التأكيد
على المسئولية الاجتماعية المشتركة في تنشئة الصغار وحماية حقوقهم
● جنوح الصغار وقيامهم بأعمال غير قانونية ليست وليدة الصدفة فهناك عوامل عديدة تقف وراء هذا السلوك السلبي المبكر.
ويقول اختصاصيو التأهيل النفسي بدار التوجيه الاجتماعي بصنعاء والذي احتضن البرنامج التدريبي لأولياء أمور الأحداث الجانحين بأن أنزلاق الصغار إلى عالم الجريمة منذ وقت مبكر يتحمل مسئوليته الآباء والأمهات بدرجة اساسية وذلك بسبب جهلهم للاساليب والطرق السليمة للتاديب الايجابي .
ويشيرون إلى أن برنامج التأديب الايجابي اقيم الاسبوع الماضي في صنعاء بحضور عدد من أولياء الأطفال نزلاء الدار جاء كحاجة ماسة وضرورية لتأهيل أولياء الأمور في مجال التربية السليمة والتأديب الايجابي بهدف الحد من جرائم الاحداث مستقبلا وكذا التعريف بطرق التعامل الصحيح مع الجانحين بعد تأهيلهم في دار التوجيه الاجتماعي.
الاسرة التقت عدداٍ من المشرفين والمدربين في هذا البرنامج وكذا المشاركين والمشاركات من أولياء الأمور ووقفت من خلالهم على اهداف وغايات هذه الخطوة الهامة على صعيد التنشئة السليمة للأطفال وتجنيبهم الوقوع في شراك المحضورات والممارسات المخالفة للقوانين.
التدريب ضمن هذا البرنامج الذي نفذته منظمة ” سويا ” بالتعاون مع دار التوجيه الاجتماعي للبنين في العاصمة صنعاء واختتم فعالياته الاسبوع الماضي تحت عنوان “التأديب الإيجابي والتربية الوالدية السليمة ” استهدف على مدى عشرة ايام تعريف أولياء أمور الاحداث من نزلاء دار التوجيه الاجتماعي بالاساليب الصحيحة للتربية والتنشئة السوية وطرق التعامل مع ابنائهم من ذوي الميول العدوانية وبما يجنبهم الوقوع في الاخطاء والسلوكيات التي تعرضهم للمساءلة القانونية.
ويوضح الاستاذ ياسر الارياني وهو أحد المدربين في المشروع أن “التأديب الإيجابي في الحياة الوالدية اليومية” يأتي في إطار السعي لتطوير العملية التعليمية عبر تدريب أحد الاركان الهامة في المنظومة التربوية والمتمثلة في الوالدين حيث أن التأديب الإيجابي يسهم في بناء شخصية الطفل وتشجيعه على التحصيل العلمي واكتساب المهارات والمعارف التي تجعل منه عضوا ايجابيا في المجتمع في حياته المستقبلية.
ويضيف الارياني أن البرنامج الذي شهد حضورا كبيرا لأولياء الأمور وخاصة من قبل الامهات احتوى على جلسات تدريبية مكثفة تركزت حول حول حقوق الطفل ومراحل نموه واحتياجاته وفقا للمراحل العمرية التي يمر بها ابتداء من عمر السنتين إلى مرحلة المراهقة والتي تتطلب تعاملا دقيقا مع الأطفال في هذه المرحلة الحساسة اضافة إلى تزويدهم بالمعلومات التي تساعدهم في تغيير الممارسات والمفاهيم لديهم بخصوص نمو الطفل وحقوقه وحمايته وتعزيز كفاءة الوالدين في مجال التربية الإيجابية والممارسات المقبولة في التأديب والنماء الطبيعي.
مشاكل واحتياجات
مشاكل واحتياجات الأطفال كان محوراٍ أساسياٍ في هذا البرنامج التدريبي نظرا إلى اهمية هذه القضية في عملية التربية وتوضح المدربة سارة الحيدري وهي مدربة متطوعة في مجال التربية الاسرية الوالدية أن الهدف من اقامة مشروع التدريب لهذه الشريحة من الامهات والاباء وأولياء أمور الصغار نزلاء دار الرعاية هو معرفة طباع أطفالهم وكيفية الحفاظ على الطفل ومعرفة مشاكل الأطفال والتي من ابرزها العناد والخروج إلى الشارع وعصبية الأطفال وعدم الاستماع وعدم الاهتمام بالدراسة والعنف والكلام البذيئ وعدم الاستماع للاسرة والتعامل بالسلوك غير السوي وبالتالي معرفة الطرق الايجابية للتعامل مع هذا الطفل ومعرفة احتياجه .
وتضيف الحيدري : التأديب الايجابي هو التعليم والتربية الوالدية للابناء بطرق غير عنيفة لفظيا او جسديا متمحورة حول الحلول قائمة على التفاهم والاحترام من خلال التركيز على مبادئ نمو الطفل والتربية الدينية المعتدلة القائمة على مبدأ الوسطية والاعتدال كما أن الهدف من التأديب هو إلزام الطفل بهذه القواعد السلوكية وضرورة اتباعها والإلتزام بها و تحقيق هذا الهدف بالنسبة للوالدين النجاح في تثقيف الطفل وتربيته وفق معايير السلوك المحددة من طرف الوسط الأسري.
أولياء الأمور
الآباء والأمهات المشاركين في برنامج التاديب الايجابي كان لهم رأي حول هذه الفعالية والتي اعتبروها خطوة هامة لتعزيز التعاون وتنسيق الجهود المشتركة بين المجتمع ومراكز التاهيل الرسمية في سبيل اعادة الجانحين الصغار إلى طريق الرشد والصلاح ويقول ماجد الرجوي وهو أحد أولياء الأمور أن كثيرا من الأمهات والآباء يجهلون طرق التربية السليمة ويعتقدون أن التأديب يعني أنزال كل أنواع العقاب العنيف على أطفالهم لمجرد خروجهم عن قواعد الأدب أو السلوك المحددة من طرف الوالدين أو أفراد العائلة الذين يعيشون في بيت واحد كالإخوة وغيرهم من الأقارب ويوضح بأنه تلقى الكثير من المعلومات حول الطرق السليمة في التربية والتنشئة السليمة للأطفال والتي كان يجهلها في الماضي مؤكداٍ حرصه الكبير على الاستفادة وتطبيق كل ما تعلمه من خلال البرنامج على الواقع العملي وبالتالي تلافي الخطأ والقصور وتصحيح المسار في العملية التربوية.
من جهتها توضح عائشة علي حميد وهي إحدى الأمهات اللاتي استهدفهن المشروع إلى أنها تعرفت على الكثير من المفاهيم المتعلقة بعملية التاديب والذي لايعني بالضرورة كما أكد المختصون من المدربين والمشرفين من خلال البرنامج استعمال العقاب النفسي أو الجسمي بل يمكن اعتماد وسائل التشجيع والمدح والثواب وغير ذلك من الاساليب التي تؤدي إلى الاستجابات الإيجابية من قبل الأطفال وتوضح بانها كغيرها من المشاركين تعرفت على اشياء كثيره ومنها أن استعمال العقاب بشتى أنواعه أكثر من استعمال الثواب في عملية تربية الأطفال يؤدي إلى جنوح الأطفال ولا يسهم في تصحيح سلوكهم السلبي .
العنف ضد الأطفال
ويعتبر الباحثون أن استخدام العنف والقسوة في معاملة الأطفال يؤدي إلى اتجاهات سلبية كثيرة في حياتهم ويضيفون أن العقاب الجسمي كالصفع والضرب وكل ما يؤدي إلى إثارة الألم الجسمي لدى الطفل او توجيه اساءت لفظية اليه بالزجر والتوبيخ والتهديد وتقليل القدرات العقلية وتشبيه الطفل بالجماد والحيوان وتوجيه الالفاظ التي لها علاقة بنظافة الطفل والدعوة عليه بالمرض وشتمه واهانة كرامته كلها اساليب تنمي النزعات العدوانية لديه وقد يصبح شخصا عدوانيا وخطرا على المجتمع وبالتالي هناك حاجة كبيرة لتعريف أولياء الأمور بهذه المخاطر المترتبة عن ممارسة العنف ضد أطفالهم وتعريفهم بأن مثل هذه الاساليب الخاطئة قد تؤدي إلى نتائج كارثية على الطفل والمجتمع .
المسئولية المشتركة
ويبقى القول بأن تربية الأطفال وتنشئتهم بطريقة سليمة تحقق الهدف المنشود من اعداد جيل سوي خال من العقد النفسية يكون قادراٍ على تحمل مسئوليته الاجتماعية بكفاءة واقتدار تظل مسئولية مشتركة ما بين البيوت وأولياء الأمور من جهة وبين المدارس والمعلمين من جهة اخرى مع الاخذ في الاعتبار دور المؤسسات المدنية ومنظمات المجتمع ذات الاهتمام بقضايا الطفل بالتعريف والتوعية المجتمعية باساليب وطرق التربية السليمة للصغار وحمايتهم من كل المخاطر التي تتربص بهم وتتزايد في البيئة التي لا تتوفر فيها الظروف الملائمة للتنشئة والتوجيه الاجتماعي .
ولاشك بأن إقامة برنامج التأديب الايجابي والتربية الوالدية السليمة الذي اقيم مؤخرا في صنعاء يعتبر خطوة ايجابية واسهام مثمر على طريق تعزيز الشراكة المجتمعية في هذه القضايا الاجتماعية الهامة والحساسة وهي الخطوة التي ينبغي أن تتبعها خطوات أخرى وفعاليات مشابهة من اجل تعميم الفائدة والعمل على تحصين المستقبل من خلال التربية السليمة لأجياله القادمين.