نتنياهو يراهن على بئر زمزم لغسل يديه من دماء الفلسطينيين

يكتبها اليوم /عباس السيد

 

 

ما من شك في أن اتفاقيات التطبيع الاخيرة التي وقعها كيان العدو مع العديد من الدول العربية والمعروفة باتفاقات “ابراهام” قد خففت الكثير من القيود التي كانت تكبح إلى حد ما سياسة القمع والتنكيل الاسرائيلية تجاه الفلسطينيين، وأطلقت يد الاحتلال لمضاعفة عمليات الاستيطان في الضفة الغربية بما يجعل من احتمال قيام دولة فلسطينية أمراً مستحيلاً . وساهمت هذه الاتفاقات الخيانية إلى تحويل القضية الفلسطينية وكأنها شأن داخلي إسرائيلي .
كما ساهمت موجة التطبيع في توفير مناخ سياسي دفع بالقيادات الصهيونية المتطرفة التي كانت تعمل في الكواليس والظل إلى مقاعد الكنيست والحكومة الإسرائيلية، وبالتالي إعلان مواقفها وفرض سياستها الهادفة الى ضم الضفة الغربية وتهويد القدس، ولولا اتفاقات إبراهام لما تحولت أفكار ومواقف الإرهابيين الصهيونيين بن غفير وسموتيرتش التي كانت تُناقش همسا وعلى استحياء إلى خطط استراتيجية يُشرعنها الكنيست وتنفذها الحكومة .
ولولا التطبيع لما تجرأ نتنياهو وبن غفير على التصريح بأنهما ينفذان “نبوءات أشعيا وخيارات يوشع بن نون” الدموية في حرب الإبادة التي ينفذها جيش الاحتلال ضد الفلسطينيين .
تخلت الدول العربية المطبِّعة عن القضية الفلسطينية واعتبرتها كما لو أنها قضية داخلية للكيان الإسرائيلي، وبناء عليه تحرر كيان العدو من كل الاعتبارات والحسابات، وأطلق العنان لأطماعه التوسعية وأصبح حل الدولتين الذي كان يعد الفلسطينيين بـ 20 % من أرضهم شيئاً من الماضي .
لولا اتفاقات ابراهام لما تجرأ كيان العدو على شن حرب على قطاع غزة بهذه الوحشية وهذا القدر من القتل والتدمير الذي لم يشهد له العالم مثيلا .
أكثر من 15 ألف فلسطيني قُتلوا خلال شهر ونصف من جرائم الإبادة الجماعية، نحو 60% من الضحايا هم من الأطفال والنساء .
أمس الجمعة بدأ جيش الاحتلال جولة ثانية من حرب الإبادة في القطاع بعد 7 أيام من الهدنة . وفي نفس الوقت يستعد كيان العدو أيضاً لجولة ثانية من اتفاق ابراهام، وهي بالنسبة له “ذروة سنام التطبيع” كيف لا، والتطبيع هذه المرة مع بلد الحرمين، مع الدولة العربية الاسلامية الأكبر اقتصادا والأكبر مساحة مع قبلة المسلمين وحيث يوجد مقام ابراهام نفسه .
من الواضح ان معركة “طوفان الأقصى” وما تلاها من رد صهيوني هيستيري قد أجلت خطوات التطبيع السعودي – الإسرائيلي، لكنها لم تلغها رغم كل المجازر والجرائم الإسرائيلية، ولو أن الإسرائيليين يشعرون بتأثير جرائمهم في غزة على مستقبل التطبيع مع السعودية لما استمروا بتلك الجرائم ولما استأنفوها بعد فترة من الهدنة .
يغرق المجرم نتنياهو بدماء الفلسطينيين أكثر فأكثر، ومهما استمرت حربه ومجازره، فلا يمكن لها أن تمحو هزيمة السابع من أكتوبر 2023 التي لحقت بجيشه، وكل ما يقوم به هذا الجيش حتى الآن هي جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية لن ترمِّم تشوه صورة الكيان وجيشه أمام العالم بل تزيدها تشوهاً وقبحاً.
هذه الحقيقة يدركها المجرم نتنياهو وحكومته النازية، لكنه يعول على التطبيع مع السعودية، والاغتسال في مياه زمزم لإزالة دماء الفلسطينيين .
يعتبر المجرم نتنياهو أن التطبيع مع السعودية، بمثابة صك غفران لكل الجرائم التي اقترفها بحق الفلسطينيين. سيحج نتنياهو إلى مكة .. سيغتسل بماء زمزم .. ستزول آثار الدماء وستُمحى كل آثامه . وسيعود الى تل أبيب كما ولدته أمه.
جو بايدن هو الآخر يراهن على إبراهام مكة والتطبيع مع السعودية . بايدن الذي يعيش خريف عمره، يُلقي السلام على الأشباح ويتعثر في خطاه، سيعود شابا وقد يضمن الفوز بفترة رئاسية ثانية .
فما الذي يراهن عليه محمد بن سلمان من التطبيع مع كيان العدو ؟.
تسوق الرياض شروطها للتطبيع ومنها :
التزام أميركي بحماية المملكة عبر اتفاقية دفاع مشترك . الأمير محمد يدرك أن مثل هذا الشرط لا يمكن أن تحققه الولايات المتحدة لأنه يتناقض مع سياستها الاستراتيجية في المنطقة، وما ينتظره ولي العهد حالياً والملك مستقبلاً من واشنطن هو حماية شخصه وعرشه .
الشرط السعودي الثاني يتمثل في الحصول على دعم أميركي للطموحات النووية السعودية، بإنشاء مفاعلات نووية والسماح بتخصيب اليورانيوم على الأراضي السعودية .
قد تتنازل تل أبيب وتُبدي موافقتها على ذلك، ولكن بالرجوع الى الدور البريطاني والأميركي وأعداد الضباط والخبراء العسكريين من البلدين التي أدارت القواعد العسكرية الجوية السعودية ومنظومات الدفاع الجوي في الحرب على اليمن، فلن يكون للسعودية من مفاعلاتها النووية سوى الاسم .
وعلى غرار باكستان النووية، سيكون الجيش السعودي ضامناً إضافياً أقرب إلى البيت الأبيض من البيت الحرام .

aassayed@ gmail.com

قد يعجبك ايضا