غرائب رمضان عند الشعوب: مسلمو السويد والدول الاسكندنافية يفطرون في النهار

 

يضطر المسلمون في السويد ومختلف البلدان الاسكندنافية إلى تناول وجبة الإفطار في وضح النهار والشمس في كبد السماء مستندين في ذلك إلى فتاوى تبيح لهم ذلك عندما يحل شهر رمضان المبارك في فصل الصيف التي تكون ساعات النهار فيه أكثر من 20ساعة واحيانا لا تكاد الشمس تغيب فيه إلا للحظات معدودة كما هو الحال في مدينة كيرونا الواقعة في اقصى شمال السويد.
وعلى العكس تماما فعندما يحل الشهر الكريم في تلك البلدان الواقعة في اقصى شمال الكرة الأرضية خلال الشتاء فإن الشمس تشرق وتغرب في غضون ساعة أو ساعتين واحيانا في غضون دقائق فقط الأمر الذي يضطر المسلمون هناك إلى مواصلة الصيام في ظلام الليل ساعات محددة من قبل المرجعيات الدينية.
ووفقًا لفتوى المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث بخصوص الصيام في البلدان الاسكندنافية فإن “على المكلفين أن يمتنعوا عن الأكل والشرب وباقي المفطرات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس ما دام النهار يتمايز في بلادهم من الليل”، أما في الأيام التي لا تكاد تغيب فيها الشمس بما يعرف بظاهرة شمس منتصف الليل كما في شمال السويد، “فإن هذه المناطق تُعامل من حيث أوقات الصلوات والصيام معاملة المناطق القطبية ولكن مع فارق جوهري وهو أن هذه المناطق لها أوقات معتدلة خلال السنة ولذلك فإن القياس عليها والتقدير بها أولى في الأيام التي لا تغيب فيها الشمس، والمراد بالأوقات المعتدلة: الأوقات التي يتساوى فيها الليل مع النهار في تلك المناطق (كل منطقة بحسبها)”، ويرى المجلس أن المشقة التي تؤدي إلى عجز أصحاب المهن عن القيام بعملهم تجيز لهم الفطر والقضاء لاحقًا.
المسلمون في السويد
يؤكد قانون “حرية الأديان” السويدي على حماية حرية العبادة والاعتقاد وممارسة الشعائر الدينية لجميع الطوائف والأديان، ولكن من المهم أن نذكر هنا أنه لا توجد في السويد إحصائيات رسمية عن أعداد المسلمين وذلك بسبب منع حكومة السويد إجراء أي تعداد سكاني على أساس ديني أو عرقي منذ عام 1930م.
الإحصائيات الرسمية المتوفرة هي الإحصائيات التي توفرها الهيئة السويدية لدعم المجتمعات الدينية (SST) بناءً على أعداد المنتفعين من خدمات الجمعيات والمؤسسات الدينية المختلفة في السويد والتي يتم على أساسها توزيع الدعم المالي الذي تقدمه الحكومة لهذه الجمعيات الدينية كل عام، وحسب إحصائيات الهيئة لعام 2018م يبلغ عدد الأعضاء المبلغ عنهم والتابعين للجمعيات الإسلامية حوالى 190447 عضواً وعضوة.
ولكن استخدام الإحصاءات التي توفرها هذه الهيئة لوصف التنوع الديني العام في السويد لا يمثل الصورة بأكملها حيث يتم إرسال الإحصاءات فقط من الجمعيات التي تمت الموافقة عليها من قبل الحكومة وتقدموا بطلب للحصول على دعم المجتمعات الدينية، وهناك جمعيات دينية لم تقدم أي طلب للحصول على هذا الدعم وبعضها تقدم بطلب لكنه فشل في تلبية معايير تلقي مثل هذا الدعم من الحكومة.. بالإضافة إلى ذلك، فإن هناك العديد من الأشخاص الذين يمارسون ويؤمنون ويشعرون بالانتماء إلى دين معين بدون أن يكونوا أعضاء في جمعية دينية معينة، كما أن هذه الجمعيات الدينية قد لا تمثل إلا الأشخاص المسجلين أو الزائرين المنتظمين بينما تقدم العديد من هذه الجمعيات خدماتها لأشخاص أخرى يعتبرون أنفسهم شركاء تابعين لكنهم غير مسجلين كأعضاء.
ويوجد في السويد عدد من المساجد التي توفر لأبناء الديانة الإسلامية بمختلف مذاهبها ممارسة شعائرهم، كان أولها مسجد ناصر، في جوثنبرغ والذي بُنِي عام 1976م.
ومن مظاهر تفاعل المجتمع السويدي مع المسلمين في الشهر اهتمام وسائل الإعلام بحلول الشهر، عن طريق نشر وسائل الأعلام مواعيد بدء الصيام، وكذلك الحديث عن عادات وتقاليد المسلمين في رمضان، وأشهر الأكلات التي تنتشر في أوساط الجالية الإسلامية.
ويعتبر شهر رمضان في السويد فرصة تجمع العائلة والأصدقاء على مائدة الإفطار، كما يعتبر فرصة للبعض الآخر في توسيع دائرة علاقاتهم الاجتماعية، يتم ذلك من خلال تأدية صلاتي المغرب والعشاء جماعة في أحد الجوامع أو الزوايا ، وحتى الإفطار والسحور مع المصلين الآخرين حيث تنظم المساجد موائد جماعية لأجل تنمية المشاعر الدينية في نفوس المسلمين، وخصوصاً الجيلين الثاني والثالث من المهاجرين بما يعزز المشاعر الأخوية بينهم.
كما تحاول بعض المتاجر السويدية انتهاز فرصة شهر رمضان لتوفير السلع والمنتجات التقليدية في هذا الشهر مثل التمر والمكسرات والحلوى، ولكن لا شك أن مراكز التسوق المملوكة للمهاجرين تشهد إقبالاً متزايداً من المشترين الباحثين عن نكهة الشهر الكريم في بلادهم، ويعكس الخصوصية التي يتميز بها الشهر من عادات وتقاليد تجعله مختلفاً عن باقي شهور العام.

قد يعجبك ايضا