حصيلة ربع قرن من العلاقات لم تعد سرية

فضح العلاقات الإسرائيلية الخليجية.. لماذا في هذا التوقيت بالذات؟

 

السعودية تخلت عن مبادرة 2002م للسلام واستبدلتها بنسخة معدلة

سلسلة وثائقية تفضح العلاقات الإسرائيلية الخليجية، هي سلسلة وثائقية أعدها المحلل السياسي بالقناة 13 الإسرائيلية باراك رافيد، تكشف عن الاتصالات السرية بين بعض دول الخليج العربية وكيان الاحتلال الإسرائيلي.
وأكد رافيد في السلسلة الوثائقية أن رئيس حكومة الاحتلال الأسبق أريئيل شارون استدعى عام 2003م رئيس جهاز الموساد- وقتذاك مائير داغان- وطلب منه فحص إمكانية إجراء اتصالات مع دول الخليج العربية .
ونقل رافيد عن مسؤولين إسرائيليين كبار أنهم ينظرون إلى السعودية على أنها ذات أهمية كبيرة لدى إسرائيل.
كما أشار إلى أن معظم اللقاءات السرية التي عقدها المسؤولون السعوديون والإسرائيليون في سنوات سابقة كانت تتم في دولة ثالثة، أما اليوم فإن مسؤولا إسرائيليا كبيرا يصل إلى الرياض، ويلتقي بنظرائه السعوديين، ما يعني كسرا لأحد محرمات السعودية.
وشهد صيف العام 2014م اندلاع حرب غزة الأخيرة «الجرف الصامد» وفي يومها الأخير اقترحت السعودية على «إسرائيل» مبادرة يطلقها نتنياهو مع وزير الخارجية السعودي اعتمادا على ما يسمى المبادرة العربية للسلام، على منصة الأمم المتحدة حول الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وبعد شهر من ذلك يعلن الجانبان نهاية الصراع وتجدد المفاوضات، على أن تقود السعودية عملية دولية لإعادة إعمار غزة.
وأكد رافيد أن سبتمبر 2014م شهد لقاء سريا بين نتنياهو وبندر في دولة ثالثة، حيث طلب الأخير إطلاق عملية سلام فلسطينية إسرائيلية، وخلال اللقاء -الذي استغرق عشر ساعات- تحمس نتنياهو واتفقا على التحضير لعقد القمة المذكورة في الأمم المتحدة، وبعد أيام من هذا اللقاء انعقدت لقاءات جديدة بين مستشاري الرجلين، وعرض كل طرف نقاطه المطلوبة، لكن نتنياهو رفضها ورد بالسلب، ما أدى إلى تعثر المفاوضات.
وكشفت السلسلة الوثائقية عن خبايا العلاقات السرية بين البحرين و»إسرائيل» القائمة منذ ربع قرن وكذلك العلاقات الإسرائيلية مع الإمارات.
وقال باراك رافيد إن البحرين قد بعثت قبل عامين من خلال وزير خارجيتها الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة رسالة سرية لرئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بواسطة وزيرة خارجية حكومة الاحتلال سابقا تسيبي ليفني، مفادها أنها معنية بتطوير العلاقات معها.
وكشفت القناة أن العلاقات السرية بين البحرين و»إسرائيل» مستمرة منذ 25 سنة، وأنها تتم من خلال جهاز المخابرات الخارجية «الموساد» ووزارة الخارجية الإسرائيلية التي عينت موظفا كبيرا يعمل خلسة في البحرين.
وتدخل نتنياهو لمساعدة ملك البحرين خلال الثورة الشعبية ضده في 2014م والتي تم قمعها بقسوة، فكانت أحد أسباب تطور العلاقات بينها وبين «إسرائيل»، مشيرة لمساعي نتنياهو لدى واشنطن لزيادة دعمها للبحرين علاوة إضافة إلى وسائل دعم أخرى.
وأرسلت البحرين وفدا إلى»إسرائيل» عام 2016م للمشاركة في تشييع رئيسها شيمون بيريز، وتبعتها بتغريدة من وزير خارجيتها في تويتر قال فيها «بيريز نم قرير العين بسلام فأنت رجل الحرب والسلام الذي ما زلنا ننتظره في الشرق الأوسط».
ويعتقد حاخام أميركي يُدعى مارك شناير المروّج للتطبيع بين «إسرائيل» والدول الخليجية أن العلاقات الرسمية بين البحرين و»إسرائيل» ليست محط سؤال إذاً، بل هي مسألة وقت.. وهكذا يرى الجنرال في الاحتياط يعقوب نيغل نائب مستشار نتنياهو لشؤون الأمن القومي أن العلاقات مع البحرين مجرد مسألة وقت، وتابع في مقابلته ضمن التحقيق: «السعودية ترسل البحرين كرأس حربة وتستخدمها بالون اختبار لمواقف وردود العالم العربي على مثل هذه الخطوة».
ووضع نتنياهو البحرين على رأس قائمة أهدافه عشية الانتخابات ليستخدمها ورقة دعائية في المنافسات الداخلية، منوها بأنه يقوم ومساعدوه منذ شهور بدفع ملك البحرين لتقديم هدية ثمينة له عشية انتخابات الكنيست في التاسع من أبريل المقبل.
ويسعى نتنياهو إلى عقد لقاء مع وزيري خارجية البحرين والمغرب، بالإضافة إلى عدد من وزراء الخارجية العرب، وذلك على هامش أعمال مؤتمر وارسو الذي تشارك فيه دول عربية أخرى منها السعودية والإمارات.
كما كشفت القناة الإسرائيلية 13 أن نتنياهو أجرى سلسلة من المحادثات الهاتفية السرية مع ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد آل نهيان.
وتناولت المحادثات بين نتنياهو وبن زايد التنسيق بين الطرفين بشأن الملف الإيراني، وذلك عقب توقيع الاتفاق النووي مع طهران عام 2015م ، كما بحثا محاولة «دفع عملية سياسية إقليمية في المنطقة».
ولم تخرج أي صفقة إلى حيز التنفيذ، وما لبث أن فاز نتنياهو بجائزة كبيرة بفوز حليفه دونالد ترامب، وأكد مسؤول إسرائيلي كبير أن نتنياهو حاول عقد لقاءات ثلاثية بينه وبين ولي العهد الإماراتي والسعودي بهدف التمهيد لتسوية الصراع مع الفلسطينيين.
وبدأ التحالف الإسرائيلي – الإماراتي مبكرا «قبل 20 عاماً « وشمل تعاونا أمنيا دبلوماسيا واقتصاديا واسعا معظمه بقي سريا.
يُذكر أن صحيفة «نيويورك تايمز» كشفت نهاية أغسطس الماضي أن الإمارات استخدمت في السنوات الأخيرة برنامج تجسس إسرائيلي اخترقت بواسطته هواتف المعارضين والخصوم في الداخل وفي الخارج؛ منها هواتف أمير دولة قطر، وقائد الحرس الوطني السعودي متعب بن عبد الله، وصحفيين ومثقفين عرب.
وكانت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية كشفت في يوليو/ 2017م أن نتنياهو التقى عام 2012م بشكل سري مع وزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبد الله بن زايد.
كما نقلت القناة الإسرائيلية في التقرير الذي نشرته الثلاثاء الماضي أن اجتماعا سريا عقد بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وبندر بن سلطان رئيس مجلس الأمن القومي السعودي المبعوث الخاص للملك عبد الله بن عبد العزيز في اليوم الأخير من حرب إسرائيل على غزة في أغسطس 2014م، على أراضي دولة ثالثة لم يكشف عنها.
ولفتت القناة إلى أنه خلال الاجتماع اقترحت المملكة العربية السعودية مبادرة دبلوماسية مشتركة بشأن إعادة إطلاق محادثات السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين، واستئناف عملية السلام والجهود المشتركة ضد إيران.
ونقلا عن ثلاثة مصادر سعودية ذكر التقرير أن نتنياهو وبعد 10 ساعات من المحادثات أبدى تحمسه لاستكمال المباحثات، وتوصل الجانبان (نتنياهو وبندر بن سلطان) إلى اتفاق مبدئي لبدء قمة في الأمم المتحدة، وعقدت لقاءات بين ممثلي نتنياهو ومندوبين عن رئيس الاستخبارات العامة السعودية السابق بندر بن سلطان، في الأسابيع التالية لصياغة وثيقة مشتركة.
وقالت المصادر: «كانت هذه خطوة غير مسبوقة من قبل السعوديين الذين لا تربطهم علاقات دبلوماسية مع إسرائيل والتي كان من الممكن أن تحرك بعمق الديناميكية الإقليمية، والأمر الأكثر إثارة للدهشة هو أن السعوديين كانوا يعتزمون عرضه علناً مع الإسرائيليين».
وأهم ما جاء في نص الاقتراح السعودي بحسب المصادر الثلاثة:
– ستقوم «إسرائيل» والمملكة العربية السعودية بصياغة نسخة محدثة من مبادرة السلام العربية لعام 2002م.
– يقوم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الخارجية السعودي –آنذاك- سعود الفيصل بتقديم المبادرة معاً خلال اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة في أكتوبر 2014م.
– ستعلن إسرائيل والمملكة العربية السعودية عملية لإيجاد حل للصراع الإسرائيلي الفلسطيني، وسيتم إعادة إطلاق محادثات «السلام» بين «إسرائيل» والفلسطينيين.
– ستقود المملكة العربية السعودية الجهود الإقليمية لإعادة إعمار غزة.
وبحسب القناة قالت المصادر : «المملكة حمَّلت نتنياهو مسؤولية فشل المباحثات ووصفوه «بالكاذب»، بعد أن شعرت السعودية بالغضب والإذلال، الأمر الذي أدى إلى توتر العلاقات بين الطرفين وانقطاع الاتصالات، لتتجدد بعد حوالي عام، أي عند تولي الملك سلمان بن عبد العزيز الحكم.
يعكوب ناغال مستشار الأمن القومي الإسرائيلي قال : «وصول ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى موقعه هذا في يونيو 2017 شكل بداية جيدة لاستئناف الاتصالات بين الرياض وتل أبيب، لم يفكر كثيرا كيف تنظر باقي الدول إلى السعودية، وإنما ما الذي قد يربحه من العلاقة مع إسرائيل، ولذلك فإنه لم يهدر وقتا كثيرا، فقد حارب خصومه، وأجرى إصلاحات قاسية في المملكة، وسعى لتسخين العلاقات مع إسرائيل».
جيول روزنيبيرغ -زعيم أنجيلي وعمل مستشارا إعلاميا لنتيناهو قبل 20 عاما- يعتبر الإسرائيلي الوحيد الذي التقى ابن سلمان علانية مع زعماء إنجيليين يهود أمريكيين العام الماضي في الرياض، يقول إنه «لا يفكر في ماذا تحكي الدول عنه، إنه ينظر إلى إسرائيل بصورة إيجابية ومختلفة».
ويختم المحلل الإسرائيلي حديثه عن بن سلمان بالإشارة إلى أنه «نفذ الخطوة التطبيعية الأولى بين السعودية وإسرائيل عبر إنجاز تاريخي شهده شهر مارس 2018م حين بدأ تسيير رحلات بين الهند وإسرائيل، بحيث تمر الطائرات بينهما عبر الأجواء السعودية، لكن هذه السياسة السعودية الودودة تجاه إسرائيل لم تستمر كثيرا، سواء بسبب الضغوط الفلسطيني، أو قتل الصحفي جمال خاشجقي الذي تورط فيه مساعدو ابن سلمان».
بعكوب ناغال أكد في نهاية التحقيق قائلاً : «صديقنا MBS – الاسم المشهور لابن سلمان- هو العنصر الحقيقي القادر على إطلاق علاقات سعودية إسرائيلية جدية».
رافيد يرى أن «الإسرائيليين يعتقدون أن بن سلمان سينجو من قضية خاشقجي، وأي رئيس حكومة إسرائيلي قادم سيكون سعيدا برؤيته ملكا سعوديا قادما في قصر اليمامة».

قد يعجبك ايضا