
في عام 1938 في بلد اسمه المكسيك وتحت توقيع بريتون والرسام المكسيكي دييجو ريبيرا صدر بيان بريتون – تروتسكي الذي دعا إلى (فن ثوري حر) وإلى إنشاء «اتحاد أممي للفن الثوري الحر».
لحظات من الإنتجلنسيا الإبداعية الثورية في حقبة أسقطت الإنسان أعدمت ملامح حريته في مقاصل الفاشية والنازية و ألوهية ستالين من على منصة محاكمات موسكو الصورية في حقبة الحرب سحق الثورات بالقوة مثل ما حدث مع الثورة الإسبانية في حقبة وصلت سيطرة القوى الشمولية السلفية في أماكن متعددة في العالم إلى مرحلة اللا عودة .
توازن شاء أن يحدث بين أرباب الكبت وأتباع كروبوتوكين ومالاتستا الإنسان المحروق والرؤية الهيغلية التي تمجد الإنسان وحريته وتدعو الفن لأن تكون مهمته المطلقة مع الجماعي البدائي الشعبي محل الفن البرجوازي البارد أن يكون فنا لدعم حقوق الفلاحين والفقراء والمضطهدين سياسيا ودينيا أن تتجاوز رؤية الفن القصيدة واللوحة والفيلم السينمائي إلى ورائيات المستقبل وتطلعاته .
الكبت وتعذر إشباع الرغبات والتمتع بأقل مستويات العيش الكريم قد يتحول عن طريق التسامي إلى أعمال فنية لخفض معدل التوتر الناشئ عن هذه الفجوة في الجانب الذاتي للفنان مثلا يتجاوز حتى فكرة الانتحار عبر هذا الإسقاط المحور للفقد في دائرة الخلق الفني الفنان يصبح قادرا حينها على توسيع تلك الدائرة كي تصبح قادرة على استيعاب الآخر الفاقد للحياة ولطريقة التعبير عن المطالبة بها الفنان وحده من يمتلك القدرة على فعل ذلك .
ولأن السينما – في زمن تقلصت فيه تقنيات الإمتاع البصري بحيث أصبح بالإمكان التخلي عن دور عرض المسرحيات وحتى دور عرض الأفلام لصالح الشاشات المنزلية – هي الفن الأكثر رواجا في عصر الصورة الرقمية ولأنها بتعبير المذهب الفوضوي هي فن الشعب أكثر من الفنون المكتوبة والفوتوغرافية والمرسومة التي تميل عادة إلى مجتمع النخبة إن لم تنكفئ على الفنان ذاته لكل هذا كانت السينما منذ بدايات القرن الماضي الأكثر ارتباطا بالناس وهمومهم وكل الأشياء الصغيرة التي تم حرمانهم منها لصالح إمبريالية الدولة وديماغوجية الفرد .
حديث الحرية في السينما يبدأ في المجتمع والسياسة ولا ينتهي فيهما لا ينتهي بمجرد استحضار وقائع من مسارات تحرر الناس وكفاحهم ونجاحهم في ذلك من عدمه بل يصل إلى مدى قدرة السينما على تحرير مضامينها والأدوات الفنية التي تقترحه لتقديمها وعلى التحقق أداة للتحرر وترسيخ الحاجة إلى الحرية في الواقع والإبداع هنا كانت الإشكالية قراءة مدى ارتباط هذه السينما بالواقع وانشغالاته وفق وعي متحرر ببساطة تحرير الإبداعية السينمائية من المتجاوز والسائد عبر اقتراح ما ?نقض ذلك ˜ما ?عن?ه ربط تحر?ر السينما بأفق تحر?ر المجتمع والواقع.
في أوروبا مثلا وبالتحديد في إسبانيا وبعد سقوط حقبة فرانكو جاء فيلم «صباح الخير أيتها الحرية» والذي كان معدا في الأصل لمعهد الفيلم البريطاني عبر جوانا جيرو هذا الفيلم الذي كان باكورة رؤية مجتمعية جديدة ترفض القمع وتتحدث في مواضيع كانت شبه محرمة في السابق تجاوز المجتمع الإسباني في العقدين الأولين مطالبه التقليدية إلى مطالب أكثر جدية وغرابة من وجهة النظر المحافظة مواهب مثل بيدرو مودوفار فرناندو تروبا وإيفان زولويتا وعبر مجالات أخرى كالتصوير ومجلات الهواة وبتأثير ساخن من موجة موسيقى البوب بشعارات صارخة مثل «مدريد لا تنام» و»الجميع في الشارع هذه الليلة» صار الحديث في الجنس والشذوذ الجنسي والنقد السياسي أمرا رائجا .
ولم يختلف النموذج الإيطالي المشابه بعد سقوط الفاشية لكن إيطاليا هي إسبانيا أكثر مما تظن غير أن هناك الفاتيكان ومع ذلك يمكن القول أنه مع العام 2013 كانت إيطاليا تعرض فيلما بلغتها للمخرج روبيرتو اندو تحت عنوان «تحيا الحرية» لكن بلدا بعيدا عن كلا البلدين كل البعد كان يعيش تجربة سينمائية مشابهة تجربة متمردة في واحد من أكثر المجتمعات تقليدية في آسيا التجربة الكورية الجنوبية هذا البلد الذي عانى كثيرا من موجات التآمر الياباني وكذلك حربا سابقة من عام 1950 إلى 1953 مع الأخ القديم ذي الطابع الشيوعي الآن كوريا الشمالية ولأن المعسكر الرأسمالي المتمثل في الولايات المتحدة هو الحاضن الجديد للجنوبيين جاءت السينما لتواكب هذا التوجه الليبرالي لنرى فقط بعد ثلاث سنوات من الحرب المخرج هانق هيونق مو يفجر في فيلمه «سيدتي الحرية» قنبلة بفيلمه الذي أحدث ثورة اجتماعية حين دعا إلى وجوب تمتع المرأة باستقلالها المادي وتمتعها بالحياة وتعلم الرقص بل إن المخرج استعرض تجربة البطلة الجنسية مع عشيقها في إطار عاطفي متمرد على تقاليد كورية قاسية.
