من واشنطن إلى مران

اللحظــات التــي سبقت الـحـــــــرب عـلــى صعدة

تهديد ووعيد ثم تحرك عسكري رافقه تهيئة المجتمع لساعة الصفر

عام 1425 للهجرة كتب السيد حسين بدرالدين الحوثي رسالة إلى رئيس النظام السابق بعد ما كان من تخوف بسبب انتشار (الصرخة) واتساع مساحة تواجدها وتزايد المناصرين وجاء فيها.. “حياكم الله بعد التحية والاحترام.. وصل إلينا الوالد غالب المؤيد، والأخ يحيى بدر الدين الحوثي، والأخ الشيخ صالح علي الوجمان وتم التحدث معهم في أمور كثيرة ومنها ما ظهر منكم من انزعاج منا وقد أثار هذا استغرابنا لأنني متأكد أنه لم يحصل من جانبي ما يثير لديكم هذا الشعور، فنحن لا نعمل ضدكم، ونقدركم تقديراً كبيراً، وما أعمله إنما هو انطلاق من الواجب الديني والوطني ضد أعداء الدين والأمة أمريكا وإسرائيل، فلا تصغوا لتهويل المغرضين والمنافقين واطمئنوا من جانبنا فنحن لا نكيد لكم ولا نتآمر عليكم،
وديــــع العبــــــــسي

وماضينا وحاضرنا يشهد بهذا ويفضح المغرضين، وثقوا أننا أنصح لكم وأقرب إليكم وأصدق معكم , وعند لقائنا بكم إن شاء الله سيتم التحدث معكم في الأمور التي تهمكم وتهم الجميع والإخوان سوف يوضحون لكم تفاصيل حديثنا معهم. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
أخوكم/ حسين بدرالدين الحوثي 8 ربيع الأول 1425هـ”
يقول (إبراهيم محمد المتوكل/ ‏حسن زيد) وهم ممن كتبوا عن الشهيد القائد والإرهاصات التي سبقت الحرب عليه واتباعه في صعدة:
لم يرفض السيد حسين الحوثي الاستجابة لطلب الرئيس إياه وكان ودودا مهذبا في الخطاب وعلى إثرها غادر الرئيس اليمن لحضور قمة الدول الثمان في واشنطن وعاد إلى صنعاء وبعد أيام نزلت حملة مكونة من 18 عشر طقما على مجاهد حيدر لإيصاله إلى صنعاء فاكتفي بالتزامه بالحضور عقب مغادرة الحملة فوجهت الحملة لمران لقربها من الجوف ووصلت يوم 17\6\2004م وتزامن وصولها مران مع انتشار عسكري في ضحيان والطلح.
وما هي إلا ساعات لينفجر الوضع في 18/6/2004، فسره محللون انه جاء عقب ترتيبات جرت في واشنطن في الزيارة المذكورة لرئيس النظام السابق.. كانت الحملة تحت قيادة اللواء علي محسن الأحمر، المحسوب على التيار السلفي الوهابي.
ويذكر إبراهيم محمد المتوكل.. ‏حسن زيد إن العملية العسكرية:
صاحبتها حملة إعلامية مهولة صورتها وكأنها حرب وجوديه للنظام الجمهوري وللسنة وللزيدية وللسلم الدولي ولاستقلال اليمن وللمقدسات الدينية الإسلامية الزيدية والسنية، لأن حسين (أتهم بكل التهم التي وجهت للخوارج على النظم الإسلامية المختلفة فهو مدعي للنبوة والمهدية والإمامة وهي شيعي إمامي رفع إعلام حزب الله في مران بدلا عن إعلام اليمن ويمثل خطرا على أمن اليمن والمملكة، وهو بترديد أتباعه الشعار يفرض على الولايات المتحدة احتلال اليمن أن لم يخرس، وهو يريد عودة بيت حميد الدين) أحصاها أحد المهتمين حينها بـ 25 تهمة متناقضة غالباً فيما بينها..
وقالا: ان الحملة الإعلامية كشفت عما هو ابعد من مجرد استهداف حسين بدر الدين الحوثي لأنه ابتدع ترديد الشعار، فقد ذهب البعض إلى استثمار الحدث ليستهدف الوجود الزيدي فحول الحرب ضد الزيدية والهاشميين حتى وصل الأمر إلى اقتحام منزل وزير العدل المقرب من الرئيس القاضي احمد عقبات، وشهر بأمين العاصمة نسب الرئيس (والد إحدى زوجاته المقرب من الرئيس ومن إخوانه عضو مجلس النواب عن المؤتمر الشعبي شقيق رئيس المؤسسة الاقتصادية أهم مؤسسات الرئيس الناجحة، ونشر في صحيفة مقربة من الأسرة الحاكمة (الشموع) أنه اعتقل في المطار للاشتباه به بتهمة الحوثية لمجرد أنه هاشمي رغم ولائه المطلق للرئيس وقربه منه آنذاك، واتهم بتوظيف الهاشميين في الأمانة ونشرت قوائم بأسماء الهاشميين (حتى من ماتوا قبل أن يعين الكحلاني في أمانة العاصمة، وكلهم أي الموظفين كانوا في الأمانة قبل تعيين الكحلاني أميناً)..
ولفتا إلى ان: أهداف الحملة كانت التحريض ضد الهاشميين وإظهارهم كخطر على اليمن واليمنيين وخلق اصطفاف شعبي ضدهم على أساس سلالي، فظهرت أو عادت مفردات (الوافدين الضيوف من لم يرعوا حقوق الضيافة المطرودين من بلدهم الأصلي، الفرس الصفويين،،،، مقترنة بالحديث عن الهاشميين في مجموعهم، ولم تستثن أحدا، الأحياء والأموات، بدءاً من الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين وانتهاء بالمعاصرين من الرموز المحترمة كالعلامة السيد محمد بن محمد المنصور والعلامة الزاهد حمود عباس المؤيد كما فعلت جريدة الدستور، مرورا بالمرحوم يحيى محمد المتوكل..
وتعرض الهاشميون الزيدية ومن اظهر أي تعاطف مع مظلوميتهم للاعتقال، فاعتقل تلاميذ العلامة مجد الدين المؤيدي، ومنعت كل كتب الزيدية وقد ساعد طول أمد الحرب التي لم يكن متوقعاً لها إلا (24) ساعة كما وعد الرئيس من قبل من دفعوه للمعركة، ساعد إلى دخول عناصر قوى عديدة أرادت استثمار الحرب..

أشد من الصواريخ
وتحولت المعركة إلى حرب بين قوى متحالفة أرادت تصفية حسابات ضد بعضها إما إضعافها أو تعزيز مواقع على حساب الهاشميين والزيدية. حسب إبراهيم محمد المتوكل.. ‏حسن زيد الذان اضافا:
وقد أشتهر أن بعض رموز الإصلاح شاركوا في إدارة العمليات العسكرية، وسعوا بكل ما أتوا من قوة إلى عزل الهاشميين والزيدية بجر حلفائهم (في المشترك إلى تبني نفس الموقف من الهاشميين)..
ومع ان الهدف –والقول للمصدر- إيصال حسين إلى صنعاء قهرا وكانت الدولة تظن أن الحملة ستنتهي سريعاً، ولكنها فوجئت كما فوجئنا جميعاً باستماتة منقطعة النظير، لقد قأوم السيد حسين وأنصاره مقأومة شرسة استمرت 80 يوماً بلياليها !! 80 يوماً وهم يذوقون أنواع الآلام والتي أشدها وقعاً.. أشد من الرصاص والقنابل بل الصواريخ التي تقع حولهم هنا وهناك.. تلك الاتهامات الصارخة التي تشكك في وطنيتهم وتتهمهم بالتبعية والتمرد وإيقاظ الفتن إلى غير ذلك من التهم التي يشيب لها الرأس..
وأصدر العلماء بياناتهم ورسائلهم يحرمون فيها سفك الدماء، ويوجبون إيقاف الحرب، ولكن الحرب استمرت وواصل القادة القصف والضرب والقتل، تزامن هذا مع الاعتقالات التي طالت كل زيدي نشط ومنعت الكتب الزيدية بما فيها شرح الأزهار الذي كان مرجعا للقضاة.
وشهدت تلك الفترة اعتقالات التي طالت نشطاء الزيدية والهاشميين، وبالإقصاء من الوظيفة والسب والإهانة التي لم يسلم منها الرموز الدينية كالإمام الهادي عليه السلام بل والإمام علي عليه السلام، ولم تسلم النساء من التعرض لهن بالاسم كما دأبت جريدة الدستور، وتم الاستيلاء على المساجد ومصادرة الكتب وإغلاق المكتبات ومنعت حتى الكتب العامة كنهج البلاغة بل وصل المنع لمنع كتاب لوالد الأستاذ عبد القادر هلال مع أنه كتاب فرائض، وصودرت صور العلماء كالعلامة حمود عباس المؤيد، ومنع الزيدية من إحياء المناسبات الخاصة (كالغدير) وكل ذلك كان ينسب للرئيس مع أنه كان يوجه بالعكس، فقد أمر السلطة بالسماح لمواطني صعدة بالاحتفال كعادتهم بالغدير، ورفضت السلطة المحلية (العسكرية) ووصل السخف درجة تجريم الإبقاء على أسماء المحلات التجارية والمطاعم إن كان لها دلالة شيعية ولو من بعيد (كالغدير) فطلب من حتى من صالونات الحلاقة تغيير اسم الغدير بآخر ولو كان المقصود به عين الماء، ولو كان المسمي وصاحب الدكان أو الصالون والبقال لا يعرف ماذا يعني الغدير في الثقافة التاريخية الإسلامية.
هذا بالإضافة إلى اعتقال آلاف الشباب لمجرد أنهم هاشميين أو زيدية وحوكم البعض بتهمة السعي للترويج للمذهب الزيدي أو لمجرد أنه يعتقد بعدم عصمة البخاري ومسلم، والعصمة الفعلية للصحابة.. ومصدر الاقتباسات هنا من تناولة إبراهيم محمد المتوكل.. ‏حسن زيد.

الوعيد بالظلم
لم تقتنع الولايات المتحدة الأمريكية بخطوات النظام في اليمن, وكل ما قام به في سبيلها محاولاً إنهاء الصرخة وتكميم الأفواه, لذا صعّدت من لهجة احتجاجها مع الحكومة اليمنية, وقد نشرت مجلة المجلة اللندنية في حينه في عددين متتابعين أخبار الشعار, وذكرت أن الولايات المتحدة الأمريكية تقدمت بمذكرتي احتجاج للحكومة اليمنية تشكو فيها من تنامي العداء الديني في المساجد اليمنية, وفي بداية العام 2004م عقدت وزارة الأوقاف دورة تدريبية لخطباء المساجد في محافظة صعدة, محذرةً من الغلو والتطرف الديني, وقد حرصت على تضمين فريقها بعضاً من علماء الزيدية, فيما كان الغرض شيئاً آخر, وعقد وزير الأوقاف حينها لقاء خاصاً مع قيادة المحافظة, وعلماء الزيدية بمحافظة صعدة حضره من حضره منهم, وطلب منهم التوقيع على بيان إدانة للسيد/ حسين بدر الدين الحوثي تحت عنوان النقد والتبيين وغرّهم واستدرجهم إلى ذلك, ليطير بعد التوقيعات مباشرة إلى العاصمة صنعاء, معرّجاً على بعض العلماء في صنعاء ليضيف توقيعاتهم إلى ورقة البيان المزعوم, ليتفاجأ موقعو البيان بنشره في الجريدة الرسمية, وقراءته من إذاعة صنعاء تحت عنوان علماء الزيدية يعلنون برآءتهم من الحوثي وأتباعه, ويحذّرون من أفكاره, فَهمَ من فَهم أنّ هذا كان بمثابة إعلان الحرب على السيّد, والتي باتت إرهاصاتها تلوح في الأفق, وفي الميدان أرسل الرئيس رسله للقاء السيد/ حسين وإبلاغه رسائل التهديد والوعيد بالحرب إذا لم يعلن توقفه عن الشعار وممارسة النشاط الديني القرآني, استعان السّيد بالله وتوكل عليه, ولم تأخذه في الله لومة لآئم, وقرر مواصلة السير واثقا بالنصر والتأييد من الله المعين, وكانت اللجان تعود بقناعة تامة بصحة موقف السيد وسداد رأيه وحكمته, لكن للأسف لم يكن أحد منهم يجرؤ على قول الحقيقة وكشفها للعيان, فيما صالح كان يستبدل رسلاً بآخرين, حينها بعث رسالة عبر أحد معاونيه موجهة إلى علماء الزيدية يبلغهم فيها غضبه وانزعاجه ممّا يقوم به السيد/ حسين بدرالدين وترديد أنصاره للشعار في المساجد وبالذات الجامع الكبير بصنعاء, ويطلب منهم سرعة التحرك لإقناع السيد بضرورة التوقف, وسيكون هذا زيادة لهم في رصيدهم لدى السلطة, ما لم فإن الدولة ستوقف السيد/ عند حده وستضرب بيد من حديد وقد أعذر من أنذر هكذا كان فحوى الرسالة, يومها أذكر أني كنت في زيارة مع بعض الإخوان للسيد العلامة/ بدر الدين الحوثي (رحمه الله) بمنطقة آل الصيفي, وبينما نحن جلوس عنده إذ دخل علينا أحد أقربائه, وسأله هل وصلتك الرسالة الموجهة من الرئيس لعلماء الزيدية؟ ثم استدرك قائلاً لكن صح أنت ما هم مدين لك شيء وأخرجها من جيبه, قال له العلامة الراحل اقرأها فقرأها علينا, فقال: السيد الراحل رضوان الله عليه ينزلوا يلتمسوا الهدى والنور بدلاً من الصد عن الحق.
وعلم الجميع بخبر الرسالة وبيان العلماء وتحضير السلطة للحرب والعدوان وتحرك المرجفون في المدينة في كل مكان, وأعدوا العدة, وبقي السيد على ما هو عليه ومعه من معه من المؤمنين الصادقين الواثقين بالله رب العالمين. “مع الشعار.. من أول صرخة”.

حرب أمريكا
مع انطلاق أصوات الآلة العسكرية وبدء الحرب الأولى على السيد حسين بدرالدين الحوثي وحسب ما يسرد لنا فاضل الشرقي في تناولته “مع الشعار.. من أول صرخة” أصدر (السيد) بيانه الشهير الذي بين فيه أن هذه الحرب تأتي طاعة للأمريكيين بغرض إسكات الناس عن الشعار قال فيه: ((أيها الأخوة المؤمنون اعلموا يقيناً أنكم تجاهدون في سبيل الله, وأنتم تواجهون هؤلاء المعتدين الظالمين, الذين يحاربوننا بمختلف الأسلحة لصدنا عن سبيل الله, وتذكير عباد الله بكتابه المجيد القرآن الكريم, وإسكاتنا عن الهتاف بهذا الشعار العظيم: الله أكبر, الموت لأمريكا, الموت لإسرائيل, اللعنة على اليهود, النصر للإسلام.
ضد أمريكا وإسرائيل التي تشن حرباً صريحة ضد الإسلام والمسلمين, وكلنا نعلم كما يعلم أيضاً من شن هذه الحرب علينا أننا لم نعمل شيئا غير هذا, وعملنا واضح منذ أكثر من سنتين ونصف, وأنهم الذين هاجمونا إلى ديارنا وبدأوا بالضرب علينا)).
وأكد السيد/ حسين (رضوان الله عليه) في مقابلاته وتصريحاته الإعلامية أثناء الحرب الأولى على أن الحرب ما قامت إلا بتوجيهات أمريكية بسبب الشعار ويقول في إتصال هاتفي مع إذاعة الـ (بي بي سي): (هذا شيء فرض علينا هذا الحرب بتوجيهات أمريكية شنوها علينا بتوجيهات أمريكية ورغبة أمريكية, واسترضاء أمريكي من جانب السلطة), ويضيف السيد: (الحرب هذه علينا امتداد واستمرار لمحاربتهم لنا كتوجه مناهض لأمريكا وإسرائيل يقوم على أساس القرآن الكريم – ويخاطب المذيعة- عرفتي؟ هم منذ سنتين لا حظي الحرب هذه التي شنوها علينا هي استمرار وامتداد لمحاربة منذ سنتين بدأت بشكل سجون مستمرة كل جمعة لدينا في السجون نحو ثمانمائة شخص على الأقل في سجونهم بسبب الهتاف بشعار ” الله أكبر الموت لأمريكا الموت لإسرائيل اللعنة على اليهود النصر للإسلام) ويضيف السيد: (الحرب هذه ليست جديدة هي بسبب مناهضتنا لأمريكا وإسرائيل المتمثلة بالهتاف بهذا الشعار ومقاطعة البضائع وتذكير الناس بالقرآن الكريم هذا كل ما نعمله) وعندما سألته المذيعة لماذا لم يذهب لمفاوضة الرئيس وقد دعاه للحوار؟ أجاب عليها (لم يحصل هذا, حصل قبل الحملة العسكرية هذه بنحو شهرين أن أرسل إليّ شخصا يقول لي بأن نتوقف عن هذا الشعار عن الهتاف بهذا الشعار وإلا فسيسلط علينا من لا يرحمنا هذا الذي حصل), وأكد السيد أن الموضوع الذي يتحرك فيه هو موضوع فكري أساسا تثقيف ومواقف طبيعية وسلمية تتمثل في شعارات وفي مقاطعة البضائع الأمريكية والإسرائيلية وتذكير تثقيفي للناس بالقرآن الكريم ليس أكثر وقال: (أنا لا أفرض هذا الشعار على أحد نحن ندعو إلى رفع هذا الشعار ولا نفرضه على أحد ولا نصدر أحكام تكفيرية ولا تفسيقية على من لا يرفعوه), وفي مداخلة له مع قناة أبو ظبي أكد السيد على نفس القضية قائلا: (نحن نذكّر الناس والتذكير ليس معناه مجرد أن نذكر أن هناك عدو فقط بل يجب أن تكون هناك رؤية تقدم للناس رؤية عملية ليتحركوا فيها على هذا الأساس كان أمامنا قضيتين: رفع شعار: الله أكبر الموت لأمريكا الموت لإسرائيل اللعنة على اليهود النصر للإسلام، والقضية الثانية مقاطعة البضائع الأمريكية والإسرائيلية والحث عليها كواجب).

قد يعجبك ايضا