُّل فكرة أن المسلمين باتوا يتقبلون مثل هذا السلوك، فهذا أمر خارج الاحتمال، وإنما المشكلة في ما ظهر عليه الموقف الإسلامي من سلبية، هو الخوف وانعدام الحيلة، وإن كان هذا لا يبرر السلبية، لكن السكوت عن الإساءات لا يعني القبول بها.
التماس العذر لا يُسقط بطبيعة الحال وجوب العمل على الخروج من هذا الإطار الذي يُحجّم ردود الفعل الطبيعية حد العدم، والبقاء فيه يعني تراكماً مقيتاً للحالة السلبية، ناهيك عما يمكن أن يعنيه من قبول بوضعية و”للكعبة رب يحميها”.
وما سبق لا يشمل الأنظمة فلا شيء يبرر لها هذا الموقف الذي لا تُحسد عليه أمام الله سبحانه، وقد أخذ صوتها يتوارى شيئا فشيئا. وإذا كان البعض منها قد أصدر بيانات إدانة في شهر سبتمبر الماضي بعد فعل مماثل قامت به مرشحة أمريكية تدعى “فالنتينا جوميز”، إلا أن هذه الأنظمة غابت هذه المرة تماما حتى عن إصدار مثل هذه البيانات.
ومع أن حال المسلمين يسير من سيئ إلى أسوأ، إلا أن مخططات فصل المسلمين عن دينهم وتأليب العالم لمهاجمة الإسلام لن تجد لها طريقا طالما لا تزال هناك أصوات حية تأبى على نفسها حمل وزر السكوت.
يتصدر اليمنيون مشهد الرفض للإساءة إلى المقدسات، كما تصدر مشهد الدفاع عن الفلسطينيين في غزة. وفي مسيرات “نفير واستنفار نصرة للقرآن وفلسطين”، عبروا صراحة عن موقفهم الرافض للوقاحة الأمريكية، مدعوما بتأكيدهم الجهوزية لمواجهة أعداء القرآن والإسلام.
Next Post
