خبراء عسكريون يتحدثون لـ «الثورة» عن دلالات عملية احتجاز السفينة الإسرائيلية:

اليمن تفرض معادلة جديدة لقواعد الاشتباك مع الكيان الصهيوني

اللواء الجفري: السيطرة على السفينة إنجاز أمني واستخباراتي كبير يدل على التطور المتقدم للقوات المسلحة
العقيد الزبيري: اليمن عندما يقول يفعل وان الرد اليمني كان واضحاً انتقاما لأطفالنا ونسائنا في غزة
 العقيد شمسان: تأثيرات العملية كانت مباشرة وسريعة أفسدت طموح الكيان الصهيوني في مشروع الشرق الأوسط الجديد
العقيد الوتيري: العملية حملت رسالة أزعجت العالم بامتلاك القوات المسلحة أدوات الردع وإدارة الصراع

استطلاع/ احمد السعيدي

 

تتواصل ردود الأفعال المحلية المؤيدة للعملية العسكرية النوعية التي نفذتها القوات المسلحة واستولت خلالها على سفينة الشحن الإسرائيلية في المياه الإقليمية اليمنية نصرة للشعب الفلسطيني الذي يتعرض لأبشع عدوان وحشي، تُرتكب خلاله عشرات المجازر اليومية بحق النساء والأطفال والأبرياء.

اليمنيون الأحرار بمختلف انتماءاتهم وفئاتهم باركوا العملية البطولة وطالبوا القيادتين الثورية والسياسية بالمزيد من المشاركة العسكرية مع المقاومة الفلسطينية بما يساهم في رفع يد الكيان الصهيوني الغاصب عن أبناء قطاع غزة…

وللوقوف حول دلالات وأبعاد هذه العملية العسكرية التقت «الثورة» عدداً من الخبراء العسكريين الذين قدموا الحصيلة التالية:

البداية كانت مع اللواء عبد الله الجفري- خبير عسكري وعضو مجلس الشورى الذي تحدث للثورة عن دلالات هذه العملية قائلاً:

« عملية احتجاز السفينة الإسرائيلية فرضت معادلة جديدة في قواعد الاشتباك مع العدو الصهيوني الذي وصل إلى مرحلة الانهيار وعدم القدرة على التعامل مع هذه العملية التي جعلته في موقف لا يحسد عليه، ومن دلالات هذه العملية أنها جاءت تنفيذاً لتوجيهات قائد الثورة سماحة السيد عبد الملك الحوثي حفظه الله والتي تُرجمت على ارض الواقع وتم تجسيدها من خلال ذلك البيان الذي تحدث فيه الناطق الرسمي للقوات المسلحة العميد يحيى سريع، الذي حذر وانذر الكيان الصهيوني بأن أي سفينة تحمل علما صهيونياً أو تشغلها شركات إسرائيلية أو تعود ملكيتها لجهات إسرائيلية، كما قام بتنبيه جميع دول العالم بعدم التعامل مع الكيان الصهيوني سواء على مستوى السفن العسكرية أو المدنية وبالتالي فان تلك العملية جاءت ترجمة لذلك التحذير وتحويل الأقوال إلى أفعال وكذلك انطلاقاً من المسئولية الوطنية والدينية والأخلاقية والإنسانية والتاريخية تجاه ما يتعرض له الشعب الفلسطيني في قطاع غزة من جرائم بشعة تُرتكب في حق النساء والأطفال، كما جاءت هذه العملية استجابة لمطالب أبناء الشعب اليمني الذي خرج في مسيرات مليونية كانت بمثابة استفتاء شعبي، وفوضت تلك الحشود قائد الثورة بالاستمرار والمزيد من تلك العمليات وذلك التصعيد في المعركة مع الكيان الصهيوني بعد أن تم تنفيذ تسع عمليات بالصواريخ والطائرات المسيرة واستطاعت أن تصيب أهدافها بدقة في عمق الكيان الصهيوني.

واليوم الوصول إلى هذه الإمكانيات العسكرية المتطورة خصوصاً في القوات البحرية والدفاع الساحلي يعكس التفوق في السيطرة على هذه السفينة ويؤكد أن هناك إنجازاً امنياً واستخباراتياً كبيراً جدا وهذا من اهم المسارات في أي معركة سواء كانت في البحر أو البر أو الجو، ومن دلالات العملية أن القوات المسلحة بكافة صنوفها وصلت إلى مرحلة عالية ومتقدمة من التطور سواء على المستوى الأمني والاستخباراتي أو على مستوى  التصنيع والتطوير والتحديث للأسلحة الاستراتيجية والتقليدية على كافة المستويات وبالتالي أثبتت هذه العملية للعالم بما لا يدع مجالا للشك أن اليمن يمتلك جيشاً قوياً يستطيع مواجهة أي قوى خارجية ويستطيع ايضاً حماية مياهه الإقليمية وأجوائه وحدوده البرية وليس كما كان في الماضي عندما كانت اليمن دولة مستباحة وكانت الطائرات الأمريكية تصول وتجول في كافة أنحاء البلاد وتقتل أبناء اليمن تحت ذريعة محاربة الإرهاب، الوضع اليوم تغير في ظل هذه المعادلة وهذه المعركة.

رجال القول والفعل

بدوره قال العقيد احمد الزبيري- خبير عسكري عن أهمية هذه العملية ودلالاتها:

« بالتأكيد لهذه العملية البطولية دلالات كثيرة واستراتيجية، أهمها أن العملية جاءت في إطار الرد على الجرائم التي يرتكبها العدو الفلسطيني على أبناء فلسطين وخصوصاً أبناء قطاع غزة وهذه العملية تؤكد أن اليمن عندما يقول يفعل وان الرد اليمني كان واضحاً انتقاما لأطفالنا ونسائنا في غزة، وقائد الثورة السيد عبد الملك الحوثي اعلنها في خطاب رسمي ليسمع العالم اجمع بأننا سوف نرد واننا سنمنع تحرك السفن الصهيونية في البحر الأحمر وهذا ما يتعلق بما  يجري في غزة ، أما ما يتعلق بالبحر الأحمر فانتم تعلمون أن هذا الشريان المائي أي مواجهة تحدث فيه ستودي إلى وقف ما نسبته 40 % من التجارة العالمية، الولايات المتحدة الأمريكية صمتت وارتبكت في البداية وفيما بعد أعلنت انه يجب تسليم هذه السفينة والإفراج عنها فورا، الشيء المدهش في هذه العملية هو قدراتنا على تنفيذ مثل هذه العمليات عبر أبطال متخصصين وجاهزين، وهذا كان عنواناً لكثير من التحليلات للقيادات العسكرية الأمريكية بما فيهم الأمين العام السابق لحلف الناتو، هذه العملية هي رسالة قوية أن أي اعتداء على فلسطين أو على غزة أو علينا سوف نواجهه بكل قوة وان هذا البحر بحر عربي يمني ولا يمكن أن يتحول إلى (بحيرة) إسرائيلية وان أي محاولات من تحالف العدوان الذي شن علينا حرباً وحصاراً لتسع سنوات ولم يتوقف حتى الآن من اجل الاستيلاء على هذه (البحيرة) عبر المناورات التي كانت تجري مع القوات الأمريكية وبمشاركة صهيونية سعودية وإماراتية وهذا لن يحدث بعد الآن فهذا البحر عربي ومضيق باب المندب فيه السيادة لليمن وهذا يؤكد مدى استقلالية القرار اليمني بعد ثورة الواحد والعشرين من سبتمبر»

مركزية القضية الفلسطينية والتأثير الاقتصادي

العقيد مجيب شمسان- خبير عسكريأ هو الآخر تحدث للثورة عن عملية الاستيلاء على السفينة الإسرائيلية في عمق البحر الأحمر قائلاً:

«هناك الكثير من الأبعاد والدلالات التي تعكسها عملية الاستيلاء على السفينة الإسرائيلية «جلاكسي ليدر» من قبل القوات المسلحة اليمنية والتي تأتي في إطار الدعم والمساندة التي تقدمه اليمن لفصائل المقاومة الفلسطينية ومن اهم الدلالات هو مركزية القضية الفلسطينية لدى القيادة اليمنية حيث أن ورقة البحر الأحمر ومضيق باب المندب تعد من اهم الأوراق الضاغطة لدى صنعاء ولم تستخدمها في المواجهة مع تحالف العدوان ومع ذلك لم تتوان في تنفيذ مثل هذه الخطوة رغم تداعياتها وما يمكن أن يكون لها انعكاسات على كافة المستويات وهذا يدل على أهمية وأولوية القضية الفلسطينية بالنسبة للقيادة اليمنية، ومن ناحية أخرى هناك الكثير من الأبعاد والدلالات الأخرى المتعلقة بالكيان الصهيوني من حيث اعتبار أن البحر الأحمر ومضيق باب المندب يشكلان اهم الممرات والشرايين بالنسبة للكيان الصهيوني فاغلب صادراته ووارداته تمر عبر باب المندب، ومن المعلوم أن الكيان الصهيوني تربطه علاقات تجارية أساسية مع كل من الهند واليابان وكوريا الجنوبية بالإضافة إلى جنوب أفريقيا وبالتالي فان معظم تجارته تمر من جوارنا في مضيق باب المندب ولعل هذه الخطوة التي اتخذتها القيادة الثورية والسياسية تأتي ضمن خيارات الضغط على الكيان الصهيوني وحلفائه ولها تأثيراتها على المستوى البعيد، والمواقع الإعلامية والاقتصادية قد تحدثت عن ارتفاع الرسوم الاقتصادية على الكيان الصهيوني لأكثر من عشرة أضعاف بمعنى أن تأثيراتها الاقتصادية كانت مباشرة وسريعة وتلك التأثيرات حققت الأهداف بما يضر بالكيان الصهيوني، ومن ناحية أخرى وبما يتعلق بطموح الكيان الصهيوني ومشاريعه المتعلقة بمشروع الشرق الأوسط الجديد أو إسرائيل الكبرى أو المركز المتحكم بإمدادات الطاقة فقد شكلت هذه العملية ضربة قاصمة لهذه المشاريع الصهيونية على اعتبار أن اكثر ما كان يخشاه هذا الكيان منذ نشأته أن تكون هناك قوة يمنية تمتلك القدرة على فرض نفوذها وسيطرتها في هذه المنطقة الحيوية والحساسة والتي تشكل بالنسبة للكيان الصهيوني قضية وجود وجزءاً من نظرية أمنه القومي وبالتالي فان هذه التخوفات أصبحت حقيقة بأن اليمن باتت دولة قوية ولديها القدرة على تعطيل مصالح الكيان الصهيوني وتهديد وجوده بشكل استراتيجي في هذه المنطقة وهذا لا يقتصر تأثيره على المستوى القريب بل البعيد بالنسبة للكيان الصهيوني»

تسريع صفقة الأسرى

من جانبه علق العقيد رشاد الوتيري- خبير عسكري عن أهمية هذه العملية وما تعنيه بالنسبة للكيان الصهيوني بالقول:

« في الوقت الذي يعربد فيه الكيان الصهيوني في البحر الأحمر بسفنه ذهابا وإيابا أدى قرار الحكومية اليمنية بالسيطرة على السفينة الإسرائيلية إلى تسليط الضوء على قضية مهمة بالنسبة للكيان الصهيوني وهي ما مدى أمان التجارة الإسرائيلية في البحر الأحمر بعد اليوم حيث أثرت التغيرات الجيوسياسية في السنوات الأخيرة للتجارة الإسرائيلية مما زاد أهمية البحر الأحمر التي تصل عبره البضائع من الشرق إلى موانئ اشدو وحيفا عبر قناة السويس وكذلك إيلات عبر البحر الأحمر وما يزيد القلق بالنسبة للكيان الصهيوني هو أن الحكومة في صنعاء اذا وسعت عملياتها على سفن الشحن الإسرائيلية التي تشق طريقها من والى فلسطين المحتلة سترتفع قيمة التأمين على تلك السفن واليوم شركات النقل الإسرائيلية تتعرض لخسائر في الأرباح ولذلك فان العدو الصهيوني ومن خلفه الأمريكي تخاف من اليمن لأن لديها قيادات تمتلك القدرة على اتخاذ القرار وتنفيذه بصمت وعلى رأسهم السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي قائد الثورة ، وقد استطاعت القوات المسلحة بهذه العملية العسكرية الناجحة إثبات أن إمعان الكيان الصهيوني في قتل الشعب الفلسطيني وحرب الإبادة الجماعية سواء بالحصار أو القتل الممنهج ستقابله القيادة السياسية في اليمن بالرد وإيقافه عند حده من خلال المشاركة الفاعلة في معركة طوفان الأقصى سواء بالطيران المسير أو الصواريخ الباليستية المجنحة، وبهذه العملية دشنت القوات المسلحة فصلا ًجديدا عنوانه قدرات القوات البحرية التي أسفرت عن السيطرة البحرية الكاملة وتفعيل عنصر الاستخبارات في عمق البحر الأحمر، وبهذه العملية استطاعت القوات المسلحة أن توسع دائرة الصراع مع الكيان الصهيوني  المجرم الذي انزعج من الأمر ويراجع اليوم حساباته بان استمرار عدوانه على إخواننا في غزة سيقابله استمرار تنفيذ الضربات الصاروخية والمزيد من السيطرة على سفنه في البحر الأحمر ومضيق باب المندب مما يجعل رقعة الحصار على كيان العدو يتوسع وارتفاع كبير في الأسعار في الداخل الإسرائيلي وهذا الأمر لم يتوقعه، وكذلك المشاركة اليمنية إلى جانب الشعب الفلسطيني يفسد صفقة القرن الذي سعى الأمريكي في تنفيذها في الشرق الأوسط وبالتالي فان هذه العملية العسكرية وهذا القرار الشجاع الذي ازعج العالم وجعله يضغط باتجاه العدو الإسرائيلي مما جعل القيادات الإجرامية نتنياهو وغيره يخضعون لصفقة الأسرى والتي فرض فيها المجاهدون في المقاومة الفلسطينية شروطهم بكل فخر واعتزاز، القوات المسلحة أيضا بهذه العملية أرسلت رسالة لهذا العدو العاجز عن التفكير بالرد أو الانتقام أن القوات المسلحة اليمنية أصبحت تمتلك أدوات ردع حقيقية وأسلحة متطورة تجعلها قادرة على إدارة الصراع بكل كفاءة واقتدار وشاهدنا بعضاً منها في العملية العسكرية النوعية والمتمثلة في السيطرة على السفينة وكذلك مشاركته العسكرية الفاعلة إلى جانب المقاومة الفلسطينية وفي قادم الأيام سنشهد العديد من المفاجآت التي تكشف التطور النوعي للقوات المسلحة اليمنية لحماية مصالحها وشواطئها وموانئها وكل مقدراتها وكذلك دعم وإسناد الشعوب المستضعفة التي ترزح تحت ظلم وقهر الاحتلال الإسرائيلي والأمريكي في المنطقة».

قد يعجبك ايضا