الثورة /قضايا وناس
رغم الإنكار المتكرر من الحكومة التي تشكلت بعد سيطرة الجماعات المسلحة على الحكم في دمشق لجرائم الخطف والاغتصاب للنساء في الساحل السوري الذي تقطنه الطائفة العلوية إلا أن العديد من الصحف الغربية أكدت هذه الجرائم ومنها صحيفة DW الألمانية التي نشرت تقريرا مأساويا وشهادات لنساء علويات تعرضن للاختطاف على أيدي الجماعات المسلحة ، وعائلات تنتظر بناتها.
وتحدث ناشطون حسب الصحيفة – عن استهداف “ممنهج” للنساء العلويات من الجماعات المسلحة.
ومن بين الشهادات التي نشرتها الصحيفة الألمانية شهادة لامرأة سورية من الطائفة العلوية أطلق سراحها مؤخرا .
ووفق ما جاء في تقرير الصحيفة الألمانية فقد بقيت نورا حوالي شهر محتجزة في قبو شهدت فيه مختلف أصناف التعذيب الجسدي والنفسي .
ووفق إفادتها التي أوردها تقرير الصحيفة الألمانية فأن الشابة العشرينية وهي أم لرضيع لم يكمل العام، كانت في طريقها لاستلام حصة مساعدات غذائية بالقرب من مدينة جبلة على الساحل السوري عندما اعترض طريقها رجال ملثمون ومسلحون خرجوا من سيارة تحمل نمرة محافظة إدلب .. سألوها عن خلفيتها الدينية، وعندما قالت إنها علوية، جروها بعنف إلى السيارة وعصبوا عينيها واقتادوها إلى أحد الأماكن التابعة لهم.
ووفق ما روته الشابة للصحيفة فقد كانت تتعرض يومياَ للشتم والضرب المبرح حتى تفقد الوعي”. انتزع طفلها منها، وحاول الخاطفون إجبارها على توقيع أوراق، تبين لها لاحقاً أنها عقد قران لها على شخص لا تعرفه.
تتابع نورا “بالطبع رفضت، فأنا متزوجة، وعندما رفضت أمعنوا أكثر في تعذيبي”.
وفي الوقت نفسه كان الخاطفون يرسلون صور نورا تحت التعذيب إلى عائلتها للضغط على العائلة وإجبارها على دفع فدية.
وحسب الصحيفة فقد دُفعت الفدية وخرجت نورا من الاحتجاز، وهي الآن تعيش خارج سوريا في أمان، وتتلقى علاجاً طبياً لإصابات والتهابات في أعضائها التناسلية.
قصة نورا ليست حالة فريدة، ولم تكن صحيفة DW أول من كشف النقاب عن قضية خطف واغتصاب النساء العلويات، حيث نشرت وكالة رويترز وعدة وسائل إعلام عالمية أخرى تحقيقات عن هذه الظاهرة وأكدت وقائع الاختطاف والاغتصابات للنساء العلويات من الجماعات المسلحة .
و منذ بداية العام الجاري تم تسجيل أكثر من أربعين حالة اختفاء لنساء سوريات، بحسب أفاده الناشط الحقوقي باسل يونس لصحيفة DW ، من مقر إقامته في السويد والذي، يعمل على توثيق الانتهاكات في سوريا بمساعدة شبكة من العاملين معه على الأرض، حيث يوضح يونس أن الغالبية العظمى للنساء المختفيات تنتمي مثل نورا إلى الطائفة العلوية “؛وهي طائفة تكفرها الجماعات المسلحة لأسباب عقائدية بحتة، حيث تم ارتكاب جرائم بحق أبناء هذه الطائفة ومازالت مستمرة إلى اليوم .
بالنسبة لباسل يونس فإن النساء المختطفات في هذا السياق لسن مجرد ضحية وقعت بالصدفة بيد شبكات إجرامية، بل إن “المرأة العلوية تستخدم هنا كسلاح حرب لفرض نوع من الإخضاع الرمزي والسياسي للطائفة بأكملها”.
الصحيفة الألمانية أكدت أنها توجهت إلى لجنة التحقيق الدولية المستقلة بشأن سوريا بسؤال عما إذا كانت اللجنة قد سجلت حالات خطف واختفاء نساء علويات في سوريا، فأتى الجواب بأن اللجنة ستقدم قريباً تقريراً مفصلاً بالحالات التي رصدتها، وأشارت اللجنة إلى توضيح قدمه رئيسها باولو سيرجيو بينيرو أمام مجلس الأمن ذكر فيه أن اللجنة وثقت 6 حالات على الأقل، وأن لديها أدلة مقنعة حول عدد أكبر من ذلك من الحالات.
وذكرت الصحيفة أن طلبها لتصريح صحفي من جانب وزارة الداخلية السورية الحالية حول حالات اختفاء نساء علويات في سوريا لقي اعتذاراً من قبل الوزارة عن التعليق على الموضوع.
وحسب الصحيفة فأنها خلال عمليات بحث استغرقت 6 أسابيع تمكنت من التحدث مع 10 من العائلات المعنية أو الناجيات، كما وحصلت على أدلة مقنعة حول عدد أكبر من حالات الخطف.. لافتة إلى أن أغلب المعنيين يخشون التحدث إلى الإعلام، ويسيطر عليهم مزيج من الخوف والعار.
ونقلت الصحيفة شهادة عن شخص اسمه سامي من مدينة طرطوس،، وهو واحد من القلائل الذين قبلوا بالتحدث إلى الإعلام بصراحة حسب ما أكدته الصحيفة.
ووفق إفادة سامي فقد اختفت أخته إيمان فجأة بعد ذهابها في رحلة اعتيادية إلى مدينة طرطوس وبعد اختفائها ببضع ساعات تلقت العائلة اتصالاً من رقم عراقي، قال فيه المتصل “انسوا إيمان. إيمان لن تعود إليكم”.
وأضاف : إن العائلة ذهبت مباشرة لتحرير ضبط لدى الشرطة، فجاء رد الشرطة سريعاً: “الوضع العام في القريبة آمن، وأغلب حالات اختفاء النساء تكون في الحقيقة لنساء هربن مع عشاقهن”.
وقال إن رواية الشرطة لم تثبت طويلاً، فبعد أيام قليلة اتصل الخاطفون بعائلة إيمان وطالبوا بفدية باهظة ، فلم يكن أمام عائلة إيمان سوى استدانة المبلغ ودفع الفدية، كما طالب الخاطفون، بنظام الحوالة إلى مكتب في تركيا ، وبعد دفع الفدية قطع الخاطفون الاتصال مع عائلة إيمان، التي ما زالت مختفية حتى لحظة إعداد هذا التحقيق.