المواجهة الآتية بيننا وبينهم

د حسن الموسوي

 

توطئة
يواجه المعسكر الاستعماري الاستيطاني اليوم مأزقاً صعباً لم يعهد بمثله منذ قيامه، كانت الصليبية هي التي نجحت في زرع هذا الكيان في قلب المنطقة؛ لعلها يوما ما ستشد اذرعها، بل تستولي على ما في هذه المنطقة الغنية من الخيرات التي لا قبل بمثلها في بلادها ولا في أية بلاد، صحيح أن الأطروحة التي كانت من قبل لم يكن لها نصيب لهم؛ إذ تكسرت أطماعهم في نفس أسوار بيت المقدس مرات ومرات بفضل المقاومة الإسلامية الشعبية؛ ولأن الحرب الدينية وبرايات الاستعمار الصليبي زهقت هنا، لهذا السبب كانت الأطروحة الجديدة التي ظاهرها اليهودية؛ وكانت حجتهم وراء ذلك وعد الله لهم هنا ويستدلون على ذلك بما جاء في التوراة والقرآن؛ هذه الدعوة الجديدة بذلوا لها جهودا كبيرة لترى النور؛ والتي نحن اليوم نعيش صراع تلك الدعوة .
فهل تختلف أحداث الحروب الصليبية الماضية عن الصهيونية اليوم بشيء؟ نعم إنها تختلف في ظاهرها فقط ليس إلاّ؛ ولكن تبقى في باطنها هي ذاتها كما نقرأها من صفحات التاريخ، لكن الباطن غير المكشوف أصبح يطفح على وجه الحقيقة اليوم وخاصة لأولئك الذين كانوا يجهلون أو يتجاهلون أو حتى يتعاطفون معهم؛ ولكن هذا الباطن كان مكشوفا من قبل لكل ذي عقل لبيب.
إذن الصراع اليوم أضحى كاشفا نفسه ولا نحتاج على الإطلاق إلى البحث عن الأدلة، الحرب المقدسة القديمة الجديدة ما زالت قائمة بيننا وبينهم منذ أكثر من ١٤ قرناً، كانت الغلبة لهم بعد سقوط الأندلس وما زالت كذلك؛ إلا في القليل من الانتصارات، لكن بحكم القوانين الألوهية الكونية، فإن حضارات من قبل سادت ثم أبيدت؛ فإن لها أطواراً تمر تماما مثل الحي والجامد تنشأ شابة وتعتريها الشيبة حتى يأتي أجلها المحتوم؛ والحضارة الغربية سيكون لها نفس الأجل، شاءت لها الأقدار أم خبت .
الحضارة الغربية وشريعة الغاب
قامت على أنقاض النظام الإقطاعي وهو ذاته النظام الرأسمالي ولكن بصورة مصغرة بل هو المرحلة الأولى منه والرأسمالية تليه والإمبريالية نهاية ذلك والتي تتحكم فيها كبريات الشركات على خيرات الموارد الطبيعية ولا ينال أصحاب الأرض منها إلا القليل جداً ؛ وبهذه الثروات الهائلة تتحكم بالعالم كيفما تشاء ودون هوادة بطشاً واستغلالاً وضروباً من المعاملات القاسية تطال الطفل والمرأة والشيخ العجوز، لكن القوانين الألوهية الكونية بدأت تظهر علاماتها واضحة للعيان اليوم ولسوف لن تبقي لهم ولن تذر لا يابساً ولا أخضر، نحن نشاهد بأم أعيننا اليوم الرايات الصليبية آخذةً في النكوس بعد كل الجرائم التي اقترفتها ضد الإنسانية في المعمورة كلها والتي هي تكتب في لوح محفوظ ليوم قريب لا ريب منه.
الصمود أمام الغزو
الآن أين نحن من المواجهة مع هذا العدو الذي ظاهره سياسي صهيوني وباطنه ديني صليبيي كما أسلفت؟
وغزة في الواجهة ونحن نراقب الوضع والعالم مثلنا والعدو في المواجهة وهو مستمر في، القتل والإبادة الجماعية والانتهاكات العنصرية الصارخة لحقوق الإنسان التي ترقى إلى مستوى الجرائم الكبرى ضد الإنسانية، لا يمتثل لقرارات المحكمة الجنائية الدولية بوقف الحرب التي أقرت بموجب القانون الدولي فلا أذن صاغية، في عدم الامتثال لخبراء أمميون والساسة الذين يتشدقون بالخروقات الفظيعة؛ والمعاقبة عليها إذا لم تمتثل اللقيطة للقانون الدولي، استغلال صمت الإمبراطوريات الإعلامية الشديد تعمداً والتي هي في الحقيقة تقف معها في جميع الأحوال …
رغم كل ذلك الصمت والانحياز، تستمر المقاومة الفلسطينية في تحقيق الانتصارات وبالتنسيق مع جبهة المقاومة التي في كل يوم توقع بالتحالف الصليبي خسائر كبيرة وتستنزف في صفوفهم الأرواح والعتاد؛ لهذا اصبح هذا الحلف أضعف من أي وقت مضى وتضطرب أركانه تدريجياً من هيبة محور المقاومة؛ والذي هو وحلفاؤه أصبحوا أكثر صلابةً ومنعةً ورهبةً، قال الله تعالى: “أهم خير أم قوم تبع والذين من قبلهم أهلكناهم إنهم كانوا مجرمين” ….(٣٧) الدخان.
إذ أن حلف الشيطان هذا ليس خيرا من التبابعة ولا كسرى ولا الروم الذين كانوا أعزّ نفراً وأمنع عدةً؛ كما هلك الله أولئك الذين طغوا في الأرض، فلا ريب سيكون هلاك هؤلاء قريباً على أيدي المخلَصين من جند المسلمين.

قد يعجبك ايضا