بعض الآباء يجدها حلا لحماية أبنائه من رفاق السوء.. وهنا الخطأ



> علم النفس : تفقدهم القدرة على التفاعل الاجتماعي والقدرة على التعاون

> تقني حاسوب : الألعاب الإلكترونية ترسم للأطفال مستقبلاٍ مظلماٍ

كثيرة هي الألعاب الإلكترونية التي تنشر ثقافة العنف ونتيجة لذلك أصبح الأطفال الذين يستخدمون هذه النوعية من الألعاب أقل تحكماٍ في أنفسهم وأكثر عدوانية..
لا يجب أن ننسى أو نغفل بأن إحدى الخطوات التعليمية الضرورية بالنسبة للأطفال هي التواصل والتفاعل مع الآخرين و يعد استخدام الأطفال الصغار للألعاب الإلكترونية أكثر من اللازم يمكن أن يكون له تأثير سلبي حيث لا يستطيعون الاستفادة من الأنشطة الأخرى الأساسية لبنائهم البدني الاجتماعي الفكري والعاطفي.. التحقيق التالي يسلط الضوء على المشكلة..

أسامة السلامي 13عاماٍ – يقضي حوالي خمس ساعات يومياٍ على جهاز الكمبيوتر أو جهازه المحمول للعب الكترونياٍ يتنقل بين الألعاب وحين تحدثنا إليه حول تضييع وقته في العاب لا فائدة منها أجاب قائلاٍ ” بدلاٍ من اللعب في الشارع طوال اليوم فأنا اخصص وقتاٍ لأمارس اللعب بألعابي المفضلة في العالم الالكتروني “
وحول ماذا يستفيد من الألعاب وماذا تضيف له يقول أسامة ” اعتقد بأنها زادت من دقة الملاحظة لدي وتعلمني كيفية استخدام التطبيقات الالكترونية “
والد أسامة يشاركنا الرأي حول المدة التي يقضيها ولده أمام شاشة الكمبيوتر فيقول ” أفضل بقاء ابني في المنزل على أن يظل في الشارع ويختلط برفاق السوء فهو في البيت أمام عيني اعرف ماذا يفعل وجهاز الكمبيوتر صديقه الدائم ”
وحين سألناه عن ماهية الألعاب الالكترونية التي يلعبها ولده أجاب بأنه لا يفقه في الكمبيوتر شيء إلا أنها أفضل من التسكع خارج البيت ” حسب رأيه.
يجهل والد أسامة ماذا تحتوي الألعاب التي تأخذ ولده خمس ساعات يومياٍ وما إذا كانت تضيف له ثقافة أو معرفة أو حتى معلومات يستفيد منها في حياته العلمية أو العملية.. ومثله كثيرين مما يضاعف من مخاوف المختصين من جهل الأسرة بآثار تلك الألعاب على أبنائهم.
عائدات ربحية
الحجم المقدر لسوق الألعاب الإلكترونية عالمياٍ أكثر من 74 مليار دولار وبلغت في أسواق الشرق الأوسط نحو 15 مليار دولار هذا وفقاٍ لنتائج دراسة أجرتها كل من ”برايس و كوبيرز” و”ولكوفسكي ” كما أن مبالغ طائلة تنفق لإصدار ألعاب الكترونية وعائدات كبيرة من البيع لكن هل لها عائدات تنفع المتلقي خاصة الأطفال أم أنها شر عظيم ¿ سؤال نترك الإجابة عنه للمختصين في سياق هذا التحقيق الصحفي :
خطر الألعاب الالكترونية
يقول المهندس هشام دلال: إن الألعاب الإلكترونية لا تحترم مستقبل الأطفال فهي ترسم لهم مستقبلاٍ مظلماٍ فالطفل لا يستطيع التفريق بين الخيال والواقع وإن استطاع ذلك فإن التأثير السيئ للألعاب يشكل جزءاٍ من شخصياتهم..
ويضيف : يحتاج الأطفال لمساحة من الخيال يرسمون فيها معالم مستقبلهم ويتدربون فيها على المهارات اللازمة لذلك بينما الألعاب الالكترونية لا تهتم بإضافة معرفة حقيقية للأطفال ومن خطورة هذه الألعاب أنها تضع اللاعب في واقع مختلف تماماٍ قد يصبح فيه الخطأ صواباٍ وتحرر اللاعب من القيود الواقعية وتستبدلها بقيود تخيلية بعيدة عن عاداتنا وتقاليدنا..ويواصل حديثه بالقول: في حين أن للألعاب القدرة على تنمية قدرات الأطفال العقلية مثل المنطق والكثير من المهارات الأساسية التي تحتاجها عقولهم وقد تنافس الطرق التقليدية في التعليم إلا أن معظم هذه الألعاب تبنى بطريقة مملة وتفتقر للدعم فهذه الألعاب حتى الجيد منها تضيع الوقت ولا تترك للطفل فرصة للتفكير في مستقبله البعيد مثل النجاح في الدراسة ولا القريب مثل حل الواجبات المدرسية مثلاٍ..!
ومضى يقول : ” يزيد ضرر الألعاب الإلكترونية عندما تكون العاباٍ ذات طابع اجتماعي يستطيع اللاعب فيها اللعب مع أصدقائه في الشبكات الاجتماعية فتزيد حدة المنافسة في العاب القتال بحيث تكون خطرة على أخلاقه وعاداته وتقاليده عندما يلعب الأصدقاء لعبة لا ضوابط لها بل تفرض عليهم الخروج على المبادئ المتعارف عليها في بلدانهم”.
كاتبة التحقيق استعانت بمختصين يعرض عينة من الألعاب الإلكترونية التي تزيد فيها نسبة الخطر عن لعب الأطفال بها ومنها مجموعة العاب تسمى “بألعاب قتل الزومبي “الأموات” منها لعبة تسمىGUN ZOMBIE : HELL GATE)): وهذه اللعبة من مخاطرها أنها تبرر للأطفال القتل لأنها تخوض في القتال وإطلاق النار من المسدسات والأسلحة المختلفة والمعارك الطاحنة ومواجهة ” الزومبي ” الأموات الذين انتشروا في المدينة مع القدرة على ترقية الأسلحة.
وهذه لعبة لا نهاية لها تسمى ((Into the Dead وتركز على القتل فقط بطرق متوحشة تزرع الخوف في نفس اللاعب وتجبره على القتل للنجاة كما تبنى على الهروب من الموتى الذين يملأون الحقول والغابات بحيث يتوجب التقاط أي سلاح متوفر وقتلهم به ويجب تحاشي الاصطدام بهم كي لا يموت اللاعب وتتنوع الأسلحة من المسدس والرشاش وحتى المنشار الكهربائي.. أي أنها تنمي روح القتل وهذا خطر جداٍ على البناء العقلي للطفل .
ومن بين الألعاب الخطيرة على الأطفال لعبة مرعبة وسوداوية تسمى Deadman’s) Cross): وفكرة اللعبة تبنى على الخيال والمستقبل البعيد حيث انه وبعد 16 سنة في المستقبل تحكي رؤيا تنبؤية بمستقبل مرير ينتشر فيروس يصيب الموتى فيمشون ويبحثون عن الأحياء ليأكلوهم كيف يمكنك البقاء على قيد الحياة صراخ ورعب وغالبا ما تليها أصداء إطلاق النار وأنين من بعيد يجد اللاعب نفسه لم يعد قادرا على طاعة النظام بالبقاء في المنزل. فيدفعه الجوع والخوف ليحمل بندقيته فيفتح الباب ويخرج إلى المجهول وهذه الفكرة مبنية على الرعب والقتل.
كذلك من ضمن الألعاب الخطرة على الطفل وعقليته لعبة قتال عنيفة جداٍ تسمى Injustice: Gods Among Us (ترجمة اسم اللعبة “العدالة: الآلهة بيننا”) تغرس فكرة الحرب الدينية في عقلية من يلعبها وهي لعبة قتال جماعية تختار فيها إحدى الشخصيات المعروفة مثل سوبرمان أو الرجل الأخضر وغيرهم لتحارب بقية الشخصيات حيث يكون الصراع بين الحق والظلم وعليك التخلص من هذا الظلم بكل الوسائل المتاحة وقتل الأعداء.
أما هذه اللعبة والمعنونة Doodle God™ HD فخطورتها في تدمير المعتقدات والدين بشكل مخيف حيث تتمثل فكرتها بالاستهزاء بالدين وتخريب التصور عن الله ترجمة هذه اللعبة الإله العابث “استغفر الله” حيث يتم أطلاق العنان للمخيلة في كيف يكون إلهاٍ.. يتوفر في اللعبة كل العناصر لخلق الكون ويجب على اللاعب حل الألغاز في التوفيق بين العناصر لخلق الجماد والمخلوقات الحية.. ” لنا أن نتصور ما يمكن أن تفعله هذه اللعبة في عقول وعقائد أبنائنا !
هناك ألعاب تعنى بكيفية الدخول في عالم الجريمة والعصابات حيث تعطيك لعبة (Underworld Empire) كل ما تحتاجه لتصبح مجرماٍ ورئيس عصابة.. تبنى فكرتها على كيف يمكنك جمع الأشخاص لتضمهم في عصابتك و تقوم بالمشاجرة مع العصابات الأخرى بالأسلحة والبنادق وغيرها من الأسلحة… يصنفها مؤلفوها بأنها أفضل العاب الجريمة على الانترنت!
كما يأتي في شرح اللعبة: العب مع الملايين في أكبر لعبة جريمة اجتماعية قد إمبراطوريتك إلى الهيمنة باختيار الولاءات لإمبراطورية اللاعب : عصابة شيطانية نقابة شريرة مافيا لا ترحم أو عصابات الشوارع” وجميعها مصطلحات خارجة عن القانون والمألوف .
وهناك العاب محرمة كالمراهنة مثل القمار واليانصيب أيضا هناك العاب تعتبر من محاكاة الواقع وهي العاب تخوض في المحرمات التي بدون ضوابط وخارجة عن الأخلاقيات وهناك الكثير من الألعاب المضيعة للوقت والسخيفة التي لا تساهم في بناء قدرات الأطفال أو تنمية مهاراتهم العقلية.
كما يحتوي موقع فيسبوك على العاب مشابهة تؤثر سلباٍ على اللاعبين خصوصاٍ صغار السن وأشهر العاب فيسبوك وأكثرها تضييعاٍ للوقت هي: المزرعة السعيدة حيث لا يوجد فيها حد زمني للعب مثل بقية العاب الفيسبوك التي تشترط الدفع أو طلب المساعدة من الأصدقاء للتمكن من مواصلة اللعب.
الجدير ذكره أن المواقع والمنتديات العربية تتناقل هذه الألعاب بدون وعي لخطرها بل الأسوأ من ذلك أنها تتناقل الإصدارات المقرصنة للألعاب المدفوعة والتي لا تخلو من الفيروسات والبرامج التجسسية.
تسبب اضطراباٍ
علم النفس يشرح خطورة هذه الألعاب على أطفالنا ويوجد لها حلول يقول الأخصائي النفسي خالد الشميري : للألعاب الالكترونية مساوئ وأضرار ولها أيضا ايجابيات بعض المساوئ الحاصلة عند الأطفال تحصل عندما يكون الإنسان مستثاراٍ بسبب حالة معينة اسمها تشتت الانتباه والإفراط في الحركة عند بعض الأطفال وهذه الألعاب تزيد كثيراٍ من حالتهم خاصة الأطفال ممن لديهم اضطراب زيادة الحركة مع تشتت الانتباه .. معللاٍ كذلك بالنسبة للأطفال الخجولين الاكتئابيين تزيد من حالتهم وتسبب لهم العزلة الاجتماعية.. معللاٍ الأمر بالقول: لأن الألعاب العادية والتفاعلية تساعد على التفاعل الاجتماعي والقدرة على التعاون وهذه الأساليب تعلم الطفل كيفية التعامل مع الآخرين والتعاون من خلال اللعب مع أطفال آخرين ليتعلموا مهارات الحياة التي سيكتسبها الطفل من خلال الألعاب الجماعية وهذا لن يكتسبه نهائياٍ من خلال الألعاب الإلكترونية التي تسبب الانعزال أو العنف وكذلك زيادة الحركة والعدوانية على الآخرين..
وحذر من زيادة مخاطرها على الطفل بسبب الإهمال وعدم متابعة الأسرة لهذا الطفل وكذلك عدم ضبط الآباء لأوقات الأطفال في استخدام الألعاب الالكترونية حيث تسبب انعزالهم عن الحياة وعدم تعلم المهارات الاجتماعية.. وفتح مجال الوقت للطفل للتعاطي مع هذه الألعاب أو تمكينه منها بهذه الحالة مؤكداٍ أن الطفل سيقلد هذه الألعاب بما يسمى ” التقليد والمحاكاة ” حيث ستجعله أكثر عدوانية وعنفاٍ فمن خلال ما يتعاطاه في الألعاب الالكترونية سيستخدمه على ارض الواقع.
وتابع مخاطباٍ الآباء : نريد منهم أن يقضوا فترات من الوقت مع الأطفال ومشاركتهم في هذه الألعاب الالكترونية لكي يدرك الآباء ماهية الألعاب التي يتعاطى معها أطفالهم ومعالجتهم لأي قضية أو موضوع في اللعبة تخرج عن الإطار الطبيعي والمألوف..كما أن قرب الأب أو الأم من الطفل من خلال مشاركته العابه بالإمكان أن يجعله يتعرف على مشاكله وما يحدث لهذا الطفل ومعاناته وما يريد أن يحققه وما هي احتياجاته..
مساوئ كثيرة
ويقول الشميري: حين ينشغل الوالدين بأشياء أخرى ومهام أخرى و يتركون الطفل مع هذه الألعاب سواء في التلفونات أو على أجهزة الكمبيوتر بدافع أن يرتاحوا من إزعاج طفلهم.. تصبح آثار ذلك محققة حيث آثار هذه الألعاب لا تظهر بسرعة لكنها تظهر على المدى البعيد ولن يشعر الأب بمدى التأثير إلا حينما يجد طفله وقد أصبح عنيفاٍ ومنعزلاٍ عن الآخرين ولا يمتلك أي مهارات حياتية ..
مؤكداٍ على ضرورة تلافي تأثير هذه الألعاب بتحديد وقت للعب على الألعاب الالكترونية من جهة الآباء ومشاركتهم الألعاب مع أبنائهم .. وأيضا لابد من مراعاة دمج الأطفال مع أطفال آخرين من اجل التفاعلية واكتساب المهارات الحياتية.. وهذا سيجعل منهم أشخاص متعاونين وقادرين على التفاعل مع الآخرين وقادرين على التحمل والصبر والنظام..
ونبه إلى نقطة هامة وهي: عندما ينغمس الأطفال في هذه الألعاب ولا يجدون متابعة من الأسرة أو اهتماماٍ ومشاركة فإن هؤلاء الأطفال يكونون أكثر عرضة من غيرهم لاستغلال أطراف غير أسوياء أو حتى جماعات إرهابية لأنهم بذلك فاقدون لمهارات الحياة وفاقدون للتفاعل مع الآخرين لأنهم أصبحوا أشخاصاٍ انعزاليين وغير مدركين ماهي الحياة وكيف يعالجون أي موقف وما التصرف الصحيح الذي بالإمكان اتخاذه أو السير فيه.. لذا على الآباء عدم ترك أطفالهم وإدارة الوقت لأطفالهم لأن إهمال وترك حرية الوقت للطفل سيعرضه للفساد سواء في هذا الجانب أو في جوانب حياتية أخرى وقد يتصرف تصرفات أخرى غير سوية كما سيتعرض لمساوئ أخرى..

قد يعجبك ايضا