عيدنا فلسطيني

يكتبها اليوم / طه العامري

 

بغض النظر عن كل الهموم الذاتية والظروف الحياتية التي نعيشها ويعيشها أبناء دول محور المقاومة، وما يعتمل في وجدان وذاكرة هذه الشعوب من أمانٍ وتطلعات خاصة متصلة بالعيد وهمومه ومتطلباته، غير أننا وهذا ما سوف نستوعبه في قادم الأيام والأحداث، نعيش في كنف أجمل (عيد) يمكن القول إنه مر على الأمة هو هذا العيد الذي نعيش في كنفه، لأنه عيد فلسطين بل هو (عيد فلسطيني) بامتياز..!
نعم إنه (عيد فلسطيني) الهوى والهوية، عيد مقاوم، عيد الانتصار الذي لا يجب أن ننظر إليه من خلال رد فعل العدو على معركة الطوفان ولا يجب أن ننظر إليه من خلال أرقام الشهداء والجرحى، ولا من خلال حجم الدمار الهائل وغير المسبوق الذي أحدثه العدوان الصهيوني في قطاع غزة، ولا من حجم المعاناة التي يعيشها شعبنا العربي في فلسطين..
بل علينا أن نقيم المعركة وتداعياتها استراتيجيا وما أحدثته في وجدان وذاكرة العدو وفي مساره ووجوده الحضاري على أرض فلسطين.. إن لمعركة الطوفان ما بعدها، قالها ذات يوم السيد حسن نصر الله، وأكد عليها السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي، وأجمل ما قالا هو: إن النصر حتمي على العدو وهذه حقيقة ثابتة، بالرغم من الخذلان والتآمر العربي والإسلامي والدولي على المقاومة وعلى القضية وعلى حقوق الشعب الفلسطيني، وبرغم كل ذلك فقد حققت المقاومة خلال شهور المواجهة والمنازلة ما لم تحققه الأمة العربية بكل جيوشها وأنظمتها وقدراتها على مدى 80 عاماً!
علينا أن لا ننظر لحجم الشهداء والجرحى وحجم الدمار والمعاناة التي عاشها شعبنا الفلسطيني على مدى أشهر المنازلة، بل علينا أن ننظر لما يجري لدى العدو وما يعتمل في مفاصل الكيان رسمياً وشعبياً وأمنياً وعسكرياً، وعلينا أن ننظر لحلفاء العدو ولشركائه في الإجرام والقتل.. نعم إن علينا أن لا ننظر فقط للجزء الفارغ من الكوب، بل علينا أن نتأمل أيضاً الجزء المليان من الكوب، علينا أن نقف ونتأمل فيما أحدثته معركة طوفان الأقصى داخل الوعي الجمعي الصهيوني والاستعماري، والأزمة الوجودية التي تفجرت في وجه الكيان وأربكته وأربكت حلفاءه، بدليل أن سعار الهزيمة يبدو واضحا في تصرفات قادة الكيان وحلفائه من (تل أبيب -حتى واشنطن -مروراً بلندن وباريس وبرلين)، فماذا سنرى، سنرى سعاراً مرتبكاً، وسنرى مرارة وقهراً يكتنف الجميع، دافعه سقوط كل الرهانات الاستعمارية والصهيونية على أنظمة الارتهان والتطبيع، بل سقطت الرهانات الاستعمارية على قدرة كيانهم اللقيط في الديمومة على حماية مصالحهم.. نعم العدو أضحى عاجزاً عن حماية نفسه، وأصبح وجوده محل جدل في مفاصل الكيان والمجتمع ومراكز الدراسات والأبحاث الصهيونية وداخل الأنظمة الراعية للكيان..
لقد أسقطت معركة الطوفان فكرة التطبيع خياراً لحماية الكيان وخسر الكيان والمطبعون ورعاتهم..
وأثبتت معركة الطوفان أن العدو بدون حماية العواصم الاستعمارية، أعجز أن يدافع عن وجوده..
إن ثمة إنجازات كبيرة تحققت، لم تتحقق منذ ثمانية عقود وهذا يعني حقيقة واحدة وحيدة نسير في طريقها وهي أن هذا الكيان يسير في طريق الزوال والأفول تأكيداً لما قالاه وأكدا عليه رموز المقاومة السيد حسن نصر الله والسيد عبدالملك بدر الدين، وأكبر دليل على هزيمة الكيان وخسارته للمعركة أمام المقاومة، هو إقدامه على قصف القنصلية الإيرانية في دمشق، وهذه السابقة لا تدل على ثقة وانتصار، بل على هزيمة وخوف ورغبة في خوض حرب على الطريقة التي اعتادها مع الجيوش العربية، ولا أعتقد أن الأخوة في الجمهورية الإسلامية سيحققون له رغبته، فالكيان يبحث عن منقذ ينقذه من هزيمته أمام المقاومة!
الأدهي من كل هذا أن الهزيمة بلغت بالمجتمع الصهيوني بكل أطيافه وخاصة عن المكونات المتطرفة من الصهاينة أنهم أصبحوا يتساءلون: (أين الله) لا ينصرهم على المقاومة؟! وعندما يصبح تفكيرهم قد وصل لهذا المدى.. فهذا يعني النصر لأصحاب الحق، ولهذا أقول بكل ثقة: إن عيدنا هذا هو عيد فلسطيني وبه نحتفي ونفتخر.

قد يعجبك ايضا