اليمن يصعِّد حرب البحار لكسر الحصار الصهيوني عن غزة.. التنكيل على أَشُدِّه

القوات المسلحة تُفرض معادلة كسر الحصار عن غزة بضرب سفينة «استريندا» النرويجية

جبهة البحر الأحمر تتصاعد بتضييق الخناق على الصهاينة وتقلب معادلات الحرب على غزة

الثورة / وديع العبسي
تأكيداً لوعيد القوات المسلحة بأن البحر الأحمر محرّم على كل السفن الإسرائيلية أو التي لها علاقة بالكيان، وكل السفن المتوجهة إلى الكيان حتى إدخال الدواء والغذاء إلى غزة، جاءت العملية العسكرية النوعية ضد السفينة “استريندا” التابعة للنرويج، والتي كانت محملة بالنفط في طريقها إلى الكيان الصهيوني.
القوات المسلحة في بيان الإعلان عن العملية أوضحت أنه تم استهداف السفينة بصاروخ بحري مناسب، بعد رفض طاقمها كافةَ النداءات التحذيرية.
وذكر البيان أن القوات المسلحةَ نجحت خلال اليومين الماضيين في منع مرور عدة سفن استجابت لتحذيرات القوات البحرية اليمنية.
كما جددت التأكيد على الاستمرار دون تردد في استهداف أي سفينة تخالف ما ورد في البيانات السابقة، ومنع كافة السفن من كل الجنسيات المتجهة إلى الموانئِ الإسرائيلية من الملاحة في البحرين العربي والأحمر حتى إدخال ما يحتاجه أبناء قطاع غزةَ من غذاء ودواء.
يبلغ طول الناقلة 144 متراً، وقد بُنيت في 2006، وتعود ملكيتها لـ”موينكل كيميكال تانكرز إيه إس”، وهي شركة مقرها الرئيسي في بيرغن في النرويج.
يذكر مكتب التجارة البحري البريطاني في منشور على “إكس” أنه تلقى في وقت مبكر من يوم أمس الثلاثاء تقريراً عن حادث أثر على سفينة في محيط باب المندب غرب ميناء المخا في اليمن، ما أدى إلى نشوب حريق عليها.
وبحسب تقارير صحافية، وقع حادث ضد سفينة على بعد 15 كيلو من مدينة الحديدة، حيث تم إطلاق صاروخ كروز غرب الميناء على “سفينة إسرائيلية”.
العملية جاءت ترجمة لوعيد القوات المسلحة في التاسع من ديسمبر الجاري بتوسيع عملياتها واستهداف جميع أنواع السفن التي تحمل العلم الإسرائيلي، وتلك التي تقوم بتشغيلها أو تعود ملكيتها لشركات إسرائيلية، تأتي في وقت نشطت فيها أمريكا والكيان الصهيوني وباقي دول محور الشر لتكوين تحالف بحري بزعم حماية الملاحة الدولية، لتمثل العملية الجديدة، رسالة رد قوية بثبات الموقف تجاه الدفاع عن الشعب الفلسطيني، ولذلك حمَّل بيان القوات المسلحة بُعداً إنسانياً آخر يؤكد على أن الهدف من العمليات هو الانتصار للإنسانية التي تدمرها أمريكا والكيان الصهيوني في غزة وباقي الأراضي الفلسطينية المحتلة.

حديث السيّد المفصلي
في منتصف نوفمبر الماضي ومع تمادي الكيان الصهيوني بارتكاب جرائمه ضد الشعب الفلسطيني أشهر السيد القائد عبد الملك بدرالدين الحوثي سلاح البحر الأحمر في وجه السفن الإسرائيلية، مؤكدا عدم التواني في استهداف السفن الإسرائيلية في البحر الأحمر، في إطار المساندة والوقوف مع الشعب الفلسطيني، الذي يتعرض لحرب إبادة جماعية من قبل الصهاينة في غزة.
وقال السيد القائد “عيوننا مفتوحة للرصد الدائم، والبحث عن أية سفينة إسرائيلية في البحر الأحمر ومضيق باب المندب وما يحاذي المياه الإقليمية اليمنية”.
وقال: “ليعلم الجميع، وليعرف الكل أنَّ العدوّ الإسرائيلي يعتمد في حركته في البحر الأحمر، وبالذات من باب المندب، على التهريب والتمويه، ولم يجرؤ أن يرفع الأعلام الإسرائيلية على سفنه، هو يهرِّبُ تهريبًا، ويغلِقُ أجهزةَ التعارُف، ولكن مع ذلك لن يفلح، سنبحث حتى نتحقّق من السفن التي هي تابعةٌ له، ولن نتوانى عن استهدافها”.
وواصل قائلاً: “لكن ليعرِف الكل أنه خائف، وأنه يعتمد هذا الأُسلُـوب، وهذا يدلل على مدى جدوائية وتأثير موقف بلدنا وشعبنا، وتأثيره على العدوّ الإسرائيلي، هو خائف إلى هذه الدرجة، في الوقت الذي يرفع فيه الأعلام الإسرائيلية في سفاراته في دول عربية، وفي عواصم دول عربية، لا يجرؤ أن يرفع العلم الإسرائيلي على سفن يمر بها في البحر الأحمر، أَو من باب المندب، بل يرفع أعلامَ دُوَلٍ أُخرى؛ ليموِّه على سفنه، ويغلق أجهزة التعارف حتى يسعى لئلا يتم رصدُها”.
وأكّـد بقوله: “إن شاء الله سنظفر-بتوفيق الله “سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَى”- بهم، وسننكِّلُ بهم، وفي أي مستوى تناله أيدينا وإمْكَاناتُنا، لن نتردّدَ في استهداف العدوّ الإسرائيلي، هذا موقفُنا المعلَنُ والصريحُ والواضحُ، وليعرف به كُـلُّ العالم”.
لفت حديث السيد القائد انتباه وسائل الإعلام العربية والدولية؛ ليتم تداول التهديد على نطاق واسع جِـدًّا.
واعتبرت وسائل الإعلام خطاب السيد القائد مفصليًّا وتاريخيًّا؛ لكونه تضمَّن أولِ تهديد باستهداف سفن صهيونية في ثالث أهم ممر مائي في العالم؛ بما يمثله من أهميّة استراتيجية للكيان الصهيوني.
عقب خطاب السيد في ذات اليوم، أكدت القواتِ المسلحةَ أنها وضمنَ عملياتِها العسكريةِ ضدَّ العدوِّ الإسرائيلي، البَدءَ في اتخاذِ كافةِ الإجراءاتِ العمليةِ لتنفيذِ التوجيهاتِ الصادرةِ بشأنِ التعاملِ المناسبِ مع أيّ سفينةٍ إسرائيليةٍ في البحرِ الأحمر.
وقالت القواتِ المسلحةَ في بيان: لن تترددَ في استهدافِ أي سفينةٍ إسرائيليةٍ في البحرِ الأحمرِ أو أيِّ مكانٍ تطالُه أيدينا ابتداءً من لحظةِ إعلانِ هذا البيانِ.. واللهُ على ما نقولُ شهيد.
بعدها بيومين أكد مصدر عسكري بارز في القوات البحرية اليمنية، أن القوات البحرية قادرة على استهداف السفن الإسرائيلية في البحر الأحمر أو أي مكان آخر لا يتوقعه العدو الصهيوني.
ولفت المصدر العسكري البارز إلى أن القوات المسلحة بصدد استهداف كافة السفن الإسرائيلية، سواء كانت متجهة إلى فلسطين المحتلة أو أي دولة أخرى.
عدد العمليات وتصاعد المعادلة
بلغت العمليات المباشرة في استهداف السفن ذات العلاقة بالكيان ثلاث عمليات إلى جانب عديد العمليات التحذيرية التي كانت تنتهي إلى تغير السفن لطريقها متحاشية العبور في منطقة الحظر.
وبالنظر إلى مسار العمليات نجدها منذ بداية إعلان السيد القائد إلى يوم أمس أخذت مسارا تصاعديا مرعبا بالنسبة للكيان الصهيوني وباقي دول النفاق، منطلقا من الفعل الإعجازي الذي أذهل العالم، بالسيطرة على السفينة جالاكسي والتي مثّلت بداية التحول في الصراع مع الكيان الصهيوني الذي ما انفك عن تنفيذ جرائمه في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
في العملية الثانية التي كان لأمريكا فيها حضور كبير أوعزت لثلاث سفن بكسر الحظر اليمني، على أساس أنها ستقوم بحمايتها، لتجني بفعلها الخزي والعار.
حدث ذلك في الثالث من الشهر الجاري باستهدافٍ سفينتينِ إسرائيليتينِ في بابِ المندب وهما سفينة «يونِتي إكسبلورر» وسفينة « نمبر ناين»، حيثُ تم استهدافُ السفينةِ الأولى بصاروخِ بحري  والسفينةِ الثانيةِ بطائرةٍ مسيرةٍ بحرية.
وجاءتْ عمليةُ الاستهدافِ حسب بيان للقوات المسلحة بعدَ رفضِ السفينتينِ الرسائلَ التحذيريةَ من القواتِ البحريةِ اليمنيةِ.
وكانت العملية بمثابة الرسالة الواضحة على الاقتدار حتى مع محاولة الكيان الأمريكي تفعيل فعل الحماية لهذه السفن المرتبطة بالكيان الصهيوني، ليعقب ذلك عملية السفينة النرويجية «استريندا»، يوم أمس.
وفي الأثناء، تصاعد تكتيك وتنفيذ العمليات ومعه ارتفع سقف الحظر اليمني وقد كشفت القوات المسلحة عن ذلك في بيان يوم التاسع من ديسمبر الجاري، والذي أكدت فيه «منعِ مرورِ السُّفُنِ المتجهةِ إلى الكيانِ الصهيونيِّ من أيِّ جنسيةٍ كانتْ، إذا لم يدخلْ لقطاعٍ غزةَ حاجتُهُ من الغذاءِ والدواءٍ وستصبحُ هدفًا مشروعًا لقواتِنا المسلحة.»، وهو البيان الذي أثار انتباه كل دول العالم، وحفيظة دول محور الشر والنفاق، لتترسخ معادلة البحر الأحمر التي وسعت نطاقها لتشمل البحر العربي أيضا.
عكس هذا التصاعد في العمليات والتأثير الاقتدار اليمني على فرض معادلة البحر الذي ظلت أمريكا والكيان الصهيوني المهيمنين عليه طوال العقود الماضية، ليعود إلى حاضنه الطبيعة العربية اليمنية، ويكون التعامل معه وفق مقتضيات المستجدات، العدوان الصهيوني القائم ضد الشعب الفلسطيني كشف عن نفاق دولي كبير في التعامل المزدوج مع قضايا حقوق الإنسان، وحقوق الشعوب في التحرر من الهيمنة والاستعمار.
إثر ذلك كان من الطبيعي دخول اليمن ضمن خط المواجهة وتفعيله لكل أسلحته ومنها البحر الأحمر.. يقول عضوُ الوفد الوطني المفاوض، عبد الملك العجري: إن “قرارَ القوات اليمنية المسلحة إدراجَ السفن المتجِهة أَو التي تنقلُ بضائعَ إلى الموانئ الإسرائيلية ضمن قرار المنع جاءَ على إثر الفيتو الأمريكي ضد قرار وقف الحرب على غزة”، مُضيفاً أن “أمريكا في سبيل الكيانِ الصهيوني أصبحت تتصرفُ كدولةٍ مارقةٍ وخارجة عن الإجماع الدولي، ومع أن بيانَ الجيش حرص على تأكيدِ سلامة التجارة الدولية، فَــإنَّ أمريكا وإسرائيل بتمردهما على الإرادَة الدولية ورميهما القانون الدولي عُرضَ الحائط يتحمَّلان مسؤوليةَ أيةِ مخاطر تهدّدُ التجارةَ الدوليةَ والممرَّاتِ البحرية وكل تبعات توسيع الصراع وتهديد أمن واستقرار المنطقة”.
على ذات السياق تؤكد التحليلات أن فرض اليمن لمعادلة البحر الأحمر فوّت على الكيان الصهيوني مخططاته الاستراتيجية المرتبطة بالبحر.
يؤكد رئيس منتدى البحرين لحقوق الإنسان، باقر درويش، أن الكيان الصهيوني «أراد أن يحول البحر الأحمر إلى منطقة تُعزز وتحفظ مصالحه، خصوصاً في ظل مشاريعه للتطبيع مع دول في المنطقة»، لافتاً إلى أن الكيان بذل، خلال السنوات الماضية، جهوداً كبيرة، بمساندة من أمريكا ودول عربية حديثة التطبيع معه، لتعزيز علاقته مع بعض الدول المطلة على بحر الأحمر، منها دول سبق أن وقَّعت معه «اتفاقيات سلام»، وأخرى أوشكت على التطبيع معه، لولا اندلاع معركة «طوفان الأقصى».

قد يعجبك ايضا