الثورة / وكالات
في كل ركن من أركان مدينة خان يونس جنوبي قطاع غزة التي دمرها الجيش الإسرائيلي خلال عمليات عسكرية استمرت 4 أشهر متواصلة تتناثر مخلفات قذائف وصواريخ فارغة أو لم تنفجر استخدمها الجيش لقصف أحياء سكنية مدنية كاملة ومعظمها يظهر عليها كتابات تؤكد أنها صناعة أمريكية.
تتناثر هذه المخلفات العسكرية بشكل عشوائي في العشرات من المناطق وسط الأحياء السكنية في مدينة خان يونس التي كانت قبل مكتظة بالسكان المدنيين.
ومع رصد صناديق وبقايا القذائف والصواريخ التي تركها جنود الاحتلال بعد مغادرتهم مدينة، يتبين أن غالبيتها أمريكية الصنع، كما يتبين من الكتابات عليها بالإنجليزية.
في إحدى المناطق بين عدد كبير من المنازل السكنية كان هناك خيمة يبدو أن جيش الاحتلال قد نصبها لقواته وحولها وضع سواتر ترابية توزعت عليها أعداد كبيرة من الأسطوانات التي توضع فيها القذائف الصاروخية ومطبوع عليها بالإنجليزية كلمات منها «مادة متفجرة» واسم «الولايات المتحدة الأمريكية».
ويتضح أن هذه المنطقة كانت نقطة تمركز لآليات مدفعية إسرائيلية تقصف من خلالها خان يونس.
وفي أحد أحياء المدينة كان الأطفال يجمعون فوارغ الصواريخ والقذائف الإسرائيلية ليصنعوا منها أعمدة لخيامهم التي بنوها على أنقاض منازلهم التي دمرتها الصواريخ الإسرائيلية ذاتها على مدار أكثر من نصف عام من الحرب.
ويملأ الأطفال المخلفات العسكرية التي تأخذ شكل أسطوانات بالرمال لتصبح على شكل أعمدة يربطون بها حبالاً يثبتون فيها خيامهم المتهالكة، وهو ما يشكل خطرا حقيقيا على حياتهم وأفراد أسرهم.
هذا المشهد تكرر سابقاً في مناطق شمالي قطاع غزة، حيث كانت هناك كميات كبيرة من المخلفات الحربية التي تشمل أنواعاً مختلفة من الأسلحة مثل قذائف المدفعية، والقذائف اليدوية، والرصاص الحي.
وهذه المخلفات الإسرائيلية تشمل ذخائر متفجرة وغير متفجرة وأجزاء من الأسلحة، وتمثل خطرًا مستمرًا على سلامة الفلسطينيين.
ونقلت وكالة أنباء الأناضول عن مصادر أمنية فلسطينية، أن جيش الاحتلال استخدم قنابل أمريكية المنشأ، «في قصف الأحياء المدنية في غزة، رغم أنها صنعت لاستخدامها ضد أهداف عسكرية».
وذكرت المصادر أن من أبرز القنابل التي قصف بها غزة قنبلة «MK” الأمريكية، وهي تحتوي على مواد شديدة الانفجار.
وأشارت إلى أن هناك أنواع أخرى من هذه القنابل وهي متعددة الأحجام والأوزان وهي: “MK82” ويبلغ وزنها 500 كيلوغرام، و”MK83” ووزنها 750 كيلوغرامًا، و”MK84” بوزن طن (ألف كيلوجرام)، وهي الأكثر فتكا وتدميرا.
كما استخدم الجيش الإسرائيلي قنابل مجنحة من نوع “GPU31”، و”GPU38”، و”GPU10”، في قصف بعض الأحياء المدنية أيضاً، وفق المصادر ذاتها.
وأكدت المصادر أن هذه الذخائر صنعت في الولايات المتحدة للاستخدام العسكري ضد الملاجئ والتحصينات العسكرية، لكن جيش الاحتلال قصف بها أحياء مدنية في جميع مناطق القطاع وبغزارة شديدة، ما أدى إلى مقتل عدد كبير من المدنيين.
وقد انتقدت المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بفلسطين، فرانشيسكا ألبانيز، إنكار واشنطن استخدام “إسرائيل “أسلحة أمريكية في انتهاكات للقانون الدولي ارتكبتها بقطاع غزة.
وقالت ألبانيز على منصة “إكس: “إن إنكار الإدارة الأمريكية الصريح استخدام إسرائيل أسلحة أمريكية في انتهاك للقانون الدولي (في غزة) أمر محير”.
وتساءلت ساخرة عما إذا كانت الإدارة الأمريكية “تعتقد أن تسوية المدن بالأرض وقتل المدنيين بشكل عشوائي يتماشى مع القانون الدولي”.
وإضافة إلى كونها دليلا على مشاركة الولايات المتحدة الأمريكية بقتل المدنيين في غزة، فإن هذه المخلفات الحربية مازالت تشكل خطرا كبيرا يهدد حياة المدنيين في قطاع غزة.
وفي مايو، قالت الأمم المتحدة: إن نحو 7500 طن من الذخائر غير المنفجرة متناثرة بأنحاء قطاع غزة، وإن إزالتها تستغرق قرابة 14 عاماً.
وأوضحت دائرة الأمم المتحدة للإجراءات المتعلقة بالألغام، في بيان، أن “هناك نحو 7500 طن من الذخائر غير المنفجرة المتناثرة في جميع أنحاء غزة، الأمر الذي قد يستغرق ما يصل إلى 14 عاماً لإزالتها”.
وأشار ت إلى وجود نحو 37 مليون طن من الحطام في القطاع الذي من المحتمل أن يحتوي على قرابة 800 ألف طن من “الأسبستوس” والملوثات الأخرى.
ويُطلق مصطلح “الأسبستوس” على مجموعة معادن ليفية تتكون طبيعيا تستخدم لأغراض العزل داخل المباني وفي مكونات ألواح التسقيف وأنابيب الإمداد بالمياه وبطانيات إطفاء الحرائق ومواد الحشو البلاستيكية والعبوات الطبية وغيرها.
وبحسب منظمة الصحة العالمية، تمثل جميع أشكال “الأسبستوس” مواد مسرطنة للبشر، وقد تتسبب في الإصابة بسرطانات الرئة والحنجرة والمبيض وغيرها.
وعقب انسحاب القوات الإسرائيلية من مدينة خان يونس جنوب القطاع في أبريل الماضي، أفادت بعثة فريق التقييم التابع للأمم المتحدة بأن “الشوارع والأماكن العامة امتلأت بالأسلحة غير المنفجرة، إضافة إلى العثور على قنابل تزن ألف رطل ملقاة على التقاطعات الرئيسية وداخل المدارس”.