بعد الحمد والثناء على الله والصلاة والسلام على خير خلق الله محمد صلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله عيد الأعياد ونور الكون وفرحة العباد إلى يوم يبعث الله جميع من هم على الأرض من جاء للعباد بالهداية والرشاد وشرع للأمة ما ينفعها ويسعدها وحذر من اجتناب ما يضرها ويشقيها فكان النور المهدى الذي ينير للعالمين طريقهم للجنة.
في البداية .. تهل علينا اليوم مناسبة عظيمة على قلوب المسلمين في كل بقاع الأرض عيد الفطر المبارك الذي شرعه الله في محبة عباده بعد أن أتموا فريضة الصيام والقيام في شهر رمضان المعظم امتثالا وطاعة لله فكان لهم بعد ذلك أن كرمهم ربهم بالفرحة بعيد الفطر المبارك كمناسبة دينية عظيمة يحتفل فيها الناس مع بعض معبرين عن فرحتهم وسعادتهم بنعمة الإسلام الذي جعل من هذه المناسبة الغالية عنواناً للفرح والاحتفال وتجديد الروابط الأسرية والاجتماعية في حياة الأمة العربية والإسلامية.
فجعل العيد فرصة لتتصافى النفوس وتتآلف القلوب وتزول الأحقاد فتوصل الأرحام بعد القطيعة ويجتمع الأحباب بعد طول غياب، كما أن العيد فرصة للسرور وتقوية الروابط الاجتماعية (قال صلى الله عليه وآله وسلم: (لِلصَّائمِ فَرحتانِ: فَرحةٌ عِندَ فِطرِهِ، وفَرحةٌ يَومَ القيامةِ، ولَخُلوفُ فَمِ الصَّائمِ أطيَبُ عِندَ اللهِ مِن ريحِ المِسك) الا إن لهذه المناسبة العيدية آداب ينبغي للإنسان المسلم أن يحرص عليها ومراعاة هذه الآداب يساهم في خلق علاقات متينه وقوية وذكريات سعيدة وبناء علاقات أسرية قوية.
ولنا أن نتطرق اليوم إليها ويبوح القلم بهذه الآداب التي تعلمناها من ديننا الحنيف الإسلام، ومن آداب العيد التهنئة الطيبة التي يتبادلها الناس فيما بينهم أيا كان لفظها مثل قول بعضهم لبعض: تقبل الله منا ومنكم، أو عيد مبارك، وما أشبه ذلك من عبارات التهنئة المباحة. فعن جبير بن نفير، قال: كان أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم إذا التقوا يوم العيد يقول بعضهم لبعض، تُقُبِّل منا ومنك.
فالتهنئة كانت معروفة عند الصحابة ورخص فيها أهل العلم وقد ورد ما يدل على مشروعية التهنئة بالمناسبات، ولا ريب أن هذه التهنئة من مكارم الأخلاق والمظاهر الاجتماعية الحسنة بين المسلمين.
وهنا علينا أن نتطرق إلى سُنن العيد والمستحبة ومن هذه الآداب والسنن: الاغتسال والتطيب والتجمل ولبس أحسن الثياب إظهاراً لنعمة الله فالله يُحب أن يرى أثر نعمته علي عبده، وكذا ألا يخرج المسلم في عيد الفطر للصلاة حتى يأكل ما توفر لديه كتمرات أو شربة ماء. مع الحمد والثناء لله والخروج لصلاة العيد مكبرا (كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم يكبر يوم الفطر من حيث يخرج من بيته حتى يأتي المصلى).
والخروج إلى الصلاة ماشياً ويرجع من طريق آخر ويسلم على كل من يلقى ويلقي عليهم التحية والمباركة بالعيد وهنا تبدأ رحلة العيد الأكبر والأعظم في الزيارات العيدية يوم العيد للأرحام والأهل والأصدقاء في خطوة يسعى فيها المسلم صفحات مؤلمة أو قطيعة نتيجة خلافات عائلية بينه وبين أرحامه من الأخوات والعمات والخالات وذوي القربى وإخوانه مستغلا فرصة العيد بالمبادرة للصفح والتسامح والتصالح وإعادة العلاقات إلى طبيعتها راجياً بذلك مرضاة الله جل وعلا.
وفي هذه المناسبة يتبادلون الهدايا ويحصل الأطفال على الفسحة الكاملة من الفرح والسرور باللعب والحصول على العيدية الرمزية والحلوى وجعالة العيد وهم في أجمل الملبوسات.
ويجب أن يعم الحب والمودة والتقدير والامتنان، وعليك أن نظهر تقديرك لمن يستضيفك محافظة على الألفة والود وتجنب السلوكيات التي قد تؤدي إلى الفرقة أو البعد بين أفراد العائلة.
وتجنب ما استطعت النقاشات الحادة خاصة الدينية والسياسية وتجنب الدخول في نقاشات حول موضوعات قد تؤدي إلى الجدل أو الخلاف.
في الأخير:
وأنت ترى أطفالك يفرحون فرحة العيد تذكر أن من امتك 17ألف طفل فقدوا آباءهم وأمهاتهم نتيجة العدوان الصهيوني الغاشم على غزة الذبيحة و75 ألف شخص قد بترت أعضاؤهم أو جرحى يفتقرون للرعاية الصحية وأصبحوا بلا مأوى بعد أن دمرت مساكنهم على رؤوسهم جراء القصف المستمر واليومي من العدو الكيان الخبيث الإسرائيلي والأمريكي والبريطاني وهناك 11 ألف طفل أو أكثر في حالة خطرة، لذا فعلينا أن لا ننسى إخواننا في غزة من أطفال ونساء وشيوخ وعلينا أن نتذكرهم لتتذكر مسؤوليتك تجاههم فمن لم يهمه أمر المسلمين فليس من المسلمين.
ولا ننسى في يوم العيد الدعاء لهم بالنصر وأن تقدم الثبات والدعم بما تستطيع من مال لإخوانك في القوات المسلحة اليمنية التي أخذت على عاتقها الدفاع عن مظلومية أبناء غزة بضرب الأهداف الإسرائيلية وشل حركة الاقتصاد لهذا العدو فرفعت رؤوسنا نيابة عن الجيوش العربية والمسلمة.. نسأل الله أن يفرج عن إخواننا في غزة وينصر المجاهدين ويقذف الرعب والهزيمة في قلوب الصهاينة والخزي والعار لكل المنبطحين من الأنظمة العربية العميلة.
والنصر والثبات لجيشنا وقادته المؤمنين من عاهدوا الله وصدقوا في عهدهم.
وكل عام وأنتم بخير واليمن وغزة في نصر عظيم بإذن الله.