في مرحلة حرجة من التاريخ الإقليمي والدولي، أثبت اليمن قوته وعزيمته من خلال فرض معادلة بحرية جديدة تفرض نفسها على مسرح الأحداث العالمي.
بفضل الانتصارات التي حققها الجيش اليمني ضد قوى كبرى، أمريكا والغرب، أصبحت لليمن القدرة على إعادة تعريف دورها في حماية الملاحة الدولية وتأمين خطوط التجارة الاستراتيجية، ما يعزز من موقفها كقوة إقليمية ذات تأثير كبير على الصعيدين الإقليمي والدولي.
يمكن القول إن تثبيت معادلة البحر التي فرضها الجيش اليمني بقوة السلاح وانتصر فيها على أمريكا والغرب مقابل وقف العدوان على غزة وهو الأمر الذي بات راسخا لدى الأمريكي الذي اعترف مؤخرا عبر وزير خارجيته بأن وقف التصعيد في البحر الأحمر مرتبط بالحل في غزة، هذا الاعتراف الضمني يأتي بعد أن فشلت أمريكا في فصل الجبهات عن غزة خصوصا الجبهة اليمنية.
هذا التطور يعكس قدرة اليمن على التحكم بالملاحة الدولية وحماية السفن التجارية مستقبلا، ولا حاجة بعد اليوم لأي تواجد لقطع حربية تحت مبرر حماية الملاحة.
وهي رسالة لا بد أن يفهمها الأمريكي والغربي بأن التزام اليمن العميق بالحفاظ على الأمن القومي العربي موقف ثابت ومن خلال موقف اليمن مع الشعب الفلسطيني فلن يتردد في الوقوف إلى جانب أي دولة عربية تتعرض لعدوان أو تهديدات أجنبية.
وفي ضوء هذا الالتزام، يظهر اليمن كعنصر فاعل ومؤثر وأساسي في تعزيز الاستقرار الإقليمي وإيجاد أرضية صلبة للموقف العربي الذي يبدو الآن هشا وتحت تأثير العمالة والتطبيع فدور اليمن لن ينتهي هنا، بل سوف يستعيد لهذه الأمة كرامتها وعزتها والأهم من ذلك أن اليمن اليوم يرفع شعارا أكثر جرأة وطموحا وهدفاً مستقبلياً يتجاوز مجرد الدفاع عن الأراضي والمصالح العربية، فهو يسعى بجدية لطرد أي تواجد عسكري أمريكي وغربي من المنطقة العربية، وإعادة تأكيد سيادة الدول العربية.
في الوقت نفسه، يضع اليمن تحرير فلسطين في قلب استراتيجيته، مؤكدا التزامه الثابت بالقضايا العادلة وحقوق الشعوب.
إن هذا الهدف لا يعبر فقط عن طموح استراتيجي، بل هو تعبير عن إرادة قوية لتغيير الواقع الإقليمي والدولي، ويجعل من اليمن القوة المحورية في تحقيق استقلال حقيقي وفتح صفحة جديدة في تاريخ المنطقة، حيث تكون الأمة العربية حرة وقادرة على تقرير مصيرها دون تدخل خارجي.