وايتات مياه الآبار .. وعاء متنقل للمرض


*أصحاب آبار:
المياه التي نبيعها نظيفة .. ولم يزرنا أحد للرقابة

* أطباء:
حمى التيفوئيد وبكتيريا القولون “فيتال كلوليفورم” أهم أمراض مياه الآبار والوايتات

* مختصون:
التوعية ضعيفة وكل جهة تحمل الأخرى المسئولية

يوجد لدينا شيء تائه يدعى “الضمير” فعلى من يجده أن يوصله لكل جهة مختصة بنظافة المياه لعله يحرك فيها ساكناٍ .. خاصة بعد الانقطاعات المتكررة لمياه المشروع العمومي الذي يربط المنازل والذي معه اضطر المواطن للجوء إلى الوايتات ظناٍ منه أن مياه الآبار نقية ونظيفة والوايتات كذلك لكن مانجده على أرض الواقع عكس ذلك تماماٍ .. آبار دون رقابة ووايتات تحمل مياه متسخة والأمر هنا لا يحتاج إلى ذكاء أو دراسات فحين يكون خزان الماء متسخاٍ من الطبيعي إذا شرب منه الإنسان أن يصاب بالأمراض وهذا ما حدث بالفعل خاصة بعد تأخر وصول المياه العمومية إلى المنازل بسبب الديزل .. مياه بعض الوايتات لها لون متغير ومليئة بالأتربة .. هذا ما تأكد منه المواطن عبدالرشيد محمد بعد أن شاهد بعينه لون المياه التي صبها صاحب الوايت إلى خزان منزله الجديد.

ويؤكد عبدالرشيد أن الخزان البلاستيكي الذي اشتراه كان نظيفاٍ ولم يصب بداخله الماء عدا القليل لغسله.
ويضيف: لم أكن أعلم أن الماء الذي يجلبه أصحاب الوايتات متسخ فتفاجأت حين رأيت لونه لأني غالباٍ ما اشتري الماء منهم ولكني لم اكتشف أنها بذلك السوء إلا حين صبها لخزاني في ذلك اليوم ولو لم يكن الخزان أبيض ونظيفاٍ لما تعرفت على لون الماء المتغير.
* ماالحل¿
أبدى المواطن نصر الحكمي استياءه الشديد من حال المياه في بلادنا فهي كما يقول غير نظيفة وليست متوفرة بصورة دائمة وحينما يقوم بشراء وايت من جولة العمري –حسب قوله- فإنه لا يختلف عن مياه المشروع فجميعها تحتوي على الأوساخ!
ويضيف: أنا أتمنى أن يأتي اليوم الذي أشاهد فيه المياه التي في خزان منزلي نظيفة ولونها كلون المياه الطبيعية نظيفة ونقية.
وهذا أيضاٍ ما تتمناه رحمة –ربة منزل- فهي كما تقول تستخدم المياه بكثرة وتتعامل مع أصحاب الوايتات للحصول على المياه وكثيرة هي المرات التي يصب لها صاحب الوايت الماء متسخاٍ وحينما تخبره عن ذلك يقول: إن خزانها هو المتسخ بسب مياه المشروع .. هكذا يبرر أصحاب الوايتات اتساخ المياه التي يبيعونها وهذا بالطبع غير صحيح لأنها كما أكدت لي تقوم بغسل الخزان كل أسبوع تقريباٍ ولا تترك الخزان إلا بعد التأكد من خلوه من الأتربة والأوساخ.
نظافة المياه
نظافة الوايت من نظافة الشخص نفسه هذا ماقاله حسن الدربي –صاحب وايت في شارع مأرب- ويضيف: من المهم أن يهتم صاحب الوايت بنظافة الماء الذي يبيعه خشية على زبائنه الذين إذا لاحظوا عدم نظافته سيتجهون لصاحب وايت آخر .. اعجبني حديثه حينها سألته عن الطريقة التي يتبعها لغسل خزانه فقال لي إنه يقوم كل ثلاثة أيام بفك السدادة أسفل الخزان ليسكب الماء المتبقي بالوايت على الأرض وهكذا تتم عملية التنظيف عنده وباقي زملائه الذين يعرفهم كما قال.
الطريقة التي يتبعها الدربي وزملاؤه لا نستطيع اعتبارها خطوة لعملية تنظيف صحية وسليمة فكيف سينظف الماء الذي يتدفق من فتحه أسفل الخزان في الوايت من الأسواخ والأتربة التي بداخله.
وفي نفس المكان تحدث إليِ صاحب وايت -فضل عدم ذكر اسمه- أن هناك أصحاب وايتات لا يقومون بتنظيف خزاناتهم إلا مرة كل شهر برغم من أنهم يملؤون وايتهم بالماء في اليوم الواحد أكثر من مرة ويؤكد أنه يقوم بنصحهم بضرورة تنظيف الخزانات بصورة مستمرة وبطريقة سليمة ولكن لا حياة لمن تنادي.
غياب الرقابة
عارف الشاوش –مالك ارتواز في حي جدر- يؤكد أن المياه التي يبيعها لأصحاب الوايتات نظيفة وحينما سألته كيف تأكدت أنها كذلك¿ قال إن هذه المياه طبيعية فهي من ربي فكيف ستكون غير نظيفة بعدها سألت عن الجهة الرقابية التي تشرف عليهم من قبل الدولة فأجاب مبتسماٍ “ياأخي الدولة إيش دخلها” بعدها أكد أنه لم تأت إليه أي جهة حكومية لفحص مياه الارتواز الذي يمتكله.
الشاوش ليس صاحب الارتواز الوحيد الذي أكد لنا غياب الجهات المختصة عن الرقابة على هذه المياه فمالك بئر ارتوازية أخرى في حي شميلة يؤكد أن الرقابة على المياه التي يبيعها غير موجودة ويعود ذلك حد زعمه إلى نظافة المياه التي تخرج من باطن الأرض وإذا كانت هناك مياه متسخة فإنها المياه التي تملأ خزانات المواطنين من المشروع الذي تزودهم به الدولة.
المياه ملوثة
قام الدكتور أحمد العواجي –رئيس قسم الصحة البيئية بالمجلس المحلي بحي آزال قبل فترة ليست بالبعيدة بفحص مياه الوايتات والمشروع فاكتشف أنها ملوثة بالرغم من أن العينات التي فحصها كان من المفترض أن تكون نظيفة .. هذا ماأكده لنا وكانت نتائج الفحص التي توصل إليها سلبية للغاية حيث أثبت أنها تحتوي على بكتيريا ضارة بصحة الإنسان مثل: “القولون والكلوليفورم وفيتال كلوليفورم”.
وتوصل من خلال ذلك إلى ضرورة تركيب فلترات في المنازل من قبل المواطنين لوقاية أنفسهم من تلوث المياه.
ويرى العواجي أن مراقبة هذه المخالفات يجب أن توضع في عين الاعتبار وذلك لخطورتها على المواطنين وقال: يجب أن تقنن وأن تتحمل مسئولية هذه الرقابة وزارة الصحة أو حتى مراكز الصحة البيئية داخل مركز المديريات وأن تراقب نظافة الوايتات ومدى مطابقتها للمعايير التي تجعل مياهها نظيفة وذلك بالنظافة الدورية من قبل أصحاب الوايتات لخزاناتهم وطلائها من الداخل والخارج بمقاوم الصدأ.
وفضل العواجي أن تكون خزانات الوايتات من النيكل وكل هذه الإجراءات من شأنها أن تحافظ على المياه نظيفة ولا تسبب انتقال الأمراض.
وهذا ما أكده الدكتور عزالدين الموشكي –طبيب في قسسم الطوارئ بمستشفى الثورة- حين قال إنه من خلال عمله في قسم الطوارئ شاهد حالات تسمم والتهابات معوية وحمى التيفوئيد وغيره من الأمراض التي تأتي إلى قسم الطوارئ متأثرة بالمياه الملوثة من كافة الأعمار وينصح جميع المواطنين بالاهتمام بنظافة المياه التي يشربون منها.
ضعف الرقابة
المادة (29) من قانون المياه تعطي الحق للموارد المائية في الرقابة على مدى مطابقة المياه المباعة للمواصفات اليمنية القياسية لمياه الشرب الصاردة عن مجلس الوزراء والتي تتحقق من خلالها تطبيق مجموعة من الاشتراطات الصحية والبيئية وتتحمل صحة البيئة المسئولية الرقابية على العبوات “الدبات والوايتات” ومطابقتها لمجموعة من المعايير التي تكفل إبقاء المياه على حالتها إلى أن تصل للمستهلك.
التذكير السابق بنص القانون لسعد حسن الحوصلي –مدير عام التوعية والتحضير في الهيئة العامة للموارد المائية الذي يضيف بالتعاون مع أمانة العاصمة لتفعيل برنامج الرقابة على هذه المنشآت وبالفعل تم تدشين البرنامج وفعاليات التوعية لمالكي هذه المنشآت وفي هذه المرحلة تمت الزيارات الميدانية واللقاءات التوعوية لعدد 98 منشأة “محطة” في خمس مديريات فقط كمرحلة أولى وتبين أن هناك مجموعة كبيرة من هذه المحطات لا تنطبق عليها الاشتراطات.
مشدداٍ على ضرورة استخراج تراخيص مزاولة المهنة والتي على أساسها ستخضع هذه المنشآت للرقابة الدورية وتم تحديد موعد نهائي للتسجيل طواعية ما لم سيتم اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة والتي تتمثل في إغلاق هذه المنشأة إلى أن يتم استخراج التراخيص.
وفي ما يتعلق بمياه الآبار والوايتات يقول الحوصلي: زْرنا 69 بئراٍ تمثل المصادر المائية لهذه المنشآت ولم يتم فحص العينات لهذا ليس لدينا المعلومات الكافية حول تلوث المياه من عدمه.
مؤكداٍ أنه تم فحص عينات المياه من الآبار مع البدء بتسجيل هذه الآبار لتكون حينها المرحلة الأولى من الرقابة قد نْفذت.

قد يعجبك ايضا