الرضا الوظيفي حالة معنوية إيجابية تجاه الوظيفة وما يرتبط بها من شعور جيد وتساهم عدة عوامل في حضورها، أهمها انتماء الموظف وعلاقاته بالإدارة وبزملائه والمحفزات المالية والمعنوية والأديبة وبيئة العمل المحيطة به، بما تمتاز به من ضوابط وانضباط وعدالة، الحقيقة أنه كلما استقر الموظف في وظيفته زادت إنتاجيته وقلت تكلفة الأداء، بل تزيد الكفاءة والوفرة المالية والنمو والمنافسة لمنظومة العمل مهما كان سواء حكومياً أو خاصاً، وكذلك يمثل حصيلة لمجموعة العوامل ذات الصلة بالعمل الوظيفي وتقاس في الأساس بقبول الفرد جميع أنواع الأعمال التي يكلف بها بعد التأهيل والتدريب والممارسة بارتياح معنوي وفاعلية في المخرجات النهائية .
فدائماً ما كنا نسمع عن الرضا الوظيفي من الموظفين والمدراء في منظومات الأعمال وغيرها ومن بعض الموظفين الذين قد يشكون من عدم ارتياحهم في العمل ومعاناتهم من ضغوطات عديدة مثل أسلوب المسؤول في التعامل معهم أو التسلط والتعسف والتنمر الذي يضايق الموظف ويجعله غير منسجم مع بيئة العمل، لأن مثل تلك الأسباب لا تنحصر في الإدارة فحسب، بل تشمل زملاء الموظف الذين لا يبدون التعاون والتفاهم ربما قد يسببون له مشاكل وضغوطاً تتعبه مهنيا ومعنويا وربما تؤدي به إلى التجميد والتقييد والمغادرة لتجربة جديدة من خلال السعي للبحث عن فرصة عمل أخرى يستطيع أن يمارس مهامه فيها بشكل افضل وسلس وتقييم عادل ينتج عنه ارتفاع قدراته واستقرار ذهني واستدامة للوظيفة وبالتالي استدامة واستقرار لمنظومة الأعمال.
السؤال هو: كيف يستديم الرضا الوظيفي في الوقت المعاصر وفي ظل شراسة التنافس؟ فاستدامة المنظومات مطلوبة، لأنها من جهة تدفع بالتطور والتطوير ومن جهة أخرى تنمو لتصبح ضمن محفزات المنافسة وفي نفس الوقت يجب أن تكون على مستوى عالٍ من العدالة والكفاءة سواء في التوصيف الوظيفي أو توزيع المهام الوظيفية لتوجد أرضية للجودة والمبادرة والإبداع الذهني والابتكار، مثل هذه العوامل من المؤكد أنها ستدفع بمنظومات الأعمال نحو التوسع والريادة مما يساهم في تكوين نموذج لموظفين وعمال من الملتزمين والمجتهدين والمتميزين في أداء الأعمال بمنظومة متسقة، فالرضا الوظيفي الإيجابي يرتقي بمنظومات الأعمال نحو الميزة التنافسية ومن جهة أخرى من الأهمية بمكان الجانب الإنساني في إدارة الموارد البشرية، لأن له دوراً فاعلاً في رفع مستوى حالة الرضا وزيادة الاجتهاد في بيئة عمل محفزة، كتمكين الموظفين من مهامهم المنوطة بهم بما فيها من توجيه وإرشاد لما هو مطلوب حتى تزداد مهاراتهم المهنية والمعرفية وتتراكم الخبرة.
وكما أن للجانب المالي في الوظيفة -مجمل (الدخل)- أثراً كبيراً في الرضا الوظيفي، خاصة إذا تحققت العدالة والإرشاد والتوجيه والتمكين في العمل مع الأداء المناسب مقابل التعويض المالي المناسب فلا ضرر ولا ضرار، اليوم ينظر الموظف للإنصاف فيما يؤديه من عمل أو أداء مقابل ما يستلمه من دخل, وقد برزت نظريات عديدة في هذا الجانب من هذه النظريات في علم السلوك وعلم الاجتماع وغيرها من العلوم الإنسانية ذات العلاقة التي تعني أن قيمة العمل تقاس في النهاية بكمية العمل المبذول ونتائجه، مثل نظرية التوقع التي تفترض أن الموظفين سيدفعون لتقديم أداء جيد بشرطين، الأول هو عندما يعتقد الموظفون أن قدرا معقولاً من الجهد سينتج أداء جيداً، أما الثاني فهو عندما يكون الأداء الجيد مرتبطا بالنتائج الجيدة والأداء السيئ مرتبطاً بالنتائج السيئة، إن لم يتواجد أي من الشرطين في ادراك الموظفين فسيكون دافعهم للإنتاج ضعيفاً ومنخفضاً، ونظرية العدالة التي تبين أن تحقيق العدالة في العمل ليس بالأمر السهل والذي لا يقتصر على ترقية الموظفين بل يشمل جوانب كثيرة، منها تطبيق معايير واضحة في الأجور والرواتب والمكافآت والحوافز وغيرها من المميزات إضافة إلى توفير الاحتياجات والمستلزمات المكتبية والخدمات، أما نظرية الهدف فتشير إلى أن العمل الإداري يقوم بتحديد الأهداف بصورة جماعية لتحقيق اقصى إنجاز في فترة زمنية معينة وتوضح العوامل التي تعيق التوصل إلى الأهداف لتداركها وفي نهاية المدة المحددة، تتم مراجعة النتائج وتحليلها لتقويم أداء المرؤوسين وللابتعاد عن الأهداف غير الملائمة من خلال القيام بوضع أهداف أخرى بديلة يمكن تحقيقها.