.على الرغم من الاستهداف الممنهج للقطاع الزراعي طيلة العقود الماضية إلَّا أن ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر مثلت نقطة الانطلاق نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي وتوفير الأمن الغذائي عبر خطط واستراتيجيات هادفة لمضاعفة وتوسيع الإنتاج الزراعي وإحداث نهضة زراعية شاملة تكفل توفير احتياجات الشعب اليمني من الغذاء وتحوّل الاكتفاء الذاتي في عهد ثورة الـ ٢١ من سبتمبر إلى هدفٍ استراتيجي تصدّر البرامج الوطنية للإنعاش والتعافي الاقتصادي، التي أطلقها المجلس السياسي الأعلى للتغلب على الآثار الاقتصادية التي خلفها العدوان والحصار وبما يسهم في الحد من استيراد الحبوب والمنتجات الزراعية من الخارج.
الثورة / يحيى الربيعي
ويؤكّـد المسؤولون في وزارة الزراعة والموارد المائية أن التوجّـه نحو الاكتفاء الذاتي هو ثمرة من ثمار ثورة الـ21 من سبتمبر، باعتبارها ثورةَ التغيير التي أحدثت نهضة زراعية شاملة.
ويوضح المعنيون في الزراعة أن اليمن في الماضي كان يفتقد إلى القيادة والتوجّـه القيادي الجاد نحو الاكتفاء الذاتي والاهتمام بالقطاع الزراعي وحينما وجدت القيادة الثورية والسياسية الصادقة والقرآنية عزمت بكل إصرار على تحقيق الاكتفاء الذاتي من الأمن الغذائي، و أن الاهتمامَ بالقطاع الزراعي يعد جزءًا أَسَاسيًا من الاهتمام الرئيسي كواجب ديني وإنساني ووطني في مواجهة الأعداء ونصرة الإسلام واليوم بفضل ثورة الـ21 من سبتمبر رغم الحرب والعدوان والحصار ورغم الأضرار الكبيرة التي تعرض لها القطاع الزراعي خلال سنوات العدوان والحصار، حيث تجاوزت الخسائر المباشرة وغير المباشرة أكثرَ من 111 مليار دولار وفق المعنيين في الزراعة ، إلا أن الدولة ممثلة بوزارة الزراعة واللجنة الزراعية والسمكية العليا لم تقف مكتوفة الأيدي ولم تستسلم، بفضل موجهات وتوجيهات القيادة الثورية والسياسية، حيث تم إطلاق الثورة الزراعية بمراحلها الثلاث”.
نتائج كبيرة
ويؤكد وزير الزراعة والثروة السمكية والموارد المائية في تصريحات اعلامية أن “هناك نتائج كبيرة أنجزت خلال عشرة أعوام من عمر الثورة ، حيث تم تحقيق زيادة في المساحات المزروعة وكميات الإنتاج وتحَرّك المجتمع نحو الثورة الزراعية فكان هو الداعم والرافد والمساند الأول في الجبهة الزراعية، كما كان في الجبهة العسكرية، حَيثُ بلغت المبادرات المجتمعية أكثر من 1151مبادرة مجتمعية، وتم إنشاء أكثر من 64 جمعية تعاونية زراعية، وإعادة تفعيل 145 جمعية”، اضافة إلى أنه “تم إعادة تفعيل الاتّحاد التعاوني الزراعي، وإنشاء اتّحاد جمعيات منتجي الحبوب، واتّحاد جمعيات منتجي البن، وكلها من ثمار وبركة ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر، والتي بفضلها تغير تفكير المجتمع وأصبح يعتمد اعتماداً كليًّا على أرضه ويزرعها”.
ويشير الرباعي إلى أن ثورة 21 سبتمبر أبطلت النظريات والتقارير والدراسات التي وضعها البنك الدولي ومنظمة الفاو والتي كانت تروج عدم جدوائية زراعة القمح والحبوب في اليمن؛ كونها لا تمتلك مساحات شاسعة من الأراضي وعدم توفر المياه، مؤكّـداً أن زراعة القمح والحبوب من الأولويات التي توليها القيادة الثورية والسياسية، حَيثُ أن اليمن بات مكتفياً ذاتياً في إنتاج بعض المحاصيل من الحبوب والبقوليات وتم إيقاف الاستيراد منها، موضحًا أن قيادة الجبهة الزراعية باتت اليوم تركز على تحقيق الاكتفاء الذاتي من محصول القمح كأولوية لدى القيادة الثورية التي تسعى لتحقيق الأمن الغذائي.
تسويق حديث
ومن الأنشطة الحديثة التي أنشأتها الجبهة الزراعية يقول الرباعي : إنه تم إنشاء أساليب تسويق حديثة ومواكبة كالزراعة التعاقدية، حَيثُ تم تأسيس ثماني شركات للزراعة التعاقدية، وَكُـلّ شركة متخصصة في مجالٍ خاص من المنتجات الزراعية النباتية، سواءً الحبوب أَو البقوليات والمكسرات وبعضها في الدواجن، وبعضها للأعلاف، وأُخرى للمستلزمات الزراعية، وشركة للثروة الحيوانية.
ويتطرق إلى أن فكرة الزراعة التعاقدية أثمرت في إنجاز أكثر من 60 عقداً مع الجمعيات والمنتجين الزراعيين، ففي محصول الذرة الشامية تم التعاقد على 4200 طن وفي محصول الثوم تم التعاقد وشراء كمية 5000 طن وفي محصول البقوليات تم التعاقد على 1200 طن، والتمور تم الاتّفاق مع الوكلاء على شراء 2500 طن، والزبيب تم شراء 125 طناً.
ويتابع بالقول: “كذلك في الرمان والتفاح والمانجو، وقد انخفضت فاتورة الاستيراد في بعض المنتجات الزراعية بنسب متفاوتة بعضها زادت عما كان مخطّطاً له مثل الثوم نسبة 50 %، الذرة الشامية 5 %، الزبيب 70 %، الدواجن 20 %، التمور 15 %، اللوز 5 %، كُـلّ هذا الانخفاض بفضل توجيهات القيادة التي أرشدتنا إلى التحول نحو الزراعة التعاقدية وتحويل فاتورة الاستيراد لصالح المزارع اليمني، ويقول الرباعي لدينا اليوم توجّـه لربط الزراعة التعاقدية بالكثير من المشاريع مثل التمكين الزراعي وغيرها لخلق وعي مجتمعي ولحلحلة كَثير من مشاكل التسويق والذي يعتبر من أهم المشاكل”.
ثقافة الاستهلاك
مختصون في الشأن الزراعي أكدوا أيضاً أن ثقافة الاستهلاك والترويج للمنتج الخارجي كانت السائدة لدى الأنظمة السابقة قبل ثورة 21 سبتمبر ،وأن القطاع الزراعي عانى من الاستهداف الممنهج لتدمير القطاع ما جعله كياناً مشلولاً وعاجزاً عن تلبية احتياجات الأفراد من السلع الغذائية دون أن يحرك ساكناً من قبل الساسة والنظام في البلاد وأن الاستهداف في القطاع الزراعي كان شاملاً لجميع مفاصله، فتم استهداف الجانب المعلوماتي والتشريعي والإنتاجي وغابت عنه الأهداف حتى ضل طريقه.
مشيرين إلى أن القيادة الثورية والسياسية بعد ثورة 21 سبتمبر توجّـهت توجّـهاً صادقاً وإيمَانياً لخدمة الدين والوطن وتحقيق الحرية والاستقلال والذي لا يمكن تحقيقه إلَّا بالنهوض بالقطاع الزراعي وتحقيق الأمن الغذائي.
ويؤكّـد المختصون الزراعيون أن القيادة الثورية والسياسية أخرجت القطاع الزراعي من الظلمات إلى النور وأن ثورة 21 سبتمبر خلقت لدى المجتمع ثقافة الزراعة والإنتاج المحلي، ثقافة وجوب امتلاكنا لقوتنا من أرضنا، معتبرين تلك الثقافة ثقافة بناء وليست ثقافة هدم وأنه من لا يتملك قوته لا يمتلك قراره السيادي.
مؤكدين أن “هناك خطوات عملية وخطط استراتيجية تعمل عليها كُـلّ الجهات العاملة في الجبهة الزراعية والتي لا تقل شأناً عن الجبهة العسكرية فالعمل جارٍ على قدمٍ وساق للتحضير لثورة زراعية شاملة حقّقت العديد من الإنجازات في الجانب الإنتاجي والجانب المعلوماتي والجانب التشريعي وأهم من ذلك جانب الإنسان والوعي المجتمعي في فترة قصيرة وهي ما زالت تخوض هذه المعركة للوصول إلى مرحلة الاكتفاء الذاتي بإذن الله”.
فساد سابق
وتجدر الإشارة إلى أنه وبعد اغتيال الرئيس الحمدي وصعود عفاش إلى الحكم، تراجع الاكتفاء الذاتي إلى 15 % م كما تدنت مساهمةُ الناتج الزراعي في الدخل المحلي الإجمالي إلى 13 %؛ بسَببِ فساد تلك الحكومات.
ويؤكّـد اقتصاديون أن الحكومات المتعاقبة بعد اغتيال الحمدي تعمدت تدمير القطاع الزراعي في اليمن بشكلٍ مقصود، حَيثُ شهد القطاع الزراعي بعهد تلك الحكومات كماً هائلاً من الفساد والإهمال دفعه إلى الانهيار المطلق للحد الذي أُصيب بالشلل.
ويرجع اقتصاديون أسباب انخفاض نسبة التنفيذ في استثمارات القطاع الزراعي في عهد حكومة عفاش، إلى عدة أسباب، أهمها: قلة الكوادر الفنية والإدارية، والصعوبة في الحصول على الأراضي، وقصور التمويل اللازم لبعض المشروعات.
كما تعود أسباب التدهور والتراجع التاريخي للقطاع الزراعي اليمني في الأنظمة السابقة المرتهنة للخارج إلى عدة أسباب، أهمها إهمال الدولة للقطاع الزراعي، وتراجع دعم المؤسّسات الزراعية لصغار المزارعين، وتصفية عدد من المؤسّسات الزراعية المملوكة للدولة، وتعرض غالبيتها للفساد الممنهج، وتقليص مهام بعضها مقابل تزايد الأهميّة النسبية للقطاعات الأُخرى كالتجارة والنقل والأشغال والخدمات والرياضة.
كما أن من الأسباب التي أَدَّت إلى تهاوي الأمن الغذائي تعطيل عمل المؤسّسات الزراعية الحكومية، وضعف التشريعات، وعدم وجود خطط وسياسات عامة لرفد الأنشطة الزراعية، إضافة إلى استيراد الدولة بتوجيهات أمريكية لمدخلات الزراعة الحديثة كالأسمدة، والبذور المحسنة التي تسببت في قتل الزراعة وانخفاض الإنتاج في القطاع الزراعي نفسه نتيجة الاستخدام المتباين والضعيف لذلك.