الفنان التشكيلي زياد العنسي والتعبير عن الحياة والطبيعة

 

  

في تجربة الفنان التشكيلي زياد العنسي نرى حنينه إلى الطبيعة الخلابة ممثلة بالريف اليمني، ومن خلال حياته التي عاشها في الريف وانتقاله إلى المدينة يظهر هذا الحنين في الكثير من لوحاته ويعبر عن ذلك بفصول السنة الأربعة، ويتجلى اخلاصه لموضوعاته التي يعبر عنها.
كما يصور من خلال لوحاته وضع المرأة في بلادنا بطريق تصويرية مختلفة ومنها معاناة المرأة اليمنية التي تعتمد عليها الحياة في الريف اليمني، فالمرأة اليمنية تعمل في البيت وفي الحقل أيضاً فهي عضو فعال في الريف اليمني.
والملاحظ أيضاً أن الإنسان بالإجمال هو محور أعماله الفنية حتى في تصويره للطبيعة وهي ساكنة لكنها تنبض بالحياة وبالفعل الإنساني الذي يتنفس بوجود الحقل والجبل والأشجار.
والريشة بالنسبة للفنان التشكيلي زياد العنسي بمثابة الأجنحة للطائر يحلق بها في سماء الألوان ليسقط كل ما هو جميل وبديع على لوحاته.. له مشاركات محلية وخارجية في العديد من المعارض المحلية والعربية والدولية منها الشخصية ومنها التي شارك فيها مع مجموعة من زملائه.
جاءت مشاركته وفوزه بجائزة دبي الثقافية استحقاقاً لما تبدعه أنامله من جمال وتصوير فكان استحقاقاً نال بموجبه الجائزة في العام 2013م.
البداية
البداية كانت منذ الطفولة فأثناء الدراسة كان يتم تكليفه بإعداد الوسائل التعليمية، وكان يلاقي تشجيعاً من معلميه فازداد اهتمامه بالرسم وبدأ يهتم بالدقة والاتقان، وكان لمشاركته لوالده الذي كان يعمل في المنحوتات التقليدية اليمنية أن تأثر بهذا الفن فكان يقوم بنحت منظر طبيعي على سطح خشبي “أحجام صغيرة” وبعد التأكد من اتقانها تماماً يقوم بتلوينها بألوان البوستر فكانت تبدو أعمالاً رائعة لما يبذله من جهد كبير فأصبح محل إعجاب الكثير من ذوي الاهتمام وغيرهم.
كانت بداية انطلاق الفنان العنسي نحو الفن مشاركته الأولى له في الخارج بجمهورية مصر العربية في المهرجان العربي التاسع للشباب 1998م، فكانت بمثابة حافز حقيقي عندما اندهش الكثيرون من الفنانين سواء المصريين أو العرب المشاركين في المهرجان، ثم كانت مشاركته بالمهرجان العالمي الـ15 للشباب في الجزائر 2001م ثم ازدادت مشاركاته الشخصية والجماعية وحصد العديد من الجوائز داخلياً وخارجياً.
نقطة التحول
على الرغم من حصول الفنان التشكيلي زياد العنسي على العديد من الجوائز وعلى المراكز الأولى في عدد من المعارض المحلية والدولية، إلاّ أنه يعتبر حصوله على جائزة دبي الثقافية في العام 2013م في الفن التشكيلي نقطة تحول كبيرة في مشوار رحلته الفنية، وحافزا قوياً ومعنوياً، لسببين الأول: أنها جائزة دولية وعالمية يشارك فيها ويتنافس عليها الفنانون من كل أنحاء العالم، والثاني: أن بلدنا لا تعير الفنان أي أهمية، وبالتالي فإن كل الفنانين يدركون مدى أهميتهم ونجاحهم عندما يقيّمون فعاليتهم في الخارج.
ومن الجوائز والمراكز التي حصل عليها جائزة رئيس الجمهورية في الآداب والفنون التشكيلية 2006م، المركز الأول في معرض المقاومة (لن ننسى) 2005م، المركز الثاني في المهرجان الأول للخيل العربي 2005م، كما حصل على جائزة لجنة التحكيم للتميز في الفنون التشكيلية 2008م، الميدالية الذهبية لأجمل لوحة تشكيلية 2009م، وكذلك الميدالية الذهبية لأجمل لوحة تشكيلية 2013م.
الفترة الذهبية
وعن تقييمه لوضع الفن التشكيلي في بلادنا يرى أن فترة العام 2004م عندما تم إعلان صنعاء عاصمة للثقافة العربية كانت هي أنجح مرحلة شهدتها الساحة التشكيلية اليمنية، حيث ظهر الكثير من الفنانين والمبدعين في هذا المجال، وأنتجت الكثير من الأعمال التشكيلية المثيرة للاهتمام لعدد كبير من الفنانين، لكنه يرى بأن تلك الفترة كانت أشبه بتسونامي ثقافية سرعان ما انحسرت وعادت إلى أدراجها تقريبا في العام 2009م، كما ينطبق ذلك أيضاً على بيوت الفن.
المدارس التشكيلية وتأثيرها
من الطبيعي جداً أن يمر الفنان بعدة مراحل أو مدارس فنية أهمها المدرسة الواقعية والتي تعتبر هي الأساس أو أولى درجات السلم التشكيلي، ثم ومن خلال التجريب والاستمرارية والممارسة والاجتهاد والاطلاع يتوصل الفنان إلى خصوصية (تقنية وألوان خاصة بالفنان ذاته)، وبالتالي يكون الفنان قد مر بالكثير من المدارس الفنية مثل الانطباعية والتكعيبية والسريالية ومروراً بالحداثة وما بعدها، وبمرور الفنان زياد العنسي بهذه المدارس أصبح لديه خصوصية في الألوان وفي الأعمال حتى توصل إلى أسلوبه الخاص.
وينظر إلى أن الفنانين اليمنيين غالبيتهم يشتغلون على الواقعية، وهذا ليس عيباً أو نقصاً من وجهة نظره، ولكن لا بد للفنان من مواكبة التطور ومتابعة الجديد ومواكبة أقرانه الفنانين العرب والأجانب في هذا المجال الفني.
غياب كيان يجمع التشكيليين
يأسف الفنان زياد العنسي لغياب كيان يجمع التشكيليين، ويقول: للأسف الشديد لا يوجد اطلاقاً جهة أو كيان، فقط هناك بيوت فن لكنها وللأسف الشديد أصبحت تعنى بأشخاص وأفراد، ولا يوجد لديها حتى مجرد الفكرة بمستقبل الفنان أو طموحاته، أو أنشطة بحجم الثراء التشكيلي اليمني.
دعم الفنان التشكيلي
لابد أن يكون هنالك دور للجهات المعنية تجاه الفنانين بشكل عام، والفنانين التشكيليين بشكل خاص، ويؤكد الفنان العنسي أن الفنان التشكيلي يحتاج الى الكثير من المواد المستخدمة في العمل التشكيلي، وهي مواد مكلفة وثمينة أيضاً، كما يحتاج إلى رعاية لضمان حياة كريمة لكي يتفرغ لنتاجه الفني وينتج ويبدع أجمل ابداعاته، ويحتاج أيضاً إلى من ينتشله من دائرته المغلقة عليه (الظروف المعيشية الصعبة، والالتزامات المادية تجاه من يعول)، ويضيف: للأسف هناك غياب شبه كلي من الجهات المعنية تجاه الفنان.
غياب النقد التشكيلي
تظهر الكثير من الأسباب أمام النقد التشكيلي كما يراها الفنان زياد العنسي مثل غياب الوعي الثقافي تجاه مختلف الفنون وتجاه النقد أو الناقد، وأيضاً قليلون هم النقاد أو من كانت تخصصاتهم بمجال النقد، والسبب يعود إلى غياب الوعي الثقافي سواء من قبل الحكومة ذاتها، أو المجتمع، ولا يلام المجتمع إطلاقاً (لأسباب ظروفه المعيشية الصعبة).
ويرى أن الفن التشكيلي في بلادنا من أرقى أنواع الفنون، من حيث النتاج الفني ذاته، نتاج جداً رائع بحجم الزخم والإرث الثقافي والحضاري اليمني، أيضاً، كما أن هناك عدداً كبيراً من الفنانين والفنانات لديهم قدرات عالية جداً، وتستحق النظر إليها بعين الرعاية والاهتمام، ومن خلال مشاركاته الخارجية في الكثير من الدول، يجزم أن الفن التشكيلي اليمني هو الأرقى والأغنى، والأقوى حضوراً، ويعتبر مواكباً لكل ما هو جديد وحداثي.
وللفنان التشكيلي زياد العنسي مشاركات وحضور في المعارض والملتقيات والمؤتمرات التشكيلية داخل اليمن وخارجه.

قد يعجبك ايضا