تعز .. جذور الوحدة

عباس السيد

 

 

عندما وضعت قوى الاستعمار الغربي مخططها لإضعاف الدول العربية خدمة لكيان الاحتلال الإسرائيلي ، بدأت باستهداف جمهورية مصر العربية ، نظرا لأهميتها الجيواستراتيجية وتأثيرها في المنطقة العربية.. نجحت الخطة ، وتم تحييد مصر وعزلها عن محيطها العربي ، وبعدها تساقطت بقية الدول العربية مثل أحجار الدومينو، وعندما أرادت قوى الاستعمار وأدواتها الإقليمية إضعاف اليمن وتفكيكه، بدأت باستهداف محافظة تعز ، لما تمثله من تأثير وأهمية في اليمن .
مصر كانت جسرا يربط المشرق العربي بغربه ، وتعز هي الجسر الذي يربط شمال اليمن بجنوبه . و مثلما عملت قوى الاستعمار على تدمير الجسر العربي المصري ، تعمل على تدمير الجسر اليمني المتمثل بمحافظة تعز .لا مجال هنا للخوض في تفاصيل هذه المقاربة ، وسنكتفي بعرض جزء من عملية تدمير الجسر التعزي وعزل المحافظة عن شمال اليمن وجنوبه .
تدرك صنعاء هذا المخطط ، ولذلك تكررت مبادراتها لفتح الطرق المؤدية إلى المدينة ، لكنها لم تلق قبولا من أدوات الخارج في المحافظة ، لم تتوقف محاولات صنعاء لإجهاض مخطط تحييد تعز وسلخها عن الجغرافيا اليمنية ، وشكلت مبادرة السيد عبدالملك الحوثي الأخيرة لفتح طريق الحوبان- تعز، ضربة لمخطط عزل تعز عن الشمال.. تحت ضغط الشارع ، تعامل الخارج وأدواته مع المبادرة على مضض.. فتحوا طريقا ثانويا ضيقا ، ولساعات النهار فقط . معاناة المسافرين لا تزال مستمرة ، بل أن الكثيرين منهم عادوا لاستخدام طريق الأقروض لأنها- كما يقولون – أرحم من طريق الكمب.. و خلال الأيام الأخيرة ظهرت الكثير من المواقف الصادرة عن الأدوات التي تسيطر على مدينة تعز ، جميعها تلوح باحتمال إعادة أغلاق الطريق بذرائع أمنية لا أساس لها في الواقع .
باختصار يريدون سد الثغرة التي أحدثتها مبادرة صنعاء في جدار عزل تعز.. طريق الكمب ستغلق ، مسألة وقت فقط ، والبحث جار عن ذريعة مناسبة، وعلى طريقة “ .. السوق” ، سيُحمِّلون الطرف الآخر المسؤولية .محافظة تعز مستهدفة بمخطط خطير ، هذا ما اعلنه الرئيس الشهيد صالح الصماد قبل أشهر من استشهاده، وإذا تسنى لهم تحقيقه ، سيجد أبناء تعز أنهم معزولون تماما عن الشمال والجنوب ، وستغلق كل الطرق الالتفافية الحالية التي تربط المحافظة بالجنوب والشمال ، الجاهلي والاقروض وغيرهما.. ليس أمام أبناء المحافظة سوى استغلال مبادرة صنعاء وتوسيع الثغرة التي أحدثتها في جدار العزل ، وعدم القبول بـ”زُغط” الكمب فقط، فتح الطرق المؤدية إلى مدينة تعز ، ليست مجرد ملف إنساني ، هذا ملف وطني هام لا يخص أبناء تعز وحدهم ، فهو يرتبط بمستقبل اليمن التي يعمل الخارج على توزيعها في أكثر من خريطة.
الوحدة اليمنية التي أعلنها صالح والبيض في طريقها إلى الزوال ، ويستطيع الخارج شرعنة أي وضع يخدم مصالحه ، لكن الوحدة التي حققها أبناء تعز متجذرة.. ولذلك يسعى الخارج إلى اجتثاث هذه الجذور بوسائل عدة .. استطاع الخارج شراء الكثير من السياسيين والناشطين التعزيين، أغراهم بالمناصب ، وجعل الرئاسات الثلاث تعزية ، منحهم سلطات شكلية لا تقدم ولا تؤخر.. أو كما يقول مثل تعزي : “ لا تخرج حمار من بين زرع “، جزء آخر أرسلهم سفراء ودبلوماسيين ، وآخرون يُستخدمون كأبواق في وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي يعملون بالقطعة.. لكن مشكلة تحالف الخارج في اجتثاث الجذور الوحدوية التي غرسها التعزيون في محافظات الشمال والجنوب ستظل صعبة على الاجتثاث ، ولا يمكن لأبناء تعز أن يقبلوا بالعيش في خريطة حدودها “ التربة- الراهدة – الحوبان”.

aassayed@gmail.com

قد يعجبك ايضا