100مليار دولار مجموع إنفاق السعودية والامارات ودول خليجية على التسليح والتدريب والعمليات العسكرية خلال عام واحد

تقارير دولية تؤكد تزويد السعودية والإمارات جماعات إرهابية بأسلحة أمريكية وبريطانية

> توقعات بتراجع الإنفاق العسكري السعودي والخليجي لهذا العام
> توجهات المجتمع الدولي لإنهاء الحرب في اليمن وسوريا تتصادم مع مصالح الدول المصدرة للسلاح
> واشنطن حصلت على 14.5 مليار دولار في صفقة مع الرياض للحصول على اسلحة امريكية
> إجمالي الإنفاق العسكري للمنطقة العربية يقدر بنحو تريليون دولار في السنوات الأخيرة
> الخارجية الامريكية وافقت على بيع أسلحة لدول خليجية بما قيمته 40 مليار دولار العام الماضي

الثورة/..
كشفت تقارير دولية حديثة عن عوامل قد تتسبب في تراجع الانفاق العسكري السعودي والخليجي عموما خلال العام الجاري 2019م أهمها توجه المجتمع الدولي نحو إنهاء أزمتي اليمن وسوريا مشيرة الى أن الإنفاق العسكري السعودي في السنوات العشر الماضية شكل نحو 26 % من الانفاق الحكومي وبواقع 70 مليار دولار عام 2017م وهو ثالث أكبر إنفاق عسكري في العالم بعد الولايات المتحدة والصين حيث تعتبر أمريكا ذات الحظ الأوفر من صفقات التسليح في الخليج العربي.
واتهمت منظمة العفو الدولية (أمنستي) الإمارات بنقل أسلحة قدمتها بلدان غربية ودول أخرى إلى فصائل متهمة بارتكاب جرائم حرب في اليمن، وذلك بعد تحقيق لشبكة “سي إن إن” عن تسريب التحالف بقيادة السعودية أسلحة غربية إلى مقاتلين مرتبطين بالقاعدة.

تسليح الإرهاب
وأوضحت “أمنستي” أن بعض هذه المجموعات متهمة بارتكاب جرائم حرب بالذات أثناء الحملة العسكرية ضد مدينة الحديدة غرب اليمن، وفي شبكة “السجون السرية” التي تدعمها أبو ظبي جنوب اليمن أو في حالات تعذيب، مشيرة إلى أن الجماعات التي تتلقى الأسلحة تشمل “ألوية العمالقة” و”الحزام الأمني” و”قوات النخبة” الشبوانية.
وأكدت تقارير دولية حديثة أن كثيرا من الأسلحة البريطانية والأمريكية وجدت طريقها الى مجموعات إرهابية موالية للسعودية والامارات في اليمن وانها مجموعات منشقة لها علاقات مع تنظيم الدولة الإسلامية والقاعدة.. وكان تحقيق استقصائي لوكالة اسوشيتدبرس الأمريكية كشف أن التحالف بقيادة الرياض عقد اتفاقات سرية مع تنظيم القاعدة باليمن..
ازدهار التسلح
واحتلت دول عربية، لسنوات، مواقع متقدمة في قوائم الأكثر استيرادًا للسلاح عالميًا، واستحوذ هذا القطاع على جزء كبير من موازنات حكومات المنطقة، صغرت إيراداتها أم كبرت.
وبطبيعة الحال، فقد شكلت الأزمات الإقليمية المتلاحقة دافعًا أساسيًا لزيادة الإنفاق على التسلح، ولكن مع ازدياد أهميته الاقتصادية للدول المنتجة والمصدرة، وهي في الغالب ذات ثقل على الساحة الدولية؛ حيث بات ذلك الإنفاق يشكل أيضًا ورقة تستخدمها الأنظمة لشراء مواقف سياسية أو دبلوماسية.
ووفقا للتقارير الاقتصادية الدولية المهتمة برصد موزنات الانفاق العسكري في منطقة الشرق الأوسط فإن إجمالي الإنفاق العسكري للمنطقة للعربية يقدر بنحو ترليون دولار في السنوات الـ10-15 الأخيرة، وهو رقم هائل بكل المعايير، سيما لمنطقة تفتقر إلى الكثير من مقومات التنمية الأساسية.
وتتصدر السعودية بشكل خاص، والخليج بشكل عام، الدول العربية في هذا القطاع، ومن شأن انخفاض أو ارتفاع وتيرة إنفاقها التأثير على المعدل العام للمنطقة بشكل كبير وفقاً لتلك التقارير.
وقد شهد عام 2018 تعمّق أزمة اليمن الإنسانية بشكل غير مسبوق على خلفية حرب طاحنة تشارك فيها السعودية والإمارات منذ عام 2015 إلى جانب ما يسمى بـ”الحكومة الشرعية” ضد الشعب اليمني المقاوم.
ضغوط دولية
ومنذ أكتوبر الماضي 2018م تفاقمت ضغوط دولية على الرياض بشكل غير مسبوق، كان أبرز تجلياتها إعلان دول غربية حظر تصدير أسلحة للمملكة، وذلك بعد أن دوّت على الساحة الدولية قضية مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي بطريقة بشعة داخل قنصلية بلاده في إسطنبول.
ورغم ذلك، حاول الرئيس الأمريكي دونالد ترامب جاهدًا التنصّل عن اتخاذ موقف مشابه، متذرعًا، وبوضوح، بعزم السعودية شراء أسلحة من بلاده بمئات مليارات الدولارات، ومحذرًا من أنها قد تحول تلك المبالغ إلى منافسين مثل روسيا أو الصين في حال صعّدت واشنطن.
إلا أن الأمور لم تسر كما أراد ترامب وقادة المملكة إلى حد ما، إذ كانت جريمة القنصلية أبشع من أن يتم تجاهلها بتلك السهولة، ليبدأ الكونغرس الأمريكي المطالبة بممارسة ضغوط على الرياض، تشمل صفقات السلاح.
بدورها، ألمحت الرياض بالفعل إلى إمكانية طلب أسلحة من موسكو حال واجهت عقوبات غربية.
تقاطع المصالح
وفي 20 نوفمبر الماضي قال وزير الخارجية السعودي السابق، عادل الجبير، لصحيفة “الشرق الأوسط” إن بلاده “تفضل أن يكون تسليحها من خلال الدول الحليفة، ويعد هذا جزءًا من منظومة العلاقات الاستراتيجية معها، للحصول على السلاح الذي تحتاجه من أي مصدر كان”.
وقد يكون من المستبعد أن تذهب السعودية إلى ذلك الحد في المخاطرة بعلاقاتها مع الولايات المتحدة، علمًا أن الكونغرس، وعلى النقيض من موقف ترامب “المتراخي”، بوصف معارضيه، حذر الرياض بشدة من الإقدام على هذه الخطوة، وذلك في قرار تبناه مجلس الشيوخ يحمل ولي العهد السعودي محمد بن سلمان المسؤولية في قضية خاشقجي، منتصف ديسمبر الماضي.
مناورات سياسية
وفي المجمل، فإن تلك المواقف الغربية وتكثيف المجتمع الدولي الجهود لإنهاء الحرب في اليمن وسوريا تشكل أسبابًا لتهدئة تسارع التسلح في المنطقة خلال العام الجاري، سيما أن الأمير بن سلمان قد يلجأ أيضًا إلى التركيز على الدبلوماسية الهادئة لترميم صورته على الساحة الدولية، وعلى تنفيذ إصلاحات اقتصادية لتعزيز نفوذه داخليًا.
كما أن واشنطن، من جانب آخر، أعادت العمل بعقوبات اقتصادية على إيران بعد انسحابها من الاتفاق النووي مع طهران في مايو 2018، وهو ما أرادته حكومات في المنطقة.
وتنسحب العديد من تلك المعطيات على أبو ظبي، شريكة الرياض في حرب اليمن ومساعي “مواجهة إيران”، كما يتوقع أن يقود البلدان أيضًا قطار التهدئة في عموم المنطقة.
استنزاف موارد
وبالأرقام؛ بلغ المعدل السنوي للإنفاق العسكري السعودي في السنوات العشر الماضية نحو 26 % من إجمالي الإنفاق الحكومي، بواقع نحو 70 مليار دولار عام 2017، وهو ثالث أكبر إنفاق عسكري في العالم بعد الولايات المتحدة والصين، حسب بيانات معهد ستوكهولم لأبحاث السلام.
بدورها خصصت سلطنة عمان لجيشها نحو 26.3 % من الإنفاق الحكومي عام 2017، والكويت 11.3 % والبحرين 11.8 %، بمجموع 16.9 مليار دولار للدول الثلاث، وهو ما يتوقع أن يقارب حجم إنفاق قطر والإمارات، وسط غياب بيانات بشأنهما؛ ليتجاوز مجموع إنفاق دول المنطقة 100 مليار دولار في عام واحد، تشمل التسليح والتدريب والإنفاق على العمليات العسكرية.
وتعد الولايات المتحدة أكبر مصدر للسلاح إلى دول المنطقة (أكثر من 60 %)، تليها بريطانيا (23 %) وبفارق كبير عن دول غربية أخرى، أبرزها ألمانيا وفرنسا وإسبانيا وإيطاليا (15 %).
وحسب موقع شبكة سي إن إن الأمريكية، فقد حصلت واشنطن بالفعل على نحو 14.5 مليار دولار من صفقة مع الرياض تنفق بموجبها الأخيرة 110 مليارات خلال 10 سنوات للحصول على أسلحة أمريكية، توصل إليها الجانبان عام 2017.
مسارات تراجع
وخلال 2019، يتوقع أن يشهد تنفيذ الصفقة تباطؤًا، وكذلك توقيع عقود تسليح جديدة، إلى حين انتهاء عاصفة الغضب من السياسات السعودية والإماراتية على اليمن والساحة الدولية.
وبالجملة، يُتوقع أن يشهد عام 2019 تراجع وتيرة الإنفاق العسكري والتسلح بشكل نسبي في المنطقة العربية، جراء هدوء متوقع في أكثر دولها إنفاقًا- السعودية-، رغم استمرار مستوياته المرتفعة في دول أخرى.
فيما اكدت تقارير إخبارية جرى نشرها في أوائل العام الميلادي الجديد، ونقلتها وكالة انباء الاناضول التركية، ان وزارة الخارجية الامريكية وافقت على بيع أسلحة لدول الخليج (قطر، السعودية، الكويت، والامارات)، بما قيمته 40 مليار دولار في العام الماضي، وقالت بيانات وزارة الدفاع ان دولة قطر احتلت المرتبة الأولى كأكبر مستورد للأسلحة خلال الشهرين الأخيرين من العام الماضي، حيث وصلت قيمة الصفقات التي عقدتها الى 21 مليار دولار من ضمنها شراء 72 طائرة من طراز اف 15، تليها الكويت (11 مليار) ثم السعودية والإمارات.
إذكاء التوتر
ومما لا شك فيه أن تعزيز الحكومات العربية لقوتها العسكرية، هجومية كانت او دفاعية، يطرح السؤال عن مصدر الأخطار التي تهدد هذه الدول أولا، وجدوى استخدام هذه الأسلحة في ظل المعاهدات الدفاعية مع دول غربية مثل الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا في ظل تربع القواعد العسكرية والأجنبية الموجودة في معظم هذه الدول ثانيا.
ومن الواضح ان معظم دول الخليج (باستثناء سلطنة عمان) تعتبر إيران خطرا استراتيجيا يهددها، ولمواجهة هذا الخطر المتنامي سياسيا وعسكريا، تنخرط بعضها في مفاوضات سرية مع دولة الاحتلال الإسرائيلي بعد انتقالها في نظرهم من خانة الأعداء الى خانة الحلفاء المفترضين لمواجهة هذا الخطر.
ومن اللافت ان هذا الانفاق الدفاعي الباذخ يأتي في وقت تفرض فيه هذه الدول، او معظمها، إجراءات تقشف غير مسبوقة على مواطنيها، وتثقل كاهلهم بالضرائب غير المباشرة، ورفع الدعم عن العديد من السلع الأساسية والخدمات العامة من صحة وتعليم ومواصلات وكهرباء ومياه.
تضخيم الأخطار
ويرى المتابعون لهذ الشأن أن هناك مبالغة مفرطة في تضخيم الخطر الإيراني من قبل أوساط أمريكية واوروبية بهدف الضغط على الدول الخليجية لشراء صفقات الأسلحة هذه، ولإنقاذ الصناعات العسكرية من الكساد، أي انها بمثابة ضريبة او “جزية” يجب ان تقدمها هذه الحكومات للخزينة الامريكية عموما، ويمكن ان يصبح هذا الوضع أكثر سوءا في ظل وصول دونالد ترامب الى البيت الأبيض وفقا لتلك التقارير.
لكن المراقبين يرون أن الطريق الأمثل لمواجهة إيران هو الحوار، مثلما فعلت الدول الست الكبرى التي توصلت معها الى الاتفاق النووي، واما اذا كان القرار السعودي الخليجي هو المواجهة العسكرية فإن تكديس الأسلحة وحده ليس الخيار الأفضل،
خاصة أن هذه الحكومات التي تزدحم ترساناتها بأحدث الأسلحة الامريكية، وأكثرها تطورا، وتنخرط في تحالف عربي بقيادة المملكة السعودية، قد عجزت عن حسم الحرب في اليمن التي تقترب من اكمال عامها الرابع لصالحها، حيث من المعروف وفقا للمراقبين ان اليمن تعد من افقر الدولة العربية وواحدة من افقر عشرين دولة في العالم، ولا تملك أي أسلحة حديثة، ولكنها تملك إرادة قتالية عالية.. فكيف سيكون الحال لو انخرطت هذه الدول في مواجهة عسكرية مع ايران، صاحبة الترسانة العسكرية الأضخم في المنطقة.

قد يعجبك ايضا