
الدكتور عبدالرزاق الأغبري – أستاذ القانون الدولي والسياسة الدولية بجامعة صنعاء ومؤسس حركة وطن بدون أحزاب وعضو المجلس اليمني المستقل وأمين عام المنظمة العربية لحقوق الإنسان يتحدث للثورة عن النصر الكبير الذي حققته مخرجات الحوار الوطني وتحققت من خلاله أهداف لـ(الثورة) اليمنية 26 سبتمبر المجيد 1962 م كون الأهداف جسدت معالم الدولة المدنية , معلقاٍ على الأحداث التاريخية التي رافقت مسيرة الثورة السبتمبرية وما تلاها من تغيرات وأثر ذلك على حاضر ومستقبل اليمن .. التفاصيل في الحوار التالي ..
• بداية دكتور ..هل ترون بأن مخرجات الحوار الوطني انتصرت لأهداف ثورة 26 سبتمبر ¿
– إن ثورة الـ26 من سبتمبر الخالدة 1962م قام بها الأبطال وأسقطوا نظاما ملكياٍ إلى غير رجعة . . أعلن الثـوار ستة أهـداف ثورية وطنية تلك الأهداف كانت هي السبب لقيام ثورتهم العظيمة الأهداف التي جعلت كل الشعب يشارك في الثورة ويحمي الثوار ويؤمنهم ويمدهم بالمال والعتاد وكل وسائل الدعم المطلوب ويقاتل إلىُ جانبهم ضد فلول النظام الملكي المدحور, ليعلنوا قيام النظام الجمهوري الجديد الذي سوف يحقق تنفيذ الأهداف الثورية الستة المعلنة . . فجـديد اليــوم هـو قـديم الأمس . نعـم, لقد انتصرت مخرجات الحوار الوطني الشامل لأهداف ثورة الـ26 من سبتمبر , لأن تلك المخرجات تؤسس لبناء دولة حقيقية دولة مدنية ديمقراطية حديثة, دولة حلم بها ثوار سبتمبر وثوار الـ 11 من فبراير2011م .
شركاء السياسة
• هل لنا أن نعقد مقارنة اليوم بين من يعيق تنفيذ مخرجات الحوار .. ومن أعاق تنفيذ أهداف ثورة سبتمبر ¿
– نعم , هي ذات القوى أفرادها صناع كل مشكلة وهم أبطال كل قضية تؤلم وتؤرق البلد, فكيف لنا أن نجعل فيهم الحـل ¿ فاختصاصهم صناعة الأزمات , تاريخهم قتال في قتال ,نراهم وقد علقوا كل فشلهم الآتي قريبا على أنه إنجاز أو نجاح, ليهربوا من واقعهم الحالي, أما العراقيل , المشكلة إن الأحزاب السياسية لاتثق ببعضها فكيف لنا أن نتخيل أنها ستتحول إلى حامل لهم الناس .
تجسيد المدنية
• لكن برأيك كيف جسدت أهداف ثورة سبتمبر معالم الدولة المدنية ¿
-هذا واقع لا ينكره إلا جاحد ¿ أما سياسة التغني بتلك الأهداف دون تنفيذها فهو أشبه بأنشودة الصباح في طابور المدرسـة , فإذا افترضنا أن الدولة المدنية أو المجتمع المدني موجود في من يدعون أنهم أبطالها , فلماذا لا يطبقها ذلك المتغني بها في مناطقه هو, وفي مركز نفوذه ومحافظته وقريته وقبيلته¿. هؤلاء يريدون الدولة المدنية في مناطق محددة ليحكموا هم في تلك المناطق بأسلوبهم الابتزازي ..
معوقات
• وما هي معوقات تنفيذ مداميك الدولة المدنية الحديثة ¿
– الاغتيالات اليومية لضباط الجيش والأمن وتفجير المعسكرات وتفجير مخازن الأسلحة والاختطافات وتخريب المنشآت الاقتصادية الحيوية ,والابتزاز السياسي وعنجهية الأنانية الفردية للبعض,, الشعور بالقوة والمال , الشعور بقوة السند القبلي والعسكري المذهبي التاريخي ,, ومنها أيضا أن كل طرف يريد بناء نفسه وجماعته وحزبه وقبيلته وليس بناء الوطن وأمنه واستقراره.
وحدة الأقاليم
•برأيك دكتور .. كيف يمكن تعميق الوحدة في ظل دولة الأقاليم ¿ .
– إن نظام الأقاليم نظام إداري محلي يقوم على إدارة شؤون المواطنين في كل إقليم وتحت مظلة السلطة السياسية المركزية للدولة. وهو نظام معمول به في الكثير من دول العالم و نظام الأقاليم ليس تقسيماٍ سياسياٍ حتى نتخوف منه لأنه لن يؤدي إلى تفككك الدولة الموحدة إلى دويلات صغيرة جديدة. . سوف يكون للأقاليم الحرية الكاملة في إدارة شؤون الإقليم وسن القوانين المحلية التي تشجع المواطنين على جلب الاستثمارات الوطنية والعربية والأجنبية , وسوف يؤدي إلى التنافس البناء بين الأقاليم وسيكون للبعض من الأقاليم المتقاربة خطط مشتركة ومشاريع استثمارية موحدة, . مثل هذه الخطوات والمشاريع وغيرها من الطرق والوسائل وتشابك المصالح بين المواطنين بالتأكيد سوف تعزز وتعمق عْرى الوحدة الوطنية وسوف تقوى الهوية الوطنية .
الجنوب وحدوي
•هل الجنوب جهة في الجغرافيا أم اتجاه في السياسة .. ¿
-الجنوب لن ينفصل, لأن الجنوب يريد الوحدة ويفتخر بأهدافها وأهداف ثورتي سبتمبر وأكتوبر المجيدتين تلك الأهداف ثقافة في وجدانه والجينات. إنهم يريدون دولة نظام وقانون ومشروع حضاري يقفز بالوطن للقرن الـ21.
صحيح في بعض الشمال خطاب ماضوي وهو خطاب معتاد وهو المخدر المجتمعي المكرس لسهولة الحشد والقيادة. والمخدر الماضوي جمد العقل وأوقف الفكر, بل وأبعدنا عن القرن الـ21 .
إرهاصات مفتعلة
•دكتور .. نحن أمام شرخ وطني غاية في الخطورة جراء هذه الأحداث المتضاربة على الساحة تحت مختلف الأطر .. اليمن إلى أين ¿
– الشرخ الكبير الذي أصاب النسيج الوطني اليوم , كان بسبب الأفعال الغبية والإرهاصات المفتعلة التي تلت ثورة 26 سبتمبر وأكتوبر والوحدة عام 1990م إلى يومنا هذا فكما هو معلوم أن الوحدة الشعبية أو الوطنية بين الشعب اليمني في جنوب اليمن وشماله كانت قوية عراها منذ الأزل وإن شطرتهم السياسة والجغرافيا فإن الشعب اليمني ظل واحدا موحدا في الداخل والخارج, كان التشطير محصوراٍ فقط في التشطير السياسي في دولتين – جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية والجمهورية العربية اليمنية. .للأسف المواطن اليمني في شمال اليمن وجنوبه وشرقه وغربه صار لا يرى في المركز الرئيسي للسلطة أنه منطقة الأمن والأمان له بل إنه يرى فيه القوة القمعية له والعصا المسلطة عليه في كل حين, ونتيجة لذلك الشرخ الكبير الذي يعاني منه المواطن اليمني في كل مكان تفجرت مختلف الصراعات التي نعاني منها اليوم .
اللحمة الوطنية
-وهل بالإمكان ترميم اللحمة الوطنية اليمنية والحفاظ على ثورة اليمن الخالدة وتاريخها العريق ¿
إذا صدقت الحكومة في تنفيذ مخرجات الحوار, فإن اللحمة الوطنية سوف تعود إلى ما كانت عليه خلال فترة زمنية قصيرة, لأن التشظي الحاصل الآن هو نتيجة وليس سبباٍ. .لكن مايشجع أن الدول الخليجية قد التزمت رسميا بتقديم الدعم المالي المطلوب لتنفيذ هذا التحول الجديد في الجمهورية اليمنية, وتعهدت أيضا الدول المانحة في تقديم الدعم المالي والفني للجمهورية اليمنية الفيدرالية الجديدة.
الهوية المشتركة
• وفي ظل الدولة الفيدرالية كيف يمكن الحفاظ على الهوية المشتركة ¿
– إن الهوية المشتركة هي هوية وطنية يمنية موحدة من الشرق إلى الغرب ومن الجنوب إلى الشمال هوية لاانفصام فيها, . فالدولة الاتحادية هي عبارة عن شكل من أشكال النظام السياسي للدول في جانبه وشكله الخارجي كشكل من أشكال الحكم , أما الشكل الداخلي الجديد للدولة فهو شكل إداري محض, أي إنه إعادة توزيع الاختصاصات الإدارية والتخفيف من القبضة المركزية للدولة على الأنشطة الإدارية المحلية وإعادة توزيعها على المكون الإداري الجديد للدولة مستندا إلى النص الدستوري الذي يحدد شكل الدولة الاتحادية ويحدد أقاليمها وأيضا يحدد بشكل إجمالي الصلاحيات والاختصاصات لكل إقليم ويحيل التفاصيل الأخرى من توزيع الصلاحيات والاختصاصات على القوانين المركزية التي سوف تصدر تباعا. . فلا خوف أبداٍ على الهوية اليمنية الموحدة, وأنا على ثقة أنها سوف تتعزز وسوف تقوى عْراها أكثر وأكثر في ظل الدولة الاتحادية إذا أحسنا النوايا وإذا كنا صادقين في تفعيل مخرجات الحوار الوطني الشامل وجعلناها حقيقة ممارسة في الميدان .
مكونات متناحرة
• العنف المسلح والصراعات السياسية المذهبية.. هل هي دعوة للعودة إلى ما قبل ثورة سبتمبر ¿ .
– في الحقيقة لقد ظهرت قوى تستغل الحقوق كسلاح تدمير شامل يمكنه أن يوسع الفجوة ويشتت الفكر ويوزع السكان إلى مكونات متناحرة فيما بينها, ذاك يرى في مذهبه الصحة والحقيقة المطلقة وآخر يدعي بأنه الوكيل الحصري للخالق عز وجل على هذه الأرض وأنه المسؤول المكلف بإلزام العباد إلى اتباعه, وفصيل مذهبي آخر يرى في الحياة اليومية للناس أنها خارجة عن شرع الله وعن مقاصد الشريعة الإسلامية السمحاء, وفصيل آخر يدعو إلى الجهاد والقتال ولا يهدأ إلا إذا قتل الناس وسالت الدماء, وذاك يكفر وآخر يصرخ ويصيح وجميعهم مسلمون ويقولون الله أكبر ويشهدون أن لا اله إلا الله وأن محمداٍ رسول الله.
تأجيج الأزمات
• ووسائل الإعلام تؤجج لتلك الدعوات برأيك من القوى المستفيدة منها ¿
– جميع الناس يدركون أن أخطر الأسلحة تأثيرا في الفكر الإنساني هو الإعلام , فالإعلام خطير جدا بكل أنواعه الحديثة منها كالتلفزيون والراديو أو الصحف والمجلات أو القديمة المنبرية منها كالندوات والمحاضرات والمهرجانات الخطابية. .وبالمقابل هناك إعلام وطني ليس له انتماء أو ارتباط خارجي لكنه يحمل في أدبياته ثقافة تحريضية انفصالية مرتكزا في ذلك على ما رافق مسيرة الثورة اليمنية من انتكاسات خطيرة ,. وتوجد وسائل إعلام محلية ترتبط بقوى سياسية وبمراكز نفوذ محلية دأبت على إشعال فتيل الصراع وممارسته, لأنها تجد نفسها من خلالها وتتكاثر وتقوي مراكزها بافتعال وإثارة الأزمات والحروب الداخلية , وهناك وسائل إعلام أخرى مرتبطة بعلاقات وطيدة مع قوى دولية خارجية تسير وفق اللعبة الدولية التي تحرك قطع أحجار لعبة الشطرنج السياسية وفق ما تراه تلك الدول الممولة لها.وأن البعض من هذه الوسائل هي تابعة لشخص أو للدولة التابعة للقوى الدولية, أي أنها لا ترتبط مباشرة بل هي تابع للتابع.
الاصطفاف الوطني
• من وجهة نظرك ماهي أولويات المرحلة¿.
– على القيادة السياسية البدء بتنفيذ الاستحقاقات الوطنية التي أقرها مؤتمر الحوار, وأعتقد أن ذلك ماسيكون لأن العصا الدولية سوف يكون لها قوة وألم شديد في جسد كل من يعرقل تنفيذ مخرجات الحوار الوطني أو يسيس المطالب بغرض الابتزاز والكسب السياسي .