امعان العدوان في الحصار يحرم آلاف الأسر من قضاء أيام العيد في قراهم

ارتفاع في أجور النقل يفرضها سائقو الأجرة والرقابة غائبة

 

 

احتجاز تحالف العدوان للمشتقات النفطية يثقل كاهل المواطنين ويكبل حيلتهم

قبل أن يشن الظالمون عدوانهم على اليمن كان اليمنيون يستقبلون العيد بشغف كبير وفي لحظات من السعادة والفرح وكانوا يملأون الدنيا بهجة وسروراً وقبيل كل عيد يخطط كل واحد منهم أين سيقضي إجازته العيدية فمنهم من يذهب مع أسرته لزيارة مدينة ساحلية وآخر يرتمي في أحضان المناطق الجبلية حيث مسقط رأسه و حيث الطبيعة وجمالها فيما ثالث ورابع يقضون العيد في حدائق ومتنزهات المدينة فيعيشون صخب وأجواء العيد التي لا تفارق شوارع وأسواق المدينة ..واليوم ونحن نعيش أيام عيد الأضحى المبارك أصبحت كل هذه اللحظات من ماضينا التليد، فمعاناة الناس وظروفهم المادية للعام السادس من العدوان أصبحت في الحضيض ولم يعد يستطيع أقل مواطن تضررا تحمل تكاليف دفع المواصلات وشراء المشتقات النفطية التي امعن تحالف العدوان في منعها من الوصول إلى ميناء الحديدة ..تفاصيل أكثر نرصدها في السطور التالية:

الثورة / حاشد مزقر

محمد الجعشني مواطن من محافظة إب قادته الأقدار لأن يقضي عيد الأضحى في العاصمة صنعاء، حيث أن مقر عمله في إحدى المؤسسات الخاصة وظل صابرا على صلف العدوان وحصاره وامتنع عن زيارة قريته ومسقط رأسه بمحافظة إب وحين نفد صبره ولم يجد له من سبيل، فقرر ان يتحمل تكاليف شراء البنزين من السوق السوداء بالاضافة لتكاليف اجرة السيارة التي ستقل أسرته المكونة من زوجته وثلاثة أبناء وبنت واحدة، غير ان التكلفة التي يحتاجها للوصول إلى مدينة إب ومن ثم إلى قريته قد تتجاوز مائة ألف ريال علاوة على تكاليف العودة بعد قضاء إجازة العيد، ومع عدم مقدرته المادية لذلك وجد عذراً يلزمه بإلغاء فكرة السفر، فقرر أن يؤجل زيارة مسقط رأسه لعام آخر ، وكما يقول فهو يتوقع بين الفينة والأخرى أن يتم استهداف الطرقات والجسور الواصلة بين المحافظات إلا أنه لم يكن يهم هذا الجانب أبدا، فالعائق الوحيد أمامه هو تكاليف السفر فهو يحتاج إلى أكثر من راتب شهر واحد لينتقل هو وأسرته إلى قريته بسبب ارتفاع اسعار المشتقات النفطية وأسعار المواصلات بين المحافظات التي ارتفعت بشكل جنوني نتيجة امعان دول العدوان في حصارها على الشعب اليمني.
زيادة اجرة السيارات
بين استغلال الأزمات الماضية والأزمة الحالية تعمقت أزمة المشتقات النفطية بدرجة كبيرة وهو ما أراده تحالف العدوان على اليمن، لكن هذا الوضع تفاقم وازداد ضرره مع استغلال سائقي البيجوهات والحافلات بذات الدرجة لهذه الأزمة الخانقة إذ ضاعفوا سعر الراكب الواحد المتنقل بين المدن اليمنية إلى أضعاف كثيرة تصل عند غالبيتهم إلى أكثر من 200 %، وعندما نحسب تكلفة مادة البنزين أو مادة الديزل المتفاقمة يوما تلو آخر بسبب الحرب التي شنتها السعودية على اليمن ونسبة أرباح السائقين ، حينها سنجد أن القيمة الشرائية لمشتقات النفط ليست سوى نسبة بسيطة من إجمالي التحصيل ، فأجور نقل الراكب الواحد على سبيل المثال من صنعاء إلى مدينة إب تجاوزت 5000 ريال بينما عند آخرين تتذبذب في الزيادة على هذا المبلغ ، وبناء على عملية حسابية أجريت فإن نقل أي “حافلة يتجاوز 28 راكباً وهي سعتها الطبيعية من صنعاء إلى إب تساوي مبلغ 140 ألف ريال في الوقت الذي ستكون القيمة الشرائية لخمسين لتراً من الديزل ـ من السوق السوداء وهي الكمية المستهلكة في الغالب لذات الطريق ـ لن تتجاوز 22 ألف ريال ،ويظهر هنا مبلغ الربح الذي يجنيه أصحاب سيارات النقل فهم في أيام توفر المشتقات النفطية وثبات الأسعار لا يتحصلون إلا على نصف هذا المبلغ كصافي ربح وخط صنعاء – إب ليس الوحيد في هذه الاستغلالية، فكل الطرق التي تربط المدن اليمنية يتعامل سائقوها بذات الطريقة وبنفس الأسلوب.
أسعار جنونية
أمين رشاد من أبناء محافظة تعز رب أسرة مكونة من طفلين وزوجة ، كان يعمل في إحدى ورش النجارة بمدينة حجة براتب لا يتجاوز 90 ألف ريال ، النصف منه ينفقه على إيجار المنزل والباقي يتدبر به القوت الضروري للأسرة ، وقد ظل في عمله مرابطا أكثر من ثلاثة سنوات ومع بدء قدوم العيد وإصرار زوجته وأولاده على ضرورة زيارة أهلهم في القرية قرر أن يغامر حتى لا يصيبهم بخيبة الأمل لكن أجور النقل الخيالية التي سيفرضها سائقو الأجرة كبلت عقله وجعلته حتى عاجزاً عن التفكير ولم يعد يقوى على السفر ، حيث أن المبلغ المطلوب توفيره للوصول إلى محافظة تعز ومن ثم قريته يتجاوز بكثير ما يحوزه في جعبته ، وبعد يومين من الانتظار للفرج لم يجد حيلة من بيع أشياء من أثاث وحاجيات المنزل وكما يقول فإنه دفع 50 ألفاً للانتقال.
استغلال أيام العيد
استغلال ارتفاع أسعار المشتقات النفطية بسبب شح تواجده في السوق لم يقتصر على حركة تنقل المواطنين بين المدن بل إن تنقل الكثير من الأسر بين المحافظات قبل وبعد العيد جعل أطماع ملاك سيارات النقل تزداد شراهة وهو الأمر الذي يعني حصول سائقي المركبات الأجرة ممن يملكون المشتقات النفطية على فرص أكبر للربح وذلك من خلال استغلالهم لحاجيات الناس الأساسية فيما سائقو سيارات أجرة كان لهم نظرتهم الخاصة حول الموضوع.. حيث يقول أمجد محمد أحد سائقي السيارات الأجرة النشطين في خط صنعاء- الحديدة: الجميع يعلم أن البنزين والديزل شبه منعدم وأن الحصول عليه أمر في غاية الصعوبة، فدبة البنزين الـ20 لتراً وصلت إلى 12 ألف ريال وبالتالي نحن غير قادرين على نقل الناس بنفس الأجور السابقة أو حتى بأعلى منها بقليل، فالأمر فيه إجحاف كبير في حقنا.
أما إبراهيم الحيمي سائق عربة نقل دينه فاختلق لنفسه من الأعذار ما ينفي عنه التهمة حيث قال: إن ارتفاع تسعيرة النقل يعود لسببين، الأول: أن هناك حصارا من قبل دول العدوان وانعداماً للمشتقات النفطية وإن تواجدت في السوق السوداء فبأسعار مرتفعة، والثاني: هو مخاطرة السائقين، فمن حقهم رفع تكلفة الأجرة أو النقل كون طائرات العدوان السعودي تستهدف خطوط النقل والجسور.
بدوره احمد الخياطي مندوب فرزة صنعاء -عمران اتهم عدة جهات بالوقوف وراء الأسباب التي أدت إلى ارتفاع أسعار النقل بين المحافظات وأول تلك الجهات مكاتب النقل والمرور حيث لم تتخذ هذه الجهات أية إجراءات رادعة ضد سائقي سيارات الأجرة الذين بدورهم استغلوا هذا التخاذل الرسمي وقاموا برفع أسعار النقل حسب مزاجهم غير مكترثين للحالة المادية الصعبة التي يعاني منها المواطنون وآثار العدوان السعو أمريكي.
واختتم المندوب حديثه بالقول ” ما يحدث هو بالطبع ناتج عن ظروف حصار العدوان على بلادنا.
أضرار وعواقب
نجيب الجمل أستاذ في الاقتصاد يقول: إن استمرار زيادة أسعار التنقل بين المحافظات مع استمرار الحصار وانعدام المشتقات النفطية واستهداف الجسور والطرقات من قبل العدوان له عواقب كبيرة أبرزها أنه سيثقل كاهل ميزانية الأسر وسيعمل على زيادة المشاكل الأسرية التي تظهر الدراسات أن 80 % من أسبابها يعود إلى ضعف الجوانب المادية كما أن استمرار الوضع على ما هو عليه ستكون له انعكاساته السلبية على مستوى الزيارات الأسرية، فقد يعزف الكثيرون عن زيارة أقاربهم حتى في أيام العيد ووضع كالذي نحن فيه من حصار وعدوان غاشم يستدعي إيجاد الحلول السريعة ولا يجب أن يعاني المواطنون الأمرين.
احتجاز تعسفي للمشتقات
من ناحيته نوه رئيس قطاع النقل البري وليد الوادعي إلى أن أكثر من 80 ألف ناقلة بضائع و70 ألف وسيلة نقل ستتوقف بشكل كلي بسبب انعدام المشتقات النفطية، مشيرا إلى أن المنتجات الزراعية ستتكدس وتتلف نتيجة انعدام وسائل النقل جراء احتجاز سفن المشتقات النفطية، فيما أكدت شركة النفط اليمنية أن تحالف العدوان ما يزال يحتجز 22 سفينة مشتقات نفطية ويمنع دخولها إلى ميناء الحديدة وأوضحت الشركة، أن السفن المحتجزة تضم 15 سفينة محملة بـ 419 ألفاً و789 طناً من مادتي البنزين والديزل وأربع سفن تحمل مادة المازوت وثلاث سفن محملة بالغاز المنزلي، وأشارت إلى أن أقصى مدة لاحتجاز السفن الحالية وصلت إلى أكثر من 100 يوم فيما وصلت مدة الاحتجاز التعسفي في حالات سابقة إلى ما يقارب خمسة أشهر.
الرقابة والأزمة
حاولنا جاهدين رصد أي وجود للرقابة التي من المفترض أن تقوم بها مكاتب النقل وهيئات تنظيم النقل بالمحافظات على الأسعار المفروضة على المواطنين المتنقلين في ما بين المحافظات، غير أنه على ما يبدو أن الرقابة في سبات عميق ولا تملك أي خطط لإدارة الأزمات وكأن ّ طبيعة عملهم لا تفرض عليهم التواجد في أيام السلم، بينما أيام العدوان والحصار على المواطن أن يتدبر أموره، ونتاجاً لذلك أضحت أجور النقل بين المدن تحدد بحسب مزاج السائقين وأهوائهم لا غير، وبالتالي فإن غياب الرقابة على جميع الخطوط يعمق المشكلة لدرجة لا يمكن تصورها ويخدم خطط العدوان الإجرامية، إذ أجحف سائقو سيارات الأجرة والنقل بحق المواطنين مستغلين مشكلة انعدام المشتقات النفطية.

قد يعجبك ايضا