فيما تكتظ الأراضي المقدسة بمسلمي العالم الذين يتوافدون لأداء فريضة الحج، تتوحد كلمتهم وتتوجه قبلتهم نحو الكعبة المشرفة، ويكملون مناسكهم في سعي حثيث لإتمام أحد أركان الإسلام الخمسة. تخيّم على القلوب مشاعر الفرح والسرور بلقاء الأحبة والعودة إلى المنازل حاملين أجر هذه الفريضة العظيمة.
إلا أن تلك الأجواء الروحانية العالية تخفي في طياتها نقاشات ملحة وقضايا حادة، فبينما يتضرع المسلمون إلى الله في مناسكهم وترتفع أصواتهم بالدعاء، يعيش إخوتهم في غزة تحت وطأة القصف والدمار. هذا العدوان الوحشي لا يفرق بين كبير وصغير، ولا يحترم المرأة ولا الطفل.
في مشهد يستدعي التفكر والتعقل، تبقى غزة صامتة في وجه العالم العربي والإسلامي والدولي الذي يغض الطرف عن مأساتها، فتبقى محاصرة بين دروع الصمت وتحت سيوف النسيان.
إن مسلمي العالم، الذين توحدهم كلمتهم وقبلتهم، مسؤولون أمام الله وأمام أنفسهم عن نصرة إخوتهم المسلمين أينما وجدوا، خاصةً عندما يعانون من الظلم والعدوان. فكيف يمكن لأرواحنا أن تتناغم مع مناسك الحج وأفعالنا تتواطأ مع الصمت حيال معاناة الأخوة في غزة؟
تفرض علينا مسؤوليتنا كمسلمين أن نقدم الدعم والمساندة لإخواننا في غزة بكل ما أوتينا من قوة، وأن نعلن الجهاد في كل المنابر والساحات لتحرير أرضهم من دنس الاحتلال الصهيوني ومن يعاونه.
نحن مسلمون موحدون، وقلوبنا تتوحد في الإيمان والدين، ولا يجوز لنا أن نفصل بين أركان الإسلام وبين نصرة المظلوم. إن أرواحنا لا يمكن أن ترضى بالصمت في وجه معاناة إخوتنا في غزة. فلنكن كمسلمين موحدين، أن نتضامن مع أهلنا في غزة ونعمل جاهدين لتحرير أرضهم من الظلم والعدوان. ولنؤكد على وحدة الأمة وكلمة الإسلام، فإن نصرة المسلم واجب على كل مسلم.
وفي ضوء هذه المعاني السامية، يجب علينا أن نكون يداً واحدة في مواجهة الظلم والعدوان، وأن نوحد صفوفنا وكلمتنا دفاعاً عن حقوق إخواننا في غزة. إننا مطالبون بأن نرفع أصواتنا في كل مكان وزمان لنصرة المظلوم، وأن نجعل من وحدتنا سلاحاً في وجه الظلم والطغيان.
فلنكن كمسلمين على قدر المسؤولية الملقاة على عاتقنا، ولنقف صفاً واحداً متضامنين مع أهلنا في غزة، حاملين رسالة الإسلام التي تأمر بالعدل وتنادي برفع الظلم. ولنؤكد أن نصرتهم واجب ديني وإنساني لا يمكن التهاون فيه.
حفظ الله أهلنا في غزة وأعانهم على ما يواجهونه من صعاب، وألهمنا جميعاً القوة والعزيمة لنكون سنداً وعوناً لهم في محنتهم.