إبر البرد ” المخلوطة” مجازفة تقود إلى الرفيق الأعلى


صيادلة: تستخدم في الحالات الطارئة كالإنعاش.. ولا علاقة لها مباشرة بأمراض البرد

أطباء : عواقب “الإبر المْدخنة” إن لم يكن الوفاة فإن الإدمان سيكون مرافقاٍ للحالة..

وزارة الصحة : ضرب مثل تلك الإبر بدون تشخيص طبي ممنوع في القانون

نوع يحتوي على الكالسيوم وفيتامين سي, وآخر على الفولتارين ولينكومايسين.. وقد توقف عضلة القلب

* لم يكن يعلم بأن إصابته بضيف الشتاء ” الأنفلونزا” سيقضي عليه تماماٍ ويجعل منه جثة هامدة فور استخدامه ” لإبرة مْدخنة “, هكذا يسميها أصحاب عيادات ضرب الابر والمجارحة, وهي خليط من أدوية نزلات البرد يصفها في الغالب أصحاب تلك العيادات .. لكن الكارثة هو اقبال الناس على هذا النوع من الابر دون انتباه لمخاطرها وحالاتهم المرضية ليغدو المريض أمام مجازفة غير محسوبة النتائج.. مع أن استخدامها محدد وفي حالات معينة تحت إشراف الطبيب.. لمناقشة الظاهرة نقف على أبعادها ومخاطرها.. نتابع:

بحسب رواية الصديق عمار حاتم لم يكن يعاني عبدالسلام السميني سوى من حالة زكام وحمى حين قرر أن يشتري دواء ذا تأثير سريع وقوي من الصيدلية, ومن فوره أعطاه الصيدلي حقنة مخلوطة بمحلول طبي ورفض الصيدلاني أن يضرب له الإبرة معللاٍ ذلك بأنه يوجب على عبدالسلام التوجه إلى المركز المجاور لعمل بعض الفحوصات اللازمة للقلب ومن ثم ضرب الإبرة .
ويضيف الصديق عمار : ” اكتفى عبدالسلام بوصفة الصيدلي وتوجه إلى المنزل بدلاٍ من أن يتوجه للمركز الطبي وطلب من شقيقته أن تضرب له تلك الإبرة ولم تكمل شقيقة عبدالسلام جرعة الإبرة حتى لقي أخوها مصرعه وفارق الحياة بسبب ” الإبرة المدخنة “.
من جانبها تدافع نائلة التميمي عن هذه الإبر بقولها: حين أستخدم الإبر المدخنة فإنها تساعدني على الشفاء بسرعة ” وبحسب تأكيد نائلة فإن تلك الإبر ذات مفعول قوي وليست كالأدوية الأخرى من الكبسولات والإبر الخاصة بالبرد مضيفة بأنها لا تستخدم أي نوع من أنواع الأدوية الخاصة بالبرد لأنها لا تجدي وفي كل مرة لا تساعدها تلك الأدوية على الشفاء من الأنفلونزا والحمى لهذا تلجأ ” للأبر المدخنة ” ..!!
وحول ما إذا كان لهذه الحقن مخاطر على صحتها أو مضاعفات قد تصاب بها مستقبلاٍ تنفي التميمي الأقاويل الخاصة بأن للإبر المدخنة مخاطر, وتؤكد بأنها لم تصب بأذى يذكر من استخدام هذه الإبر ..
يشاطرها الرأي مصطفى الرداعي مضيفاٍ بأن حالات الزكام والحمى حين يصاب بها أي شخص لا تغادر جسمه إلا بعد أكثر من أسبوعين على الأقل مع احتمال مضاعفات المرض وإطالة المدة .. إلا أن الإبر المدخنة بحسب قوله هي المنقذ من تلك الحالة كما أنها تختصر الوقت..
إقفال عضلة القلب
* وحين تباينت وجهات النظر مع تسبب تلك الإبر بحالات وفاة سعت كاتبة التحقيق لمعرفة ماهية الإبر المدخنة وأضرارها ومضاعفاتها من المختصين في هذا الجانب ..
يحدثنا الدكتور أيمن خيران – صيدلي – أن هناك نوعين من هذه الخلطات التي تستخدم فيها الحْقن.. الأولى وهي عبارة عن كالسيوم مع فيتامين سي, وهذه تضرب في الوريد مباشرة ومن الضروري أن تضرب بحذر شديد وأقل وقت تضرب فيه تستغرق الربع ساعة تقريباٍ.. لأنه وفي حال ضربت بسرعة فإنها تسبب إقفال لعضلة القلب وبالتالي تسبب الوفاة مباشرة..
ويضيف : أما النوع الثاني من الحْقن أيضا تستخدم في حالات الأنفلونزا وهي عبارة عن الفولتارين مع لينكومايسين تخلط وتضرب عضلي ولها آثارها الجانبية حيث تسبب حصوات ومشاكل في الكلى ولا تضرب مع أمراض الضغط والفشل الكلوي أو من لديهم أمراض القلب أو الأملاح أو امرأة حامل في هذه الحالات ينصح بتجنبها.
وتابع: هذه الإبر ” المخلوطة ” لا تصرف إلا بوصفه طبية عن طريق طبيب متخصص ويشترط أن تكون عبر ملاحظة سريرية..
وصفة طبية
* يعتبر استخدام الإبر المخلوطة أو ” المدخنة ” في حالات نزلات البرد أو الحمى استخدام خاطئ وعشوائي قد يؤدي للوفاة هكذا بدأت حديثها الدكتورة هدى مصلح – أخصائية طب عام وتضيف : المفترض استخدامها في الحالات الضرورية فقط حيث تضرب بحذر شديد جداٍ ولا يجب أن تصرف إلا بوصفة طبية .. ومن عواقب هذه الحْقن إن لم يكن الوفاة مباشرة فإن الإدمان سيكون مرافق للحالة وذلك نتيجة حالة النشوة والشعور بدخان يتصاعد من الجسم يشعر معه المريض بتحسن لحظي لذلك تمت تسميتها بالإبر المدخنة .
وقالت في حال تم وصفها من قبل الطبيب المختص يجب أن تخفف داخل مغذية وتكون مغذية ” مخلوطة ” ولا تستخدم إلا لحالات نقص الكالسيوم كما يقررها أطباء العظام للالتهابات الشديدة في الجسم والحمى.. كذلك غلوكونات الكالسيوم والتي تستخدم للطفل الرضيع بعد الولادة في حالات الازرقاق والاختناق وفي الحالات الحرجة في أقسام العناية المركزة حيث من دواعي استخدامها أنها تعمل كعامل تنبيهي لرفع حرارة الجسم وتنبه عضلة القلب.
وتحذر الدكتورة مصلح من ضرب تلك الابر لدى عيادات ضرب الإبر والمجارحة أو ضربها دون وصفة طبية لأن من يقدم على ذلك يتحمل المسئولية الكاملة .. كما أكدت أنه يتوجب على الطبيب الصيدلي عدم صرف مثل هذه الأدوية إلا بوصفة طبية.. وعلى وزارة الصحة مراقبة مثل هذه الحالات.. وطالبت بتنفيذ دورات تدريبية من الجهات المختصة حول مخاطر هذا النوع من الإبر وأضرارها والأدوية المستخدمة فيها التي تدخل بطريقة التهريب .. كما أن على الإعلام القيام بدوره في توعية المواطن وتنبيهه من مخاطر تهريب هذه الأدوية أو استخدامها بدون وصفة طبية ..
دخان يتصاعد
* من جانبه يقول صالح الثلايا – رئيس قسم الصيدلة في المعهد العالي للعلوم الصحية : ” الإبر المدخنة ” الاسم الشائع بين الناس لما يصاحب ضرب هذه الإبر من تفاعلات في الجسم بحيث يخرج بخار من الجسم.. وهي عبارة عن إعطاء دفعة عالية من عنصر الكالسيوم إلى الدم وبصورة مباشرة عبر الوريد .. بحيث تعطي شحنات عالية هذه الشحنات تثير فسيولوجية القلب وتعمل حركة زائدة للقلب وبالتالي يشعر المريض بتغيير معين عنده وخفقان زائد للقلب وهذا الخفقان والتأثير في القلب يشعر المريض أن الدخان يتصاعد من جسمه ..
ويضيف : شاع استخدامها على أساس حالات نزلات البرد والحمى وبالطبع هذا الاستخدام سيء بالنسبة لهذه المادة ولا تستخدماٍ لهذا الغرض وإنما تستخدم في حالة نقص الكالسيوم وهو العنصر الأساسي الموجود في هذه الحقن .. يضاف إليه فيتامينC وهذا الفيتامين هو معروف بأنه من الفيتامينات G ويستخدم لمرض الإسقربوط وأمراض أخرى تصيب الجسم.
وواصل حديثه بالقول: بالتالي يمكن أن تستخدم استخدام طبياٍ في حال وجود المرض ووجود العرض وتوصف من قبل طبيب متخصص ولا مانع من أن تستخدم لكن بطرق أخرى غير الحقن .. وقال: سوء الاستخدام الشائع الموجود بالحقن يعطيهم ذلك التأثير الذي يشعر المريض بشيء من الانتعاش لكن هذا ليس الغرض من العلاج الذي خصص من أجله عنصر الكالسيوم.
تستخدم في ” الإنعاش “
* وعن الحالات التي تستدعي إبر الكالسيوم يقول الدكتور الثلايا : تستخدم في حالات نقصه في الجسم ( مثلاٍ المرأة الحامل ) فبالإمكان إعطاؤها الكالسيوم لكن ليس بالضرورة الإبر فهناك العقاقير ” الكبسولات ” أو الشراب أو فوار ويستخدم الكالسيوم في بعض الأحيان لأغراض أخرى مثل حالات الكسور مع فيتامين دي ويستخدم بكميات قليلة جداٍ للأطفال والمسنين .. وتابع بالقول: لكن الإبر المدخنة بالذات تعد الامبولة عشرة مل من الكالسيوم ووضعت للحالات الطارئة وتستخدم في أقسام الطوارئ و”الإنعاش ” ولا تستخدم في الحالات العادية .. حيث أن لها علاقة بسيولة الدم وذلك يعود للأخصائي المختص الذي يقررها .. وبين أنه في حالات الحمى والبرد هو استخدام شائع بين الناس.. إذ يستخدمها الناس كطريقة شائعة لكنها طبياٍ ليس لها علاقة بأمراض البرد مهما يشعر المريض بتغيير فسيولوجي في جسمه أو يشعر بتحسن بعدها..
ومضى يقول : أضرارها كبيرة لمن يعاني من مشاكل في القلب أو ضعف القلب إذا أعطي جهد زائد عن الجهد الطبيعي للقلب عبر الكالسيوم الموجود في تلك الإبرة وهذا قد يسبب توقفاٍ للقلب ” وبالتالي يموت المريض ويطالب جميع العاملين في المجال الصحي بالمزيد من الاطلاع والاستخدام الصحيح للأدوية.. وعدم استخدام هذه الأدوية بهذه الطريقة ولغرض ” حالات البرد ” لأن لها مضاعفات سيئة لا تخدم المريض ولا تخدم الجسم بالنسبة للزكام, ويشير إلى أن فيتامين سي مفيد بالنسبة للزكام إذا كان مفرداٍ بدون الكالسيوم .. فبالإمكان أن يضرب كإبر عبر الوريد أو فوار أو شراب لا مشكلة في ذلك لكن الكالسيوم بالذات لا يعطى إلا بعد تحليل وتشخيص وقرار من أخصائي وبالتالي يتحمل الطبيب مسؤولية قراره ..
وينصح رئيس قسم الصيدلة في المعهد العالي للعلوم الصحية كل العاملين سواء الممرضين أو مساعدي الأطباء ومن لهم علاقة بهذا الجانب أن يتحروا الدقة في استخدام هذه الإبر خاصة المرضى الذين لا يتحملون هذه الأدوية التي لها تأثير قوي على القلب ..
دور الصحة
* من جانبه يقول الدكتور يحيى الغسالي, مدير عام المنشآت الطبية الخاصة بوزارة الصحة والسكان : ضرب مثل تلك الإبر بدون تشخيص طبي ومن قبل الفنيين المساعدين في الأماكن التي يتم خلالها ضرب الإبر والمجارحة في الأمانة والمحافظات ممنوع في القانون ويحاسب كل من أعطى تراخيص لها.. لكنه يؤكد أن دور وزارة الصحة يقتصر على كونها سلطة مركزية فقط والسلطة المحلية هي من يتولى كل شيء لكنه يتهم السلطات المختصة بالتغاضي عن مثل هذه الممارسات بعلم أو بدون علم..

قد يعجبك ايضا