المعركة البحرية ضد الكيان الإسرائيلي وأمريكا أثبتت أن اليمن أصبح قوة عسكرية لا يُستهان بها

بعد 9 أعوام من العدوان والحصار: قدرات اليمن العسكرية تقلب موازين القوى في المنطقة

 

 

بعد عشرة أعوام من العدوان والحصار على اليمن، فأجا اليمن العالم بقدرات عسكرية نوعية برزت خلال معركة المواجهة مع الكيان الصهيوني والعمليات البحرية اليمنية التي تستهدف السفن المرتبطة بإسرائيل والسفن الأمريكية والبريطانية بدءاً من البحرين الأحمر العربي وخليج عدن وصولا إلى المحيط الهندي، ورأس الرجاء الصالح ليصبح اليمن اليوم حديث العالم الذي وقف مذهولاً من خروج اليمن بعد عشرات سنوات من العدوان والحصار بهذه القدرات العسكرية التي مكنته من ضرب عمق الكيان الصهيوني، والدخول في مواجهة بحرية مباشرة مع أمريكا دعماً وإسنادا للشعب الفلسطيني وغزة التي تتعرض لعدوان وحصار إسرائيلي بدعم أمريكي منذ السابع من أكتوبر الماضي .
ولم يكن اليمن ليصل إلى هذه المرحلة لولا التطوير المستمر لقدراته العسكرية التي فرضتها ظروف المعركة مع تحالف العدوان الأمريكي السعودي الإماراتي التي كانت تتطلب من اليمن أن يكون عند مستوى هذه المعركة في قدراته العسكرية ليتمكن من تغيير موازين المعركة لصالحه.
الثورة / محمد الروحاني

التصنيع العسكري
ومنذ بدء المعارك مع تحالف العدوان اقتحمت القوات المسلحة اليمنية مجال التصنيع العسكري في كافة المجالات ومنها تطوير وصناعة الصواريخ الباليستية والطيران المسيَّر، فنجحت في وقت قياسي في تطوير وصناعة الصواريخ الباليستية والطيران المسيَّر واستهداف عمق دول تحالف العدوان وتنفيذ عمليات ردع استراتيجية أجبرت تحالف العدوان على الدخول في هدنة في فبراير 2022م.

مسار تصاعدي في تطوير القدرات العسكرية
في بداية المعارك مع تحالف العدوان الأمريكي السعودي الإماراتي، استخدمت القوات المسلحة اليمنية ما تبقى لديها من منظومات صاروخية متوسطة المدى، مثل صواريخ «توشكا» السوفيتية التي يتراوح مداها بين 70 و120 كيلومتراً، والنسخ الكورية الشمالية من صواريخ «سكود» الباليستية السوفيتية الشهيرة إلى جانب صواريخ الصرخة قصيرة المدى وصواريخ «زلزال» بنسخها الثلاث «زلزل 1- زلزال 2- زلزال 3 ».
وفي سبتمبر 2016م، أعلنت القوات المسلحة اليمنية دخول صاروخ «بركان 1» والذي تم إنتاجه محليا ويبلغ مداه إلى 900 كيلو متر، وقد استخدم هذا الصاروخ في أكتوبر خلال عملية قصف مطار الملك عبدالعزيز في مدينة جدة، إلى جانب قصف مواقع أخرى في العمق السعودي.
وخلال الفترة من العام 2017م إلى العام 2019م ظهر الجيل الثاني والجيل الثالث من هذا الصاروخ « بركان2- بمدى يصل إلى 1400 كيلو متر» و« بركان 3 » والذي تم استخدامه في عدة عمليات استهدفت العمق السعودي ومنها عملية استهداف مطار الملك خالد بالرياض، ومناطق في مدينة الدمام السعودية.
كما ظهر خلال هذه الفترة صاروخ الكروز «قدس 1» والذي يصل مداه إلى ما بين 1400 – 2000 كيلو متر، والذي تم استخدامه في عمليات استهداف مفاعل «براكة» النووي في أبو ظبي، ثم تكرر استخدامه خلال العام 2019م لاستهداف مطار أبها الإقليمي ومحطتي الكهرباء وتحلية المياه في الشقيق جنوب غرب السعودية.
ولاحقا ظهر الجيل الثاني من الصاروخ «قدس2» وتم الإعلان عن 3 أجيال من صواريخ المدفعية الصاروخية «بدر»، تحت اسم «نكال» و«سعير» و«قاصم».

طيران الجو المسيَّر
وعلى غرار ما تم من تطوير وتصنيع للصواريخ الباليستية بمختلف أنواعها خلال فترة العدوان على اليمن كان تطوير وتصنيع الطيران المسيَّر يتخذ منحنى تصاعدياً حيث كانت البداية في يوم الـ 26 من فبراير 2017م، عندما افتتح رئيس المجلس السياسي الشهيد صالح الصماد معرض الطائرات المسيَّرة اليمنية، مزيحا الستار عن 4 طائرات جرى تطويرها محليا، إحداها هجومية هي “قاصف 1” وثلاث استطلاعية، ليدشن مرحلة فارقة في معركة الجو.
ولم تمض سوى بضعة أسابيع حتى أعلن سلاح الجو المسيَّر في الـ 11 من أبريل 2017م، عن قصف منشأة نفطية لشركة «أرامكو» في جيزان ومطار أبها في عسير بطائرات مسيرة.
وفي مطلع يونيو 2018م أزاحت صنعاء الستار عن سلسلة طائرات مسيَّرة بعيدة المدى حملت أسماء متعددة “صماد1 ، صماد 2 ، صماد3 و”قاصف ” ، وتم عرضها في معرض الشهيد الصماد الذي افتتحه الرئيس المشاط واحتوى على نماذج للصواريخ الباليستية والمجنحة والطائرات المسيَّرة الجديدة .
وفي العام 2019م كشف العميد سريع أن القدرة الهجومية لسلاح الجو المسيَّر تضاعفت بنسبة 400 % عما كانت عليه في العام السابق.

رضوخ تحالف العدوان للهدنة
وعلى وقع عمليات القوة الصاروخية وسلاح الجو المسيَّر التي استهدفت عمق دول تحالف العدوان، رضخت دول تحالف للعدوان ودخلت في هدنة مع اليمن في أبريل 2022م.
ورغم دخول اليمن في هدنة إلا أن صناعة وتطوير الصواريخ الباليستية وطيران الجو المسيَّر استمرت بوتيرة عالية إلى جانب تطوير وتصنيع الأسلحة البحرية.
وخلال العروض العسكرية التي شهدتها العاصمة صنعاء منذ نهاية العام 2023م، كشفت القوات المسلحة اليمنية عن آخر إنتاجات الصناعات العسكرية الحربية اليمنية من الأسلحة المختلفة من الصواريخ الباليستية والمجنحة والبحرية، ومنظومات الدفاع الجوي وسلاح الجو الحربي والمسيّر المزوّد بأحدث التقنيات التي صنعت خلال فترة العدوان، ولم تكن موجودة قبل ذلك حيث استعرضت القوّات المسلّحة اليمنية نماذج من الأسلحة الخاصة بالقوّة البحرية من زوارق وصواريخ وألغام وبعضها كشف عنه للمرة الأولى، وأزيح الستار عن صاروخ «سجيل» البحري، وهو صاروخ كروز مجنح مداه 180 كم ويعمل بالوقود الصلب، ويتميّز بدقة الإصابة برأس حربي يزن 100 كغ، ويمكنه ضرب أي هدف في البحر الأحمر .
كما أزاحت القوات المسلحة اليمنية للمرة الأولى الستار عن صواريخ «بدر 4»، «قدس 4»، صاروخ «عقيل»، صاروخ «طوفان»، وصاروخ «ميون»، وصاروخ «تنكيل»، وصاروخ «مطيع» وغيرها من الصواريخ ذات المديات المختلفة.
كما أزاحت القوات المسلحة اليمنية عن طائرات مسيَّرة جديدة منها خاطف 1 وكذلك خاطف 2، وصماد1، وصماد 2، وصماد 3، ومرصاد 2، وطائرة “وعيد” المسيَّرة الخاصة بتأديب ودك كيان العدو الصهيوني حيث يصل مداها إلى أكثر من 2500كم، وتحمل عدة رؤوس متفجرة حسب نوع الهدف، وتقوم بتنفيذ عمليات هجومية دقيقة.

إعلان الحرب على إسرائيل
في الـ 10 من أكتوبر وتزامنا مع إعلان حركة المقاومة الإسلامية حماس عملية طوفان الأقصى، أعلن قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي – يحفظه الله – أنه إذا تدخل الأمريكي مع الكيان الصهيوني في غزة، استعداد اليمن للمشاركة بإرسال الصواريخ البالستية والطائرات المسيَّرة، وتنفيذا لتوجيهات قائد الثورة أعلن اليمن الحرب على إسرائيل في الـ31 من أكتوبر، وعقبها بأيام، نفذت القوات المسلحة اليمنية أولى عملياتها التي استهدفت الكيان الصهيوني بعدد من الصواريخ الباليستية والطائرات المسيَّرة والتي لحقتها عدة عمليات مماثلة تزامنا مع استهداف السفن المرتبطة بإسرائيل في البحرين الأحمر والعربي وخليج عدن وصولا إلى توسيع العمليات لتشمل السفن الأمريكية والبريطانية بعد إعلان أمريكا وبريطانيا العدوان على اليمن في منتصف شهر يناير الماضي .
ورغم العدوان على اليمن، إلا أن أمريكا ومعها بريطانيا وقفتا عاجزتين عن إيقاف عمليات القوات المسلحة اليمنية البحرية ولم تستطيعا وقف هذه العمليات والتي تصاعدت وتيرها بتصاعد العدوان الصهيوني على غزة.

أمريكا تعترف بقدرات اليمن العسكرية
وأمام فشلها الذريع في إيقاف عمليات اليمن البحرية، اعترفت أمريكا بقدرات اليمن العسكرية وأنها لن تستطيع بمفردها إيقاف هذه العمليات، وهو ما أكده ممثل الولايات المتحدة في مجلس الأمن روبرت وود، الذي أقر منتصف الشهر الجاري بفشل واشنطن الذريع في إيقاف هجمات القوات المسلحة اليمنية في البحرين الأحمر والعربي، مؤكداً ضمنياً أن أمريكا لم تعد قادرة بمفردها على وقف هذه العمليات.
وهذه ليست المرة الأولى التي تعترف فيها واشنطن بعجزها أمام القدرات العسكرية اليمنية، ففي الـ21 من يناير الماضي أقر المتحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض جون كيربي- في تصريحات لقناة إن بي سي الأمريكية، بأن الضربات التي شنتها الولايات المتحدة على مواقع في اليمن لم تتمكن من وقف هجمات القوات المسلحة اليمنية ضد السفن الإسرائيلية والمتجهة إلى إسرائيل في البحرين الأحمر والعربي، مشيراً إلى أن صنعاء لا تزال لديها قدرات هجومية.

إطباق الحصار الكامل على الكيان الصهيوني
ومع الإصرار الكبير لقادة الاحتلال الإسرائيلي على استمرار العدوان والحصار على قطاع غزة الذي يترافق مع دعم أمريكي لا محدود، أعلن قائد الثورة السيد عبدالملك الحوثي منتصف مارس، البدء بمنع مرور السفن المرتبطة بإسرائيل من المحيط الهندي باتجاه الرجاء الصالح، لتعلن القوات المسلحة اليمنية عقب هذا الإعلان توسيع عملياتها البحرية لتشمل المحيط الهندي ورأس الرجاء الصالح، معلنة بذلك إطباق الحصار على الكيان الإسرائيلي، في تطور نوعي ولافت في مسار العمليات النوعية المساندة لغزة.
وبحسب محللين فإن القوات المسلحة اليمنية لم تكن لتتخذ هذا القرار ما لم تكن قد أخضعته للدراسة من حيث القدرة على التنفيذ والتأثير وامتلاكها أسلحة نوعية تمكنها من تنفيذ هذه العمليات بكل كفاءة واقتدار.

اليمن قوة إقليمية مؤثرة
وبحسب المحليين، فإن التطور النوعي في قدرات اليمن العسكرية بهذا الشكل والذي مكنها من مواجهة الكيان الإسرائيلي والدخول في حرب بحرية مباشرة مع أمريكا، لن يؤثر فقط على معركة المواجهة مع الكيان الإسرائيلي، وإنما سيؤثر على التواجد الأمريكي في المنطقة الذي يواجه تحديات كثيرة وقد تجد أمريكا نفسها مجبرة على الرحيل من المنطقة، وترك الكيان الإسرائيلي يواجه مصيره المحتوم وحيدا.
وبعد عشر سنوات من العدوان والحصار والتي استطاع اليمن خلالها بقدراته العسكرية والأسلحة النوعية التي تم تصنيعها محليا من هزيمة تحالف العدوان الأمريكي السعودي الإماراتي، ها هو اليوم يحقق انتصارات في معركة المواجهة التي يخوضها ضد الكيان الإسرائيلي وداعميه أمريكا وبريطانيا في ظل تأكيدات من القوات المسلحة اليمنية على أن هذه القدرات في تطوير مستمر وأن القادم سيكون أعظم على الأعداء، وإن دل ذلك على شيء فإنما يدل على صوابية القرار الذي اتخذته القوات المسلحة مع بداية العدوان الأمريكي السعودي على اليمن بالتوجه نحو التصنيع العسكري وتحقيق الاكتفاء الذاتي الذي يمكن اليمن من مواجهة أعدائها والحفاظ على استقلالية اليمن وسيادته.

قد يعجبك ايضا