رغم الجرائم التي ارتُكبت بحق الشعب العربي على مدى ثمانية عقود وليس خلال سبعة أشهر، ورغم الانتهاكات التي تمارسها بحق سيادة دول المنطقة، وإهانتها للقانون الدولي ولكل الأنظمة والقوانين، لم يحظ الكيان الصهيوني حتى بإدانة من المجتمع الدولي والأنظمة الغربية، لكن لمجرد أن مارست إيران حق الرد على قصف قنصليتها في دمشق هرولت الأنظمة الأوروبية وأمريكا كالكلاب المسعورة تندد بإيران وتفرض العقوبات عليها والعقوبات تفرض على الشعب الفلسطيني المقاوم بتهمة مقاومة الاحتلال.
أمريكا والغرب يتحدثون عن القانون الدولي حين يتعلق الأمر بمصالحهم – هذا ما أكد عليه مندوب روسيا في مجلس الأمن- وحتى الصهاينة يتحدثوا عنه كما حدث في اجتماع مجلس الأمن من قبل المندوب الصهيوني الذي تحدث عن القانون الدولي ودافع عنه وعن ضرورة احترامه والالتزام بنصوصه.
وليل الخميس- الجمعة أمريكا كشرت عن أنيابها وبوقاحة سافرة حين استخدمت حق النقض ضد مشروع قرار يمنح فلسطين عضوية دولة كاملة السيادة في الأمم المتحدة.. وقالت تريد هذا يتم من خلال مسار المفاوضات.
ماذا يعني هذا؟
يعني تلبية رغبة (الصهاينة ونتنياهو) تحديدا صاحب فكرة أن لا دولة فلسطينية قبل أن يعترف العرب جميعا بالكيان وقبل أن يطبع العرب جميعهم مع العدو، بعدها يمكن الحديث عن دولة فلسطينية مجزأة الأوصال والجغرافيا ومنزوعة السلاح وبدون سيادة بل تعيش تحت السيادة الصهيونية والحماية الصهيونية، دولة بدون ميناء ولا مطارات ولا جيش ولا عُملة، وهذا ما تحدث به نتنياهو أثناء زيارته للعاصمة السودانية الخرطوم قبل عامين حين أعلن من هناك قائلا (اليوم سقطت لاءات الخرطوم).
وقال (أن السلام والتفاهم مع الفلسطينيين قد فشل، وأن الحل هو أولاً اعتراف عربي بالكيان وتطبيع العلاقات معه، وبعدها يمكن إيجاد حل مع الفلسطينيين) والمؤسف أن أمريكا والغرب تبنوا منطق هذا النتن.
اليوم تحاول أمريكا تعويض الكيان عن هزائمه أمام المقاومة وفشله رغم جبروته وتفوقه العسكري، ورغم الدعم الأمريكي والغربي والعربي لهذا الكيان إلا أنه فشل في تحقيق بنك أهدافه المعلنة في ( تدمير المقاومة واستعادة الرهائن)، ولم يحقق سوى أنه استغل تفوقه الناري في تدمير قطاع غزة وقتل الشيوخ والأطفال والنساء وارتكاب مجازر لم يرتكبها لا (هتلر) ولا (هولاكو) ولا أي من طغاة الأرض قد ارتكبوا ما يرتكبه هذا الكيان من جرائم ثم يزعم أن جيشه هو (الجيش الأكثر أخلاقا في العالم).
والمؤسف أن العالم يصدق هذه المزاعم الصهيونية، بل إن حديث الصهاينة أمام المؤسسات الدولية يعد دليلا كافيا على أن هذا الكيان ليس مسؤولا عن كل أفعاله، بل أولئك الذين يقفون خلفه داعمين ومساندين له.
المشكلة أن عربدة الكيان الصهيوني اليوم تأتي في ظل غياب أي فعل عربي وفي ظل فراغ استراتيجي عربي لم يشغل منذ رحل القائد العربي جمال عبدالناصر وتخلي مصر عن دورها القومي وهي اليوم تدفع ثمن تخليها عن دورها القومي والجيوسياسي، وبالتالي من الطبيعي أن يصبح الوطن العربي ساحة لتنافس قوى إقليمية صاعدة تحاول أن تملأ الفراغ في الفضاء العربي، بما في ذلك الكيان الصهيوني نفسه الذي يتطلع لفرض وصايته المطلقة على الوطن العربي، ولذا نرى مواجهته مع إيران ومع تركيا يندرج في هذا السياق، فيما العرب مجرد ظواهر (أسودا) على بعضهم ( نعاجا) أمام الآخرين.