بعد نجاح حملة الإجراءات.. حكومة الإنقاذ تقر الرفع التدريجي عن الأماكن العامة

اليمن يتعافى من كورونا.. الحياة تعود لطبيعتها

 

 

الحاضري: رغم العدوان والحصار والوضع الصحي الذي نتج عن ذلك كان اليمن من أفضل البلدان في التعامل وأقلها تأثراً
المروني: الوتيرة مستمرة والإبقاء على مراكز العزل وتتبع الحالات وترصدها مستمر أيضا

بعد النجاح الذي حققته حملة الإجراءات التي نفذتها اللجنة العليا لمكافحة الأوبئة ووزارة الصحة العامة والسكان في مواجهة كورونا والحد من انتشاره، تشهد البلاد هذه الأيام إعادة تطبيع الحياة تدريجياً بما يتناسب مع الوضع الصحي، ومع أهمية تطبيق الإجراءات الاحترازية الوقائية والتعليمات الإرشادية للوقاية من الوباء فقد فتحت جميع المرافق والمنشئات الخدمية الحكومية والخاصة أبوابها للمواطنين ليتعافى اليمن من الفيروس ويلمس الناس العناية الإلهية، وهذا ربما ما أغاض تحالف العدوان الذي حاول إفشال ما حققه اليمن في الحد من انتشار الوباء وذلك باحتجاز سفن المشتقات النفطية كخطوة مقصودة ومدروسة لاستهداف القطاع الصحي، فيما التزمت الأمم المتحدة الصمت أمام هذه الجريمة كعادتها.
“الثورة” التقت مسئولين في وزارة الصحة للاطلاع على أبرز ما لمسوه في مواجهة كورونا بالنسبة للإصابات والشفاء والإجراءات المحددة التي اتخذتها الوزارة لتنفيذ قرار رفع الحضر عن الاماكن العامة واستعداد الوزارة في حالة عودة موجة جديدة من كورونا في الفترة القادمة.

الثورة / أحمد السعيدي

جائحة كورونا التي ضربت العالم قبل سبعة أشهر وتجاوز عدد المصابين بها الخمسة عشر مليون إنسان وما يقارب من 650 الف وفاة و 9 ملايين حالة شفاء ها هي تشهد في الفترة الأخيرة تراجعا ملحوظا في عدد الإصابات والوفيات خاصة في الدول التي هاجمها الفيروس بقوة في بدايته مثل الصين والدول الأوربية الأربع إيطاليا وفرنسا وإنكلترا وإسبانيا التي أعلنت أنها لم تسجل أي وفاة للمرة الأولى منذ ثلاثة أشهر وقد وصل عدد الإصابات في يوم واحد في العالم إلى ربع مليون إصابة في مرحلة الذروة في بداية يونيو المنصرم ثم بدأ بالتراجع واصبح في هذه الأيام لا يتجاوز 80 الف إصابة.
تراجع في عدد الإصابات يعزوه العلماء إلى سببين، يتعلق الأول بوعي الناس أنفسهم في الوقاية من الفيروس والالتزام بالإجراءات الاحترازية، بينما يعود الثاني إلى طبيعة الفيروس نفسه؛ حيث يعتقد بعض العلماء أنه يصل إلى مرحلة الذروة فيكون شرساً، ثم يفقد بعضاً من خواصه مع مرور الوقت ويبدأ بالتراجع حتى ينتهي ويموت، ولذلك ما كان من حكومات الدول في العالم إلا التعايش معه ورفع الحظر على المطارات والمرافق وإعادة تطبيع الحياة مع الالتزام بإجراءات الوقاية والإجراءات الاحترازية.
قرار رفع الحظر
اليمن كغيره من البلدان الأخرى وبنجاح صحي كبير، وبأقل خسائر تذكر بدأت سلطاته في صنعاء برفع الحظر وإعادة تطبيع الحياة تدريجياً في أمانة العاصمة وبقية المحافظات، حيث أصدر مجلس الوزراء قراره رقم 32 لسنة 2020، بشأن ضوابط وإجراءات عودة الحياة بشكل طبيعي مع الالتزام بوسائل وإجراءات الوقاية في ظل الجائحة.
شمل القرار رفع الحظر وفتح الأماكن التي تم إغلاقها كالحدائق والمنتزهات وصالات الافراح والمناسبات ومحلات التجميل والحمامات البخارية والمسابح والمطاعم والمقاصف، وإلزم أمين العاصمة ومحافظي المحافظات بإصدار التعميمات المنفذة للقرار، كما وجه وزيري الإدارة المحلية والصحة العامة والسكان برفع التقارير عن مستوى التنفيذ واشترط القرار جملة من الإجراءات الاحترازية الواجب اتخاذها في كل مرفق أو منشاة وأبرز تلك الإجراءات توفير المعقمات والمطهرات عند مداخل ومخارج الحدائق والمتنزهات وعمل ملصقات توعوية وتعقيم الألعاب وتجنب الازدحام.
بالنسبة لصالات الافراح، يلتزم ملاكها بالحفاظ على التهوية الجيدة ويمتنع زوارها بعدم المصافحة والالتزام بالتباعد، كما ألزمت التعميمات العاملين في الكوافير بلبس الكمامات السماح بمرافقة واحدة لكل عروسة، بينما فرضت على الحمامات البخارية عدم مشاركة المناشف والفوط والأكياس والصابون وتوفير المغاسل عند المداخل.
أما المطاعم فتخصيص عامل أو اثنين لتسجيل طلبات الزبائن فوق الطاولة تجنبا للازدحام وتعقيم الكراسي والماسات والأسطح كل ست ساعات وغيرها من الإجراءات التي لابد للمواطنين ان يتحلوا بالوعي في تطبيقها حتى نتجنب انتشار الفيروس ونواصل الانتصار عليه.
مستعدون لمواجهة أي موجة ثانية
خلال الفترة القليلة الماضية عاش اليمن في ظل أزمة كورونا مرحلة خطيرة من التحدي، تطلبت الكثير من العمل الرسمي والمجتمعي والوعي الشعبي بطبيعة الفيروس، وفي هذا الشأن يقول الناطق الرسمي لوزارة الصحة العامة والسكان، الدكتور يوسف الحاضري، إن “اليمن كان من أفضل الدول من حيث التعامل مع هذا الوباء، وأقلها حيث عدد الوفيات والإصابات بالرغم من الوضع الصحي الصعب في البلد الذي يعاني من عدوان وتدمير وحصار”، ويضيف الحاضري في حديثه لـ “الثورة”: “إن معرفة الناس بالوضع المأساوي الذي يعيشه اليمن ساهم في تجاوب مجتمعي كبير واستنفار على جميع الأصعدة والقطاعات الحكومية والخاصة والمختلط والمنظمات خاصة المحلية منها، أما الأممية فكان دورها ناقصاً ولم يرتق إلى الوضع الذي يعيشه العالم فضلا عن اليمن الذي يعاني من عدوان وحصار لأكثر من ست سنوات”.
وأشار الدكتور الحاضري إلى أن “الإجراءات التي اتخذتها وزارة الصحة العامة والسكان مع بقية القطاعات الأخرى في الدولة كانت على جميع المستويات، الطبية والصحية والإعلامية والتوعوية والإجراءات العملية في الميدان وغيرها، بعد أن أدرك المواطنون كيفية التعامل السليم في المطاعم وأسواق القات والحدائق العامة والصالات فتعلم الوعي في فترة اغلاقها وبسبب ذلك تم اتخاذ تلك القرارات من رئاسة الوزراء وتم توزيعها على الجميع لعودة الحياة لطبيعتها”، لافتا إلى أن من الواجب “الالتزام بالشروط التي تقي المجتمع من انتشار المرض سواء كورونا أو غيره.
وأكد ناطق الصحة أن استعدادات الوزارة في حالة عودة موجة جديدة من كورونا، هي نفسها المتخذة سابقا من متابعة المستشفيات وتوفير ما يمكن توفيره من أجهزة تنفس وأدوية وكوادر طبية وتدريب واستمرار التثقيف والتوعية وتحفيز المجتمع للتحرك وعدم التهوين أو التهويل وغيرها من الإجراءات، مبينا أن الموجة الأولى من الفيروس وهي الأخطر، إذ “لم يكن لدى الشعب وعي ولم يكن لدينا قدرات فنحن ما زلنا على استعداد واستنفار على جميع المستويات والقطاعات في الوزارة وبقية المؤسسات”، على حد قوله.
نسبة التعافي عالية
وبالحديث عن نسبة التعافي خلال جائحة كورونا، يقول الدكتور مطهر المروني، مدير عام مكتب الصحة بأمانة العاصمة، أن “نسبة الشفاء عالية جدا تجاوزت بكثير 50 % ونتيجة ذلك جاء قرار تطبيع الحياة بعد تقييم الوضع الوبائي للجائحة وانخفاض معدل الإصابة بالوباء”، لافتا إلى أن التعامل كان منذ بداية الجائحة وفق استراتيجية خاصة منطلقة من الواقع الاقتصادي والصحي للبلد، وقد وحققت هذه الاستراتيجية نجاحا كبيرا.
ويضيف المروني في حديث إلى “الثورة”: “لم نغلق الإغلاق الكامل كما أغلقت بقية البلدان وأوقفت الحياة، لكننا تجاوزنا والآن رفعنا الحظر حتى لا يتأثر الوضع الاقتصادي للناس، لكننا ألزمناهم بالإجراءات الاحترازية وتطبيقها ولا زالت الوزارة مع كافة القطاعات مستعدة لمواجهة موجه ثانية من الوباء”.
وأكد مدير صحة الأمانة أن الوزارة تعمل “بنفس الوتيرة السابقة من خلال الإبقاء على مراكز العزل وتتبع الحالات وترصدها، مشيرا إلى أن المنظمات المحلية على ضعف إمكانياتها تعاونت بحسب الإمكان مع الجهات والمؤسسات التجارية والتجار فكانت باختصار مساهمة إلى حد ما في النجاح، أما بالنسبة للمنظمات الأممية والدولية فكانت الاستجابة ضعيفة ولا ترقى إلى واجبهم تجاه هذه الأوبئة في مختلف دول العالم.
وحث المروني “أبناء الشعب اليمني بالالتزام بالإجراءات الاحترازية والتحلي بالوعي في حماية نفسه من الأمراض المختلفة سواء كورونا أو غيرها وذلك بالحرص على النظافة الشخصية وعدم التواجد في الأماكن المزدحمة والمبادرة بأخذ الاستشارات الطبية في حالة التعرض لأي إصابة”.
ارتياح شعبي
لاقى قرار إعادة فتح المرافق والمنشئات العامة والخاصة ارتياحاً شعبياً كبيراً خاصة ما يتعلق بفتح الحدائق والمنتزهات والمطاعم خلال أيام عيد الأضحى المبارك، حيث عبر عن عدد من المواطنين لـ “الثورة” عن شعورهم بالسعادة إزاء ذلك، مؤكدين أنهم سيقضون إجازة العيد في الحدائق والمتنزهات والمطاعم مصطحبين عوائلهم وأسرهم للترفيه عنهم وزرع البسمة في وجوههم وذلك بعد أن حرمهم وباء كورونا من الخروج والتنزه في عيد الفطر الماضي وضلوا في بيوتهم يتملكهم الملل.
كما اعتبروه قراراً صائباً كان لا بد منه ولصالح المواطن أولا وأخيراً، لا سيما وقد تعلم خلال فترة الحظر أهمية الإجراءات الوقائية وطبقها عملياً وأثبتت فاعليتها، ولذا لن تفارقه في الخروج وزيارة تلك الأماكن التي أعيد فتحها، فقد أصبح الشعب اليوم أكثر وعياً وأدرى بمصلحته وصحته وسلامته ولن يقوم بالإضرار بنفسه من خلال التخلي عن هذه الإجراءات الوقائية التي على رأسها لبس الكمامة والتعقيم المستمر والتباعد الاجتماعي وغيرها من الإجراءات التي تعلمها في فترة الحظر الماضية.

قد يعجبك ايضا