مفاجأة من العيار الثقيل، ومرحلة جديدة في معركة البحر يعلن عنها السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي إسنادًا ودعمًا لغزّة ومقاومتها الباسلة. في خطابه الرمضاني بشأن التطورات في القطاع المحاصر، والذي يسبق مسيرات الجمعة الأسبوعية في عموم المحافظات اليمنية، شدّد السيد عبدالملك على ضرورة وقف العدوان ورفع الحصار عن أهالي غزّة وإيقاف التجويع ومأساة موت الأطفال جوعًا بكلّ الوسائل الممكنة والمشروعة.
عمليات الإسناد بالصواريخ والطيران المسيّر لم تهدأ أو تتوقف؛ بل زاد زخمها. يؤكد السيد عبد الملك استهداف ٧٣ سفينة معادية بنتائج مؤثرة شهد بها العالم، غير أن الإمعان الإسرائيلي في سفك الدماء وارتكاب جرائم حرب الإبادة الجماعية بكلّ بشاعة ووحشية مدفوعًا بالدعم الأمريكي المفتوح وكذلك البريطاني، وليس آخره الإعلان عن توريد المزيد من صفقات الأسلحة البريطانية للجيش الصهيوني، حتّم على اليمن أن يطور أساليبه وينوع تكتيكاته القتالية لاجبار الأمريكيين وشركائهم على إعادة حساباتهم والعمل بمقتضى المصلحة والحاجة الإنسانية لإنهاء جريمة القرن في غزّة.
الطريق عبر الرجاء الصالح لم يعد سالكًا أمام السفن المرتبطة بكيان العدوّ الإسرائيلي، قوس النار يكتمل بكشف السيد عبد الملك النقاب عن صواريخ بحرية بلغت المدى لمنع عبور السفن المرتبطة بالعدو الإسرائيلي عبر المحيط الهندي ومن جنوب إفريقيا.
وفقًا للحسابات المادية؛ فإنّ الكلفة في هذه الحال لن تقتصر على زيادة الأجور وارتفاع الأسعار في كيان العدوّ، بل قد تصل إلى انعدام غالبية السلع المستوردة من خارج الأراضي المحتلة فضلًا عن الخسائر المعنوية والاقتصادية الأخرى..
أمريكا بمدمراتها ليس بيدها شيء، ولن تفعل أكثر ممّا فعلت، ولو فعلت ما فعلت، فلن تتمكّن من إيقاف عمليات إسناد الشعب الفلسطيني أو الحد من القدرات العسكرية اليمنية، فالموقف اليمني من غزّة والقضية الفلسطينية عمومًا ثابت ولن يتغير لانطلاقه من أسس الدين والعقيدة وارتباطه بكلّ المعايير الإنسانية والأخلاقية.
حلفاء الولايات المتحدة فشلوا من جانبهم في دفع استراتيجية بايدن إلى مداها المطلوب، وهم على النقيض من ذلك لقد ساعدوا في تطوير قدرات اليمن وخلق حالٍ مركّبة من انضاج مضادات لهذه الاستراتيجية عابرة للمحيطات.
ومع الاستدارة اليمنية إلى المحيط الهندي وسخونة الجبهة اللبنانية والصمود الأسطوري لأهالي غزّة ومجاهديها الأبطال يرتفع مؤشر التوقعات باحتمال توسّع دائرة الحرب ومساعي تبريد الجبهات وإعادة تشكيل الجغرافيا السياسية للإقليم الفاشلة حتّى لو سرعت السعودية من تحركاتها للحاق بركب المطبّعين.
وبتعميق الدور البحري لليمن يجري فرض معادلة الحصار بالحصار وتهرئة ما تبقى من أسلحة الردع الأمريكية، وهز مواقع ارتكازها.
يبقى أن الأسلحة الأمريكية البريطانية، وإن كانت تمثل حلًا لتغذية “إسرائيل” وإنعاش وجودها، فلن تمثل حلًا لاستكمال فصول المؤامرة في غزّة والشروع في إهالة التراب على القضية الفلسطينية، فقد تبيّن بعد عملية “طوفان الأقصى” أن وضع كيان العدوّ وجيشه كقوة لا تقهر أوسع كثيرًا من بدنه وأضعف من قدرته.