في سلسلة من المواقف المستفزة التي تكشف وجه الاحتلال الصهيوني الحقيقي، بداية من قصف وزارة الدفاع السورية وقصر الرئاسة في دمشق، تحت ذريعة “رفض تدخل الجيش السوري في السويداء”، خرج الكيان الصهيوني ليعلن “موافقته المشروطة” على دخول قوات أمنية سورية إلى مدينة السويداء، بذريعة أن يكون دورها محصوراً فقط في فض الاشتباكات بين أبناء الشعب السوري.
هذا التصريح وما سبقه من عدوان يكشف بوضوح حجم الغطرسة الصهيونية، والاستهانة بسيادة الدول العربية، وبالذات سوريا، ويكشف أن إسرائيل لا تتعامل مع سوريا كدولة مستقلة، بل ساحة مفتوحة أمام طائراتها وإملاءاتها، دون اعتبار لسيادة أو قوانين أو أعراف دولية.
يبقى السؤال المشروع: من خول إسرائيل الحقّ في التدخل أو حتى إبداء الرأي في شؤون سوريا؟ هذا الكيان الغاصب لا يملك أي صفة قانونية أو أخلاقية تخوّله رسم حدود التحرك الأمني لأي دولة عربية، لكنها تفعل ذلك، بكل وقاحة لأنه يدرك أن هناك صمتاً دولياً، وتواطؤاً عربياً، يسمح له بأن يُقدّم نفسه كشرطي للمنطقة، بل كوصي على شعوبها ومستقبلها.
كيان الاحتلال0 الذي يحتل أراضي عربية في الجولان السوري ويتمدد في عدة مناطق من سوريا، ويشن من وقت لآخر غارات على العمق السوري، يأتي اليوم لتلبس قناع الحريص على “فض النزاعات” داخل المدن السورية، هل من المعقول أن يقبل الشعب السوري، أو أي شعب عربي، أن تكون إسرائيل هي من تحدد متى وأين تتحرك قواته الأمنية؟
إن هذه الصورة التي تحاول إسرائيل أن ترسخها لنفسها، كحاكم إداري على المنطقة، ليست فقط مرفوضة من شعوبنا، بل تكشف نواياها الحقيقية في تفكيك الدول العربية، وبث الفتن فيها، وإبقاء شعوبها في حالة ضعف وانقسام حتى يسهل التحكم بمصائرها.
السؤال اليوم موجه لكل عربي حر: إلى متى نسمح للعدو بأن يتحدث وكأنه وصي علينا؟ وأين هي الأصوات الحرة في الإعلام والسياسة التي تعري هذا الكيان أمام العالم؟
لطالما وضعت مواقف السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي النقاط على الحروف، إذ حذّر في أكثر من مناسبة من أن العدو الإسرائيلي يواصل اعتداءاته على سوريا ولبنان ويكثف غاراته، في ظل سعي أمريكي لفرض معادلة “الاستباحة دون ردة فعل”، و أن ما يريده العدو هو أن تقبل الأمة بهذه المعادلة التي تضمن له السيطرة والجبروت، وتجعل شعوب المنطقة مستذلة ومستعبدة ومقهورة.
يشير القائد إلى أن ما يسعى إليه العدو الصهيوني هو فرض دور له في الشأن السوري الداخلي تحت ذرائع “حماية الأقليات”، مستغلاً الأخطاء التي وقعت فيها بعض الجماعات المسلحة، ومؤكداً أن هدف الاحتلال هو تفكيك النسيج السوري، وخلق مبررات دائمة للتدخل تحت عناوين أمنية وطائفية.
ختاماً، ما يجري اليوم في السويداء وسوريا، ولبنان، إلى جانب ما يحدث في غزة، يؤكد أن الصراع مع إسرائيل لم يكن يوماً على الأرض فقط، بل هو صراع على السيادة والهوية وكرامة الأمة بأسرها.