استطلاع/ صابرين المحمدي –
مصطفى نصر: على الإعلام الرسمي مناقشة القضايا بطريقة تخدم المواطنين ولا تنحاز لطرف دون آخر
أحمد الزكري: ينبغي على الإعلام الرسمي تعزيز التوافق الايجابي بين مختلف القوى لاستكمال خطوات التغيير
< تؤدي وسائل الإعلام دوراٍ محورياٍ في حياة الفرد والأسرة والمجتمع وفي بناء الدول والمجتمعات وهي بذلك تسهم في التنشئة الاجتماعية وفي تشكيل الرأي العام كما أنها تؤدي دورا استراتيجيا في التنمية المستدامة بمختلف مجالاتها وقطاعاتها لتحقيق الأمن والاستقرار يحتوي برسائله كل شرائح المجتمع ومكوناته يعمل على لم الصف وخلق الألفة بين أفراد الشعب.
فأين يقع الإعلام الرسمي من هذا في ظل الوضع الراهن¿ وماهو الدور الأمثل¿ هل يعود لما كان عليه لسان حال الحكومة ومعيناٍ لها على تنفيذ خططها التنموية والتطويرية للمجتمع¿ طارقاٍ قضايا المواطنين على استحياء¿ أم العكس¿ هل يلبس دور المعارضة بالبحث عن السلبيات والدخول في عالم المكايدات السياسية متغافلاٍ دوره التنموي الذي يتعلق بالمواطنين وهمومهم والوطن بقضاياه. حول هذه التساؤلات أجرت دنيا الإعلام هذا الاستطلاع :
تحتل وسائل الإعلام في كل الأوقات مكانة متميزة انطلاقا من طبيعة وظائفها وتأثيرها على الإنسان (كفرد أو مجتمع أو كدولة) فحجم المسؤولية الملقاة على عاتق الإعلام باعتباره يعبر عن آمال وتطلعات الشعب بحيث يكون إعلاماٍ في مستوى التحديات ويرقى إلى تطلعات وحاجيات المرحلة ويسهم في بناء القناعات والاتجاهات والمعتقدات عند الفرد ويقوم بتوعية الناس حول القضايا التي تؤثر في حياتهم وتخدم التنمية الشاملة من أجل تحقيق الرفاه والتطوير.
فرصة ذهبية
يرى مصطفى نصر رئيس مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي أن وسائل الإعلام الرسمية يجب أن تلعب دورا مهما في خدمة قضايا المجتمع والتركيز على الاحتياجات الأساسية لجمهور المواطنين وذلك لدورها الحيوي في التوعية والتثقيف والمراقبة والتقييم وهذا برأيه يتطلب مناقشة جادة لقضايا الناس بطريقة موضوعية تخدم المواطنين ولا تنحاز لطرف دون آخر فمن المؤسف أن كثيراٍ من وسائل الإعلام الر سمية دأبت على أن تكون مجرد ناقل لما يقوله المسئولون الحكوميون.
مؤكداٍ هنا أن كما هو من حق المسئول الحكومي أن يعرض خططه وبرامجه ويحاول إقناع ناخبيه أو يفترض يعمل لصالحهم بصوابية توجهاته ونجاح قراراته أيضاٍ من المواطنين أن يقولوا رأيهم وينتقدوا السلبيات والتجاوزات عن وسائل الإعلام الرسميةلذا الإعلام الرسمي اليوم مطالب بأن ينحاز للمواطنين الذين ينفقون عليه وذلك من خلال التوعية والتنوير التي تساهم في حماية المجتمع.
مضيفاٍ أن المرحلة الراهنة تشكل فرصة ذهبية لأن تتحول المؤسسات الصحفية الرسمية إلى مؤسسات تحظى بالمتابعة الأكبر لدى جمهور المواطنين وأيضاٍ مؤسسات صحفية تنتصر للمهنية والموضوعية في تناولها لكافة الأحداث.
لسان حال الشعب
يعتقد أحمد الزكري -رئيس تحرير صحفية الثوري- أن وسائل الإعلام العامة ينبغي أن تساهم أكثر في خلق مناخ خطوات الانتقال السلمي للسلطة خلال الفترة الانتقالية التي بدأت عملياٍ بالانتخابات الرئاسية في طريق التغيير الذي تنشده ثورة شعبية سلمية.
منوها إلى أن مطالب المرحلة الراهنة تتمثل في حل لغة التصالح والتسامح محل لغة الفرقة والمماحكات بما يساهم في الانتقال إلى مرحلة وطنية جديدة تخرج الشعب اليمني من آثار عقود من التفكك وذلك يفرض على وسائل الإعلام العامة أن تعكس حقيقة وجودها بكونها لسان حال الشعب وليس لسان حال حزب وجماعة تسعى إلى تسخير كل إمكانيات الدولة لمصالحها الذاتية.
معتبرا أن الثورة الشعبية المستمرة من أكثر من عام حققت نتائج إيجابية لصالح الوطن والمواطن ككل دونما فرز حزبي أو طائفي أو مذهبي أو مناطقي وعلى هذا الأساس ينبغي أن يكون توجه وسائل الإعلام الرسمية من خلال تعزيز التوافق الايجابي بين مختلف القوى باعتباره السبيل الأمثل اليوم لاستكمال خطوات التغير السلمي الذي يهدف إلى بناء دولة مدنية حديثة وديمقراطية.
لاشيء غير الحقيقة
بشرى العامري رئيسة تحرير صحيفة الحبك الاقتصادية ترى أن أهم مايجب أن تلتزم به وسائل الإعلام الرسمية سواء في الوقت الراهن أو في أي وقت هو قول الحقيقة الكاملة للشعب باعتبار هذه الوسيلة ملك للشعب ومخصصاتها المالية غالباٍ من الضرائب والمال العام الذي هو أيضاٍ من الشعب ولذا فعليها أن تمارس دور التنوير والتبصير لهذا الشعب في أمور حياته ومايدور حوله دون كذب أو تزييف من خلال نقل الحقائق وقول الحقيقة لاشيء غير الحقيقة.
مؤكدة: هذا مانحن بأشد الحاجة إليه اليوم وفي الوقت الراهن بعد أن كثرث المزايدات والترهات ووجهت المصالح الشخصية غالبية وسائل الإعلام وتضيف إلى جانب ذلك على وسائل الإعلام الرسمية إبراز المنجزات والمعوقات وكشف وتعرية الفاسدين وقضايا الفساد وغربلة الصالح من الطالح من شخصيات المجتمع العامة وإلقاء وتسليط الضوء على كل مايهم المواطن وما يكدر عيشته وأيضاٍ التعريف بالحقوق والواجبات التي ينبغي أن يلتزم بها.
حل المشاكل أولاٍ
يعتقد أحمد غراب -صحفي في صحيفة السياسية- أنه لايمكن أن يكون هناك دور فاعل بالشكل الذي تحتاجه البلاد مالم تتم معالجة المشاكل التي تعاني منها مؤسسات الإعلام الرسمي من البلد وما أكثرها فالإبداع برأيه والدور الفعال لايمكن أن يأتي في ظل حالة الاضطراب وعدم تهيؤ الأجواء للعاملين والإعلاميين والمؤسسات ذاتها ففاقد الشيء لايعطيه.
مضيفاٍ: من الصعب أن يقوم الإعلام الرسمي بدوره المطلوب وهو يعاني بالشكل الذي نراه فمثلاٍ وكالة الأنباء اليمنية «سبأ» بلا مقر وأكثر من ألف موظف – محررين وإخباريين ومركز بحوث وترجمات ومراسلين- كلهم تقريباٍ في حكم النازحين ولم تتخذ الجهات المعنية أي إجراءات بخصوص الشيء المخجل إزاء وكالة رسمية تمثل البلد كما لدينا أيضاٍ مؤسسة الثورة والمشاكل التي تمر بها أي دور نتوقعه من الكادر الإعلامي بشكل عام وهو غارق في المشاكل فالصراعات والتجاوزات والتقاسمات انعكست على كل شيء بما في ذلك الإعلام الرسمي والعملية الإعلامية أصبح ينظر إليها من منظور واحد هو المنظار السياسي والحزبي في حين يفترض أن يكون الإعلام الرسمي بمنأى عن كل المشاكل التي تحيط بة في الوقت الحالي لكي يتمكن من القيام بدوره الفعال باعتباره يمثل بلداٍ.
مؤكداٍ أن الطريق الوحيد للنهوض بالإعلام ومحاولة الرقي بدورة هي حل كل المشاكل التي يعاني منها الكادر الإعلامي وعزل الإعلام عن أي توترات بين الأطراف أياٍ كانت واتخاذ كل الإجراءات ضد كل من يحاول أن يحول رسالة الإعلام الرسمي من إعلام يمثل بلداٍ إلى إعلام محصور في حزب أو فئة أو سلطة أو نفوذ أو معارضة أو دبلجة أو فساد.
التسوية السياسية
يقول عبد السلام الشريحي معد ومقدم برامج في السعيدة: يجب على الإعلام الرسمي قبل كل شيء أن يتذكر أنه إعلام شعب ووطن ولا تنحصر مهمته فقط في الدفاع عن سياسات الحكومة القائمة بمعنى أن لايكون خادما لحزب ومضللاٍ لشعب وبالتالي مطلوب من الإعلام الرسمي أن يدعم توجهات الحكومة وينفتح على الآراء المختلفة في البلاد كما هو حال صحيفة الجمهورية وذلك من خلال امتهان الشفافية مع الناس لضمان عدم تراكم الأزمات سياسياٍ واقتصادياٍ واجتماعياٍ وما هو مطلوب من الإعلام في الوقت الحاضر يتمثل في تثبيت التسوية السياسية ودعم برنامج الحكومة التي تحظى بإجماع الشعب ومشروع المصالحة الوطنية الشاملة.
إرساء القيم المهنية
يقول الدكتور عبد الرحمن الشامي رئيس قسم الإذاعة والتلفزيون: ينبغي على الإعلام الرسمي في هذه المرحلة البدء في إرساء قيم الممارسة الصحفية المهنية الأخلاقية واستكمال ماتم البدء به في هذا الخصوص حتى يستطيع اكتساب موثوقية الجمهور ومصداقية أو استعادة مصداقيته المفقودة والتي بدونها يضعف تأثير الخطاب الصحفي.
أي يمكن البدء في تناول الموضوعات والقضايا التي تساهم في بناء اليمن الجديد كمراعاة العدالة والحرية والمواطنة والمساواة واستدعاء قيم العمل والعطاء والبناء في مقابل الحقوق فضلاٍ عن المسئولية.
الاستفادة من المتغيرات
يرى الدكتور مجيب الشميري قسم الإذاعة والتلفزيون أن هناك متغيرات في المشهد الإعلامي اليمني اليوم جديرة بالملاحظة والدراسة إذا أحسن الاستفادة منها من المتوقع أن تغير من الأساليب القديمة في معالجاتها الإعلامية.
ومن هنا على الإعلام الرسمي في المرحلة الحالية والقادمة أن يعمل بجهد كبير على ترسيخ قيم الموضوعية الإعلامية وتكريس معايير المهنية الإعلامية من خلال تغطية الأحداث والقضايا وبناء نظرة مستقلة تكرس على أن وسائل الإعلام الرسمي لا تخدم حزباٍ أو طرفاٍ بعينه وإنما هي وسائل إعلام خدمة عامة كما يطلق عليها في العالم المتقدم باختصار أمامها مهام صعبة في تعميق مفاهيم الحرية والعدالة والنظام والقانون والدولة المدنية الحديثة بحيث تصبح أداة بناء لا هدم في المجتمع اليمني.
وقف التحريض
يعتقد الصحفي عبد الرحمن أبوطالب أن اليمن اليوم تعيش مرحلة انتقالية من المفترض أن تنقله إلى بر الأمان والاستقرار ولكن انقسام المجتمع وتشكل نسيج مجتمعي مغاير لما كان عليه قبل الأزمة جعل المرحلة المقبلة أكثر خطورة على الوحدة الوطنية والسلم الاجتماعي والأمن والاستقرار.
ويؤكد عبد الرحمن أن الإعلام الرسمي في المرحلة الراهنة يجب أن يلتزم بالحيادية التامة في جميع القضايا التي يكون الطرح فيها حساساٍ لمكونات الشعب بحيث لا تحدث تصدعات محتملة كما يجب أن تلتزم بالمركزية المطلقة «نوعا ما» فلا مجال للارتجال لأن كل خطوة يقوم بها الإعلام الرسمي أو معلومة يقوم بنشرها تكون محسوبة و يجب الابتعاد عن القضايا المسيسة من قبل أحزاب أو فئات معينة وطرح القضايا الوطنية بمهنية وموضوعية كبيرة تصب في مصلحة المجتمع ككل ويعمل على توجيه الطاقات الكامنة في الإعلام الرسمي نحو أهداف مرسومة سلفاٍ تعتمد على كفاءات شابة وطنية محايدة فلا مجال للكفاءات القديمة المشهود لها بالتبعية إلا ما ندر (على حساب أننا نشهد حراكا ثوريا في اليمن)كما يستلزم عليه حث جميع الأفراد والأحزاب السياسية التي لها باع إعلامي داخل الساحة ووقف حملاتها التحريضية ولو إلى ما بعد مرحلة الحوار لأن المجتمع منقسم والمطلوب من الجميع إعادته إلى مساره الطبيعي ويجب أن يغلب الإعلام «الطابع التوعوي» لأن المجتمع جراحاته كبيرة « صحيا واقتصاديا واجتماعيا وأمنيا «ويركز على قضايا تهم الشارع والمواطن لكي يكون تأثيره وتأثر المجتمع به كبيرا كما في برنامج» نوح الطيور للزميل محمد المحمدي وبرنامج « صورة « للزميل والوالد أحمد الذهباني وأيضاٍ يجب على الإعلام الرسمي أن يستحوذ على مادة السبق الصحفي أو الإذاعي أو التلفزيوني من مواقع الحدث باستخدام إعلاميين محترفين لتفويت الفرصة أمام الصحف والقنوات الإعلامية الصفراء التي تستغل مراميها وأهدافها ومغازيها بحسب توجهاتها وتحولها إلى خبر يحمل طابع»الإشاعة» أكثر من الحقيقة التي يريدها المتلقي وبالتالي فإن السبق يكون ضرورة بالنسبة للإعلام الرسمي لاعتماده فيما بعد كمصدر رئيسي في تداول المعلومة خاصة ونحن اليوم نعيش أحداثاٍ كثيرة يندى لها الجبين كأحداث صعدة وأبين والقاعدة .