الثورة نت/ عواصم
تؤكد التطورات المتسارعة على الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة أن الردع الصهيوني انتهى عمليا بمواجهة المقاومة الإسلامية في لبنان بقيادة حزب الله، الأمر الذي يعكس تحولًا نوعيًا واضحًا في التصعيد ما قد يدفع في نهاية المطاف نحو رسم المصير القاتم لهذا الكيان الغاصب عبر وضعه فعليا على طريق الزوال.
ومن يتابع الضربات الموجعة التي توجهها المقاومة اللبنانية الى كيان العدو الصهيوني ولا سيما في مستوطنات الشمال، مستخدمة رفع وتيرة الردود على العدوانية الصهيونية ضد لبنان وقطاع غزة، يدرك أن الردع الصهيوني انتهى عمليا بمواجهة حزب الله وما يحصل هو تطبيق واقعي، للمفاجآت التي تنتظر العدو إذا ما استمر في عدوانه.
وقد شهدت الأيام القليلة الماضية تحديدًا عمليات نوعية من طراز مختلف، شنتها المقاومة اللبنانية ضد قوات العدو الصهيوني في الشمال المحتل، حيث نفذت عشرات العمليات، مستخدمة في ذلك تكتيكات عسكرية متنوعة، ما بين صواريخ مضادة للطائرات ومسيّرات حديثة وقصف دقيق، أسفرت عن تكبيد العدو خسائر كبيرة.
وبالتالي، فإن الإطار العام لتوسيع المقاومة في لبنان لنطاق هجماتها كمّاً ونوعاً على المواقع والقواعد والمنشآت العسكرية الصهيونية في الشمال الفلسطيني المحتل يفيد بأن هذه الهجمات ستسجّل وفق القراءة العسكرية للمقاومة اللبنانية كـ”عامل ردع”، تتضمّن رسالة واضحة باستعدادها لمواجهة أي شكل جديد من التصعيد يدور في خلد الكيان الصهيوني.
من هنا، فإن رفع المقاومة اللبنانية لمستوى ووتيرة الهجوم في الآونة الأخيرة، مع إدخالها أسلحة وتكتيكات جديدة، قد يفرض مساراً مختلفاً يدخل في خانة توجيه رسائل الجهوزية وربما الردع للكيان الصهيوني.
وحول كل ذلك رأى الباحث في الشأن الصهيوني أيمن علامة، أن “المأزق الأساس لدى الصهاينة هو سقوط فكرة الأمان الذي زرعها الكيان في نفوسهم بأنه الموطن الآمن لكل يهود العالم”.
وأشار علامة في حديث لموقع قناة المنار الإلكتروني إلى أن “حزب الله نجح في إفراغ الشمال”.
وتابع قائلا: “الأهم هو إجماع الخبراء أن المعركة في الشمال أثّرت على سير الحرب في غزة، أي أن هدف تدخل الحزب بمساندة غزة قد نجح” .
وأكد أن “حزب الله استطاع من فرض واقع أمني جديد على الكيان، وصولا إلى سقوط الردع الصهيوني أمام الحزب”.
بدوره، أكد الكاتب والمحلل السياسي، إبراهيم المدهون، أن “الرسائل التي تودّ المقاومة في لبنان إيصالها بعد رفع منسوب استهدافاتها لمواقع قوات العدو الصهيوني هي رسائل ردعيّة”.
وقال المدهون في تصريح خاص لـ”قدس برس”: إن “الرسالة الأولى هي رسالة إسناد للمقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، ومن أجل الضغط لوقف إطلاق النار ووقف العدوان المستمر على القطاع”.
وأضاف: إن “الرسالة الثانية هي كبح جماح الكيان الصهيوني وردعه من التهوّر نحو حرب واسعة وشاملة مع لبنان”.
وفي هذا السياق، قال الأكاديمي والخبير الاستراتيجي اللبناني، علي دربج: إن “توسيع المقاومة في لبنان هجماتها أتى في وقتٍ وسّع فيه جيش العدو الصهيوني هجماته على القرى والمناطق اللبنانية واستهداف المدنيين والأطقم الطبية”.
وأضاف دربج: إن “الرسائل النارية والنوعية التي توجّهها المقاومة في لبنان إلى الإحتلال الصهيوني، تزامنت مع انتقاء أهداف استراتيجية نوعاً ما، وقامت بضربها، الأمر الذي أفقد جيش العدو الصهيوني صوابه، ودفعته إلى ضرب الأهداف المدنية والسكنية”.
وأشار إلى أن “كل محاولة للعدو الصهيوني للتحلّل من قواعد الاشتباك أو فرض معادلات جديدة؛ تقابلها المقاومة في لبنان بردّ صاعق يمنع العدو الصهيوني من تحقيق أهدافه”.
واعتبر أن “تصريحات بعض قادة الكيان الصهيوني التي تحمل في طياتها تهديدات للبنان ما هي إلا محاولة لرسم صورة من الإنجاز أو الردع، وخاصّةً أن جمهور الكيان الغاصب في شمال الأراضي الفلسطينية المحتلة يتعَطّشون لإنجازٍ واحد يحققه لهم جيشهم المهزوم، وخاصة في ظل ما يعانونه من أوضاع صعبة وحالة الخوف والهلع من ردود فعل المقاومة في لبنان”.
من جانبها لفتت مصادر في المقاومة اللبنانية إلى أن المقاومة مستمرة في عملياتها العسكرية ولديها قدرة كبيرة على تحديد الأهداف والمعلومات التفصيلية عنها وقصفها بالأسلحة المناسبة.. مؤكدة أن “المقاومة تستطيع الوصول إلى أي هدف في شمال فلسطين المحتلة وفي حال وسع العدو عدوانه ستوسّع المقاومة من عملياتها بالتناسب واكثر ولديها بنك أهداف سيفاجئ العدو”.
وشددت على أن “المقاومة مستمرة في عملياتها مهما طالت الحرب في غزة كما أنها أعدت العدة لكافة السيناريوات ومنها الحرب الشاملة والمفتوحة والتي ستكون الحرب التي تحقق المقاومة في لبنان والمنطقة النصر التاريخي على العدو الصهيوني.
في النتيجة، فإن التقديرات حتى الآن حول تصعيد جبهة الجنوب اللبناني لعملياتها العسكرية ردا على الاعتداءات الصهيونية.. تشير إلى أن حسابات الكيان الصهيوني وتحليلاته كانت خاطئة جداً إزاء التطور الواضح في العمليات التي تقوم بها المقاومة، بعد أن جسدت قوتها الرادعة، بل وساهمت في زيادة نقاط ضعف جيش العدو فيما يتعلق بالردع.
مفاعيل رسائل هذا التطور في مستوى العمليات وعمقها ونوعيتها، وبما يعنيه ذلك من مضامين على فشل القدرة الدفاعية الصهيونية، أشارت اليه وسائل إعلام العدو عندما أكدت الأحد أنّ المقاومة في لبنان تعمل بتطور أكبر من تطوّر “إسرائيل”.
وقالت صحيفة “هآرتس” الصهيونية: إنّ نظرية حزب الله القتالية أصبحت أكثر تطوّرًا بكثير من مجرد تدمير المستوطنات”.
وبيّنت “هآرتس” أنّ المخطّطين والاستراتيجيين في حزب الله نجحوا خلال السنوات الـ18 الماضية، منذ نهاية حرب لبنان الثانية، في بناء قاعدة معرفية عن كلّ مستوطنة تقريبًا، صغيرة كانت أم كبيرة، وعن جميع الأراضي المحتلة في فلسطين، “وأصبحت في متناول يد حزب الله”.
وبحسب ما أردفت، “فمن المؤكد أن مثل هذا العمل لرسم خرائط ملفات البلدات، الذي يعتمد على الصور الجوية وصور الأقمار الصناعية، يشكّل بالتأكيد إنجازًا مثيرًا للإعجاب”.
ولفتت الصحيفة إلى أنّ “حزب الله تمكّن من زيادة مخزونه من الصواريخ والقذائف والطائرات المسيرة بمئات النسب المئوية رغم كلّ المحاولات”.. مضيفةً: إنّ “”إسرائيل” فشلت في هذه المهمّة التي عرفت بأنها المعركة بين الحروب”.
كما اعتبرت أنّ “تفعيل حزب الله للقوة قد تمّ وفقًا لمعدل منظم، ويركز جهوده على ضرب القواعد التي تعمل فيها أنظمة الدفاع الجوي والإنذار والاستخبارات التابعة لجيش العدو الصهيوني، والهدف هو تعمية قدرات الدفاع الجوي والاستخبارية الصهيونية وتقليص حرية العمل لطائرات سلاح الجو في سماء لبنان”.
كذلك، رأت “هآرتس” أنّ “حقيقة أنّ أنظمة الدفاع الجوي التابعة لحزب الله، قد نجحت بالفعل في اعتراض وتدمير طائرات من دون طيار تابعة لجيش الإحتلال، وهو أمر مثير للقلق ومرهق”