عنف الميليشيات المسلحة يشوه واجهة ليبيا


بعد أكثر من ثلاث سنوات على سقوط نظام معمر القذافي تعيش ليبيا في خضم حرب أهلية مريرة تكمن جذورها في توازن الضعف بين الفصائل السياسية والجماعات المسلحة في البلاد اثر على العلاقات الدبلوماسية وواجهة ليبيا في الخارج.
وغادر سفراء عدد من الدول العربية والأجنبية ليبيا احتجاجا على استمرار مسلسل الاعتداءات على الدبلوماسيين خشية امتداد اعمال العنف اليهم.
واشار متابعون للشان الليبي إلى ان البلاد ستخلو من الدبلوماسيين بعد فترة في حال استمرار الاعتداءات عليهم والتهديدات التي تحاصرهم.
وأعرب رئيس بعثة الامم المتحدة في ليبيا أمس الأول عن “قلق” المجتمع الدولي “البالغ” إزاء استمرار المعارك في شرق ليبيا وغربها داعياٍ مجدداٍ الى وقف اطلاق النار.
ويرى مراقبون ان الجغرافيا السياسية ومقتضيات السلم الدولي يفرضان على المجتمع الدولي أن يكون مسؤولا عن نجاح التجربة الليبية لكن انتشار العنف والاعتداء على السفارات قد يعرقل العلاقات الدبلوماسية ومهمات المجتمع الدولي.
ونتيجة لتمزق المشهد المحلي بسبب المطالبات المتنافسة على السلطة ومع تدخل الجهات الإقليمية الفاعلة الذي يعمل على ترسيخ الانقسامات سيكون من الصعب استعادة الاستقرار في ليبيا وبناء هيكل أمني موحد من دون إجراء مصالحة سياسية شاملة وتمتين العلاقات الخارجية في ظل علاقات دبلوماسية جيدة.
واعلن الاتحاد الأوروبي أن المجتمع الدولي يريد أن يرى ليبيا دولة آمنة ومستقرة ولصالح جميع الليبيين ودون أي تدخل خارجي “مهما كانت طبيعته”.
ونتيجة لانتشار العنف في اكبر مدن ليبيا تم إجلاء الدبلوماسيين الأجانب ورجال الأعمال والعاملين في بعثة الأمم المتحدة وموظفي السفارة الأميركية بعد موجة اختطاف الديبلوماسيين ودخول عناصر من قوات “فجر الإسلام” في اغسطس 2014م لمقر السفارة الأميركية في طرابلس.
ويْفسِر المراقبون انهيار ليبيا على أنه صراع سياسي بين الإسلاميين والليبراليين حزب العدالة والبناء التابع لجماعة الإخوان المسلمين والفصائل الجهادية الرافضة مثل “أنصار الشريعة” مقابل “الليبراليين” المنضوين تحت لواء تحالف القوى الوطنية.
وهناك مستوى آخر للصراع يبدو مناطقياٍ يتمثل في التنافس بين مدينتي الزنتان ومصراتة في الشرق على القوة الاقتصادية والنفوذ السياسي في طرابلس أو بين أنصار الفيدرالية وخصومهم في الشرق المهمِش منذ فترة طويلة.
ويشكل مشهد الاستقطاب السياسي الحالي وقطاع الأمن المحطم معضلة عميقة للمجتمع الدولي إذ تبدو إحدى المقاربات السابقة لدعم مؤسسات الدولة إشكالية عندما تكون تلك المؤسسات سواء الجيش أو البرلمان أو الوزارات منقسمة بالفعل بين فصيلين متحاربين.
وأصبحت عمليات خطف الدبلوماسيين شائعة في ليبيا مثل خطف السفير الأردني ودبلوماسي تونسي فضلاٍ عن تعرض السفارة البرتغالية في طرابلس لهجوم مسلح والاعتداء على السفارة الاماراتية والفرنسية في 2013م.
وقام مسلحون بمحاصرة مقر السفارة المصرية في طرابلس ليل 22 اكتوبر بعد ساعات فقط من تدشين مصر لمقر قنصليتها الجديدة في مدينة طبرق بأقصى الشرق الليبي.
واعلنت وزارة الخارجية في النيجر ان سفارتها في العاصمة الليبية حوصرت من الاثنين حتى الثلاثاء الماضي من قبل عناصر ميليشيا مدججين بالسلاح معتبرة ان الحادث “خطر جدا” و”نادر”.
واوضح اباني ساني ابراهيم الامين العام للوزارة في تصريحات ان الحادث ادى الى “محاصرة الدبلوماسيين بمن فيهم السفير” وذلك من قبل “مجموعة من ميليشيات لا يمكن السيطرة عليها”.
ولم يقدم أي توضيح في شأن هوية هذه “الميليشيات”. بيد انه اضاف: ان هؤلاء المسلحين الذين كانوا “في عربات عسكرية” مجهزة بمدافع رشاشة لم “يمارسوا اي عنف”.
واوضح ان الحادث مرتبط بشائعات عن دخول عناصر من القوات المسلحة النيجرية “للسفارة الليبية” في النيجر وهو “امر خاطىء”.
واتهم سفير ليبيا في النيجر عصام القطوس الحكومة الليبية المعترف بها دوليا بأنها ابدلته “بقوة السلاح بالتعاون مع سلطات النيجر”.
وذكر لقناة النبأ الليبية الخاصة انه منع من دخول السفارة في نيامي من قبل اجهزة امن النيجر.
واكد مصدر في الحكومة الليبية ابدال القطوس في بسفير آخر لكنه “رفض الامتثال لانه يؤيد حكومة المليشيات المزعومة” إن أعداء الحضور الدولي في المشهد الليبي يخيفون الشعوب بعضها من بعض مستفيدين من حالة الجمود وعدم التقدم نحو بناء مؤسسات ديمقراطية حقيقية أما الشعب الليبي الذي بكى فرحا بالثورة لا يمكن أن يرفض الاستفادة من خبرات الآخرين وإمكاناتهم فالشعب الليبي لم يخرج على القذافي دفاعا عن سيادته بل لأنه أذل وحْرم وجْهل باسم السيادة وبذريعة الحفاظ عليها.

قد يعجبك ايضا