في هذه الدنيا وفي أحداثها المؤثرة يختلف حالنا بين المتفرج والمتابع والمهتم إلى ما يسمى “المحلل»..
وظللت من موقفي ووضعي من جملة هؤلاء أتابع بما أفهم وأتابع لأفهم، وأحد هؤلاء المحللين صهيوني في إحدى الفضائيات الاجنبية”، يكرر ويؤكد أن إيران “جبانة” ولا يمكن أن ترد على قصف قنصليتها في دمشق..
وجدّت نفسي كأنما أنتقل من هذا الصهيوني إلى عرب يتصهينوا ـ وفق المشهد ـ ليرددوا ما قال وبتفصيل أو تفاصيل والأفضلية من يقول إن إيران لا تقاتل إلا بأذرعها، فيما يطرح وكلاء وعملاء إيران من عرب وفي إعلام عبري بحسبة أنه إعلام عربي..
وحقيقة تحول هذا الكلام من شائعة إلى إشاعة يلاحقنا في الشارع وحتى في المجالس، وأفضل هؤلاء من يقول إنه مع فلسطين ومع المقاومة ولكن استمرار إيران في الاعتماد على حرب الوكلاء سياق خاطئ خاصة حين تصبح المسألة تخص إيران في كرامتها وسيادتها، كما استهداف قنصليتها في دمشق..
في متراكم هذا التعاطي وجدّت نفسي أتذكر مقطعاً من أغنية للفنان عبدالحليم حافظ “وجاني الرد جاني ولقيتها يتستناني”، فالرد الإيراني بات مطلوباً لشخصي لإخراس ألسن من تصهين بالنيابة وبالوكالة وحتى من ينجرف إلى شيء من الصهينة باللا وعي وبتفعيل الإشاعة..
بعد الرد الإيراني سيقولون إنها مسرحية وسيقولون إنه رد أقل من التوقعات وتحت المستوى المطلوب …إلخ ..
على فكرة ما تسمى “إسرائيل” لم تتعرض في تاريخها منذ التأسيس لمرمطة وإهانة مثلما حدث منذ طوفان الأقصى في 7 أكتوبر 2023م، وذروة الإهانة والمرمطة جاءت في هذا الرد الإيراني، وكان الأحرى بتيار الصهينة أن يصمت ويخرس خجلاً من ذاتهم، أما عامة الناس فلم يعد يعنيهم إنخراس أو خساسة هؤلاء، فهم العار ذاته وليسوا سوى مجرد “وصمة عار»..
للاستدلال فقط وفي قناة “توكل” يقدم أحدهم بهندام ووسامة ليقول “نحن النخب والمثقفين من منظورنا إيران وإسرائيل هما وجهان لعملة واحدة»..
لا تنفعلوا ولا تستفزوا من طرح كهذا واسألوه فقط إلى أين أوصلتنا أو تريد توصلنا، وهل الأولوية في تحرير فلسطين من الاحتلال أم تحرير إيران من الإيرانيين؟.
إذا كانت الأولوية هي تحرير فلسطين فقدم البديل، أما إذا كانت أولويتك تحرير الإيرانيين فإنك لست متصهيناً فقط بل أسوأ من الصهيوني..
ألم يكن تحرير فلسطين هو الأولى والأولوية بدلاً من جهاد أفغانستان والشيشان؟..
في جهاد الشيشان وأفغانستان كانت أولويتكم هي أولوية أمريكا وأنتم بعتم الهوية والدين لأمريكا في جهاد معها ومن أجلها لتستعمل الإسلام، وهذه أمريكا الاستعمال الأشنع من الاستعمار، ومن باع الإسلام من أجل أمريكا سيبيع اليوم فلسطين والقدس في صيرورة “الصهينة” كما في صيرورة “الأمركة»..
ولهذا فالمسألة لم تعد في كون هناك من يقول عنكم صهاينة أو متصهينين، فهذا أصبح حقيقتكم وتوصيفاً لحالتكم بأساليب لم تعد تخفى في أمركة “الجهاد”، والمسألة لم تعد غير استخراج إفتاء بـ”صهينة” الجهاد لإسلام وفق المأثور من جهاد أفغانستان والشيشان..
لقد قالوا كذلك في جهاد أفغانستان والشيشان “السوفيت وأمريكا وجهان لعملة واحدة”، وكان السؤال لماذا تستعملون الإسلام لمحاربة السوفيت ويصبح الإسلام والجهاد أمريكياً أو مؤمركاً؟ ولماذا لا يكون الجهاد لتحرير فلسطين، فبماذا أجابوا؟..
أولاً.. الأولوية هي مواجهة “الإلحاد”، لأن اليهود والنصارى أصحاب كتاب، والجهاد في فلسطين فيما بعد..
ثانياً.. الجهاد ضد “الإلحاد” واضح، فيما الجهاد في فلسطين فيه لبس وشبهة..
ومع ذلك انتهى ما عُرف بالجهاد في أفغانستان والشيشان ولم يسيروا مع الجهاد المؤجل في فلسطين، بل ساروا في جهاد سوريا وليبيا، وما يطرح عن “إيران” هو في ذات المساق، لأن الشيوعية السوفيتية الإلحادية الأخطر منها “الشيعية” وهم بالأمر الأمريكي يحاربون شيوعية أو شيعية وهذا لا معالج له ولا معالجة لها إلا تخريجات على طريقة “وجهين لعملة واحدة»..
ها نحن على مشارف جولة جديدة في تتابع ودراميكية الأحداث، حيث أكد الكيان الصهيوني أنه حتماً سيرد على الرد الإيراني..
وحتى يأتي الرد الصهيوني، فالمطلوب من كل الذين هجوا وهاجموا إيران أن يمارسوا ذلك مع الكيان وإن أرادوا التزود بما يهم في هذا، فهاهي أمريكا تعلن أن الرد الصهيوني سيكون محدوداً والإعلان بمحدودية الهجوم أو الرد هو “جبن الجبن”، يقابل ذلك إعلان إيران أنه في حالة أي هجمة على إيران فإنها في ثوانٍ ستمارس الرد..
بمقدورنا الامتناع والمنع لاستعمال توصيف الصهاينة والمتصهينين إذا كان هؤلاء يستطيعون تجريب إلى فلسطين “الشعب والقضية” بالحد الأدنى من المصداقية، أما إن أصبحوا كأمر واقع مجرد عبيد ومستعبدين من أمريكا ، فهم كذلك ربطاً بإسرائيل، فإننا سنستعمل توصيفاً واقعياً غير ذلك التوصيف (( إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ ))، ولا حول ولا قوة إلا بالله..!!
Next Post