نددوا بالجرائم الفظيعة والعقاب الجماعي ضد الفلسطينيين وصمت المجتمع الدولي المساند للكيان الصهيوني:الأدباء والمثقفون العرب يعلنون تضامنهم مع أهالي غزة ويشيدون بصمودهم الأسطوري

تقرير/ خليل المعلمي
غزة ليست وحدها ولن تكون لوحدها، هكذا تؤكد الفعاليات والبيانات والتنديدات والوقفات والأنشطة التي ينظمها الأدباء والمثقفون والفنانون العرب -ومن بينها بلادنا- وفي عدد من دول العالم، لقد كشفت أحداث غزة الأخيرة وحشية الاحتلال الصهيوني للأراضي العربية في فلسطين، والمعاناة التي يعيشها الفلسطينيون منذ أكثر من 75 عاماً، وهم يتعرضون للتنكيل وتجريف أراضيهم ومحاصرتهم في أقواتهم ومعيشتهم وأرزاقهم، من قبل أعداء الإنسانية الذين جلبتهم دول الاستعمار من كل بقاع الأرض لتغرسهم في خاصرة الأمة العربية والإسلامية.
ففي بلادنا نشر الأدباء والمثقفون البيانات الفردية والجماعية على وسائل التواصل الاجتماعي بل وشاركوا في الاحتجاجات والوقفات والمظاهرات التي تم تنظيمها في مختلف الميادين في جميع المحافظات اليمنية.

استنكار مشاريع التطبيع
وضمن حملات التنديد بجرائم الكيان الصهيوني الذي يقوم بحرب إبادة في قطاع غزة فقد وقع ألفا مثقف عربي بياناً يدين الإبادة التي يتعرّض لها أهالي غزة، ويستنكرون مشاريع التطبيع التي تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية وتجريد العرب من كرامتهم، مطالبين بضرورة وقف “العقاب الجماعي والجرائم” التي ترتكب في حق الشعب الفلسطيني اليوم في غزة والضفة.
ومما جاء في البيان «على مدار 75 عاماً، لم يترك الكيان الصهيوني المحتل قيمة أخلاقية إلا انتهكها، ولا مبدأ حضارياً إلا خرقه، ولا قداسة إنسانية إلا داس عليها بأحذية جنوده الملطخة بدماء الأبرياء، على أنه هذه المرة قرر أن يذهب أبعد في طغيانه مستغلاً تواطؤ العالم وانحيازه».
وقال هؤلاء المبدعون من مختلف البلدان العربية في بيانهم إن: «الكيان الصهيوني الذي يكره البراءة فيقتل الأطفال، ويكره الحقيقة فيقتل الصحافيين، ويكره الطبيعة فيُجرّف أشجار الزيتون، يُتوّج بتصعيده هذا مسيرة طويلة من الانتهاكات».
الموقّعون الذين أعلنوا دعمهم غير المحدود للفلسطينيين، حيّوا «صمودهم (الفلسطينيين) الأسطوريّ وكفاحَهم دفاعاً عن حقّهم التاريخي في أرضهم ووقفتَهم الحضاريّة الشجاعة ضدّ الاستعمار والفاشيّة والعنصريّة».
ومن بين الموقّعين على البيان، الشاعرة الكويتية سعاد الصباح، والمفكّر الكندي من أصل فلسطيني وائل حلاق، والروائي المصري إبراهيم عبد المجيد، والروائي الجزائري واسيني الأعرج، والكاتب المصري بلال فضل، والشاعر اللبناني شوقي بزيع، والشاعر اللبناني جودت فخر الدين، والناقدة الأدبية هدى فخر الدين، ورئيس تحرير صحيفة الشرق القطرية جابر الحرمي، والروائي الكويتي سعود السنعوسي، والروائية العمانية جوخة الحارثي، والمفكر المغربي حسن أوريد، والمفكر المغربي عبد الإله بلقزيز، والمفكر التونسي فتحي المسكيني، والموسيقي العراقي نصير شمه، ومجموعة كبيرة من كبار الكتاب والأدباء والروائيين والشعراء والنقّاد العرب.
البيان المترجم لعدة لغات تحدّث عن العدوان على المقدّسات، وتوسع الاستيطان، وتأجيج العنف في نفوس المستوطنين وتسليحهم، وحصار قطاع غزة وتجويع أهله، والتطهير العرقي المُمنهج للشعب الفلسطيني، وتمرير مشاريع التطبيع التي تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية، وتجريد العرب من كرامتهم، واستنكر البيان تعالي موجة التطبيع وزيادة عدد الداعمين له.
وناشد البيان الحكومات العربية «للوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني ضد العقاب الجماعي والجرائم التي ترتكب في حقه»، كما وجّه الموقّعون تحية لمناصري القضية في الغرب «الذين استطاعوا بأصواتهم الحرة الشجاعة أن يعرقلوا ولو قليلاً آلة الكذب والتّزييف الغربيّة التي صدمتنا، ونحن نراها تحرق في أيام قليلة ما راكمه الغرب خلال قرون طويلة من مبادئ وقيم في سبيل دعم الدعاية الصهيونيّة».

عريضة إدانة
فيما أصدر مثقفون ومفكرون وفنانون ونشطاء مغاربة من دول المغرب العربي عريضة تدين جرائم الاحتلال في فلسطين، وتقول ألا سلام من دون التحرر من الاستعمار في فلسطين، و»للشعب الفلسطيني حقه في التحرير»، و»سعار التقتيل لم يبدأ بـطوفان الأقصى، بل مع خلق دولة عنصرية، بكل ما يحمله هذا الوصف من ابتذال لأفعال سلخ الفلسطينيين من إنسانيتهم».
وجاء في العريضة التي وقعوا عليها أن «سعار التقتيل لا يبدأ بتاريخ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، كما أنه لم يبدأ مع تاريخ 6 أكتوبر 1973. لقد بدأ مع التوسع المتواصل والمتدرج للمستعمرات الإسرائيلية في الأراضي المحتلة. ولقد كان، في كل موجة من موجاته، مرفقاً بأشكال معقدة للالتفاف على الأراضي ولطرق استلابه وقمعه للفلسطينيين»، مشيرة إلى أنه «من الطبيعي في منطق القوى الاستعمارية أنها دوماً ما تجعل التاريخ يبدأ مع بداية الهجوم على محمييها، وهي تسعى بذلك لمحو خزان مفعولات الضغط، من خلال الإهانة والخسف المتواصل الذي تنتجه سياسات الميز العنصري».
وأضاف الموقعون أن «القوى الغربية بتضامنها مع هذه المجزرة، سواء بطريقة صريحة أو مبطنة، تكون قد فقدت كل مشروعية للتدخل في مسار السلام الدائم. إن الغرب، وهو يقدم للعالم نظامه القيمي بهذه الهندسة غير الثابتة، وبهذا الكيل بمكيالين، يكون قد أبان، مرة أخرى، عن احتقاره للقيم الكونية التي يتشدق بها».
وأكدوا أن «الصمت المدوي للمجتمع الدولي عن جرائم الحرب المقترفة اليوم في فلسطين هو حجة إضافية على أن التفاضل العرقي بين الأجناس كان دوماً في قلب المشاريع الاستعمارية والإمبريالية الغربية. بل إن على أساس هذا التفاضل تم على الدوام تبرير أكبر مجازر وعمليات إبادة عاشتها الشعوب التي عانت من هذا التمييز العنصري».
كما ذكرت العريضة بـ»الأهمية الأخلاقية والسياسية للتراجع عن اتفاقيات التطبيع التي لا تزيد إسرائيل إلا شعوراً بقدرتها على الإفلات من العقاب».

عدوان وحشي
كما أدانت النقابة الوطنية لناشري الكتب في الجزائر العدوان الصهيوني على الشعب الفلسطيني، وتثمن قرار «اتحاد الناشرين العرب» بمقاطعة معرض فرانكفورت للكتاب.
ونددت بأشد العبارات جهنمية العدوان الصهيوني على الشعب الفلسطيني وخطوات التطهير العرقي المسلط على أهل غزة خاصة وأهل فلسطين عامة.
واعتبرت النقابة في بيان أن الكيان الصهيوني «تمادى في عنجهيته وعدوانه الوحشي على الشعب الفلسطيني وممارسته الإبادة الجماعية وارتكابه جرائم ضد الإنسانية»، منددة بـ»الصمت الرهيب لما يسمى بالمجتمع الدولي الذي يقترب من مستوى التواطؤ»، و»الدعم والمساندة العلانية لجرائم الكيان الصهيوني من طرف الدول الغربية».
وثمنت النقابة، من جهة أخرى، قرار “اتحاد الناشرين العرب” القاضي بمقاطعة معرض فرانكفورت للكتاب، “بعدما تجرأت إدارته على الانحياز غير الإنساني لجرائم الكيان الصهيوني مسقطة كل الادعاءات الغربية الزائفة المتشدقة بقاموس حقوق الإنسان».
واتخذت النقابة عدة مبادرات ثقافية تضامنية لمساندة الشعب الفلسطيني كتنظيم يوم تضامني ثقافي مع الشعب الفلسطيني خلال «صالون الجزائر الدولي للكتاب»، وإطلاق مشروع «مكتبة غزة» من خلال فتح باب التبرع بالكتب للمواطنين والمؤلفين والناشرين، يتم جمعها بجناح النقابة بالصالون، وكذلك فتح مجال المساهمة للشعراء الجزائريين لطبع كتاب حول غزة.
فيما أقامت المدرسة العليا للفنون الجميلة في العاصمة الجزائرية لوحة جدارية فنية تضامناً مع شهداء فلسطين الذي ارتقوا من جراء العدوان الصهيوني على قطاع غزة، وتترجم الجدارية، التي حملت شعار «بصمة، قارورة ماء لغزة» من خلال بصمات وتوقيعات مكتوبة على لوحة قماشية كبيرة، تترجم تضامن الجزائريين مع الفلسطينيين في مأساتهم بعد العدوان الصهيوني الهمجي على القطاع.
وأكد المشرفون على هذه المبادرة أن الهدف من هذه الخطوة هو جمع المواطنين للتعبير رمزياً عن تضامنهم مع ضحايا آلة الحرب الصهيونية والتنديد بالمجازر التي ارتكبت ضد أبرياء في فلسطين المحتلة.

فلسطين في القلب
فيما شهدت تونس مجموعة من الفعاليات الثقافية والفنية التي تؤكد على حق الفلسطينيين في تحرير أرضهم، ودعم صمودهم في وجه آلة القتل الإسرائيلية.
حيث اطلق «منتدى الفينيق للمبدعين» أولى فقرات نشاطه المبرمجة للموسم الثقافي الجديد (2023-2024) تحت عنوان «فلسطين في القلب».، وسيستهل أولى أنشطته بقراءات شعرية تتناغم ومستجدات المرحلة، يشارك فيها الشعراء محمد بوحوش، والجليدي العويني، ومهدي عثمان، وأم الزين بالشيخة، وضحى بوترعة، كما يشارك في فعاليات المنتدى أيضاً عدد من المثقفين والأدباء التونسيين.
وسبق هذه التظاهرة الثقافية عدد من الأنشطة، منها تنظيم «المسرح الوطني» في قاعة الفن الرابع بالعاصمة، أمسية ثقافية بعنوان «أنا لا أنساك فلسطين»، كتعبير من الفنانين التونسيين عن دعمهم المطلق لقضية الشعب الفلسطيني الذي يتعرض لعدوان غاشم من الاحتلال الصهيوني
وتضمنت الامسية عروضاً ونصوصاً مسرحية وشعرية وعزف موسيقي في أشكال فنية تونسية وعالمية تعانق الحرية والكرامة الانسانية وتنبذ الحرب العدوانية وسفك الدماء وانتهاك حقوق الانسان، مثلما يجري في فلسطين على يد جيش الاحتلال.
وفي دار الثقافة دقاش في توزر، أقيمت ، تظاهرة بعنوان «فلسطين تجمعنا» تضمنت مجموعة من الورشات والفقرات الفنية والفكرية للتعريف بالقضية الفلسطينية وترسيخها لدى الناشئة عبر أنشطة ثقافية.
وافتتحت التظاهرة بمعرض تحت شعار “فلسطين صورة وحكاية”، شمل صوراً للمسجد الاقصى ولعدد من مدن فلسطين ولوحات مستوحاة من أسماء بعض المدن ومن عادات هذا البلد وخاصة الكوفية الفلسطينية.
وكذلك تم عرض فيلم وثائقي يجسد معاناة الشعب الفلسطيني تلتها مداخلات فكرية بعنوان “فلسطين عربية”، قبل أن تختتم التظاهرة بورشات فنية في الرسم موضوعها فلسطين.
وسعت هذه التظاهرة، وفق المنظمين، إلى “مد جسور التواصل الثقافي مع فلسطين والتعريف بقضيتها وترسيخ حق شعبها في المطالبة بالسيادة على أرضه”، علماً أنها تنتظم بمبادرة من وزارة الثقافة التونسية، حيث تحتضن مختلف المؤسسات الثقافية العامة من دور ثقافة ومكتبات عمومية أنشطة مختلفة في هذا السياق، ويتوجه بصفة خاصة الى الشباب والناشئة.
وكذلك الأمر في صفاقس، حيث احتضن المركب الثقافي محمد الجموسي تظاهرة تضامنية مع الشعب الفلسطيني، اشتملت على فقرات متنوعة راوحت بين العروض الموسيقية لفرقة “المعهد العمومي للموسيقى والرقص”، وتنظيم ورشات للفنون التشكيلية ورسم العلم الفلسطيني، وإلقاء قصائد للشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش.
وقدم رئيس جامعة صفاقس، المؤرخ عبد الواحد المكني، لقاء حوارياً حول القضية الفلسطينية وتاريخ مستشفى المعمداني بغزة الذي تم قصفه مؤخراً من قبل العدوان الصهيوني، فضلاً عن إقامة معرض بفضاء المركب الثقافي محمد الجموسي بعنوان “من التهجير إلى التحرير”، ومعرض رصيد المكتبة الجهوية من كتب حول القضية الفلسطينية.
واحتجاجاً على الصمت الرهيب لمنظمة الأمم المتحدة إزاء ما يتعرض له المدنيون الفلسطينيون فقد أعلن الفنان لطفي بوشناق تخليه عن صفة سفير الأمم المتحدة للنوايا الحسنة.

يوماً تضامنياً لمنع التطبيع
وفي مصر أحيت النقابات الفنية المصرية يوماً تضامنياً مع غزة تميز بحضور كبير للفنانين المشاركين وعلى أكتافهم الكوفية الفلسطينية، وأثمر موقفاً حازماً من أي فنان يتعامل مع الكيان الصهيوني يقضي بفصله من النقابة التي يتبع لها، التزاماً بالعهد الذي كان قطعه سعد الدين وهبة.
حيث أعلن رئيس الاتحاد العام لنقابات المهن التمثيلية السينمائية والموسيقية المخرج عمر عبد العزيز قائلاً: نحن على العهد الذي كان قطعه سعد الدين وهبة وقد منع التطبيع مع إسرائيل ونحن نمشي على هذه الطريق دعماً لأهلنا في غزة وفنانو مصر يرفضون التطبيع مع إسرائيل وستظل فلسطين عربية حرة» .
وأكد نقيب المهن التمثيلية أشرف زكي «أن أعضاء اتحاد النقابات الفنية أعلنوا تضامنهم مع الشعب الفلسطيني بتوجيه طلب إلى الاستوديوهات الفنية لوقف العمل فيها مدة 5 دقائق دعماً للقضية الفلسطينية، وسنخاطب العالم كله، فيما نُحضر مهرجانات كثيرة ونحن نستطيع التفاعل مع كل فناني العالم».

التضامن الكامل
وأعلنت الجمعية المغربية لنقاد السينما عن تضامنها الكامل مع أهالي غزة وقالت في بيان لها: إن مكتبها يتابع «بقلق بالغ الهجوم الوحشي الذي تشنه قوات الاحتلال الصهيوني ضد الأبرياء من أطفال ونساء وشيوخ في قطاع غزة»، وهو «هجوم واكبته حملة إعلامية مغرضة للتكتم على الجرائم المرتكبة ولحشد الدعم الدولي لعدوانها الهمجي».
وأدانت الجمعية المغربية بشدة «ما تقوم به قوات الاحتلال من تقتيل وترحيل وتخريب تجاه سكان غزة»، معبرة عن قلقها الشديد «حيال ما يحدث في الأراضي الفلسطينية المحتلة من إبادة جماعية غير مسبوقة، يتعرض لها الشعب الفلسطيني بدعم من بعض القوى الدولية».
كما طالبت «المنظمات والهيئات الدولية بالتدخل الفوري والمباشر لإيقاف حمام الدم وإزهاق الأرواح البريئة بطريقة منافية للأعراف والقوانين الدولية، والعمل على تطبيق قرارات الأمم المتحدة قصد التوصل إلى حل شامل وعادل للقضية الفلسطينية».

قد يعجبك ايضا