الفيدرالية ستحمي الوحدة .. ونفوذ القبيلة تراجع لصالح مشروع الدولة المدنية


حوار / هشام المحيا –
المجتمع الدولي سيعاقب المعرقلين للتسوية .. والاختلالات الأمنية مكنت القاعدة من التمدد

ضعف الولاء الوطني ساعد أصحاب الأجندات التخريبية على النفاذ إلى عقول الناس

تنفيذ مخرجات الحوار مرهون بنجاح المصالحة الوطنية و اصطفاف كل القوى السياسية

الإرهاب وتنامي المليشيات المسلحة يحمل أبعاداٍ ومشاريع داخلية وخارجية

يعيش وطننا الحبيب منعطفا تاريخيا صعبا ربما هو الأصعب في تاريخه فعلى الرغم من انتهاء مؤتمر الحوار الوطني بتوافق كافة القوى السياسية على بناء دولة مدنية حديثة بشكلها الاتحادي إلا أن المعوقات السياسية والاقتصادية والأمنية تزداد توسعا لتتوسع معها رقعة أوجاع المواطن الدكتور محمد الشعيبي رئيس جامعة تعز في حوار مفتوح وشفاف “للثورة ” كشف عن خلفية الأزمات في اليمن والغموض الذي يخيم على مستقبل الدولة الاتحادية .. في السطور التالية تفاصيل الحوار:-

حوار / هشام المحيا

*في البداية ..هل استطاع مؤتمر الحوار الوطني حلحلة مجمل القضايا الوطنية خصوصا قضيتي الجنوب وصعدة ومن يتحمل مسئولية عرقلة تلك المخرجات ¿
ما يحدث اليوم في الوطن لم يأت بمحض الصدفة أو مجرد عوامل أتت تباعا فكونت أزمة فالحقيقة أن هناك من يريد حكم الشعب عن طريق الأزمات المتتابعة سواء كانت اقتصادية أو سياسية أو حتى عن طريق إدارة الحروب بين الجماعات المسلحة وحتى نستوعب الموضوع بشكل أكبر يجب أن نعي حجم الضرر الذي يسببه ـ مثلا ـ ضرب الكهرباء وتفجير أنابيب النفط وإذكاء نار الحروب بين الجماعات المسلحة فضرب التيار الكهربائي بشكل شبه يومي يعقد الحياة عند المواطنين ويعطل حركة التنمية ويشل أداء الجامعات والمستشفيات وو… الخ ومثل الكهرباء النفط إذ تخسر اليمن مليارات الدولارات بسبب ضرب الأنابيب ومن هنا يتبين لنا أن الأزمات في اليمن لم تأت بشكل عفوي بل بفعل فاعل وهناك من يديرها ويروج لها وبالنسبة لمخرجات الحوار أرى أن قيام مؤتمر حوار وطني شامل هو إنجاز بحد ذاته فهو قيمة حضارية من خلاله تحل المشاكل مهما كانت صعوبتها وبالنسبة لمخرجاته فقد استطاعت ترويض كافة القضايا الوطنية وعلى رأسها قضية الجنوب والتي اعتبرها القضية الوطنية ذات الأهمية القصوى فهي قضية الوطن الأولى وهذا لا يعني أنني أقلل من أهمية بقية القضايا على الساحة الوطنية إذ قدم لها المؤتمر حلولا جذرية والذي يتحمل مسئولية هذه المشاكل القوى السياسية في البلد فأنا أجزم بأن تتابع الأزمات وتوسع دائرة المشاكل بكل أشكالها سببه المماحكات السياسية بين هذه القوى فقد بلغت حد الابتذال السياسي بل بلغ الحال بالبعض إلى درجة بيع الوطن .

خلق الأزمات
* هل تعني أن هناك جهات تتولى مهام التخريب في اليمن..¿ وما علاقة بعض القوى السياسية بذلك ¿
بالتأكيد .. هناك قوى خارجية وداخلية ــ لا أستطيع أن أحدد أسماءها ـ لها شبكات وخلايا وأجندة تعد العدة لتدمير الوطن فتعمل بلا كلل أو ملل تخلق الأزمات وتديرها وتعمق المشاكل الاقتصادية والسياسية والاجتماعية وتحاول عرقلة أي تقدم في طريق التسوية السياسية حتى لا تتمكن اليمن من بناء وطن تقر به أعين أبنائه كل ذلك لتحقيق مصالحها الخاصة بها وقد توغلت هذه القوى في العمق الوطني والملفات الوطنية عبر منافذ كثيرة أبرزها ضعف الولاء للوطن الأمر الذي استطاعت من خلاله إشعال فتيل التناحر السياسي في الدولة وهو ما ألقى بظلاله على مجمل الملفات الوطنية اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا وتبقى القوى السياسية في اليمن جسر عبور إلى الوطن إذ ساعدت ـ بطرق مباشرة أو غير مباشرة ـ تلك الجهات لتنال من هذا الوطن فوسعت رقعة التناحر السياسي ودائرة الحروب بين الجماعات المسلحة في مناطق مختلفة في الوطن وعمقت الأزمات على اختلافها .
ذكرت أن أهم التغيرات التي تستغلها القوى التخريبية ضعف الولاء للوطن .. هل تقصد أن ضعف الولاء الوطني قاد البعض إلى أن يكون أداة لتنفيذ أجندات تعبث بالوطن وما الذي يجعل الناس يتبعون دعوات تلك القوى باستمرار ¿
ــ بالتأكيد .. ضعف الولاء للوطن يجعل البعض يبيعون الوطن مقابل ملاليم أما ما يجعل الشعب يتبع الدعوات المختلفة لتلك القوى هي التبعية والعصبية الحزبية التي تطيل عمر التناحر بين مختلف الجهات سواء كانت حزبية أو غير حزبية لكن ما يحزن أكثر أن تجد أكاديميين ومثقفين يعمقون ثقافة التبعية مع علمهم بأن الجهات التي يتبعونها قد تكون غير موفقة في اغلب خطواتها
الإرهاب
*كيف تفسر زيادة حدة هجمات تنظيم القاعدة الإرهابي في اليمن ..¿ ومن الذي يقدم لهذا التنظيم الإرهابي الدعم اللوجستي..¿
ــ من الواضح أن الأوضاع المختلة في الوطن هيأت لتوسع أعمال القاعدة ونموها في مناطق مختلفة ويقف وراء هذا التوسع الغير مسبوق للقاعدة في اليمن دعم جهات وجماعات ودوائر مختلفة داخلية وخارجية بهدف نسف الانجاز اليمني المشهود له عالميا وهو مؤتمر الحوار ومخرجاته والذي يعد بالنسبة لنا كيمنيين مكسب كبير أما بالنسبة لموضوع تبني الأحزاب إدارة الحروب كعامل رئيس لتنفيذ خططها وبرامجها السياسية فأنا استبعد ذلك لكن الذي نستطيع أن نؤكده هو أن ما يحدث في اليمن من اقتتال بين الجماعات المسلحة المختلفة له علاقة كبيرة بأشخاص تنتمي إلى أحزاب وكذا لها ارتباطات بجهات داخلية وخارجية .
دعوة الرئيس
* إيمانا من القيادة السياسية بأن المصالحة الوطنية هي السبيل الوحيد لحلحلة القضايا الوطنية فقد وجه الرئيس هادي الدعوة للمصالحة ..برأيك هل سنجد لهذه الدعوة صدى لا سيما وأن دعوة المصالحة وجهت بالدرجة الأولى لذات الجهات التي على رأس قائمة المستهدفين من قانون استرجاع الأموال المنهوبة ¿
دعوة الرئيس هادي للمصالحة حنكة سياسية وخطوة ممتازة للعبور باليمن إلى بر الأمان ويجب على القوى السياسية أن تلبي الدعوة فهي السبيل الوحيد لتنفيذ مخرجات الحوار الوطني وإذا ما تحققت هذه المصالحة وبنيت على أساس من المصداقية وتغليب المصلحة العليا للوطن لن يكون لقانون استرداد الأموال أي تأثير رغم أن استردادها أمر طبيعي .
ماذا لو لم تتحقق المصالحة .. أين سيكون مصير مخرجات الحوار ..وهل ستأتي الدول الراعية للمبادرة بعصا لجنة العقوبات لتوقف المعرقلين وما مدى قدرتها على دعم مخرجات الحوار والانتقال إلى الشكل الجديد للدولة وهل عدم إيفاء المانحين بتعهداتهم سيؤجل ظهور الدولة ¿
ــ مما لا شك فيه أنه في حال تخاذلت القوى السياسية ولم تلب دعوة المصالحة فمن غير معقول أننا سنتمكن من تنفيذ مخرجات الحوار والانتقال إلى الشكل الجديد للدولة خصوصا ونحن نعيش أوقاتا عصيبة ومخيفة ومقلقة غير أن ما يجعلنا نطمئن على مستقبل اليمن هما أمران الأول إصرار المجتمع الدولي على متابعة الأحداث في اليمن عن كثب واتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لكل تطور جديد فلجنة العقوبات تعمل على لمعاقبة المعرقلين فيما المجتمع الدولي عموما والدول الراعية للمبادرة تبذل جهودا كبيرة لإخراج اليمن من الوضع الحرج الذي تعيشه وهي قادرة على فرض الأمر الواقع وهو إبعاد اليمن عن المشاكل المحيطة بها أما الأمر الثاني الأطراف المتصارعة في اليمن لها مصالح كبيرة داخل الوطن وهذا الأمر سيساعد الدولة على السير وفق ما هو مخطط له وبالنسبة لتعهدات المانحين فالمشكلة الحقيقة ليست في إيفاء الدول المانحة بالتزاماتها من عدمه بل في عدم استغلالنا واستثمارنا لهذه المنح فنحن الآن غير قادرين على تقديم دراسات مجدية للمناحين فنسبة استغلال هذه الأموال ما بين 8 و10% فقط .

الدولة الاتحادية
هناك من يشكك في مدى قدرة النظام الفيدرالي على تلبية متطلبات الشعب ويرى هؤلاء أن مصير اليمن التشرذم .. ما رأيك في ذلك ¿
ــ قبل أن نحكم على اليمن بهذه الطريقة علينا أن نلقي نظرة على دول العالم عندها سنجد أنجح تلك الدول هي الدول الفيدرالية وعلاوة على ذلك أن النظام الفيدرالي يبقى النظام الأنسب لليمن فنحن حتى الآن مهددون بالانفصال وهذا يعني مزيدا من الدماء والحروب والفتن والتي ستمهد الطريق للتشرذم والتشرد لفئات لذا لا أرى أي مشكلة في قرار الأقاليم فقرار الفيدرالية هو السبيل الوحيد للحفاظ على الوحدة إذ لا حل آخر سواه .

المجتمع القبلي
* برأيك هل ستوافق القبيلة على قيام الدولة الجديدة ¿
ــ الحقيقة أن القبيلة في اليمن لم تعد مؤثرة كما كانت في السابق فموضوع موافقتها أو رفضها على قيام دولة نظام وقانون لم يعد في يدها فالقبيلة في المناطق الوسطى والجنوب غير موجودة فعليا فقط مجرد أسماء قبائل ومشايخ لا غير أما في الشمال فأعتقد أن الحراك الذي حصل في شمال الشمال مؤخرا قضى على القبيلة وجعلها تعيش حالة موت سريري فالقبيلة تنهار تدريجيا لكن تبقى قضية هيمنة القبيلة على المجالس التشريعية أمام مشروع الدولة الجديدة وعلى كل اعتقد أنه من الصعب جدا أن تتلاشي هذه الظاهرة بسرعة لكن وجود الأقاليم سيعمل على تعميق الولاء للإقليم ومع الوقت ستنتهي هذه المشكلة وسيفسح المجال للمثقفين والأكاديميين والقانونيين وكل فئات الشعب للوصول الى المناصب في الدولة ويبقى الرهان في ذلك على مستوى وعي الشعب وإدراكه لحقوقه .
دور الجامعات
* أين هي الجامعات من مجمل القضايا الوطنية وما دور جامعة تعز في بناء إقليم الجند ¿
من المفروض بداهة أن تقدم جميع المشاكل في الوطن أيا كانت إلى مراكز البحوث العلمية المتخصصة في الجامعات لتقديم الحلول لها بطرق علمية منهجية إلا أن الحاصل هو تغييب كامل لدور الجامعات ومراكزها العلمية وهذا الأمر مخيف للغاية مع أن جامعة تعز وضعت إمكانياتها العلمية بين يدي صناع القرار لبناء الإقليم مؤخرا في الوقت الحالي تعكف جميع الأقسام بجامعتي تعز وإب بالتعاون مع السلطتين المحليتين ـ على عمل دراسة علمية موسعة لإنعاش إقليم الجند واستغلال موارده المختلفة .

* كلمة أخيرة تود قولها ¿
ــ أود أن أقول لكافة القوى السياسية في اليمن يجب ترتيب البيت اليمني من الداخل إذا أدرنا الخروج من هذه المشاكل وعلينا أن نكون على دراية تامة بما يدور حولنا أن نحرص على الاصطفاف الوطني ضد كل من يريد الدمار للوطن ونبه جميع اليمنيين إلى أن دعم المجتمع الدولي لنا فرصة تاريخية فيجب علينا استغلالها وعلى الساسة تحمل مسؤولية ضياع هذه الفرصة فالكل متضرر .

قد يعجبك ايضا