بين الاحتلال القديم والجديد.. واحدية الاطماع وحتمية المصير

 

*عسكريون وسياسيون جنوبيون يتحدثون لـ”الثورة”: ما أشبه اليوم بالبارحة”

الثورة / احمد السعيدي
تحل على اليمنيين هذه الايام الذكرى الـ51 لثورة الثلاثين من نوفمبر والوطن يعيش مشروعا استعماريا جديدا يحمل ذات الاهداف والاطماع ولكن هذه المرة المحتل دول قريبة كنا نعتبرهم اشقاء ولكنهم في الحقيقة اعداء يحملون ذات الحقد ونفس الاهداف الاستعمارية التي حملها المحتل البريطاني معه الى جنوب الوطن ولكنه رحل مع آخر جنوده في العام 1967م مهزوما مطرودا ومنكسرا والعاقبة لمن لم يتعلم الدرس وقرر ان يختبر صبر وبأس اليمنيين الاحرار.
“الثورة” تلتقي عدداً من العسكريين والسياسيين الجنوبيين للحديث عن مكانة هذه الثورة عند اليمنيين عموما وابناء المناطق الجنوبية بشكل خاص وعلاقة الاحتلال البريطاني القديم والخليجي الجديد من ناحية الاهداف والشماعة والاطماع والمصير:
قبل الحديث عن تشابه اليوم بالبارحة في المشهد السياسي اليمني نخوض في ذكريات لثورة التحرير الاكتوبرية والنوفمبرية على لسان المناضل الذي عاصرها لحظة بلحظة وهو العقيد الركن / رشيد الحميري من ابناء محافظة شبوة وعاش في عدن ويعمل الآن في الامن السياسي بصنعاء والذي تحدث لـ”الثورة” في البداية قائلا :
” اولا نبارك ونهنئ لليمنيين الاحرار الذكرى الـ51 لخروج آخر جندي بريطاني من عدن والتي تعني لأبناء الوطن شمالا وجنوبا الكثير والكثير ولا زلت اتذكر جيدا يومها كيف خرج المواطنون في المحافظة الباسلة عدن للاحتفال في الساحات والطرقات والمراكز والمؤسسات الحكومية والالعاب النارية التي غطت سماء عدن وبقية المحافظات احتفاء بخروج المحتل البريطاني الذي جثم على صدورنا عقودا من الزمن حيث وضعت رأسي في هذه الحياة واليمنيون في المحافظات الجنوبية يقبعون تحت سيطرة وظلم هذا المحتل الغاصب وما ان كبرنا وصرنا شبابا حتى بدأت تساورنا احلام التحرير واشعال الثورة وطرد المحتل والذي كان يظنها البعض ضربا من الخيال واضاعة الاوقات ودارت الايام وشكلنا مجموعات العمل السري لتوعية المجتمع وتم سجني سنتين وعشرة اشهر وخرجنا تحت المراقبة وعدنا للعمل والحديث يطول عن المراحل التي رافقت الثورة لكن المجال لا يتسع لذكرها كما اخبرتني عن موضوع المادة والمهم نجحت الثورة وحققت اهدافها وخرج المحتل البريطاني صاغرا من ارض اليمنيين الاحرار ”
علاقة تكافؤ
اما عن علاقة احتلال الامس واحتلال اليوم يقول العقيد الحميري : –
” دائما ما يبرر المحتل الغازي والمستعمر المتعجرف احتلاله لدولة مستقبلة بأعذار واهية ويعلق حملاته العسكرية على شماعات ساذجة لا يكاد يصدقها الغبي والجاهل ويستخدم خدع واساليب قذرة ولا تليق، فبالأمس اخبرني اجدادي ان المحتل البريطاني حمل عدته وعتاده الى اليمن باحتلالها بعد ان استخدم خدعة خطط ودبر لها في ليل فقام بوضع سفينة فيها اشياء تكاد تكون ثمينة وكشف مدخراتها وسط المدينة ونشر وحرض عبر عملائه انها فريسة للمواطنين الذين بالفعل هرعوا واخذوا حاجتهم بنية صافية وبعدها اعلنت بريطانيا ان اليمنيين في محافظة عدن نهبوا سفينة بريطانية وانهم سيردون رداً عسكرياً في عدن وبدا الاحتلال وكما هو الوضع اليوم في المناطق الواقعة تحت سيطرة الاحتلال القائم من دول التحالف وعلى رأسها الامارات والسعودية الذين علقوا خوضهم هذه الحرب العشوائية والاحتلال الجزئي للوطن على شماعة الدفاع واعادة شرعية المدعو عبدربه منصور هادي الذي كانت تربطه علاقة مع ثورة اكتوبر ونوفمبر فكان الجندي البريطاني المطيع الذي ساعد البريطانيين باحتلال بلاده فكيف به اليوم لا يسمح للغزاة الجدد ان يحتلوا بلاده والجميع يعرف بما فيهم الشرعية وعبدربه ان السعودية لن تقوم بهذا الشكل وتخسر هذه الخسائر الاقتصادية والعسكرية الكبيرة من اجل عيون الشرعية واكبر عميل لهم في اليمن وفكذبوا على انفسهم وصدقوا انفسهم وتكررت المبررات السخيفة المحتلين والغزاة ”
واحدية الاطماع وحتمية المصير
وبخصوص التشابه بين احتلال الأمس واحتلال اليوم، تحدث العقيد الحميري صاحب الـ 78 عاما قائلاً :- ” فعلا ما اشبه اليوم بالبارحة فهذه الحرب العدوانية على اليمن ومحاولة احتلال واستعمار اجزاء من ارض الوطن يذكرنا وبدون شك بالعدوان والاحتلال البريطاني سابقاً وهناك جزئيات ومشاهد تكررت اليوم بنفس الاسلوب والمعطيات التي جاء بها المحتل البريطاني ونذكر على سبيل المثال اربع فقرات مهمة استخدمها العدوان البريطاني والسعودي بنفس الاسلوب وهي الشعارات والوضع الامني والاطماع وبداية الانهيار والسقوط للمحتل والامثلة اكثر بكثير
فمثلا كان الجنود البريطانيون ونحن في اوج شبابنا يرفعون شعارات كاذبة واستهلاكية كالذي ترفعها دول العدوان اليوم فكان البريطانيون يرفعون شعار مساندة اليمنيين البسطاء وتنظيم حياتهم وبناء وتطوير دولتهم ولا زلت اتذكر ذلك الشعار الذي علقه الاحتلال البريطاني عند قلعة والذي يحمل عنوان ” ستتعبون اليوم لكنكم سترتاحون غدا، وتنعمون بدولة تحقق رغباتهم ” وكان الهدف من هذا الشعار تخدير المواطنين واستغلال طيبة قلوبهم ليستمروا بالعمل عبيداً تحت اقدام المحتل البريطاني وهاهي اليوم ترفع نفس الشعارات من قبل التحالف العدواني فهو يقول انه جاء من اجل اليمنيين لإعادة شرعيتهم وتخليصهم من المليشيات الحوثية التي ستصادر مستقبلهم واما الجزئية الثانية التي توافق عليها المحتلون فقد قمت انا واسرتي قبل شهرين بمغادرة صنعاء والتوجه الى عدن محاولا الاستقرار هناك حيث لدىَّ منزل واهل واصدقاء فيها ولكني عدت إلى صنعاء بعد شهر فقط لأني لم استطع العيش هناك فعدن لا صوت يعلو فيها على صوت المحتل الاماراتي الذي يعبث بالمدينة وتكاد اعلامه وصور قياداته تملاً شوارع المدينة وكأنها امارة اماراتية وتنتشر ميلشياته بهدف تكميم افواه الناس واعتقالهم وتزايد عدد سجونهم السرية بالإضافة الى عمليات الاغتيال التي يديرونها ضد خصومهم ومن خالفهم وهذا الوضع تماما يذكرني بسنوات الاحتلال البريطاني الذي كان يمتلك 74 سجناً ومعتقلاً في المحافظات الجنوبية وكان يفرض حظر التجوال ويعتقل اي مواطن يخرج بعد صلاة العشاء ، واما عن الاطماع فحدث ولا حرج فلا يكاد يخفى على العالم اليوم الاطماع السعودية الامارتية في اليمن فقد تقاسموا بكل بجاحة وافتضاح الموارد اليمنية وجعلوا ابناء اليمن المرتزقة عبيداً بالأجر الزهيد في اوطانهم ويستوجب على الاحرار اليوم ان يعرفوا بيد من هي موانئ ومطارات المحافظات المحررة على حسب قولهم والمشتقات النفطية وغيرها الكثير والكثير والممر النفطي الذي سيمر من المهرة الى السعودية خير الشواهد والدلائل بالإضافة الى قرارات التعيين والاقصاء الحكومية التي يعتبرها البعض شرعية للجمهورية اليمنية تأتي من السعودية والامارات ومن لا يتملق لهم يغرد بدون مقدمات خارج السرب وهذا يذكرني بما كان يحدث في المحافظات الجنوبية ايام الاحتلال البريطاني الذي كان يكتشف الحقول النفطية وينهب ثروات ومقدرات البلاد لسنوات طويلة، واما الامر الاخير الذي يتشابه فيه عدوان واحتلال الامس واليوم وهو بداية النهاية والسقوط المدوي الذي يسبقه سقوط اخلاقي ودولي فاضح فمملكة آل سعود تترنح يمينا وشمالا وتعيش حالة من التخبط والتهكم العربي والعالمي عليها وترى نفسها في مأزق كبير بعد الجرائم ضد الانسانية التي ارتكبها النظام السعودي ضد اطفال ونساء اليمن ورصدتها كاميرات العالم واخيرا تورط النظام السعودي بتصفية الصحفي خاشقجي بتلك الطريقة الوحشية وكذلك كان الاحتلال البريطاني بعد اندلاع الثورة ضده ليحصد الخذلان والهزيمة النفسية والمعنوية التي لا شك انها تلوح بالأفق اليوم في وجه حكام دول العدوان وصمود وبسالة ووعي اليمنيين هو اللعنة التي ستطاردهم الى الأبد وهكذا تتشابه عقول وأفعال المحتلين أينما وجدوا “.
أوضاع المحافظات المحتلة
وبدوره تحدث للثورة الدكتور لبيب الحاج – رئيس مؤسسة الشفافية للحقوق الانسانية بعدن والذي تطرق في حديثه عن اوضاع المحافظات الجنوبية المحتلة اليوم وعن دور الشباب وأبناء الشمال في التحرر من الاستعمار البريطاني وكيف ساهم عبدربه منصور هادي في التفريط بالجنوب عبر تخاذل الشرعية في حكم وإدارة المحافظات التي تقع تحت سيطرتهم .
وقال الحاج :” تمر علينا ذكرى الثورة اليمنية الكبيرة في وجه الاحتلال والاستعمار البريطاني والمحافظات ترزح تحت وطأة الاحتلال وتعيش اوضاعا مأساوية تتمثل في انعدام الأمن وتصارع الاجنحة المسلحة التابعة للعدوان فيما بينها ويعيش المواطن في تلك المحافظات مساحة تكاد تكون معدومة من الحرية والوضع الاقتصادي المزري الذي تسبب به بشكل مباشر العدوان وأدواته الرخيصة الموجودة في الداخل ولو تمكن المواطن اليمني من استعراض اوضاع المحافظات الجنوبية سيبدأ من عدن التي طردت المحتل البريطاني قبل واحد وخمسين عاما والتي تعيش اليوم حالة من الصراع المسلح والانفلات الامني ويعيش اهلها من أبناء الوطن كغرباء ولا تختلف المحافظات الاخرى كشبوة وحضرموت وسقطرى والمهرة وأبين عن عدن وتشهد هي الأخرى نهب ثرواتها وتكميم افواه أهلها وهذا ما كان يحدث أيام الاحتلال البريطاني قبل ان يثور اليمنيون الأحرار على ذلك الاحتلال ويطردنه شر طردة من بلاد الإيمان والحكمة”.
دور الشباب وأبناء الشمال
وفيما يتعلق بالدور الايجابي للشباب وابناء الشمال في تحرير جنوب الوطن من دنس المحتل البريطاني الغاصب يقول الحاج:” لا ينكر أحد اليوم دور شباب الوطن وابناء الشمال في تحرير المحافظات الجنوبية من الاحتلال البريطاني، فقد كانوا في مقدمة الصفوف في الدفاع عن وحدة الوطن واستقلال اراضيه ويعول عليهم اليوم أيضا في الدفاع عن الجنوب والوقوف إلى جوار اخوانهم الجنوبيين في تحرير محافظاتهم المحتلة من قبل العدوان السعودي الاماراتي الذي تكشفت اطماعه ومشروعه الحاقد على اليمن وعكس هؤلاء الشباب وابناء الشمال كان الفار عبدربه هادي الذي فرط وبكل وضوح في هذه المحافظات وتركها للمحتل من خلال التهرب من ادارة تلك المحافظات التي طالب اهلها ببسط سيطرة دولته الشرعية عليها لكنه في النهاية يظل أداة بيد أسياده “.
من ردفان الى المهرة
ومثل ما كانت شرارة ثورة أكتوبر ونوفمبر ضد الاحتلال البريطاني من جبال ردفان الأبية ربما تكون محافظة المهرة هي انطلاقة ثورة عارمة تحرر الوطن من دنس الاحتلال البغيض للمحافظة، المهرة قصة مختلفة من الصمود ورفض الوصاية الخارجية عليها واهلها يتنفسون هواء الحرية النقي.
بدوره يقول الأخ نصر العمودي – كاتب ومحلل سياسي وهو من أبناء المهرة:-
” في ذكرى تحرير الجنوب من الاستعمار البريطاني ترسل محافظة المهرة وأبناؤها الأحرار رسائل قوية للعدوان ولأبناء هذا الوطن الاحرار مفادها ان شرارة ثورة التحرر من العدوان السعودي الاماراتي ستنطلق من هذه المحافظة الأبية، فقد شهدت المحافظة مؤخرا مظاهرات حاشدة واعتصامات كبيرة رافضة للتدخل السعودي في بلادنا والتواجد في محافظة المهرة.
حيث خرج المهريون عن بكرة أبيهم رافضين ومعرقلين مشروع الاطماع السعودية بمد انبوب النفط من اليمن الى السعودية عبر اراضيهم في الوقت الذي تحاول السعودية كسب المواطنين بتقديم المساعدات ووعود بتقديم المشروعات للمحافظة لكن ابناء المحافظة يعرفون معنى الحرية ولا يرضون ان يكونوا عبيداً بيد التحالف وقبلها لم يقبل اهالي المهرة الاجلاء في الفيضانات التي اصابات المحافظة إلا عن طريق مروحيات الجيش اليمني فقط، ورفضوا الاجلاء السعودي بل انهم طردوا مروحية سعودية بسبب احتلال السعودية لأرضهم حتى وهم محاصرون بالسيول والأمطار جراء الاعصار لم تخضعهم الحاجة للقبول بالتواجد العسكري الخارجي وهاهم أبناء المهرة يشعلون شمعة في النفق المظلم..
إلى وقت قريب وانا معتقد ان تحرير اليمن سيأتي من صعدة.. الآن تغيرت قناعاتي وصرت أؤمن أن تحرير اليمن كل اليمن سيأتي أيضاً من المهرة ومن يتابع تحركات أبناء المهرة وخطابهم الوطني الحصيف سيعرف ان مشروع تحرير اليمن قد انطلق فعلا من المهرة”.

قد يعجبك ايضا