ترمب .. ومسلسل البقرة الحلوب!

عبدالفتاح البنوس

 

 

ترمب رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية ، بعد فوزه في الانتخابات الرئاسية أمام منافسته مرشحة الحزب الديمقراطي كامالا هاريس ، ترمب الذي هُزم في انتخابات التجديد النصفي السابقة أمام المرشح الديمقراطي جو بايدن ، بعد أن نجح الأخير في الحصول على دعم وتأييد العرب والمسلمين في أمريكا واستغلاله حالة الجموح المنفعلة التي ظهر بها ترمب مهددا بدخول البلاد في حالة من الفوضى في حال عدم فوزه في الانتخابات، علاوة على مواقفه وقراراته الرعناء وسياسته الحمقاء ، كل ذلك حرمه من الفوز بولاية ثانية ، وها هو المشهد يتكرر اليوم لصالحه ضد نائبة الرئيس بايدن كامالا هاريس التي ترشحت للرئاسة نتيجة تدهور الحالة الصحية لبايدن وعدم قدرته على خوض السباق الانتخابي ، حيث نجح ترمب في حسم المعركة الانتخابية بعد حصوله على أغلبية أصوات المجمع الانتخابي ، ليصبح الرئيس الأمريكي الـ 47 ، مسجلا أسرع عودة للبيت الأبيض ، بعد أن أطلق سلسلة من الوعود الانتخابية خلال حملته الانتخابية والتي كان لها أبلغ الأثر في فوزه بالرئاسة الأمريكية .
ترمب قال عقب فوزه ( بأنه حقق أقوى عودة سياسية على الإطلاق في تاريخ البلاد )، ووصف ما حصل بأنه أعظم انتصار سياسي على الإطلاق، وشبه عودته للرئاسة بأنه اليوم الذي استعاد الشعب الأمريكي سيطرته على بلاده، ووعد الأمريكيين بأن يشهدوا خلال رئاسته العقد الذهبي في تاريخها، وأن أمريكا ستكون أقوى من ذي قبل، وأنه سيعمل على تخفيض الضرائب، وغيرها من العناوين التي حاول من خلالها إيصال رسائل اطمئنان للشارع الأمريكي بأنه سيكون عند حسن ثقتهم به، وعلى الرغم أن ما قاله ترمب اليوم ، وما أطلقه من وعود انتخابية سبق له وأن أطلقها قبل ثمان سنوات عندما ترشح للانتخابات الرئاسية والتي فاز فيها على هيلاري كلينتون؛ إلا أن الناخب الأمريكي يظل في حالة ترقب لما بعد تسليم السلطة في 20يناير من العام القادم، في انتظار تنفيذ ترمب لوعوده التي أطلقها، وفي مقدمة ذلك الوعود التي أطلقها بشأن إيقاف الحرب الأوكرانية الروسية وإيقاف العدوان على غزة ولبنان، وهي الوعود التي كانت السبب وراء تغيير مزاج الناخبين الأمريكيين من أصول عربية وإسلامية والذين درجت العادة على أن يصبوا أصواتهم لحساب مرشح الحزب الديمقراطي .
والسؤال الذي يفرض نفسه هنا : هل يفي ترمب بوعوده الانتخابية ؟! وهل يتمكن من تصحيح الصورة القبيحة التي ظهر بها خلال فترة رئاسته السابقة التي انتهت به إلى المحاكم ؟! الآن هو في مرحلة امتحان أمام الناخبين ، وعليه أن يعي ويدرك جيدا أن فوزه في الانتخابات وبالتحديد التصويت الشعبي لا يعني- كما يتصور- محبة الشعب الأمريكي له ، ولكن المسألة مرتبطة بسياسة بايدن الغبية ، وسلسلة الوعود التي أطلقها وتعهد بتنفيذها ، لذلك باتت مصداقيته على المحك ، وهو من سيحدد مصيره السياسي في المستقبل .
وبالنسبة لما يتعلق باليمن فإن مواقفنا من الإدارة الأمريكية ثابتة لا ولن تتغير إلا بتغير السياسة الأمريكية وإيقاف تدخلاتها في شؤون اليمن، وتغيير مواقفها الداعمة والمساندة للكيان الصهيوني، لا يعنينا فوز ترمب أو هزيمة هاريس، السياسة الأمريكية الخاطئة وغير السوية هي من تدفعنا للوقوف في وجه أمريكا، وليس لنا أي مطامع أو مصالح أو مكاسب شخصية من وراء ذلك، ولا يمكن أن تتأثر مواقف بلادنا تجاه أمريكا بفوز ترمب كما يصور ذلك أبواق الشقاق والنفاق والعمالة والارتزاق، لقد حكم ترمب أمريكا أربع سنوات وشاهد مواقف اليمن واليمنيين، واليوم سيرى ويشاهد مواقفهم التي زادت صلابة وقوة وشموخا وعنفوانا بفضل الله، ولن يأخذ ترمب اليوم منا ما لم يأخذه في الماضي، ولن تتغير مواقفنا الداعمة والمساندة لإخواننا في غزة والضفة وجنوب لبنان، وسنواصل الدعم والإسناد والصمود والثبات في معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس، لن يرهبنا ترمب ولا غيره من الطواغيت، ولن نخضع ولن نجبن، وليست مشكلتنا أولئك الذين يصورون ترمب وكأنه ( البعبع ) الذي سيبتلع الكرة الأرضية ومن عليها، وجعلوا من فوزه مادة للتهويل والتحريض ضد اليمن وقيادته وبقية دول محور المقاومة .
نحن لا نخاف إلا من الله، ونحن جاهزون لكل السيناريوهات المحتملة، ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن نتراجع أو نضعف في دعم وإسناد غزة ولبنان، وسنكون بالمرصاد لأي مؤامرات تستهدف بلادنا، وستتواصل عمليات الدعم والإسناد إلى أن يتوقف العدوان والحصار على غزة ولبنان، وعلى ترمب وإدارته أن يعوا ويدركوا ذلك جيدا، الكرة اليوم في ملعبهم، وعلى المرتزقة أن يشفقوا على أرباب نعمتهم آل سعود وآل نهيان من خطر ترمب الذي سبق وأن وصفهم بالبقرة الحلوب، وخصوصا أنه صرح بأن أولى زياراته الخارجية ستكون للسعودية والإمارات من أجل افتتاح عرض مسلسل البقرة الحلوب الجزء الثاني، الذي من المتوقع أن تكون مضامينه حافلة بالإثارة والتشويق، ويحظى بعائدات مالية ضخمة تسهم في رفد الخزانة الأمريكية ودعم الاقتصاد الأمريكي، أما ما يخص اليمن، فلا ترمب ولا طواغيت العالم يمتلكون القدرة على أن يهزوا شعرة من رأس أصغر جندي في القوات المسلحة اليمنية بفضل الله وعونه وتوفيقه، ولسنا ممن ترتعد فرائصهم ، وتتضعضع مواقفهم، وتتلون وجوههم .
ثابتون وصامدون على العهد والوعد والمبدأ، لا نخاف ولا نخشى غير الله، إلى أن يكتب لنا الفتح الموعود والنصر المبين .

قد يعجبك ايضا