وفاق وتوافق .. وليس تعليق مشانق!!



أحمد مظفر
تترقب الأوساط السياسية العربية والدولية والعدو قبل الصديق ما سوف تسفر عنه التسوية السياسية التي تمت في اليمن بعد التوقيع على المبادرة الخليجية وآليتها المزمنة وأضحت تطبق على الواقع بتشكيل الحكومة وإجراء الانتخابات الرئاسية المبكرة .. وصارت هذه الأوساط السياسية تنظر بمراصدها إلى ما سوف ينبثق عن المخرج السياسي السلمي والسليم من الأزمة التي تمت في اليمن .. واليمنيون وحدهم من حقق الإنجاز وطبق الإعجاز .. وبأن الحكمة يمانية .
والآن وبعد أن وصلنا إلى محل تقدير وإعجاب الكل من حولنا فإن المطلوب تهيئة الأجواء الصحية اللازمة وطي صفحة الماضي بكل ما فيها من مآس وجراح من خلال تجسيد الوفاق الوطني ونزع فتيل الفرقة والشتات التي خلفتهما نزاعات الفترة الماضية والتعاون مع حكومة الوفاق بتنفيذ الضوابط واللوائح التي تكفل تعامل المؤسسات العسكرية والمدنية والأهلية مع الأفراد والموظفين والعاملين وحتى المواطن العادي بمهنية وأمانة وفق المبادرة الخليجية .. والأهم من ذلك الأخلاق القيمة والمبادئ الإسلامية السمحة.
وبقدر ما سررت من المخرج السياسي الذي تم في اليمن ونجاح الانتخابات الرئاسية المبكرة وتشكيل حكومة الوفاق الوطني وعودة الحياة اليومية إلى طبيعتها بقدر ما احبطت من الفوضى التي لا زال يحرص البعض على تجسيدها في أكثر من مؤسسة من مؤسسات الدولة .. والخوف كل الخوف أن تتقاطع سلوكيات وممارسات هؤلاء البعض مع ما نحلم به.
لأن من حقنا أن نحلم بمستقبل أفضل .. مستقبل واعد بالخير والنماء والأمن .. حلم يتحقق على الواقع المعاش .. حلم لا يشبه حلم أبي وجدي في تحقيق الوحدة العربية وفارقا الحياة من دون أن تتحقق تلك الوحدة .. ماتا ومعهما الحلم العربي .. غادرا الحياة كمدا وقهرا من طول ما حلم به بتحرير فلسطين والقدس المحتلة ولم يتم ذلك.
والآن ما أحوجنا إلى ثورة إنسانية ثورة على النفس اللوامة والأمارة بالسوء .. ثورة تنسينا حق الماضي وحمق جهل البعض منا .. ثورة تخرجنا مما نحن فيه إلى واقع أرحب أوسع وأشمل .. نحلم فيه بواقعية بيمن آمن ومتطور ونعيش فيه سوية في ظل دولة مدنية أو عسكرية.. لأن الأهم من ذلك هو العقل النظيف .. العقل الذي يعتبر أس وأساس التغيير في أي مجتمع من المجتمعات التي أحدثت التطور أو المتخلفة وتسعى للتطوير.
وغير ذلك .. ماذا نتوقع من عقل غير سليم وليس نظيف سوى قمع من يعيشون معه في الأرض أو في العمل أو في المسجد وكل من يختلفون معه في الرأي أو في الحزب أو في المذهب .. ومن لهم عقل كهذا حريا بهم البعد عن العمل السياسي وغير جديرين بقيادة أحزاب أو منظمات سياسية .. لأن وجودهم فيها بالتأكيد سيقودها للفشل الذريع .
وعلينا أن نفهم أن الحزب الذي يلعب السياسة جيدا يجعل خصمه سيئا .. كفريق كرة القدم عندما يفوز فإنه يكشف مساوئ الفريق المهزوم وفشل خطة مدربة .. وعلنيا أن ندرك أيضا معنى رأي من سبقونا .. أن أسوأ إصلاح هو المدفوع بأزمة.
وبالفعل أي إصلاح ننشده الآن في ظل تواصل الاعتداءات على خطوط الكهرباء وخطوط النقل ازدياد نشاط القاعدة والإرهاب في الاعتداء على الجيش والأمن وممارسة الاغتيالات بأبشع صورها عبر العبوات المفخخة والأحزمة الناسفة .. وهناك البعض ممن يعملون في إطار حزبي ضيق يعملون على تدمير المؤسسات الحكومية حتى ولو كانت محل أعمالهم ومصدر رزق أبنائهم.
لم اقصد هنا تعليق المشانق أو تعذيب الذات .. ولا تقليب المواجع .. ولم أهدف إلى حلم يتبعه كابوس رازم قات أو خطرشة كلام في مجالس البحشامة .. لكني قصدت من ذلك أن أشير إلى ضرورة الانتباه إلى أن كلنا شركاء في بناء اليمن السعيد .. وأن نتعامل مع قضايا الوطن ونحن بكامل حواسنا والى أن لكل شيء بداية .. وأن طريق الألف ميل يبدأ بخطوة .. وأول خطوة أن تتغير فينا العقليات .. وأن الحلم الأجمل ما فيه انه بداية التفكير بالتغيير .. شريطة أن تكون المبادرة ذاتية في إصلاح ذات البين.

قد يعجبك ايضا