أمريكا والكيان.. ضحك على العالم..!

طه العامري

 

 

تمارس أمريكا سياسة ازدواجية في كل مواقفها السياسية من القضايا الدولية، غير أن سياستها تجاه العرب والمسلمين بصفة عامة وتجاه الشعب العربي في فلسطين وقضيته الحقوقية بصفة خاصة بمعايير ازدواجية وقحة حد البشاعة والاستخفاف أو الاستهتار رغم كل الأحداث الدامية التي تعصف ولا تزال بالكيانات العربية _الإسلامية التي تدفع دماء ودموعاً جراء هيمنة أمريكا على النظام الدولي، غير أن ما يدفعه الشعب العربي عامة والشعب الفلسطيني خاصة هو ثمن يفوق القدرة على الاحتمال، فالعرب يدفعون ثمن هيمنة أمريكا عليهم إهانة وذلاً وامتهاناً وخزياً وعاراً ولعنات تطال الأنظمة التي سلمت قرارها ومصيرها وسيادتها وثرواتها وكل قدراتها لأمريكا، فيما الشعب الفلسطيني يدفع الثمن دماً وعرقاً وقهراً وحسرات ومذابح تمارس بحقه وحرب إبادة، وهذه الأخيرة كانت آخر رغبات أمريكا للتخلص من الشعب العربي في فلسطين وقضيته ومصادرة كل حقوقه وتضحياته التاريخية وأيضا مصادرة أحلامه في الحرية والاستقلال وإقامة دولته المستقلة على ترابه الوطني مثله مثل أي شعب حر يعيش تحت الشمس وفوق الأرض على سطح المعمورة.
معركة طوفان الأقصى أرادتها أمريكا أن تكون المعركة الأخيرة لوجود هذا الشعب وقضيته وحقوقه، وسعت بكل ثقلها لتوظيف ما حدث في السابع من أكتوبر من العام الماضي بحق كيانها الاستيطاني البغيض إلى أن تتخذ من المعركة فرصة لتصفية القضية وحقوق شعبها، بل وتصفية الشعب بمقاومته، بحيث يقبل من سيبقى منهم على قيد الحياة بحلول أمريكا التي أعدتها ووزعت شعب فلسطين بين التهجير لدول العالم وبين من يبقى داخل فلسطين تحت وصاية الصهاينة..!
ما يجري بحق الشعب العربي في فلسطين منذ السابع من أكتوبر من العام الماضي يجري بعلم ودراية أمريكية كاملة، إذ أن واشنطن ليست مجرد داعمة للكيان الصهيوني، بل هي شريكة كاملة بكل ما يتعرض له الشعب العربي الفلسطيني من مجازر ومذابح وما يتعرض له الأطباء والصحفيون وفرق الإسعاف والإنقاذ وفرق الإغاثة المحلية والعربية والدولية، كل هذا يحدث بعلم ومشاركة كاملة من أمريكا التي لديها قوات خاصة على الأرض إلى جانب القوات الصهيونية وأجهزتها الاستخبارية حاضرة وتعرف كل تفاصيل الجرائم الصهيونية والإدارة الأمريكية على علم بكل هذه الجرائم وشريكة في ارتكابها، بدليل أنها أخذت بكل الروايات الصهيونية ودافعت عليها، وما يتداول عبر وسائل الإعلام عن خلافات أمريكية- صهيونية مجرد ذر الرماد على عيون العالم ولدوافع انتخابية أمريكية في لحظة وجدت أمريكا نفسها مجبرة على مسك العصاء من المنتصف، فهي بحاجة لدعم الصهاينة وبحاجة لدعم النخب الأمريكية وخاصة من العرب والمسلمين، وبالتالي اضطرت لإحداث مناورة إعلامية بعد أن وجدت نفسها محاصرة بجرائم الصهاينة، فافتعلت إعلاميا خلافات وهمية بهدف التخفيف من الصورة التي شكلتها جرائم الصهاينة والأمريكان في قطاع غزة والتي أجبرت شعوب العالم للتنديد بها وبعد أن فقد الكيان الصهيوني الصورة التي ظل يرسمها لنفسه أكثر من سبعة عقود..!
أمريكا لم ولن تختلف مع الصهاينة وإن ارتكبوا كل موبقات الدنيا، لأن الكيان ليس إلا قاعدة أمريكية في المنطقة مثله مثل بقية القواعد العسكرية المقامة في بقية دول العالم..!!
إن أمريكا شاركت في قصف مستشفيات القطاع وقتل الأطباء والمرضى وفرق الإسعاف وصولا إلى تدمير المرافق الصحية بشكل كلي، وهي شريكة في قتل الطواقم الصحفية وهي التي لم تحرك ساكنا إزاء قتل الصحفية شيرين أبو عاقلة التي تحمل الجنسية الأمريكية، بل أكثر من هذا مقتل المواطنة الأمريكية الكاملة (راشيل كوري) التي قتلت دهسا بالجرافة الصهيونية، فماذا فعلت أمريكا؟ لا شيء..!
إذاً الكيان هو أمريكا وأمريكا هي الراعية والحامية، والغبي من يصدق دموع التماسيح الأمريكية عن الإغاثة والمدنيين، بل هي زعلانة من كيانها، لأنه لم يتمكن من قتل الشعب الفلسطيني بسرعة ودون أن يفتضح ويكتشف العالم جرائمه، هذه نقطة الخلاف بين واشنطن وكيانها اللقيط، الخلاف المزعوم بين أمريكا والصهاينة ليس على قتل الفلسطينيين، بل على طريقة قتلهم وحسب..؟!
لذا واهم وغبي من يصدِّق أمريكا، ويصدِّق تصريحات مسؤوليها، لا عن حل الدولتين، ولا عن حماية المدنيين، ولا عن سقوط مدنيين، والأكثر غباء من يصدق أن أمريكا عاجزة عن إقناع القادة الصهاينة، حتى أنها اضطرت للقيام بمسرحية إنزال وجبات غذائية عبر الجو والتي راح ضحيتها العشرات من أبناء فلسطين أيضا..!
تلك كانت واحدة من مسرحيات أمريكا المخادعة والهادفة لتلميع ما تلطخه اليد الصهيونية بحقها كدولة تزعم قيادة العالم..!

قد يعجبك ايضا