* 50 شركة في اليمن 7 شركات عالمية منها فقط..
* مستورد زيوت: السوق اليمني سوق أسعار.. وليس سوق جودة
* المواصفات والمقاييس: السوق يعج بزيوت مكررة محلياٍ تنتجها معامل بدائية..
* البيئة: استيراد الزيوت العادمة مخالفة.. لأن اليمن موقعة على اتفاقية بازل..
سيارات وآليات ومعدات جميعها تحتاج لما يسمى بزيوت التزليق حتى يتسنى لها الحركة والإنتاج.. والملاحظ انتشار العديد من أنواع زيوت المحركات في الأسواق اليمنية بعضها زيوت بمواصفات عالمية والبعض الآخر زيوت مغشوشة ومقلدة أو مكررة حيث تعد واحدة من أخطر مشكلات الغش التجاري في بلادنا حتى أصبحت ظاهرة تتمدد دون توقف في ظل غياب الوعي لدى المستهلك.. والرقابة الرسمية مما يتسبب بأضرار ذات أوجه متعددة منها اقتصادية وبيئية وصحية وكذا مجتمعية..
” الثورة ” وقفت على المشكلة وبحثت مخاطرها والحلول المقترحة في سياق التحقيق التالي ..
يعقوب الجابري مسئول محل لتغيير زيوت يقول : ” غالباٍ يأتي الطلب على زيت معين ونحن نقنع الزبون بالزيت الذي نراه أفضل لسيارته “..
مستعرضاٍ نوعية الزيوت الموجودة وبمسميات عديدة قائلاٍ : “هناك زيوت من مواد أساس يتجاوز سعر العلبة (3.000) ريال ويتم تغييره كل (10.000) كيلو وهناك زيت سعره (900) ريال “..لكن الملاحظ بحسب ما قاله يعقوب بأن نسبة الزبائن الذين لديهم دراية بنوعية تغيير الزيوت نسبة قليلة جداٍ..
أما فيما يخص الزيت المكرر فيقول الجابري : ” تأتي شركات لشرائه ويستخدم كمادة ضمن مواد رصف الإسفلت “
المواصفات والمقاييس
يحدثنا رضوان الخضر – خبير في مجال الزيوت بشركة ادنوك عن زيوت المحركات قائلاٍ : ” الزيوت الجديدة أو الأصلية هي الزيوت البكر التي أساسها من مشتقات النفط هذه الزيوت تصنعها الشركات العالمية لكن الزيوت المغشوشة في السوق هي زيوت أصلاٍ مستخدمة واستخرجت من المحركات وتم إعادة تصفيتها وتنقيتها بسحب بعض الشوائب منها وتابع أوحين يتم سحب الشوائب يحتاج الأمر لأكثر من عملية فلترة ليتم سحب كل الشوائب منه وهذه الزيوت تؤثر على المحركات لأنها تفتقد لأبسط متطلبات الزيوت الحقيقية والتي تتمثل في:(حماية المحرك من التآكلعدم ارتفاع درجة الحرارة منع تكون الرغوة)
يشاركه الرأي المدير الفني والتجاري بشركة موبيل المهندس جمال سعيد ويضيف : هناك زيوت تدخل اليمن قد لا تكون مغشوشة لكنها تأتي بمواصفات غير مطابقة وتصنف بأنها عالمية.. مشدداٍ على ضرورة مراقبة المنافذ التي تدخل منها تلك الزيوت و حصرها وكذا تحجيمها للحفاظ على المستهلك واقتصاد البلد والمجتمع ككل..
كما يؤكد المدير الإقليمي لشركة ادنوك اليمن وشرق أفريقيا المهندس محمد القحوم على أن الضرر من استخدام زيت غير مطابق للمواصفات لا يظهر مباشرة كونه ذو تأثير تراكمي يظهر خلال سنة أو أكثر من استخدام الزيت المغشوش ..
مضيفاٍ بأنه وفي اليمن أكثر من 50 شركة منها7 شركات فقط تعتبر عالمية وأغلب الشركات العالمية خرجت من اليمن ويأسف بأن يكون سوق اليمن سوق أسعار وليس سوق جودة..
وأردف القحوم : عدم وعي المواطن بالزيت المناسب لسيارته او المعدات الخاصة تجعله يسيء الاختيار ويقع فريسة سهلة لمحلات تغيير الزيوت الذين يروجون لأي زيت بمجرد حصولهم على أعلى نسبة في الربح بغض النظر عن جودة الزيت أو مناسبته للسيارات او المعدات..
وأعاد القحوم قلة الوعي لدى المستهلك إلى عدم قيام الشركات العالمية والهيئة العام للمواصفات والمقاييس ببرامج توعية في هذا الإطار حيث يتوجب عليهم إقامة دورة تدريبية ” للبناشرة ” وكل من يعمل في هذا المجال وحث وسائل الإعلام على بث رسائل توعوية إرشادية للمستهلك والمجتمع ككل ..
ويرى القحوم بأنه لابد وأن يكون هناك رغبة وإرادة من الجهات المعنية بضبط الشركات المتلاعبة والمصانع التي لا تلتزم بالمواصفات والمقاييس متمنياٍ وجود أو تفعيل معامل حديثة في الموانئ لفحص المواد الداخلة للبلد كغيرها من البلدان الأخرى كما انه يجب تفعيل المنافذ والسيطرة على دخول المواد غير المطابقة للمواصفات .
جهل المستهلك
عبدالإله الخامري – رئيس نقابة خدمات الزيوت والإطارات يقول : هذا الموضوع يعتبر شائكاٍ ويحتاج لتضافر جهود أطراف عدة للحد من هذه الظاهرة التي تؤثر على المركبات والآليات حيث يجهل الكثير من الناس مواصفات الزيوت ويسعون لأقل تكلفة.. وللأسف يزدهر هذا السوق والسبب هو جهل المستهلك بالزيوت..
مؤكداٍ بأن الموضوع لا يرتبط بالزيوت المغشوشة فقط وإنما بالزيوت المستوردة المقلدة والأقل جودة حيث لا يوجد قانون يلزم الجميع بمواصفات عالمية.. مشدداٍ على أهمية قيام الشركات العالمية والمستوردة ذات الجودة العالمية بالتنسيق فيما بينها في إطار موحد عبر لجنة أو مجلس لمواجهة الزيوت المغشوشة والمقلدة بالاشتراك مع وزارة الصناعة والتجارة والهيئة العامة للمواصفات والمقاييس والجمارك ووسائل الإعلام للحد من استيراد الزيوت المقلدة أولاٍ ثم القيام بحصر وجمع معلومات عن المعامل المحلية التي تقوم بإعادة تدوير الزيوت المستهلكة وإلزام المعامل بالجودة في التصنيع وإلزامها بعلامات تجارية لمنتجها وفي حال المخالفة تفرض عليها عقوبات وتصدر بحقها أحكام لضررها على المجتمع
ولفت رئيس نقابة خدمات الزيوت والإطارات إلى أن تشتت جهود الشركات الكبرى والتي بعضها تساهم في تأجيج هذه المشكلة بالأسعار غير المستقرة لمنتجاتها ومبيعاتها في السوق يغري بعض مقدمي الخدمة وخاصة ذوي الوازع الديني والقيمي الضعيف إلى الاتجاه للبدائل الرخيصة للحصول على أرباح أكثر.
من جانب آخر يقول الخامري بأن العروض السخية المقدمة من المستوردين للزيوت الأقل جودة وأصحاب المعامل المحلية تلعب دورها في هذا الجانب إضافة إلى موجة تقليد بعض معامل دول الجوار التي تعمل في تكرر الزيوت للتخفيف من مخاطرها على البيئة يتحول الأمر لدينا إلى تجارة ليعاد بيعه من جديد لنفس الغرض بدون مواصفات.
لذا فإن هذه الظاهرة من وجهة نظر الخامري تحتاج من الشركات الكبرى إلى دراسة لوضع و فتح خطوط إنتاج في اليمن والعمل على استيعاب هذه الزيوت وإعادة تدويرها بمواصفات عالمية وزاد بالقول: يجب علينا أن لا نبقى مستوردين فقط لأن الكارثة ستكبر ومنها قيام البعض بإعادة التدوير بطرق سيئة جداٍ وتوزيع المنتج في السوق دون رقيب أو حسيب والشركات الكبرى تعرف هذا ومن الصعب أن تراقب كل السوق وكل السيئين ولكن من السهل أن تراقب المصنعين لأنهم يعتبرون محدودين.
معتبراٍ أن وعي أصحاب القرار وتفهم طبيعة الضرر القائم من انتشار هذه الزيوت على الدورة الاقتصادية والبيئة والمجتمع.. بداية الطريق إلى الحل.
اتفاقية ” بازل “
“بطبيعة الحال حين يكون الزيت غير جيد فإنه يؤدي لزيادة استهلاك الوقود وبالتالي يؤدي لزيادة انبعاث الغازات” هكذا حدثنا سنان الشرفي مدير إدارة تقييم الأثر البيئي في وزارة المياه والبيئة ويضيف فيما يخص الزيوت العادمة في السوق: ” هناك مصانع محلية تقوم بإعادة تدويرها .. لكن فيما يخص استيراد زيوت عادمة تعتبر مخالفة قانونية حيث واليمن موقع على اتفاقية ” بازل ” والتي تنص على منع نقل المواد الخطرة عبر الحدود ..”
مؤكداٍ بأن هناك شركات تستخدم تلك الزيوت العادمة لرصف الطرق حيث توضع تحت طبقة الإسفلت مما يزيد عملية التماسك لكنها عملية خطره تؤدي لتلوت التربة والبيئة كما أن هذه المشاريع تستهلك المادة الضارة مما يؤدي إلى تلوث كبير.. وهذه المشاريع لا يتم الاهتمام أو النظر إليها بعين المسؤولية وأخذ الاحتياطات أو الإجراءات اللازمة لتقليل الضرر البيئي .. مؤكداٍ أن إدارة تقييم الأثر البيئي لا تستطيع ضبط صلاحية الزيت من عدمه لأن الجهة المعنية بهذا الجانب هي المواصفات والمقاييس “..
زيوت مغشوشة بعبوات عالمية
المهندس حديد المليكي نائب مدير عام فرع هيئة المواصفات والمقاييس بعدن يقول : الزيوت المعاد تدويرها من الزيوت المستهلكة وممارسة هذه المهنة بطرق عشوائية وطرق مخالفة وبواسطة معامل بدائية في عمليات التسخين والترسيب والفصل وإضافة مواد بسيطة أمر خطير وقال: ليس هذا فحسب بل وأحياناٍ تتم تلك العمليات بها في بعض مواقع تغيير الزيوت وحتى في أحواش بعض المنازل ولا تتوفر الوحدات الصناعية اللازمة لإعادة التكرير لدى هذه المعامل مما يتيح تصنيع زيوت لا تمتلك الخصائص الواجب توافرها في منتج زيوت التزليق وقد تلحق الضرر بمحركات الاحتراق الداخلي ناهيك عن كونها من مظاهر الغش..
وبين أنه في ظل عدم توفر التشريعات والضوابط التي تحدد شروط ومتطلبات ممارسة المهنة واستغلالاٍ للحالة المادية المتردية لدى المواطن وضعف الرقابة تعددت المعامل التي تمارس هذا النشاط بطرق مخالفة غير مرخصة ونبه المليكي إلى أن هذه العشوائية تتيح استغلال العبوات الفارغة التي يتم جمعها من محلات تغيير الزيوت وبعضها تحمل علامات تجارية عالمية ليتم تعبئتها بزيوت معاد تدويرها لا تملك الخصائص اللازم توافرها في زيوت التزليق كما يؤدي ذلك إلى الإضرار بالبيئة بسبب مخلفات عملية إعادة التدوير والتي تلفظ مخلفات خلطة مشبعة بالعناصر الثقيلة..
ويؤكد المليكي بأن الهيئة اليمنية للمواصفات والمقاييس وضبط الجودة أولت هذا الموضوع اهتماماٍ كبيراٍ وتم ضبط العديد من المخالفات المتمثلة بقيام أشخاص يمارسون هذا النشاط في أحواش منازل وتم إحالتهم للنيابة وكذا التعميم بعدم السماح بدخول المواد الخام المستخدمة لهذا الغرض كما تمت مخاطبة الجهات المعنية بضرورة وضع لائحة لإدارة الزيوت المستهلكة وضرورة القيام بدراسة الأثر البيئي وإمكانية القيام بهذا النشاط قبل منح تراخيص مزاولة المهنة ودعا إلى ضرورة التنسيق بين الجهات المعنية خصوصاٍ وأن معظم هذه المعامل حاصلة على تراخيص .. كما اعتمدت الهيئة مواصفة قياسية يمنية تتضمن الاشتراطات والمتطلبات الواجب توافرها وكذا الوصلات والمعدات الصناعية الواجب توافرها للقيام بإعادة التكرير ومما يضمن سلامة المنتج والحفاظ على البيئة..
مضيفاٍ : ” الهيئة قامت بضبط العديد من المخالفات المتمثلة إما بالغش والتزوير وتعبئة زيوت معاد تدويرها في عبوات لماركات عالمية او بالقيام بممارسة هذه المهنة بطرق مخالفة وفي أحواش منازل وتم إحالة المخالفين للنيابة كما تم إغلاق العديد من المعامل المخالفة لقيامها بالتدوير بطرق بدائية ومخالفة”
توصيات
وفي نفس السياق أقيمت ندوة علمية بكلية الهندسة – جامعة صنعاء أواخر مايو المنصرم تم خلالها تناول العديد من أوراق العمل العلمية التي ناقشت أضرار ومخاطر زيوت المحركات المغشوشة والمكررة في اليمن حيث تم إثراء الندوة بالعديد من الأطروحات العلمية والآراء القيمة من قبل الخبراء والأكاديميين المتخصصين في هذا الجانب..
وفي تصريح خاص قال معين الزبيري المدير التنفيذي لمشروع انجاز لريادة الأعمال الشبابية منفذ الندوة: بأن الندوة خرجت بعدد من التوصيات والمقترحات الهامة والتي ستوجه بدورها للجهات ذات العلاقة حيث أكدت التوصيات على ضرورة الحد من استيراد الزيوت المقلدة والأقل جودة عبر المنافذ مع وضع مواصفات محددة لتلك الزيوت وتعميمها على المستوردين مع وجوب إغلاق المعامل المخالفة وإصدار أحكام ضدها لضررها على المجتمع والاقتصاد الوطني..
وأكد الزبيري خلال التوصيات التي خرجت بها الندوة على ضرورة عدم التهاون بالإبلاغ عن أي عملية غش قد يتعرض لها المستهلك عن طريق وسائل الاتصال المتعددة مع وزارة التجارة أو حماية المستهلك أو المواصفات والمقاييس وكذا التعاون مع حماية البيئة لمراقبة مصانع تكرير الزيوت المستعملة و التأكد من اتباعها لعملية التصفية و التكرير بطرق تساهم في الحفاظ على البيئة و إنتاج زيوت أساس عالية الجودة طبقا للمواصفات المعتمدة.. وإخضاع منشآت التكرير التي تقوم بعمليات التصفية والتكرير للزيوت المستعملة لنظام توكيد الجودة الكاملة من نظام تقويم المطابقة.