جحاف يرصد تحولات القرية اليمنية

 

متابعة/ محمد أبو هيثم

صدر مؤخراً بصنعاء كتاب تحت عنوان “القرية اليمنية.. ثقافتها وتقاليدها” من تأليف الاديب يحيى محمد جحاف. وجاء الكتاب في 130 صفحة من القطع المتوسط.
ويسلط الكتاب الضوء على القرية اليمنية ومكوناتها وما تتميز به من ملامح وخصائص وعادات وتقاليد اجتماعية.
وهذا الكتاب إضافة نوعية إلى المكتبة اليمنية التي تفتقد إلى مثل هذه الإصدارات النوعية التي توثق للقرية اليمنية وتحولاتها وخاصة في عصر التحولات التي يشهدها المجتمع في الوقت الراهن وانعكاسات التغيرات الحضارية على واقع القرية وملامحها.
وفي تقديمه للكتاب يقول الكاتب أحمد الاغبري:
يأتي كتاب “القرية اليمنية – ثقافتها وتقاليدها” للباحث يحيى محمد جحاف، وهو كاتبٌ مهتمٌ بالتراث الشعبي، وصدَرَ له عددٌ من الكُتب في هذا المجال، ضمن الجهود المُهمَّة التي يجبُ أنْ تتواصلَ لتوثيق وحماية تراث القرية اليمنيّة والتعريف به.
استطاعَ هذا الكاتب أنْ يُقدِّمَ، في هذا الكتاب الصغير في حجمه، والمهم بمضمونه ومبادرته صورة عامة عن القرية اليمنيّة، مُعرّفاً بكثيرٍ من ملامح ثقافتها وتقاليدها، مستفيداً من مخزونه المعرفي ككاتب في هذا المجال، وفي ذات الوقت من معايشته لثقافة وتقاليد القرية في مسقط رأسه بمحافظة حجة.
ويضيف الاغبري: يحتاجُ توثيق تراث القرية اليمنيّة في جميع مناطق البلاد إلى فريقِ عملٍ كبيرٍ، وميزانية ضخمة، وصولاً لتوثيقٍ يُحدِّدُ الاختلاف والاتفاق في تراث في تراث القرية بين مختلف المناطق، فاختلاف الجغرافيا والمناخ في اليمن فرض تنوّعاً فلكلوريّاً كبيراً.
يُمثِّلُ هذا الكتِاب مُفتتَحاً للطريق، وكأنه يستدعي من الباحثين مواصلة المشوار وإكمال ما بدأه، وكثيراً ما تحتلُّ المبادرات الأولى أهمية كبيرة، باعتبارها تفتحُ الباب لمواصلة البحث والدراسة والتوثيق لهذا التراث، وبما يُسهِمُ في تكريس الإيجابي وتجاوُز السِّلبي، وصولاً لتمكين المكتبة اليمنيّة من مَراجِع كافية حتى إصدار موسوعة شاملة للتراث الشعبي في هذا البلد”.
وفي مقدمة الكتاب كتب مؤلفه الأديب يحيى جحاف قائلاً: الحديثُ عن القرية والكتابة عنها يُعدُّ من الأشياء الشيّقة والجميلة، كونها ارتبطت ارتباطاً وثيقاً بالطفولة والأحلام والتطلُّع والآمال، لذلك ظلّت القرية تحمِلُ دلالات ومعاني في وجدان الكثير من الناس، باعتبارها المرْتَع الأول لهم، قبل أنْ تُفرّقهم حياة المعيشة إلى أماكن ومناطق وبلدان مختلفة ،لذلك يظلُّ الحنين دائماً إليها مهْما بعُدَ عنها الإنسان، وتقدَّمَ به العمر، واختلفت أنماط المعيشة التي يعيشونها، ناهيك عن أبعادها التاريخية الضاربة جذورها في أعماق التاريخ.
ويضيف المؤلف كتاب القرية اليمنية الذي بين يديّ القارئ – لا شكّ- محاولة بسيطة جدّاً، وجهد متواضع لإبراز بعض خصائصها من تقاليدٍ شعبيةٍ والتي تُعدُّ حال حياة الأكثرية من السكان، كون هذا الحياة تُستقى من بيئتها، وتُعبِّرُ عن نفسيتها الطبيعية، وسِماتها العربية الأصيلة، وفيها الكثيرة مما يُهِمُّ الباحث المهتم ،ويُحقِّقُ رغبة المتطلع للإلمام بصورة أوسع لحياة القرية ومجتمعها.
وعن خصائص القرية اليمنية يشير المؤلف بقوله: القرية اليمنية تحملُ خصوصية لا يمكنُ أنْ تُكتَبُ بدِقَّة واستقصاء وشمول، إلا إذا تم تسجيل كلّ ما تحتويه من تراثٍ وشعرٍ وعادات وتقاليدٍ وقصص وأخبار ،مما يُعدُّ يِجِلّاً حافلاً لوصف الحياة فيها ، وللقرية اليمنية تميُّزها الملحوظ عن مثيلاتها في كثيرٍ من الأقطار الأخرى، كونها تستمد ذلك التميُّز من البُعد التاريخي والموروث الإنساني المكتسَب والمتوارَث عبْر حِقَبٍ تاريخية تُقدَّرُ بآلاف السَّنين، كونها احتفظتْ بالكثير من التراث لاعتزالها عن التأثُّر، وبُعدها عن الاختلاط، لذلك ظل العيش والبساطة والكرم والإباء ونصرة المظلوم من سماتها المتجسِّدة في ناسها.
وعن تسجيله ورصده للقرية وتحولاتها يختتم المؤلف مقدمة إنّ حياة القرية لا يمكن أن تُكتبُ بِدِقَّةٍ واستقصاءٍ وشمولٍ، لأنها تشملُ قضايا متعددة من مظاهر الحياة الاجتماعية المختلفة، وبحاجة إلى البحث والتدوين من قِبَل المهتمين بهذا الشأن خشية أنْ يطويه التلاشي والنسيان، إذ أن الكثير من الممارسات والأعمال انقرضتْ، ويزحف التمدن عليها تدريجيّاً، الأمر الذي يجعلها في طور النسيان، وهذا ما يجعلنا نجزِمُ أنَّ قُدرتنا محدودة، والجهود الشخصية تفتحُ نوافذ لِمَن أرادَ من المهتمين إكمال المشوار، وإضافة ما غاب عنَّا، باعتبار أنّ الموضوع، وجميع ما يتعلقُ بهذا الجانب يفوقُ الإمكانيات الفردية ، كونه من المهام الوطنية التي لا بُدّ من التعريف بها، والكتاب عنها، باعتبارها من التراث الإنساني الذي يهمّنا جميعاًن فهو مِلك الجميع، ولا يخص الأشخاص والهيئات والمنظمات والجهات ذات العلاقة فقط.

قد يعجبك ايضا