السياني:
■ الأولى إيقاف التهريب واستعادة القطع المهربة يحتاج إلى إمكانيات ضخمة
المطاع:
■ يمكن استرجاعها وبسهولة عبر التفاهمات أو اللجوء للمحاكم الدولية
المطاع:
■ يمكن استرجاعها وبسهولة عبر التفاهمات أو اللجوء للمحاكم الدولية
البركاني:
■ الاتفاقية العالمية لصون الموروث الثقافي مجحفة بحق اليمن
■ المؤسسة الأمريكية لدراسات الإنسان لم تعد قطعا يمنية استخرجتها من مارب وشبوة في الخمسينيات
حضارة اليمن السعيد عريقة وأصيلة وتمتد جذورها إلى أعماق التاريخ ذلك التاريخ العظيم الذي كانت فيه هذه الحضارة تمتلك من القوة والحضور ما يجعلها بحق حضارة عظيمة يجدر بنا نحن اليمانيون أن نفتخر بها ونفاخر ولكن للأسف الشديد تلك الحضارة اليوم لم تجد من يفاخر بها أو يحافظ عليها بل على العكس من ذلك هناك من يعمل بكل جهد وبإصرار كبير على الإساءة لحضارة اليمن وتراثها وبدلا من التفاخر به وصونه وحمايته تراهم يتاجرون به ابتغاء تكسب رخيص قائم على إهانة أمة ونتيجة لهذه المتاجرة المعيبة باتت الكثير من متاحف العالم تزخر بالقطع والمآثر اليمنية التراثية منها ما هو نادر وهام يحكي حقبا تاريخية يمنية في أزهى المراحل فكيف خرجت هذه القطع الأثرية ووصلت إلى تلك المتاحف العالمية وهل الجهات المعنية على علم بتلك القطع وكيف يمكن إعادتها إلى أرض الوطن¿ أسئلة تبحث عن إجابات لها ولعل اليمنيين والمختصين اليوم مطالبون بالبحث عن حلول لهذه التساؤلات وأن تجد تلك الحلول طريقها إلى التطبيق على أرض الواقع.
القطع في الخارج نوعان
الأخ مهند السياني رئيس الهيئة العامة للآثار والمتاحف والذي زار العديد من تلك المتاحف وبخبرته التراثية بات يدرك القطع الأثرية اليمنية حتى ولو لم يكتب عليها أنها يمنية يقول مهند القطع الأثرية اليمنية في الخارج نوعان نوع تم إخراجه من اليمن عن طريق التهريب والنوع الآخر عبارة خرج من اليمن كهدايا لبعض القيادات البريطانية التي كانت متواجدة قبل ثورة أكتوبر المجيدة في جنوب الوطن من قبل بعض سلاطين الجنوب سابقا وهناك قطع أثرية يمنية تعرض في المتاحف العالمية على أنها يمنية وهذا شيء جيد ولكن هناك قطع أخرى يمنية تعرض على أنها غير يمنية وتنسب إلى دول أو شعوب أخرى وهذا الأمر فعلا محزن جدا.
وحول امتلاك هيئة الآثار لدى إحصائيات أو معلومات عن الطقع اليمنية الموجودة في المتاحف العالمية أوضح مهند السياني أن الهيئة لا تمتلك إحصائيات لتلك الطقع فقط لدينا معلومات عن بعض تلك القطع وأماكن تواجدها وأهميتها التاريخية والآثارية والقطع اليمنية معروفة للمختصين والذين يستطيعون تمييزها من خلال الأسلوب الفني وأسلوب النحت وأيضا الخبرة الأثرية تلعب دورا كبيرا في ذلك.
وأشار السياني إلى أن اتفاقيات مجحفة بحق المرورث والتراث اليمني كانت تتم في بعض الأحيان حيث يتم اقتسام موقع أثري بين الجهة الأجنبية التي قامت بالتنقيب وبين الجهة الرسمية في اليمن وإن كانت هذه قد تمت في الشطر الجنوبي من اليمن بين بعض السلاطين والانجليز.
فإذا كانت هذه القطع معروفة ومعلوم مكانها فلماذا لاتعمل الجهات المعنية في اليمن على استعادتها ولكن ينبغي أيضا أن تعمل وبموازات ذلك على إيقاف تهريب القطع الأثرية من اليمن إلى الخارج.
وهناك يقول السياني: بالفعل الأحرى أن يتم أولاٍ إيقاف تهريب القطع الأثرية اليمنية إلى الخارج قبل أن يتم العمل من أجل استعادة القطع المهربة الموجودة في المتاحف العالمية فعلى الأقل القطع في المتاحف العالمية محفوظة ومسجلة وموثقة ومصدرها معروف والمشكلة التي تواجهنا هي الأسواق التي تباع فيها الآثار عن طريق المزادات العالمية أو المجموعات الشخصية وعلى الرغم من أن أوروبا تدعي وتدعوا الدول إلى الحفاظ على تراثها إلا أن المزادات فيها مسموحة لبيع والاتجار بالقطع الأثرية على مرأى ومسمع من الدولة وبرعايتها ولهذا تعد المزادات العالمية للآثار من أبرز المشاكل التي تواجه التراث ليس في اليمن فحسب بل وفي الكثير من الدول وعلى رأسها طبعا دول عربية وتقدم فيها الكثير من القطع للبيع يمنية ومصرية وعراقية وإن كانت القطع اليمنية تمثل إقلية بالمقارنة بالقطع المصرية والعراقية ولفت السياني إلى أن فرنسا وبريطانيا تمثلان أكثر الدول التي تحتوي متاحفها على قطع أثرية يمنية.
سنعمل جاهدين لإعادتها
وحول إمكانية عودة أو استعادة القطع اليمنية من المتاحف العالمية أو على الأقل تعمل الجهات المعنية اليمنية وبالتفاهم مع الجهات المعنية في تلك الدول من أجل توثيق وتهريب القطع اليمنية من متاحفها وهنا يجيب مهند: سنعمل جاهدين من أجل استعادة تلك القطع بالطرق القانونية سيما ونحن موقعون على معظم الاتفاقيات الدولية لحماية التراث والموضوع طبعا بحاجة إلى وقت وجهد كبيرين وأيضا نحتاج إلى إمكانيات ضخمة في سبيل ذلك وفيما يتعلق بالعمل المبدئي على توثيق وفهرست تلك القطع هي فكرة جيدة يمكن القيام بها من أجل أن يكون لدينا نسخة معلوماتية عن القطع اليمنية الموجودة في المتاحف العالمية نعود إليها ويعود إليها الباحثون والمهتمون..
القطع اليمنية معروفة
وهنا يقول الدكتور إبراهيم المطاع أستاذ الآثار الإسلامي بجامعة صنعاء إن استعادة القطع اليمنية الموجودة في المتاحف العالمية وهي كثيرة وهامة جدا أمر من الممكن القيام به إذا ما صدقت النوايا وبذات الجهود الفعالة في سبيل ذلك فعن طريق العلاقات الدبلوماسية الدولية والاتصالات يمكن استعادتها وبسهولة ويسر فالقطع اليمنية في تلك المتاحف وصلت عن طريقين الأول الإهداء وهي حالات نادرة جدا وثانيها البيع والتهريب ومعظم الآثار في المتاحف العالمية جاءت من هذا النوع وهي بالتالي غير قانونية ويمكن استخدام ذلك مع الدول التي تمتلك متاحفها تلك القطع فإن أعادتها كان بها وأن رفضت ما لم فالمحاكم الدولية المعنية بمثل هذه الأمور يمكنها الفصل في هذه القضية وحول إمكانية معرفة يمنية القطع أو إثبات أنها يمنية وهي غير موثقة أو مسجلة لدى الجهات المعنية في اليمن فعلى أي أساس يمكن للجهات المعنية المطالبة بهذه القطع يؤكد المطاع أن القطع أو الآثار اليمنية معروفة تماماٍ ولا يستطيع أحد نكرانها مثلا القطع الأثرية المكتوبة بخط السند هل بالإمكان لأي شخص كائناْ من كان أن يجزم بأنها غير يمنية حتى فيما يتعلق بالنحوتات والتماثيل والزخارف هناك الكثير من الأشياء التي تميز اليمنية منها عن غيره فمثلا النقوش والزخارف اليمنية تستخدم وبكثرة أوراق العني وعناقيدها..
وشدد الدكتور المطاع على ضرورة أن يتم استعادة القطع اليمنية من المتاحف العالمية وكان من المفترض أن يتم ذلك منذ زمن بعيد وهذا يبين مدى القصور والإهمال الذي تواجهه الآثار اليمنية من قبل الجهات المعنية التي لا تهتم أبداٍ بتراثها وحضارتها وضرب مثالا مصر عند ما كانت من أوج أزمتها وحصل فيها نهب والبحث قطها الأثرية تحركت على الفو كافة مؤسساتها وتكاتفت وعملت على المتابعة والبعث والتحري حتى وصلت إلى القطع بعد أن كانت قد خرجت من مصر واستعادتها بالفعل وتساءل لماذا فقط اليمن تواجه تراثها وموروثها بهذا الإهمال واللامبالاة وما هو المانع الذي تتحجج به الجهات المعنية ممثلة بوزارة الثقافة والهيئة العامة للآثار والمتاحف في عدم استعادتها للقطع اليمنية من المتاحف العالمية اليس الأحرى بهذه الجهات وبالتعاون مع الجهات الأمنية على وقف تهريب الآثار اليمنية إلى الخارج والحرص على الآثار في مواقعها ومواطنها فهي تتسرب باستمرار إلى الخارج واعداد القطع اليمنية في المتاحف العالمية ولدى المجموعات التي يحب اقتناء الآثار حول العالم تتزايد باستمرار.
أكبر مزاد في تركيا
من جانبه كشف الأخ عبدالكريم البركاني نائب مدير عام حماية الآثار والممتلكات الثقافية بالهيئة العامة للآثار والمتاحف عن مزاد يجري الآن للآثار في تركيا وأن هذا المزاد سوف يستمر شهراٍ كاملاٍ, مشيراٍ إلى أن الهيئة تراقب عن كثب إمكانية عرض قطع أثرية يمنية في هذا المزاد العالمي الذي يقصده الكثير من تجار الآثار العرب.
ويضيف البركاني تعد القطع الأثرية المهربة إلى الخارج إرثاٍ حضارياٍ يمنياٍ عريقاٍ لا يمكن أبداٍ التفريط به في أي حال من الأحوال لكن ينبغي على الدولة أن تستشعر أهمية ذلك فهناك متاحف حول العالم وهناك أشخاص معروفون داخل وخارجه لديهم مجموعات أثرية تحوي قطعا يمنية هامة ونادرة بيد أن المواثيق والاتفاقية التي وقعت بين الدول في مجال حفظ وصون التراث الثقافي وقعت في 1971م وهناك مادة في هذه الاتفاقية تنص على أنه لا يجوز للبلدان الموقعة على هذه الاتفاقية المطالبة باستعادة موروث ثقافي يخصها خرج قليل منها عام 1971م وهذا يعتبر إجحافاٍ في حق الموروث الثقافي اليمني لأن هناك قطع أثرية يمنية تحكي أصالة وعراقة التاريخ اليمني ومعروضة في المتاحف العالمية وخرجت من اليمن قبل عام 1971م في متاحف باريس وواشنطن وبريطانيا وروسيا وغيرها من الدول المتقدمة وبموجب هذه الاتفاقية لا يستطيع اليمن المطالبة باستعادة تلك القطع إلا إذا تقدم باعتراض على هذا البند من الاتفاقية عبر القنوات الدبلوماسية والقانونية.
وقال البركاني بدأت حكاية تهريب الآثار اليمنية والاتجار غير المشروع عندما غاب الحزم وانعدمت التشريعات القانونية الرادعة لحمايتها وبات هذا العمل يدر على المهربين والمتاجرين بالآثار الكثير من الأموال وبات الطريق المختصر للثراء السريع الأمر الذي أدى إلى ازدياد وتيرة مافيا الآثار التي رأت في اليمن موطناٍ خصبا لممارسة أعمالها فيه الكثير من مواقع الحضارة والتراث بشكل كبير جدا والجهات المعنية غير معنية أو لا تهتم ولا تتشدد على هذا المجال.
السيادة الوطنية
ولفت إلى أن الحكومة اليمنية يمكنها أن تستعيد هذه القطع إذا ما عزمت على ذلك باعتبارها جزاٍ من السيادة الوطنية التي لا يمكن أبداٍ التفريط فيها مهما كانت الأوضاع ويمكن استرجاعها عبر التمثيل الدبلوماسي وفتح قنوات تحاور مع المتاحف العالمية عبر دولها أما المجموعات الخاصة أو القطع اليمنية في تلك المجموعات فيمكن استرجاعها عبر الشراء.
وذكر البركاني شيئا في غاية الأهمية وهو أن قطعا أثرية يمنية عديدة موجودة لدى المؤسسة الأمريكية لدراسات الإنسان والتي قامت بأعمال تنقيب عن الآثار اليمنية في كل من شبوة ومارب في خمسينيات القرن الماضي وأخذت تلك المؤسسة القطع اليمنية وأخرجتها من اليمن بطرق رسمية وعرضتها في متحف الحضارة اليمنية في مدريد ولكنها لم تعد حتى الآن وتساءل البركاني كيف خرجت هذه القطع وهل كان خروجها وفق اتفاقية مبرمة بين البعثة التي كان يرأسها وندل فليبس والجهات المعنية في اليمن آنذاك الإمامة في الشمال والسلاطين في الجنوب.
التوثيق مهم
ويقول الأخ عبدالعزيز الجنداري مستشار وزير الثقافة لشؤون الآثار أن المواقع الأثرية اليمنية تتعرض للتخريب والعبث وإخراج ما تحتويها من آثار وبيعها بأثمان بخسة في الأسواق العالمية , وقال : من خلال زيارتي لعدد من المتاحف العالمية وجدت الكثير من الآثار اليمنية موجودة فيها وقد اقتنت تلك المتاحف هذه القطع عبر سنوات طويلة ولأن تلك القطع غير موثقة أو مسجلة فهي بالتالي يصعب استرجاعها أو استردادها إلى اليمن ولهذا ينبغي تسجيل وتوثيق آثارنا حتى يسهل استرجاعها في حالة خروجها من البلد بموجب كروت التوثيق كما أن عدم تفاعل المعنيين في اليمن مع كل معلومة تصلهم عن قطع يمنية تم تهريبها كان له بالغ الأثر في ازدياد وتيرة التهريب , مثلا كنت في زيارة لباريس عام 2007م واكتشفت مجموعة من القطع الأثرية اليمنية في إحدى محلات بيع الآثار وهناك علمت أن هناك مزادا سيتم في إحدى الفنادق سوف تعرض فيه ىهده القطع للبيع فيه وقمت على الفور بتصويرها وتوثيقها في كتالوج وكتبت تقريرا أعطيته للجهات المعنية وقبل المزاد وطلبت منهم التنسيق مع السفارة اليمنية بباريس لاسترجاع تلك القطع ولكن دون جدوى لم يتفاعل أحد .
وحول أكثر المتاحف العالمية احتواء بالآثار اليمنية عدد الجنداري بعضا منها وهي متحف اللوفر بباريس والذي يحوي مجموعة كبيرة من القطع اليمنية المتنوعة التي تعود إلى حضارات ماقبل الإسلام والحضارة الإسلامية وابرز تلك القطع صحن يعود لأحد السلاطين الرسوليين وهو آية من آيات الجمال والزخرفة , كذلك المتحف البريطاني الذي يحوي مجموعة أيضا تعد هامة وأبرزها راس غيمان وهو رأس تمثال من البرونز لرجل أهداه الإمام يحيى للملك جورج السادس عند تتويجه ملكا لبريطانيا في الثلاثينيات , كذلك متحف الفن الإسلامي بالقاهرة والذي يحوي مجموعة من القطع معظمها منسوجات وأوان زجاجية ,ومن المتاحف أيضا المتحف الاستوائي في امستردام هولندا ويحوي جانباٍ من التراث الشعبي اليمني ومتحف الإنسان في باريس وكان يضمن جناحا كاملا للتراث اليمني قبل أن يتم نقله إلى متحف آخر وتم إعداد هذا الجناح من قبل الدكتوره كلوديا فايان التي كانت تعمل طبيبة في اليمن , ولاننسى قاعة آرثر سكاكر في الولايات المتحدة والذي يحوي مجموعة يمنية كبيرة كانت نتاجاٍ للبحث والتنقيب الذي قامت به بعثة أميركية برئاسة وندل فليبس عام 1952م في كل من شبوة ومارب فضلا عن متحف فكتوريا وألبرت في بريطانيا والذي يتضمن قطعا إسلامية يمنية رائعة جدا .
وأضاف الجنداري إن القطع اليمنية الموجودة لدى المجموعات الخاصة للمشاهير أو رواد جمع القطع الأثرية تشكل جانبا سيئا للحضارة اليمنية فالقطع اليمنية في المتاحف على الأقل موثقة وتعرض على أنها يمنية بينما في المجموعات الخاصة جنسيتها لا تشكل أهمية وقد ينسبوها لجنسيات أخرى غير اليمن كما أنها لا تشاهد إلا لبعض الناس وتظل مخفية ولعل أشهر المجموعات الخاصة التي تحوي أثارا يمنية مجموعة السيدة انطوان ومجموعة السيد أغسطس من ألمانيا والمجموعة الأخيرة تحوي عدداٍ من القطع والعملات اليمنية القديمة أبرزها عملة يمنية لفلس يمني يعد الأقدم على الإطلاق حيث ضرب أو صك في العام 139 للهجرة وبذلك يعد أقدم العملات الإسلامية اليمنية