تقرير / عبدالله بجاش –
نجحت المساعي الروسية- الصينية في مد جسور التقارب بين البلدين لتطوير علاقات التعاون الاقتصادي والتبادل التجاري بمختلف أنواعه بين الشعبين الصديقين حتى أصبحت هذه العلاقة استراتيجية على الرغم مما يحاك أوروبيا وغربيا ضد روسيا بسبب الأزمة السياسية بين موسكو وكييف وما لفت الانتباه في تعزيز هذا التقارب الزيارة التي قام بها / لي تشيانغ / رئيس الوزراء الصيني إلى روسيا منتصف الشهر الجاري التوقيع على 38 اتفاقية في مجالات التعاون الثنائي المتنوع بين روسيا التي تمتلك أكبر مساحة في العالم والصين صاحبة أكبر تعداد سكاني مما يبرز فرص تكامل اقتصادي هائلة بين الجانبين اللذين تربطهما اعتبارات التاريخ والجغرافيا والجوار .. وقد ركزت الاتفاقيات الموقعة على القطاعات المستهدفة بالعقوبات المفروضة على روسيا من قبل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي مثل القطاع البنكي والتمويل وشركات النفط والطاقة وهذا أظهر عدم التفات الصين للمطالب الأميركية والأوروبية بتخلي بكين عن موقفها من الأزمة الأوكرانية والذي يعكس خطا رسميا حياديا من خلال عدم إبداء مساندة علنية لأي طرف وإن كان الواقع الفعلي يوحي بتوجه صيني داعم لروسيا .. هذا التحول جاء عقب الزيارة التي قام بها الرئيس بوتين إلى بكين في مايو الماضي 2014م وتم خلالها توقيع البلدين على عدد من الاتفاقيات بمجال الطاقة وبأنواعها المختلفة لرغبة روسية في إيجاد سوق بديل عن الاتحاد الأوروبي في مجال الطاقة وفي نفس الوقت حرص الصين على إرساء تحالف طاقة استراتيجي بين البلدين مع التزام البلدين التعهد بالدعم المشترك في القضايا الدولية والإقليمية ومحل اهتمامهما بغض النظر عن أي اعتبارات أو متغيرات على الساحة الدولية. هذا التعاون الاستراتيجي بدأت ملامح نتائجه تظهر من خلال الإحصاءات الصادرة عن وزارة الطاقة الروسية والتي أشارت إلى ارتفاع صادرات النفط إلى الصين بنسبة 45% خلال الفترة من مايو إلى سبتمبر من العام الجاري مقارنة بذات الفترة من العام الماضي.
وفي المقابل تم خلال زيارة رئيس الوزراء الصيني التوقيع على اتفاقية خاصة بوضع التفاصيل النهائية لاتفاق تسير الغاز الذي وقعة الجانبان في الماضي ينص على قيام روسيا بتزويد الصين / بـ38 / مليار متر مكعب سنويا ولمدة 30 عاما من بداية عام 2018م بقيمة 400 مليار دولار أميركي فضلا عن مذكرة تفاهم لتعزيز زيادة صادرات شركة الروسية ((ROSENEFT إلى الشركة الصينية CNPC )) أيضا من ضمن الاتفاقيات الموقعة اتفاقية تبادل العملات بين / اليوان الصيني والروبل الروسي بقيمة 150 مليار يوان أي ( 25 مليار دولار أميركي ) وهذا ما جعل الصين في الفترة الأخيرة تسعى إلى تقليل الاعتماد على الدولار وتدويل اليوان لزيادة استخدامها بشكل تدريجي في المعاملات التجارية الدولية باعتبار أنه تمتلك أكبر قاعدة صناعية وثاني أكبر دولة اقتصادية في العالم . وهنا لابد من الإشارة إلى أن زيارة رئيس الوزراء الصيني لموسكو جاءت قبل الزيارة المرتقبة للرئيس الأميركي إلى الصين على هامش مشاركته في قمة APEC)) المنتظر انعقادها في نوفمبر المقبل بمشاركة الرئيس الروسي مما يضفي على معادلة العلاقات بين الصين وكل من القطبين الدوليين مزيدا من التشابك وعلى النقيض من نموذج التقارب والتعاون الذي يتخذ شكل تحالف استراتيجي بين الصين وروسيا حيث يرى الباحث محمد محمود المغربي المتخصص في القضايا الدولية أن القضايا الخلافية المتنوعة بين الصين وأميركا لا تحول دون تصميم بكين على التمسك بنموذج العلاقات من واشنطن كونهما قطبين عملاقين لا سمو فيهما لطرف على آخر وأشار الباحث المغربي إلى أن أبرز القضايا الخلافية المسعى الأميركي لاحتواء الصين في آسيا وأيضا نفوذ الصين المتنامي في قارة إفريقيا جنوب الصحراء إلى جانب القضايا التجارية بين البلدين وموقف واشنطن من الأحداث السياسية الجارية في هونج كونج.
Prev Post
قد يعجبك ايضا