فتح الطرقات موقف يجسد قيمنا..
يحسب للأخ القاضي أحمد المساوى- محافظ تعز حبه لتعز الأرض والإنسان فهو الذي انغمس في واقعها وعايش مجتمعها بمختلف طبقاتهم وانتمائهم السياسي والفكري، وبالتالي يدرك جيدا النفسية التعزية وطريقة تفكيرها المتفاوت حد المزاجية، لذا كان ومن قبل أن يتقلد مهام الرجل الأول في المحافظة قطاع الحوبان- يتطلع إلى قضية الطريق كقضية إنسانية قبل أن تكون وطنية، ولكنه كان يجد صعوبة في إقناع البعض من الاتجاهين وحين تولى شؤون المحافظة كان هاجسه إلى جانب سلسلة من الهواجس يتصل بقضية فتح الطرقات وقد حاول صادقا وجاهدا تحقيق هذا الإنجاز، لكن لم تختمر الفكرة لدى البعض، وأعرف انه راجع الكثير من رموز القيادة السياسية ووضع أمامهم قضية فتح الطرقات مستعينا بدعم غير محدود من الفريق سلطان السامعي -عضو المجلس السياسي الأعلى ووجهاء وأعيان تعز ومن كل الاتجاهات، وسبق أن قاموا معا بفتح طريق الستين -الأربعين من طرف واحد ولكن دون جدوى، إذ لم يستجب الطرف الآخر مع تداخل التحليلات والتفسيرات والتكهنات وغياب معيار الثقة المتبادلة للأسف بين الأطراف المعنية مع أن المفترض إبقاء قنوات التواصل والثقة قائمة حتى بين أطراف الصراع ويزداد الأمر أهمية إن كان المتصارعون ينتمون لوطن ولهوية ولمجتمع واحد.
ما حدث يوم أمس الأول وتواصل صباح أمس في فتح طرق تعز، فعل يبشر بقدر من الانفتاح الوطني والإيجابية المميزة والمثمرة على طريق الوصول لنهاية مرضية لازمت الشعب والوطن بعد سنوات من المعاناة التي دفع ثمنها شعبنا ووطننا أثماناً كثيرة، كما أن من الأهمية اقتناع الجميع بأننا أبناء وطن واحد وانه ليس بإمكان طرف إلغاء الآخر أو التبرؤ منه ونكرانه والتنكر لهويته ولحقيقة انتمائه الوطني..
القاضي أحمد المساوى ليس بطلا اسطوريا ولكنه مواطن يمني يعيش هم أهله وأبناء وطنه ويعاني كما يعاني أي مواطن يمني من عقدة إغلاق الطرقات، لذا ظل يستحضر هذه القضية في كل لقاءاته الخاصة والعامة ويطرق لأجلها الكثير من الأبواب حتى تحققت وإن بصورة بطيئة فهي خطوة على طريق الانفتاح الوطني الكلي وكما يقال لنعتبر فتح طرقات تعز خطوة على طريق المصالحة الوطنية وطريق إنهاء الأزمة الراهنة في اليمن وعنوان ثقة متبادلة من شأنها تعزيز وترسيخ قيم الثقة بين الأطراف أو بعضهم من العقلاء بمعزل عن الخطابات العنترية التي اثبت الزمن أنها غير مجدية وغير وطنية، فالوطن اليمني في الأخير هو وطن كل أبنائه من صعدة للمهرة ومن كمران لسقطرى، وعلى أبناء الوطن الجلوس مع بعضهم واختيار شكل لنظامهم ودولتهم مقبول من الجميع وعلى أساس المواطنة المتساوية ودولة نظام وقانون، واعتقد ان الوقت قد حان ليدرك اليمنيون هذا ولينطلقوا في إعادة بناء وطنهم ودولتهم وان يدركوا أنه لا أحد يمكنه ان يهتم بشؤونهم أيا كان وكانت محبته لليمن، ففي الأخير السياسة والمصالح هي القاعدة في التعامل بين الدول واليمن وأبناؤها عليهم أن يعرفوا أين تكمن مصالحهم ومصالح شعبهم..
إن فتح الطرقات خطوة تعكس أصالة الهوية وعمق الانتماء وتجسد حرص المسؤولين على تلبية مطالب الشعب والتخفيف من معاناته وإن بفتح الطرقات رحمة بالنساء والأطفال والشيوخ وهذا حق أساسي من حقوق المواطنة ويعبر عن وعي النخب الفاعلة والجهات المسؤولة والقائمين عليها، وهذا ما نأمله ونرجو أن يكون فتح الطرقات بداية لتفاهمات وطنية أشمل وأعمق وأكثر ملامسة لجوهر الخلاف اليمني -اليمني الذي لن يحل إلا بجلوس أطرافه على طاولة واحدة ليحلوا مشاكلهم ويفككوا عقدها بكثير من المصداقية والصراحة والوضوح والنوايا الحسنة وبدون لف أو دوران أو تحاذق واستغفال طرف للآخر..
بل على الجميع أن يرتقوا بمسؤولياتهم الوطنية وان يحترموا إرادة ورغبات الشعب وحقوقه عليهم وواجباتهم تجاهه، وأعتقد أن السنوات العجاف التي مر بها شعبنا ووطننا كافية..
تحية لكل أصحاب النوايا الوطنية الصادقة ولكل المخلصين الصادقين الذين يعملون بصمت وبعيدا عن الأضواء من أجل اليمن الأرض والإنسان رغم كل المنغصات والتحديات المؤلمة.